قصة الطابق العلوي في موضوع كده اغلبنا لاحظه الفترة الي فاتت وناس كتير عملت عليه كوميكس وهزار كتير، الي هو فكرة إن الواحد يجي ع الساعة ١ أو اتنين بليل يبدأ يسمع صوت حجات بتتحرك في الشقة الي فوقه، وطلع طبعاً هزار كتير ع الموضوع من نوعية إن الجيران بيغيروا في ديكور الشقة وكلام كتير زي ده.
في الأول الصراحة لما كنت بقرأ الكلام ده كنت بضحك والموضوع كان لطيف جداً، لحد ما بدأت الاحظ الأحداث الي بدأت تحصل، فعلاً في الفترة الأخيرة وبالأخص بعد نص الليل في أصوات في الشقة الي فوق وكإن في ناس بتجري أو بتحرك حاجة، بس دي مكنتش المشكلة، المشكلة.. إن .. إن مفيش حد ساكن في الشقة الي فوقينا.
الموضوع خد منحنى مرعب وغريب جداً، لما مفيش حد ساكن فوقينا؛ امال ايه الأصوات الي أنا بسمعها كل يوم دي جاية منين؟! جري، وخبط وأغاني!
لما سألتهم في البيت كانوا بيقولولي ممكن تكون أصوات في الشقة الي جنبنا أو تحتنا، بس أنا عارف الفرق كويس بين صوت الخبطة من لما يجي من اي حتة وبين لما يجي من فوق.
الموضوع فضل يزن على دماغي، عايز أفهم. كل يوم على نفس الحال، في يوم صوت الخبط كان عالي جداً، بس لأول مرة كان ممزوج بصوت زعيق، ساعتها استغليت فرصة إن كل الي في البيت نايمين وفتحت باب الشقة وخرجت، صوت الزعيق كان لسه موجود، كنت خايف، بس طلعت، في كل سلمة بطلعها كنت بسمع صوت الخبط والزعيق بيقرب، لأ ده مش زعيق، ده صوت صرخة استغاثه! لحد ما بقيت قدام الشقة و.. بس ثانية، أنا .. أنا متأكد إني شوفت نور خارج من تحت عقب الباب من ثواني!
هو اه النور اختفى في لحظة مع اختفاء كل الأصوات فجأة بس أنا.. متأكد مليون في المية إني شوفت نور طالع من الشقة، جسمي كان بيترعش، قربت من الباب، وحطيت ودني عليه، بس.. مسمعتش أي حاجة، صوت هدووء، هدوء مرعب، طب .. طب ازاي!
فضلت فترة قبل ما اقنع نفسي إنها مجرد تهيؤات وأكيد الأصوات طالعة من مكان تاني تماماً، بس بمجرد ما نزلت وحطيت راسي ع المخدة؛ سمعت الأصوات مرة تانية، أغاني وخبط وزعيق، أنا تعبت.
بس دي مكنتش أخر مرة اطلع، طلعت تاني، الأصوات تختفي، انزل، الأصوات ترجع، مره، اتنين، تلاتة، لحد ما .. ماقررت أعمل حاجة مختلفة، خبطت ع الباب، بعد ما خبطت قلبي اتقبض، كنت خايف تحصل أكتر حاجة مرعبة ممكن تيجي على بال أي حد؛ إن الباب يتفتح، بس ضحكت بعد ما صوت الهدوء احتل المكان، نزلت وأنا ميت من الضحك على خوفي الغر.. بس ..بس حسيت بأعصاب رجلي وأيدي بيسيبوا لما سمعت صوت ورايا، صوت .. صوت باب الشقة وهو بيتفتح !
أنا مش مصدق نفسي، أكيد .. أكيد بيتهيالي أو سمعي خاني، كنت عايز اطلع اجري من الرعب، بس جسمي اتشل تماماً لما سمعت الصوت الي جي من ورايا..
– ايوه .. حضرتك كنت عايز حاجة؟!
لفيت براحة وأنا خايف، لأ مش خايف.. أنا مرعوب، حسيت إن أخدت سنة عشان أخد القرار ده بس لفيت، لقيت راجل كبير، كان بيبصلي بدهشة، قولتله وأنا في قمة ذهولي :
= هو .. هو مين حضرتك ؟!
ابتسم وقالي :
– احنا السكان الجداد، آسفين لو كنا سببنالكم إزعاج ولا حاجة.
منتبهتش لكلامه لإني كنت مركز في صوت الخبط الي جي من الشقة، كإن حد محبوس جوه في أوضه وعمال يرزع.
– يا بشمهندس.
انتبهت لوجوده مرة تانية وأنا بقوله :
= ايوه ايوه.. لأ ولا إزعاج ولا حاجة، أنا آسف إني جيت في وقت زي ده.
– لأ ولا يهمك، أنت تشرفنا في أي وقت.
سبته ونزلت، كنت هتجنن، سكان جداد ازاي؟! وجم امتى، أنا عمري ما شوفتهم؟! والأصوات الي كانت بتظهر وتختفي، في حاجة غريبة في الموضوع، طب.. طب والرزع الي كان ع الباب جوه ده كان ايه؟!
عدى يوم واتنين وتلاتة وأنا حاسس بحاجة غريبة، أنا مبشوفش السكان الجداد دول تماماً! كنت بخاف اسأل أي حد عليهم؛ لخوفي الأكبر من الإجابة. بس صوت الصرخة الي بيطلع من الشقة كان قاتل، صرخة ألم، عياط، حشرجة؛ قررت اطلع.
طلعت وأنا مش عارف هعمل ايه، بس حسيت بقبضة شديدة في قلبي لما لاحظت إن باب الشقة متوارب، كان النور طالع من تحت الباب ونفس صوت الأغاني، وصوت الصرخات المرعبة، قربت من الباب، أيدي كانت بتترعش بس لقيتني بكل تلقائية بزق الباب براحة، بصيت حواليا لقيت الشقة فاضية، أمال صوت الخبط والرزع ده كان جي منين؟! بس صوت الصرخات كان لسه جي من جوه، من أوضة من الأوض، فضلت أمشي لحد ما وصلت لنهاية الممر، نبضات قلبي متسارعة، صوت الصرخات بقى قدامي تماماً، ورا الباب الي في وشي، والي كان متوارب برضو، قربت من فتحة الباب وبصيت، جسمي اتشل.
أنا.. أنا أكيد الي شايفه ده مش حقيقي، كان.. في اتنين لابسين قناع، وشاب متقيد على كرسي، غالباً ده الي كنت بسمع صرخاته كل يوم، كانوا حاطين قدامهم ترابيزة، عليها أدوات كتير، مشارط، مقصات ومسامير، كانوا.. كانوا عمالين يشرحوا في جسم الشاب الي قاعد، والي كان عمال يصرخ من الألم، وكان في كاميرا وموبايل قدامهم بيصوروا بيها تقريباً! مرعوب ومش عارف اعمل ايه!! كل الي أنا حاسس بيه إني عايز أجري، رجعت لورا براحة عشان معملش أي صوت، بس للأسف صوت الأغاني سكت للحظة عشان الأغنية الي بعدها تشتغل، واظن صوت خطوتي الأخيرة كان واضح جداً، بصيت من فتحة الباب عشان اشوف لو لاحظوا أي حاجة، بس لقيت الأول لسه ماسك المشرط عادي والت.. ، بس فين التاني ؟! ظهر فجأة في وشي بقناعه المرعب قبل ما احس بقلبي بيتنفض من مكانه، ومش عارف أغمى عليا من الخضة ولا من السائل الي اترش في وشي.
صحيت، بصيت حواليا وأنا بحاول استوعب الي حصل، لقيت الشخص الي كان بيصرخ من شوية ساكت، قاطع النفس، شكله.. شكله مات، لأ .. لأ مستحيل، حاولت أصرخ بس كانوا حاطين على بوقي لزقة، حسيت بحزن رهيب على الشخص الي مات مع إني مبيربطنيش بيه أي صلة ! بس الحزن اتحول لخوف لما لقيت الإتنين قاعدين في وشي وبيبصولي من ورا أقنعتهم المرعبة، واحد منهم شاورلي اسكت قبل ما يشيل اللزقة من على بوقي، بدأت أصرخ فيهم :
– انتوا عايزين مني ايه ؟! حرام عليكم.
حطوا اللزقة على بوقي مرة تانية قبل ما كل واحد فيهم يمسك مشرط ويقرب ناحيتي، ويبصوا للكاميرا الي في وشي، كنت بحاول اصرخ بس صوت صراخي كان مكتوم، يارب، يارب، سمعت صوت جي من برة، كإن حاجة وقعت، وغالباً هم سمعوا برضوا، خرجوا، حاولت افك أيدي، استغربت لما لقيت الحبل اتفك معايا بسهولة، فكيت رجلي بسرعة بعدها، لسه هخرج لقيتهم ع الباب، الأول قرب مني، بصيت حواليا، لقيت مسدس ع الترابيزة ملاحظتوش في الأول.
جريت ع المسدس ومسكته، هددتهم الي هيقرب مني هموته، كانوا ثابتين، قبل ما الاقي واحد منهم جري ناحيتي بسرعة، دوست ع الزناد من غير ما افكر، صوت الطلقة الي اخترقت صدره كانت كفيلة تخليه جثة جنبي، أنا .. أنا قتلت! بس كان لازم أعمل كده؛ أنا مضطر، التاني قرب مني بهدوء وهو بيحاول يهديني، وفجأة لقيته في وشي، مسك أيدي، حاول يتنيها، كانت ماسك المسدس كويس، قبل ما افلت أيدي بسرعة وماسورة المسدس تبقى في بطنه وأضغط ع الزناد، مات هو كمان، قومت من مكاني وأنا مش مصدق نفسي، أنا اتغلبت عليهم، مشيت خطوتين بالظبط قبل ما احس بصداع رهيب، أحداث كتير عدت بسرعة قدامي قبل ما يغمى عليا مرة تانية.
صحيت، حاسس إني نمت شهر، أنا فين ؟! ايوه .. دي أوضتي، وقفت من مكاني، كنت لسه هفتح باب الأوضة بس سمعت صوت همس بره، ايوه ده صوت بابا؛ كان بيتكلم مع شخص تاني وكان بيقوله :
– تفتكر الموضوع ده هيجيب نتيجة يا دكتور ؟!
= أستاذ أدهم، زي ما قولت لحضرتك قبل كده إن ال Exposure therapy، أو ” العلاج بالتعرض ” وال” فيض ” بشكل أخص، هى أفضل طريقة لعلاج اضطراب ما بعد الصدمة الي حصل لكريم ابنك، الصدمة مكنتش بسيطة، بعد ما اتخطف كريم و نادر صاحبه واتعذبوا بالطريقة البشعة دي على ايد اتنين سيكوباتيين ومجانين تحت مسمى ال ” Red room ” والي هى عبارة عن أخطر مواقع ال ” deep web ” زي ما حضرتك عارف والي عديد من المرضى النفسيين بيدفعوا ملايين الدولارات عشان يشوفوا التعذيب بالطرق البشعة دي، وإن كان الاتنين دول بيحاكوا فكرة الموضوع على موقع تاني مش اكتر ف ده شيء مش سهل.
– ايوه فعلاً بس الحمد لله ربنا ستر والشخصين هربوا بعد ما ولاد الحلال هجموا ع المكان لما حسوا إنه فيه حاجة غريبة بتحصل.
= بس للأسف موت نادر صاحبه والتعذيب الي حصله دخله في صدمة نفسية شديدة، والي سببتله فقدان ذاكرة للأحداث دي وأحداث كتير من حياته ودي وسيلة دفاعية عملها المخ عشان تأثير الصدمة عليه، غير إن فكرة وجود الشخصين دول على قيد الحياة هيفضل مسبب لكريم رعب وشكوك في كل الي حواليه لمدى الحياة، هيشك فيك وفي والدته وكل في كل شخص قريب منه، عشان كده كان لازم العلاج يتم بالطريقة دي، كان لازم وجودهم يتلاشى عن العالم وإن كان بموتهم على أيده.
– بس ده بقاله كتير أوي نايم يا دكتور.
= شيء طبيعي، مخه بيعيد ترتيب الأحداث ويكررها و يصنع ذكريات أقل إيلاماً، الحدث الي أحنا عملناه في يومين تقريباً وحاولنا نخلي كل شيء طبيعي على قد ما نقدر ممكن مخه يشكله إن الأحداث دي حصلت في شهرين أو سنة، فكرة قتله للشخصين دول مؤلمة برضو ليه جداً بس كانت ضرورية وإن كان ميعرفش إنه كان ماسك مسدس فشنك اساسا وكل دي تمثيلية. بس أهم شيء إن ميعرفش أي حاجة عن اللعبة الي احنا عملناها، لازم يفتكر إن كل ده حقيقي وإلا كل الي عملناه هيروح هدر ومنعرفش ده هيسببله ايه.
– أكيد يا دكتور.
يعني.. يعني ايه، دي كانت تمثيلية؟! أنا .. مش فاهم حاجة، ومش فاكر حاجة، أنا حاسس بصداع، كنت هقع من الدوخة فسندت على الترابيزة قبل ما عيني تيجي في المراية، حسيت بنفضة شديدة، أنا .. وشي مشوه تماماً، آثار جروح كتير لشفرات حادة، وشي متخيط بغرز كتير، مشاهد كتير بتعدي قدامي ” لأ حرام عليكم “، نادر بيصرخ، ألم شديد، أقنعة مرعبة ” ارجوكم كفاية “، نادر…مات.
بس مين الاتنين الي كانوا بيتكلموا من شوية دول، لأ أكيد ده مش بابا، دول .. دول اكيد هم، ايوه.. يوه هم الي قتلوا نادر، هم مش هيسبوني، أنا خطر عليهم، أنا لازم أهرب، أنا .. أنا خايف.
#الطابق_العلوي