رواية تعافيت بك الفصل 6 الفصل السادس رواية تَعَافَيْتُ بِكَ عسَى الخَفايا مِن الأقدارِ تُبهجنا
_______________________
في منزل «خالد» قال «ياسين» جملته في هدوء و ثبات تحت نظرات الدهشة من «خالد» و «ياسر» وهو يقول:
“أصل عقبال عندك يا خالد إنهاردة كتب كتاب ياسر على الآنسة إيمان أختك”
تحدث خالد بدهشة قائلاً:
“كتب كتاب مين ياخويا؟”
كان «ياسين» على نفس حالته فقال:
“إيه مسمعتش؟ كتب كتاب ياسر و إيمان إنهاردة”
تحدث «ياسر» قائلًا:
“إزاي يا ياسين دا أنا نفسي ما أعرفش؟”
تدخل «عامر» في الحديث مُسرعًا:
“إخرس إنتَ يا ياسر لما عمامك يتكلموا تخرس خالص، متصغرناش في القعدة المهببة دي، وربنا يسترها”
كان «خالد» وصل لذروة غضبه فتحدث بصوتٍ عالٍ قائلًا:
“أنتَ أهبل ياض أنتَ وهو ؟ كتب كتاب إيه دا اللي جايين تكتبوه؟ إستحالة أختي توافق على حاجة زي كدا أصلًا.”
خرجت «إيمان» العروس و «ريهام» زوجة أخيها معها على أثر صوت خالد، فسألته «إيمان» قائلةً:
“في إيه يا خالد صوتك جايب أخر البيت ليه؟”
رد عليها مُردفًا:
“إتفضلي البهوات جايين و عاوزين يكبتوا كتابك إنتِ و ياسر إنهاردة، عرفيهم إنك إستحالة توافقي على حاجة زي كدا، قوليلهم إنتِ علشان لو أنا قولت مش هيفهموني.”
نظر الجميع إلى «إيمان» بترقب و نظرات الخوف تعتلي وجوههم و لكن ما حدث خالف توقعات الجميع حيث أطلقت إيمان«زغرودة» هزت أرجاء البيت كـ تعبيرًا منها عن فرحتها،
اعتلت الدهشة ملامح الجميع حتى خالد أخيها، أما «ياسين» فنظر بشماتة إلى «خالد» ثم قال و هو يهندم ملابسه بغرور مُصطنع:
“أنا بقول نقرأ الفاتحة”
______________________
في بيت آلـ«رشيد» كانت خديجة مُختلفة تمامًا عن الأسبوع الماضي، وذلك لأن الجمعة القادمة لم يكن بها تجمع عائلي فكانت تشعر أنها غير مُقيدة، على الأقل لن تتصادم مع عمتها مرةً أخرى، وفجأة أتى لها إشعارًا من إحدى تطبيقات التواصل الإجتماعي من الحساب الخاص بـ«هدير» إبنة عمها، قامت «خديجة» بالضغط على الإشعار فوجدت صورة لـ هدير و عبلة ومعهم أيضًا منة إبنة جارتهم في إحدى المولات التي يتسوقون بها، إذا كانت فتاة أخرى غير خديجة كانت حَزِنت أنها لم تشاركهم تلك اللحظة، أما خديجة فنظرت للصورة بعمقٍ وهي تفكر كيف لفتاة في عمرها تكره التنزهات و التسوق، كيف أنها لا تحزن أنها لم تشاركهم تلك اللحظات التي يبدو أنها مُحببة لقلوب الفتيات، نظرت للصورة مرةً أُخرى فوجدت «هدير» معلقة عليها:
“أحلى يوم مع أحلى أصحاب و أخوات ربنا يخليكم ليا، و مننساش سلمى الصغنن بتاعنا اليوم كان ناقصك بس نعوضها”
حسنًا حتى سلمى الصغيرة التي هي من عمر خلود أختها أيضًا تذكروها يبدو أن المشكلة في شقة«طه» و أبنائه، أغلقت الهاتف ثم عادت إلى الكتاب التي كانت تقوم بقراءته وذهبت في عالمها الخاص بها، عالم خالي من وجود البشر التي تشعر وسطهم أنها وسط ذئاب كل فردٍ منهم يريد إثبات أخطائها.
_______________________
وصل الإشعار لهاتف «عبلة» أيضًا فقامت بفتحه وجدت صورتها مع منة و هدير و نظرت إلى التعليق الذي قامت هدير بإضافته فشعرت بالضيق منها ومن أفعالها،فقامت بمهاتفة «هدير» في البداية تحدثت بهدوء قائلةً:
“إنتِ ليه يا هدير نزلتي الصورة بتاعة المول؟ وإيه اللي كاتباه تحت الصورة دا؟
تصنعت «هدير» الجهل بالأمر فقالت:
“و فيها إيه يعني يا عبلة هي أول مرة ننزل سوا يعني؟ وبعدين ماله اللي أنا كاتباه محسساني إني بشتمكم”
تنفست «عبلة» بعمقٍ ثم قالت:
“بس كدا خديجة ممكن تزعل مننا خصوصًا إن إحنا حتى مقولناش ليها تيجي معانا و كمان واخدين بنت الجيران معانا، مين أقرب بذمتك يا هدير”
انفعلت«هدير» من حديث«عبلة» فقالت لها:
“بقولك إيه يا عبلة إنتِ قلبك بقى عمال يرق لخديجة كتير من إمتى و إحنا بندخلها بينا أصلًا؟ وبعدين حتى لو كنا قولنالها مكانتش هتيجي معانا”
عقبت«عبلة» قائلةً:
“بس هيبقى إسمنا قدرناها يا هدير، وبعدين إنتِ مش عاوزة قلبي يرق بعد السنين دي كلها؟ والله العظيم حرام بجد”
زفرت«هدير» بقوة ثم قالت:
“بقولك إيه يا عبلة سلام علشان إنتِ شكلك فاضية”
نظرت «عبلة» للهاتف في يدها بإندهاش ثم قالت:
“ربنا يهديكي يا هدير بجد، أنا عمري ما هقدر أستحمل أكتر من كدا، ضميري مش هيسبني أصلًا”
_______________________
دخلت «إيمان» الغرفة وهي تضحك و معها زوجة أخيها، نظرت إليها«ريهام» قائلةً:
“إنتِ عبيطة يا إيمان؟ بتزغرطي لنفسك طب كنتي قوليلي، الواد يقول عليكي إيه دلوقتي مدلوقة؟”
نظرت إليها «إيمان» والفرحة تعتلي ملامح وجهها قائلةً:
“والله العظيم مش مصدقة، بقى ياسر هيبقى جوزي إنهاردة؟ بعد ماكنت قربت افقد الأمل خلاص، دا ياسين دا طلع رجولة والله”
نظرت إليها «ريهام» وهي تضحك ثم قالت:
“إهدي بس كدا لحد ما نشوف خالد هيعمل إيه دا مجنون و ممكن يقلب الدنيا على دماغ الكل”
و في الخارج كان خالد ينظر إلى الجميع بشر ولم يتحدث، فتكلم المأذون قائلًا:
“ما تخلصوا يا جماعة عندي فرح تاني هكتب الكتاب ولا لأ؟”
قام «ياسين» برفع أحد حاجبيه وهو ينظر إلى «خالد» بتحدي ثم قال:
“أيوا يا مولانا هنكتب الكتاب”
تحدث «خالد» بغيظٍ قائلًا:
“وأنا قولت لأ يعني لأ”
تدخل عامر موجهًا حديثه لـ«ياسين» قائلًا:
“بقولك إيه يا ياسين، خده و أدخل البلكونة كدا يمكن يهدى زي المرة اللي فاتت”
نظر إليه «ياسين» ثم قال:
“أنا بقول كدا برضه، يالّا يا خالد قُدامي على البلكونة”
تكلم «خالد» بعصبية قائلًا:
“مش هدخل في حتة، وقولت لأ يعني لأ”
قام «ياسين» و أمسك «خالد»من ذراعه ثم تحدث قائلًا للمأذون:
“لامؤاخذة يا مولانا عاوز خالد في كلمتين بس، كُل جاتوه إنتَ لجد ما نجيلك، عامر خلي بالك منه و حلّق على ياسر أحسن يجري من الخوف”
نظر «عامر»إلى المأذون ثم قال له:
“أجبلك جاتوه بالشيكولاتة يا مولانا؟”
نظر إليه المأذون بإندهاش ثم قال:
“مُتشكر يا بني معايا اهوه»
إقترب منه عامر ثم قال له:
“بقولك إيه يا مولانا أنا مزنوق في ورقة من دفترك ينفع؟”
تعجب المأذون من طلبه فرد عليه بعصبية:
“ورقة إيه يا بني اللي إنتَ عاوزها من الدفتر هو كشكول ٩ أسطر؟”
رد عليه «عامر»:
“خلاص يا مولانا متتعصبش.”
ثم نظر لـ«ياسر» وهو يقول له:
“إيه يا عم ياسر إنتَ معانا ولا مع الأسف؟”
كان «ياسر» متوترًا بشدة فنظر له ثم قال:
“سبني و حياة أمك يا عامر أنا حاسس إن قلبي هيقف من الخوف.”
إقترب منه «عامر» مُربتًا على كتفه ثم قال له:
“متقلقش ياسين معاه جوا و هيحل الدنيا”
نظر أمامه بشرود ثم قال:
“ربنا يسترها بقى”
في الشرفة كان خالد متعصب بشدة فنظر له ياسين ببرود ثم قال له:
“بقولك إيه إهدى وترت أمي جنبك وبعدين في أخو عروسة يبقى عامل كدا؟”
رد عليه «خالد» بصوتٍ عالٍ:
“إنتَ هتجنني يا ياسين، إحنا متقفناش على كدا، كان إتفاقنا على إنكم تيجو تتقدموا إيه اللي جدد الأمور بقى”
نظر إليه «ياسين» بعمقٍ ثم قال:
“بصراحة إنتَ مش مضمون يا خالد، وكنت هتجيب للواد عقدة في عيشته وأنا علشان عشرة عمرك و حافظك بجيب من الأخر ، فوافق علشان شكلك إنتَ قدام الناس وبصراحة بعد الزغروطة اللي إيمان سمعت بيها البيت كله هيبقى شكلك وحش، أصل تخيل كدا المأذون يجي علشان يكتب الكتاب وفي الأخر يمشي زي ما جه، شوف شكلك هيبقى إيه بقى؟”
كان حديث «ياسين» يشوبه بعض الخبث جعل «خالد» يفكر بعمق ثم زفر بقوة قائلًا له:
“بقولك إيه يا ياسين خلصني من الليلة اللي برا دي علشان أنا على أخري منكم، أنا موافق على كتب الكتاب خلينا نخلص”
رُسمت بسمة على وجه «ياسين» ثم قام بإحتضان «خالد» وهو يقول له:
“أيوا كدا هو دا خالد حبيبنا فرحنا وفرح نفسك معانا بقى يا جدع، والله مشوفتش أخو عروسة سكر كدا”
خرج«خالد» من حضن «ياسين»
ثم قال له:
“يلا يا ياسين قبل المأذون ما يهرب مننا”
خرج «ياسين» و «خالد» إلى الخارج فنظر لهم الجميع بترقب قام «ياسين» بضرب «خالد» في كتفه لكي يتحدث، نظر له «خالد» بغيظ ثم تحدث قائلًا:
“أنا موافق يا مولانا على كتب الكتاب يلا نبتدي”
صرخ «عامر» مُهللًا ثم قام بإحتضان«ياسر» الذي إنفرجت أساريره أيضًا، فتحدث«عامر» قائلًا:
“البلكونات دي شكلها سرها باتع على الواد خالد”
تحدث المأذون موجهًا حديثه لـ«خالد» قائلًا له:
“أين العروس؟”
نظر له «خالد» ثم قال له:
“هدخل أجبها اهوه يا مولانا”
دخل خالد غرفة أخته كانت والدته معهم بالداخل فسألته:
“ها يا خالد يا بني هنعمل إيه؟ أنا من رأيي متكسرش بفرحة أختك يا حبيبي”
أخذ «خالد» نفسًا عميقًا ثم قال:
“يلا يا جماعة علشان كتب الكتاب”
وفور انتهاء «خالد» من جملته أطلقت«إيمان» زغرودة» أخرى هزت أرجاء البيت سمع صداها الجميع في الخارج فإقترب «عامر» من «ياسين» ثم قال له:
“هي أخت خالد دي بالعة ضُفدعة وهي صغيرة إيه الزغاريط دي كلها.”
وكزه «ياسين» في كتفه ثم قال له:
“إخرس خالص خلي الليلة اللي ما يعلم بيها إلا ربنا دي تعدي على خير”
أومأ له «عامر» ثم قال موجهًا حديثه لـ «ياسر»:
“مبروك يا ياسر، عقبال الزفاف يارب”
تدخل «ياسين» في الحديث ثم قال له:
“مش لما نتنيل نكتب الكتاب الأول علشان نبقى نشوف الزفاف”.
______________________
كانت «زُهرة» والدة «ياسين» جالسة في بيتها أتى زوجها«رياض» ثم قال لها:
“هو ياسين لسه مجاش من برا يا زهرة؟”
ردت عليه«زهرة»:
“لسه يا رياض هو قالي إن إحتمال يبقى فيها كتب كتاب يعني أكيد هيتأخروا”
أومأ لها ثم قال:
“ياه يا زُهرة تصدقي دا أول إسبوع يعدي علينا من غير ما نروح نشوف عروسة لياسين”
وفور انتهاء جملته صرخت «زُهرة» ثم قالت:
“يلهوي العروسة يا رياض فكرتني”
قالت جملتها ثم ركضت من أمامه
ضرب «رياض» كف بالأخر ثم قال:
“أنا قولت برضه زُهرة مش هتعدي الاسبوع كدا من غير عروسة”
في الخارج كانت «زُهرة» تتحدث مع «وفاء» صديقتها فسألتها:
“صحيح يا وفاء عملتي إيه في موضوع العروسة اللي قُلتلك عليه؟”
تذكرت «وفاء» الموضوع فقالت معتذرةً:
“مفكرتنيش ليه يا زُهرة أنا نسيت أصلًا، خلاص أنا هنزل أسأل أمها دلوقتي و لو كدا نخليها يوم السبت إيه رأيك ؟”
قالت «زُهرة»:
“خلاص يوم السبت حلو على الأقل أكون أقنعت ياسين”
أغلقت معها الهاتف ثم دخلت الغرفة و جلست بجانب زوجها ثم قالت له:
“بقولك إيه يا رياض جهز نفسك علشان في عروسة هنروح نشوفها يوم السبت لـ ياسين”
قالت جملتها وفور انتهائها وجدته يضحك بشدة حتى إنه أوشك على الوقوع من الأريكة، نظرت له بإندهاش فوجدته يقول:
“أنا برضه قولت مش طبيعة زُهرة إنها تعدي الاسبوع كدا من غير عروسة، أنا كنت هاخدك و نكشف عليكي علشان أعرف إنتِ سُخنة ولا طبيعية؟”
ردت عليه بحنقٍ:
“في إيه يا رياض دي غلطتي يعني إني عاوزة أطمن على إبني؟”
لوح لها بيديه ثم قال:
“أنا ماليش دعوة يا زُهرة وريني بقى هتقنعي المحروس إزاي؟”
ردت عليه بضيقٍ منه:
“مالكش دعوة بياسين إنتَ يا رياض أنا هقنعه”
__________________________________
في بيت آلـ «رشيد» نزلت«وفاء» شقة «زينب» ثم قالت لها:
“عاوزاكي في موضوع مهم يا زينب”
إندهشت «زينب» من حديث «وفاء» فقالت لها:
“يا ستار يا رب في إيه يا وفاء خضتيني”
إبتسمت «وفاء» على طريقتها ثم قالت لها:
“يا ستي في إيه إنتِ علطول أعصابك بايظة كدا، خير إن شاء الله؛ أنا جايبة عريس لخديجة بنتك”
إندهشت «زينب» من الحديث للمرة الثانية فقالت:
“عريس؟ لخديجة بنتي أنا، طب إزاي؟”
قالت لها «وفاء»:
“أومال خديجة بنتي أنا؟ أيوا خديجة بنتك، وبعدين هي ناقصة إيد ولا رجل ؟”
قالت لها «زينب»:
“مش القصد يعني بس هو شافها إزاي ولا يعرفها منين”
قالت «وفاء»:
“بصي يا ستي هو إبن مُدرسة زميلتي في المدرسة ناس مُحترمة أوي وإبنهم كمان أدب و إحترام وتعليم بصراحة عريس ميترفضش، وعاوز واحدة بنت حلال كدا أنا بقى عرضت عليهم خديجة”
قالت لها«زينب»:
“طب خلاص هسأل طه كدا و أشوف خديجة وهرد عليكي”
قالت لها «وفاء»:
“بسرعة بس يا زينب، علشان لو كدا هيجوا يوم السبت يتقدموا”
ردت عليها«زينب»:
“السبت بتاع بعد بكرة دا ؟ ليه السرعة دي يا وفاء؟”
ردت «وفاء» مُعقبةً:
“وفيها إيه يا زينب يعني؟ المهم تردي عليا إنهاردة علشان أأكد على الناس”
أومأت لها «زينب» ثم قالت:
“حاضر هسأل طه و أرد عليكي يا وفاء”
أومأت لها «وفاء» ثم تركتها وغادرت إلى شقتها، كانت «زينب» جالسة تُفكر في حديث «وفاء» ثم قامت و دخلت غرفة النوم كان طه نائمًا بعد عودته من العمل، أيقظته ثم قالت له:
“طه إصحى و ركز معايا كدا علشان عاوزاك في حاجة مهمة أوي”
إستيقظ طه على مضض ثم إعتدل على الفراش وهو يقول:
“صحيت أهوه يا زينب، خير إن شاء الله؟”
ردت عليه:
“خير إن شاء الله يا طه؛ خديجة بنتك جالها عريس”
نظر إليها بتمعن ثم قال لها:
“دي أحلام العصر دي ولا إيه زينب؟”
شعرت «زينب»بالضيق من حديثه ثم قالت:
“أحلام ليه إن شاء الله يا طه،مالها خديجة يعني؟”
رد عليها:
“بنتك بتخاف من خيالها يا زينب تقدري تقوليلي هتقنعيها إزاي تقابل العريس دا، تقدري تقوليلها تجهز زي باقي البنات؟”
ردت عليه مُعقبةً:
“مالكش دعوة إنتَ يا طه سبلي الموضوع دا ليا أنا المهم خليك عارف إن العريس و أهله هيجوا يوم السبت بعد بكرة”
رد عليها «طه»:
“ماشي يا زينب اللي فيه الخير يقدمه ربنا”
قامت لكي تخرج من الغرفة ثم عادت إليه مرة أخرى وهي تقول له:
“آه إحنا مش هنعرف حد يا طه في العيلة لحد ما الناس تيجي ونشوف هنعمل إيه”
رد عليها:
“أحسن برضه كدا كدا الموضوع مش مضمون”
تركته ثم توجهت إلى غرفة خديجة لكي تفاتحها في الموضوع.
__________________________________
“بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير”
هذه هي العبارة التي ختم بها المأذون عقد قران «إيمان» و«ياسر» ،و كان «خالد» هو وكيل العروس و«ياسين» و «عامر» شهود على عقد القران
وفجأة إرتفع صوت الموسيقى و الزغاريد وأتى الجيران يباركون لخالد ووالدته وكانت هذه المهمة مُوكلة لـ«عمار» شقيق «عامر»، فجأة إقترب «ياسر» وصافح «خالد» وهو يقول له:
“مبروك يا أبو نسب ، مبروك عليكم أنا”
نظر إليه «ياسين» باندهاش و «عامر» أيضًا، فتحدث الأخير قائلاً:
“دا إنتَ قلبك مات بقى يا ياسر، كتب الكتاب جمد قلبك”
ثم نظر إلى «ياسين» وقال له:
“و إنتِ يا بيضة هتتجوزي إمتى”
نظر إليه «ياسين» بتقزز ثم قال له:
“لما ربنا ياخدك ويريحني منك يا عامر”
رد عليه«عامر»:
“يبقى هتعيش عمرك كله أعزب يا ضنايا”
إقترب منه«ياسين» لكي يقوم بضربه ، فقام «عامر» بإحتضانه ثم قال له:
“خلاص قلبك أبيض يا ياسين، والله بهزر، يا عم ربنا ياخدني بكرة الصبح لو دا هيخليك تتجوز”
قام «ياسين» بضربه في كتفه ثم قال له:
“متدعيش على نفسك يا حمار أنا ماليش غيركم ربنا يديم وجودكم ليا”
إقترب منهم «خالد» ثم قال لهم:
“يلا علشان عمار يصورنا الصورة بتاعة كل مرة”
وقف الأربع الشباب بجانب بعضهما وكل واحدٌ منهم يضع يده على كتف الآخر، والصورة الأخرى وقف خالد وعامر وياسين وحملوا «ياسر» على إيديهم فهذه هي عادتهم كلما كان واحدًا منهم عريسًا يحملوه على إيديهم في الصور الخاصة بالمناسبة”
انتهوا من التصوير فأمسك «خالد» يد «ياسر» وقال له:
“مبروك يا ياسر ، إنتَ خدت اللي أبويا كان موصيني عليها مش عاوزك تقصر رقبتي قدامه يا ياسر، حطها في عينك مش عاوزها تندم لحظة”
نظر إليه «ياسر» بعمقٍ ثم قال:
“أنا عارف إنك خايف يا خالد، بس أنا مش عاوزك تقلق إيمان في عيني ، أنا إتمرمط في حياتي يا خالد وخوفت على أمي وأخواتي من المرمطة، فأكيد اللي مش هرضاه على أهل بيتي مش هرضاه لبنات الناس، مابالك بقى بحب عمري؟”
تنهد«خالد» بإرتياح ثم قام بفتح ذراعيه وهو يقول:
“ريحتني الله يريح قلبك يا ياسر، يلّا خُش في حضن أخوك يا واد”
قام ياسر بمعانقة خالد تحت نظرات الدهشة من«عامر» فتحدث قائلًا لـ«ياسين»:
“أنا بحلم ولا دي حقيقة يا ياسين؟”
ضحك «ياسين» على حديث «عامر»:
“خالد مفيش أطيب منه يا عامر هو بس كان مَحبِكها علينا علشان ياسر يعرف قيمة أخته، إنما هو هيطير من الفرحة أساسًا”
إقترب «ياسين» من «ياسر» ثم قال له:
“يلّا يا ياسر خُش أقعد مع عروستك، دا بعد إذنك يا خالد طبعًا”
أومأ له «خالد» موافقًا فنظر «ياسر» حوله ثم قال:
“يا نهار مش فايت أنا نسيت أقول لأمي وأخواتي إني إتجوزت؟”
ضحك الشباب عليه فتحدث «ياسين» قائلًا:
“دي تفوتك إنتَ يا جحش متفوتنيش أنا، جبتهم برا قاعدين مع خالتك أم خالد”
ارتمى «ياسر» في أحضان «ياسين» ثم قال له:
“أنا بحبك أوي يا ياسين ربنا يخليك ليا يا رب”
تدخل «عامر» في الحديث قائلًا:
“هي دي أخرتها؟ بقى أنا والواد عمار أخويا مترمطين من الصبح و الواد عمال يلف على كعب داير علشان في الأخر بحبك يا ياسين؟”
قام ياسر بمعانقة عامر أيضًا ثم قال له:
“انا معرفش أعيش من غير واحد فيكم حتى عمار أخوك دا أخويا أنا كمان”
تعانق الأربع شباب سويًا وكل فردٍ منهم يدعو إلى الله أن يديم وجود الأخرين بحياته”
__________________________________
كانت «زينب» جالسة مع «خديجة» في غرفتها وهي تحاول إستجماع شجاعتها لكي تفاتحها في الموضوع و أخيرًا قالت:
“خديجة هو ينفع أقولك على حاجة؟”
نظرت إليها بإستفسار ثم قالت:
“في إيه يا ماما قولي”
أخذت «زينب» نفسًا عميقًا ثم قالت:
“بصراحة كدا يا خديجة في عريس جايلك يوم السبت”
نظرت إلى والدتها بتفحص ثم قالت:
“بالله عليكي يا ماما بلاش هزار في الحاجات دي، عريس إيه دا اللي هيجي يشوفني؟”
ردت عليها «زينب»:
“والله عريس بجد يا خديجة وجاي من طرف طنط وفاء جارتنا وبتشكر فيه وفي أهله أوي”
كانت«خديجة» على وشك البكاء فقالت:
“بس أنا مش عاوزة يا ماما أنا عاوزة أفضل معاكم هنا، أنا مش هعرف أعيش مع حد تاني غيركم”
نظرت إليها والدتها بحب ثم قالت:
“ليه يا خديجة هو إنتِ مش زي كل البنات من حقك تتجوزي وتعيشي حياتك، ليه يا حبيبتي قافلة على نفسك كدا؟”
ردت عليها «خديجة»:
“لأ أنا مش زي كل البنات، أنا مش حلوة زيهم و مش بفهم في اللبس و الخروجات زيهم ، أنا عاملة زي الولاد عمتو وكلهم هنا قالولي كدا”
ردت عليها «زينب»:
“لأ طبعًا إنتِ ست البنات كلهم يا خديجة، كفاية أدبك و أخلاقك، الناس مش بشكلها يا خديجة، الناس بروحها و طيبة قلبها، وإنتِ قلبك كبير وطيب ومش مؤذية يا خديجة”
أخذت خديجة نفسًا عميقًا ثم قالت وهي على مشارف البكاء:
“أنا خايفة أترفض تاني ، خايفة يقولي نفس الكلام اللي إتقالي قبل كدا ، خايفة كرامتي تتجرح تاني، أنا بخاف من الناس أوي يا ماما”
قامت زينب بإحتضانها ثم قالت:
“مش علشان حد كلامه زي السم يبقى كل الناس كلامها وحش، لأ يا خديجة صوابعك مش زي بعضها”
مسحت «خديجة» أعينها ثم قالت:
“بس أنا مش هقدر أطلع أقابلهم يا ماما، الموت عليا أهون من إني أعمل كدا”
ردت عليها«زينب» مُعقبةً:
“أنا معاكي مش هسيبك، بس الناس عاملين حسابهم يجوا يوم السبت، علشان خاطري متكسفيناش يا خديجة”
بكت «خديجة» من جديد ثم قالت:
“صعب يا ماما أوي مش هقدر”
ربتت «زينب» على كتفها ثم قالت:
“أنا معاكي يا حبيبتي والله بس قابليه وفرحينا علشان أبوكي ميزعلش”
و علىٰ ذِكر أبيها شعرت بالخوف والتوتر يجتاحها فأومأت برأسها موافقةً.
________________________________
كان «ياسر» جالسًا برفقة «إيمان» في الشُرفة التي قام
«ياسين» بتزيينها قبل أن يرحل، وكانت «إيمان» تشعر بالخجل الشديد من«ياسر» أما هو فكان مندهشًا من خجلها، فكيف لها أن تخجل بمثل هذه الطريقة بعد إطلاق هذا الكم الهائل من الزغاريد، فتحدث أخيرًا وهو يقول:
“ألف مبروك يا إيمان، مبروك عليا إنتِ في حياتي”
أومأت له إيمان ولم تتحدث، فقال بخبثٍ:
“واضح كدا إني اتسرعت في الخطوة دي شكلك مكنتيش موافقة عليا، انا هروح لخالد و أقوله نخلص الموضوع بدل مانا حاسس إني مش مقبول كدا”
هم بالوقوف لكنها أمسكت يده ثم قالت له:
“أقعد هنا يا ياسر تروح فين إنتَ عاوز تخلع ولا إيه؟”
رد عليها مُعقبًا:
“مش مسألة أخلع بس إنتِ شكلك مش موافقة عليا يا إيمان وأنا بصراحة مش هعرف أفرض نفسي عليكي”
ردت عليه مُعقبةً:
“لأ يا ياسر أنا مكسوفة بس شوية”
إندهش «ياسر» فقال لها:
“إت….إيه يا إيمان؟ إتكسفتي؟ بعد إيه؟ بعد الزغاريط اللي سمعتي بيها الشارع كله، المهم نهايته إنتِ موافقة عليا ولا لأ؟”
ضحكت ثم قالت له:
“طبعًا موافقة يا ياسر ، وبعدين أنا هلاقي فين حد عيونه زرقا يجي يتقدملي تاني، القطعية دي خلصت من زمان يبني”
جحظت عيناه خارجًا ثم قال لها:
“قطعية ؟ هو أنا كرسي انتريه قصادك ؟صحيح ما انتِ أخت خالد هستنى منكم إيه يعني ؟”
صمت لبرهة من الزمن ثم قال:
“المهم أنا بحبك يا إيمان وحياتي دي كلها مفيهاش مكسب غيرك وربنا يقدرني وأسعدك علطول وأخليكي تعرفي إنك أختارتي راجل صح”
أومأت له موافقة ثم قالت له في خجل من حديثه:
“وأنا واثقة في ربنا ثم فيك يا ياسر وأنا ربنا يقدرني وأسعدك يارب”
ضحك ثم قال ممازحًا لها:
“بعد قطعية دي معتقدش”
إتسعت إبتسامتها ثم قالت:
“بس بقى متكسفنيش يا ياسر بالله عليك”
رد عليها:
“والله عملت كدا علشان تضحكي ، أنا بحب أشوف ضحكتك أوي يا إيمان”
نظرت له بإطمئنان وهو أيضًا، ولأول مرة في حياته يشعر بالسعادة الحقيقة بعد سنين عُجاف ولكن هذا هو عوض الله له بعد أيام الشقاء التي عاشها أنعم الله عليه بما أراد وبطريقة أكبر مما كان يتمنى وفي تلك اللحظة حمد الله في سره على النعم التي أعطاها الله له.
_________________________________
دخل «ياسين» منزله وجد والدته جالسة في إنتظاره إقترب منها ثم قبل رأسها وهو يقول:
“إيه اللي مسهرك كدا يا زوزو؟”
كانت تشعر بالتوتر قليلًا فقالت له:
“مفيش مستنياك تيجي علشان كنت عاوزاك في حاجة كدا”
نظر إليها مُستفسرًا ثم قال:
“خير يا رب و أدي قاعدة أهو”
جلس بجوارها على الأريكة ثم قال:
“خير يا زوزو مع أني مش مطمن بصراحة”
أخذت نفسًا عميقًا ثم قالت:
“بصراحة كدا يا ياسين في عروسة هنروح نشوفها يوم السبت الجاي”
تبدلت معالم وجه ياسين في ثواني ثم قال لها:
“ألطم يا زُهرة ، هو إنتِ فاكرة العرايس دي طقوس لازم كل أسبوع عروسة، أشد في شعري يقولوا الواد إتجنن؟”
نظرت له بإندهاش ثم قالت:
“المرة دي غير كل مرة يا ياسين، المرة دي فيها كل اللي إنتَ عاوزه ، لو رفضتها دي بقى هتأكد إنك بتضحك عليا يا ياسين.”
زفر ياسين بقوة ثم قال:
“فرقت إيه المرة دي عن كل المرات اللي فاتت؟ ما هي هي يا ماما”
ردت عليه مُسرعةً:
“والله المرة دي هتلاقي فيها كل اللي نفسك فيه أنا المرة دي أختارتها علشان دي غير كل مرة وأنا متأكدة الموضوع هيتم المرة دي.”
نظر إليها «ياسين» بعمقٍ ثم قال:
“ماشي يا ماما، بس المرة دي وبس و هتبقى أخر مرة”
ردت عليه :
“وأنا متأكدة إنها هتبقى أخر مرة”
نظر إليها بإستغراب ولم يعقب على حديثُها.
يُتَبَع
#رواية_تَعَافيْتُ_بِكَ
#الفصل_السادس