روايات رومانسيهرواية تعافيت بك

رواية تعافيت بك الفصل 7

رواية تعافيت بك الفصل 7 رواية تَعَافَيِّتُ بِكَ  مرةً واحدة في العُمر، تَلتقي بالشخص الذي لا يُشبه أحد ولا يشبههُ أحد، والسلام لِقلبك.
______________________
مر يوم الخميس بسلام على الجميع عدا «خديجة» التي نامت و الخوف يأكلها كلما تذكرت ما هي قادمة عليه، وفي منزل «ياسين» يوم الجمعة صباحًا، استيقظ «ياسين» كعادته نتيجة لصوت منبه هاتفه، اغتسل في المرحاض الخاص بغرفته ثم قام بتأدية صلاة الصُبح ثم خرج من غرفته وجد والديه يجلسان سويًا في غرفة الصالون ألقى عليهما التحية ثم جلس أمامهما وهو يقول:

“صباح الخير يا حُجاج، ها يا أستاذة زُهرة اتفضلي سمعيني تفاصيل الموضوع المايك معاكي”

نظر له والده بإبتسامة رُسمت على وجهه أما والدته فنظرت له بسخريةً ثم قالت:

“مع إني حاسة بتريقة في الموضوع بس ماشي يا ياسين.”

تحدث «ياسين» بسخرية قائلًا:

” تريقة ودي تيجي برضه؟ بقى أنا أروح فرح الواد مسافة ساعات أرجع ألاقيكي محضرة عروسة؟ ما تتكلم يا حاج رياض”

هز والده كتفيه ثم قال له:

“والله أنا مليش دعوة يا ياسين هي أمك اللي عملت كل حاجة، إنتَ عارفني معرفش حد غيرك إنتَ وهي و صحابي”

تحدثت «والدته» قائلةً:

“نهاية الموضوع يا ياسين إحنا بكرة هنروح للبنت نشوفها، أنا خلاص خدت منهم الميعاد والناس مستنيانا بكرة”

نظر «ياسين» لوالده ثم أخرج زفيرًا قويًا ثم قال:

“ماشي يا ماما اللي يريحك”

تعجبت والدته من حديثه و أنه لم يجادلها فتحدثت بدهشة وَاضحة:

“خلاص يا ياسين إقتنعت؟ يعني مش هتجادل معايا؟”

هز كتفيه ثم قال لها:

“الجدال مش هيفيد بحاجة، إنتِ خدتي ميعاد مع الناس مش هينفع أصغرك ولا أقلل منك”

تدخل والده في الحديث قائلًا:

“عين العقل يا ياسين ربنا يحميك يا رب، يلّا أسيبكم أنا علشان أقعد مع فهمي شوية قبل الصلاة”

قال جملته ثم تركهم ليذهب لصديقه والد «عامر» ليجلس برفقته في محل الأدوات الكهربائية الخاص به، بعد نزول رياض من الشقة تحدثت «زُهرة» قائلةً:

“يعني بجد يا ياسين مش هتفضل تجادل معايا و موافق علطول كدا”

رد عليها مُردفًا:

“أيوا يا ماما موافق بس المرة دي بقى الأخيرة و لو جبتي حد بعدها مش هروح، تمام كدا”

اومأت له موافقةً ولم تُعقب، تنهد «ياسين» بإرتياح ثم قال:

“مقولتليش بقى العروسة المرة دي تبع مين؟ المرة اللي فاتت كانت تبع مديرة المدرسة، المرة دي تبع وزير التربية والتعليم بنفسه؟ عشان لو رفضت أتسجن علطول”

نظرت إليه بحنقٍ ثم قالت:
” و اللّهِ مش هخلص منك تريقة بس ماشي يا أستاذ ياسين، العروسة المرة دي تبع ميس وفاء”

نظر إليها مُستفسرًا ثم قال:
“ميس وفاء! ودي تبع قسم إيه في المدرسة ؟”

ردت عليه:

“ميس وفاء يا بني اللي رُحت قبل كدا معايا فرح بنتها و رُحت قبل كدا كمان جبت منها فلوس الجمعية.”

إندهش «ياسين» وجحظت عيناه خارجًا ثم قال:

“أوعي تقولي بنتها اللي بتفضل تشتكيلك منها في التليفون؟ والله العظيم أعيش زاهد في الدنيا أكرملي”

ردت عليه مُعقبةً:

“لأ طبعًا بنتها إيه دي، وبعدين بنتها لسه في جامعة و صغيرة”

رد عليها بإستغراب قائلًا:

“ماهي مجوزة الاتنين الكُبار و دي اللي فاضلة عندها، ولا هي اتبنت واحدة تاني ولا إيه؟”

ردت مُعقبةً:

“إنتَ عبيط يا ياسين؟ هتتبنى واحدة في السن دا؟ لأ طبعًا دي بنت جارتهم.”

اندهش «ياسين» من حديث والدته فرد قائلًا:

“إنتِ خلصتي على المُدرسين و قرايبهم دخلتي على جيرانهم؟ في إيه يا ماما إنتِ ماشية تدللي عليا؟”

ردت عليه بِسرعة:

“واللّهِ المرة دي صُدفة يا ياسين هي اللي حكتلي عن البنت والكلام جاب بعضه، بس بصراحة أنا مطمنة المرة دي بجد مش زي كل مرة”

نظر إليها بعمقٍ ثم تنهد بأريحية ثم قال:
“و إسمها إيه بقى العروسة يا ماما؟”
ردت عليه وهي مُبتسمة:

“خديجة، إسمها خديجة”

نظر إليها بعمقٍ ثم كرر الإسم مرةً أُخرى قائلًا:
“خديجة؟ حلو خديجة دا”

ثم تنهد بأريحية ثم قال:

“ماشي يا زوزو أنا هروح لـ ميمي، أنا وعمار علشان خالد عازم ياسر إنهاردة عنده”

اومأت له والدته موافقةً، مال عليها مُقبلًا قمة رأسها ثم قال:

“إدعيلي متنسيش، أوعي تدعي عليا!”
شهقت بقوة ثم قالت:

“يلهوي أنا أدعي عليك؟ دا إنتَ حتة مني، ربنا يعلم بدعيلك قد إيه ربنا يسعدك ويريح قلبك يارب”
رد عليها:
“وأنا عارف، أنا بس بنكشك يلّا سلام علشان متأخرش أكتر من كدا”
قال جملته ثم تركها ورحل أما هي إستمرت في الدعاء له وأن يرزقه الله ما يتمنى.
________________________
في بيت آلـ«رشيد» كانت «زينب» تُحضر الشقة و تقوم بترتيبها حتى تتم المقابلة بين «ياسين» و «خديجة»، دخلت غرفة «خديجة»» وهي تقول لها:

“خديجة، روقتي أوضتك ولا لسه؟”

كانت «خديجة» متوترة بشدة وجميع الأعراض ظاهرة عليها بقوة، تفاجأت والدتها من مظهرها اقتربت منها وهي تُربت على كتفها قائلةً:

“في إيه يا خديجة انتِ عاملة كدا ليه؟”

نظرت خديجة إلى والدتها و أعينها زائغة ثم قالت بتوتر ظهر جليًا:
“م…مفيش حاجة يا ماما.. أنا بس متوترة شوية”
رَبتت والدتها على ظهرها ثم قالت:
“من إيه بس يا خديجة مالك يا حبيبتي عمالة تترعشي ليه كدا وعرقانة جامد؟”

نظرت إليها «خديجة» بأعين أوشكت الأدمع على النزول منها ثم قالت:
“خايفة من بكرة أوي، أنا مش قد المقابلة دي ولا قد اللي هيحصل فيها”
أخذت والدتها نفسًا عميقًا ثم قالت:
“بصي يا خديجة خليكي عارفة إن دا شيء أساسي إنه يحصل دلوقتي أو بعدين، وافتكري كمان إن كل حاجة بيد ربنا سبحانه وتعالى، ليه أفترض الأسوء،مش يمكن يكون دا خير ليكب وأنتِ متعرفيش.”

تنفست «خديجة» بعمقٍ ثم قالت:

“أنا عارفة إن محدش هيرضى بيا كدا، كلهم عاوزين الشكل و اللبس محدش بيهتم بالإنسان اللي جوه وقلبه، أنا عارفة إن فيا حاجة مش طبيعية وبعدين إنتِ نسيتي اللي حصل و اللي إتقالي قدامهم كلهم؟”

ردت عليها والدتها:

“آه نسيته وانتِ كمان إنسيه و ارميه ورا ضهرك يا خديجة، علشان تعرفي تعيشي، راشد دا كان غريب كدا وكلنا عارفين إنه مكانش يستاهلك أصلًا، المهم ها وريني إنتِ وخلود جهزتوا لبس إيه اللي هتلبسيه بكرة؟”

عند ذكر «راشد» الذي كان من المفترض أنه خطيبها شعرت «خديجة» بالخوف يَهزُ أركانها الثابتة ،ولكنها قررت صرف تلك الفكرة عن رأسها فأومأت لوالدتها وقامت بإحضار الملابس التي سوف ترتديها في الغد،
كانت الملابس رقيقة بألوانها الهادئة فكان الفستان من اللون الأخضر الغامق مائل إلى لون الزيتون وحجاب من اللون البيچ وهو أفتح درجات اللون البُني فكانت الألوان مُتناسقة إلى حدٍ كبير شعرت والدتها بالفرحة وظهرت على ملامحها وصوتها ثم قالت:

“إيه الحلاوة دي يا خديجة أخيرًا قررتي تلبسي الفستان دا؟ أنا روحي طلعت علشان أقنعك تلبسيه من زمان.”

نظرت إليها «خديجة» ثم قالت:
“خلود هي اللي جهزته ليا، أنا أصلًا كنت نسيت إنه عندي”

أومأت إليها والدتها ثم قالت

“كدا الشقة خلصت هروح بقى أجيب الحاجة أنا و مروة مرات عمك والحمد لله إن مفيش لمة الجمعة دي كان زماننا متعطلين”

إنهت جملتها ثم إقتربت من «خديجة» وقبلت رأسها بحب ثم أمسكت وجهها بين كفيها وقالت:

“متخافيش والله العظيم هتعدي على خير إحنا معاكي، و أحمد و وليد معاكي مش هيسيبوكي”
أومأت لها «خديجة» فتركتها ورحلت أما إبنتها عادت لتفكيرها مرة أُخرى والأفكار السلبية تلعب بذهنها ولم تستطع التغلب عليها فظهرت الأعراض مرة أخرى ولكنها قررت أن تقوم لتجهز نفسها للصلاة، هي دائمًا تهرب إلى الصلاة كُلما شعرت بالخوف.
__________________________
كان «ياسين» و «عامر» يتناولا الفطار سويًا برفقة «ميمي» بعدما قام «ياسين» بإعطائها الدواء وعمل الجلسة الخاصة بها و كالعادة لم تخلو الجلسة من مزاح «عامر» ومشاكسته لهم فتحدث قائلًا:

“آه يا بن المحظوظة يا ياسر زمان أم خالد بتعمل له وليمة، وأنا قاعد هنا باكل بيض وجبنة”

وفور انتهاء جملته قام «ياسين» بضربه على عنقه من الخلف ثم قال له:

“الواد هيموت من القَر الله يهديك، وبعدين هو إنتَ عاتق دا إنتَ مخلص طبقك وطبق ميمي وشوية كمان هتدخل على طبقي”

ضحكت «ميمي» ثم قالت:

“ألف هنا و شفا على قلبه ملكش دعوة بيه يا ياسين، خليه ياكل براحته، عامر بياكل وميبانش عليه يعني بياكل زي ماهو عاوز”

تعجب «ياسين» فقال:
“دي أخرتها مليش دعوة؟ ماشي يا ميمي إنتِ وعامر خليه ينفعك”
نظر له «عامر» بإستفزاز ثم قال:
“أيوا ملكش دعوة، و آه أنا هنفعها أخرج منها إنتَ”

ضحكوا جميعًا فنظرت «ميمي» إلى «ياسين» فوجدت ملامحه مُتغيرة فقالت:

“مالك يا ياسين في إيه، شكلك مداري حاجة مش مرتاحة لك”

إندهش «ياسين» من حديثها فقال:
“عرفتي منين يا ميمي”
إبتسمت بسخرية ثم قالت:

“هو العمر اللي بينّا دا شوية؟ أنا حفظاكم أنتم الأربعة زي ما حافظة نفسي وأكتر كمان ها مالك بقى؟”

أخذ نفسًا عميقًا ثم قال:
“زُهرة جايبة عروسة جديد رايح أشوفها بكرة”

وفور إنتهاء جملته وجد مياه تُنثر عليهم من فم عامر حيث أنه كان يشرب المياه فبصقها فور سماعه حديث ياسين، تحدث «ياسين» بعصبية قائلًا:

“إنتَ أهبل يا عامر؟ يا أخي ربنا يريحنا كلنا منك، يارب خلصنا منه يارب علشان كدا كتير”

تحدثت «ميمي» قائلة لـعامر:

“كل ما أصفالك تبوظ الدُنيا أكتر، أنا تعبت والله منك ومن عمايلك”

تحدث «عامر» مُعتذرًا وهو يقول:

“أنا أسف يا جماعة واللّٰهِ إتفاجأت بكلام ياسين معرفتش أمسك نفسي من الصدمة”

ثم وجه حديثه لـ«ياسين» قائلًا:
“وإنتَ يا عم ياسين هي الست الوالدة فاكرة العرايس دي جُرعة مُضاد حيوي، لو جه إسبوع من غير عروسة تتعب”

ضحكوا على حديثه فتحدث «ياسين» قائلًا:

“والله العظيم قولت كدا، بس المرة دي أنا قولتلها هتبقى الأخيرة لو ما إرتحتش مفيش عرايس بعد كدا.”

تدخلت «ميمي» قائلةً:
“يعني إيه أفرض محصلش راحة هتعيش كدا زاهد في الدُنيا”

هز كتفيه ثم قال بلامبالاة:
“وفيها إيه يعني مش أحسن ما أختار غلط وأعيش العمر كله أدفع تمن الغلطة دي”

تحدث «عامر» قائلًا:
“مش يمكن يا ياسين إنتَ شخص مُعقد، يعني ممكن تكون إنت اللي رافض بنات الناس وهما مش فيهم عيوب أصلًا”

زفر «ياسين» بقوة ثم تحدث قائلًا:

“إنتَ عبيط يابني هو أنا مش كل مرة أجي أقولك إني مارتحتش للموضوع قلبي بيتقبض والله، أنا مش هتجوز غير لما أحس قلبي مطمن وحاسس إنه في مكانه، ودي مش صعبة يعني”

تحدثت «ميمي» قائلةً:
“ربنا يرزقك باللي نفسك فيه طالما واثق في قلبك يبقى صدقهُ وأمشي وراه، محدش بيمشي ورا قلبه بيخسر، ولا إيه يا عامر؟”

رد «عامر» عليها قائلًا:
“مش هتفرق يا ميمي والله الأتنين عندي أغبى من بعض”

رد عليه «ياسين»:
“دا كدا كدا يا عامر، مفيهاش جدال دي”

أومأ له «عامر» مؤكدًا، ثم تحدث بشرود قائلًا:

“يا ترى يا ياسر إنتَ بتاكل إيه دلوقتي؟”

نظر الجميع إلى بعضهم البعض ثم انفجروا في الضحك وياسين يهز رأسه وكأنه يقول:
“أنه لا فائدة منك يا عامر”.
________________________
أوشك اليوم على الإنتهاء حيث قضى «ياسين» اليوم بأكمله برفقة«ميمي» و «عامر» دخل شقته وجد والدته تجلس في إنتظاره ألقى عليها التحية ثم قال:

“خير إيه اللي مصحيكي كدا؟”

ردت والدته قائلةً:
“بصراحة مستنياك ترجع علشان عاوزة أتكلم معاك”
نظر إليها مُستفسرًا ثم قال:
“وأنا سامعك يا ماما اتفضلي، مع إنّي مُتأكد إنك هتكلميني بخصوص العروسة بتاعة بكرة”

أومأت له بقوة ثم قالت:
“بصراحة أيوا يا ياسين، بص والله المرة دي غير كل مرة بجد، أنا أصلًا اللي شجعني على الموضوع كلام وفاء عنها وعن أخلاقها، عارف وفاء إتمنت إن بنتها تكون زيها تخيل يا ياسين”
أومأ لها «ياسين» ثم قال:

“ربنا يقدم اللي فيه الخير يا رب يا ماما، أنا واثق في كرم ربنا لينا، المهم هدخل أرتاح علشان الشغل بكرة وعلشان أكيد اليوم طويل”

قال حديثه ثم ترك والدته ودخل غرفته، بدل ملابسه ثم ارتمى على فراشه كان ياسين يشعر بداخله بشعور غريب، شعور لم يستطع هو تفسيره، فكان يشوبه بعض الحماس وهذه أول مرة يحدث له هذا الأمر، على الرغم أنه تقدم لخِطبة الكثير من الفتيات إلا إنه لم يتحمس ولو بمقدار ذَرة، نظر إلى السقف ثم قال لنفسه:
“خديجة ! ياترى إيه الدُنيا بكرة يا خديجة؟”
قال جملته ثم أغلق أعينه وذهب في ثباتٍ عميق.
____________________
في بيت آل «رشيد» كانت زينب و مروة و وليد وأحمد وخلود وخديجة أيضًا يجلسون سويًا في شقة «خديجة» فتحدثت «مروة» زوجة عم خديجة قائلةً:

“واللّٰهِ الواحد مش مصدق نفسه من الفرحة، ربنا يعلم فرحتي عاملة إزاي كأني فرحانة لبنتي بالظبط”

تحدثت «زينب» بنبرة يشوبها بعض اللوم قائلةً:

“إخس عليكي يا مروة هي مش بنتك برضه، مش إنتِ مربياها مع وليد؟ دي نامت في حضنك أكتر ما نامت في حضني”
أغرورقت أعين «مروة» بالدموع ثم قالت:

“طبعًا بنتي وروح قلبي أنا معرفش لو ربنا كان رزقني ببنت كنت هحبها زي خديجة كدا ولا لأ”
إقتربت «خديجة» منها ثم قبلتها على وجنتها وهي تقول:

“أنا بحبك أوي يا ماما مروة بجد والله زي ما بحب أمي دي”

ردت عليها «مروة»:
“واللّٰهِ وأنا كمان بحبك أوي، كلنا بنحبك يا خديجة محدش فينا بيكرهك، علشان محدش يعرفك ويكرهك أصلًا”

تدخل «وليد» قائلًا:
“ماخلاص يا جماعة أنا بغير، شيلي إيدك يا خديجة علشان بغير على أمي لو سمحتي”
نظرت له «خديجة» بتحدي ثم قالت:
“مش هشيل إيدي و وريني هتعمل إيه بقى”

قام «وليد» واقترب من والدة خديجة ثم احتضنها وهو يقول:
“بسيطة هحضن زينب إنتِ جيتي في جمل يعني”

تدخل «أحمد» شقيق «خديجة» قائلًا:
“أيوا يعني أنا إبن مين دلوقتي أنا وخلود”

ضحك الجميع على حديثه فتحدثت «خلود»:
“ياعم إنتَ خسران حاجة، اعتبر الاتنين أمهاتنا وخلاص”

تحدثت «مروة» قائلةً:
“بقولكم إيه صح اوعوا مُشيرة وفاطمة يعرفوا حاجة عن الموضوع خليه يتم على خير”

ردت عليها «زينب»:

“أنا قولت لـ طه إننا مش هنعرف حد من العيلة خالص، إلا أنتم علشان دي بنتك”

كانت «خديجة» تشعر بالتوتر لكنها كانت تحاول صرف القلق عن نفسها بمحاولة الإندماج معهم في الحديث.
_________________
في صباح اليوم التالي إستيقظ «ياسين» وذهب إلى عمله بعدما أتفق مع والدته على الموعد والتفاصيل، و هو في مكتب عمله وجد مكالمة جماعية من أصدقائه قام بها «عامر» وفور ما قام بفتح الخط وجد «عامر» يصرخ قائلًا:

“بـاركــوا للعــريس”

أبعد «ياسين» الهاتف قائلًا:
“ربنا ينتقم منك طبلة ودني ضاعت”
رد عليه «عامر» بإستفزاز قائلًا:

“الطبلة دي اللي هنزّفك بيها يا معلم، والله يا ياسين أنا مُتفائل، مش عارف ليه يعني بس مُتفائل”
تدخل «خالد» قائلًا:

“عامر مقدرش يستنى عرفنا إن الحاجة جابت العروسة بتاعة الإسبوع، وبصراحة يا ياسين كانت الليلة كلها نميمة عليك إسأل ياسر حتى”

تدخل «ياسر» قائلًا:

“اللّٰه وأنا مالي أنا؟ أقولك على حاجة يا ياسين إنتَ لازم توافق علشان تجرب حوار العزومة اللي عند حماتك دا، الموضوع طلع جامد، أم خالد كانت عملالي كل الأكل اللي بحبه”

رد عليه «ياسين»:
“إنتَ أهبل يا ياسر؟ ولا القاعدة مع العيال اللي بتكشف عليهم كرفت عليك، عاوزني أوافق علشان أتعزم عند حماتي؟”

تدخل «خالد» قائلًا:

“على ذِكر العزومة بقى يا ياسين أمي زعلانة إنكم مجتوش العزومة إنتَ وعامر”

تدخل«عامر» وهو يقول:

“عامر مين دا اللي مرضاش يجي يا خالد؟”

رد «خالد» عليه:

“هيكون عامر مين يا جحش إنتَ، هو فيه في حياتنا عامر غيرك ربنا يخلصنا منك”

تحدث «عامر» قائلًا:

“إيه دا يا عم ياسين هو خالد كان عازمنا وأنا ماروحتش دا أنتم يومكم مش فايت”

أوشك «ياسين» على الحديث فقاطعه «ياسر» قائلًا:

“المهم يا شباب علشان كل واحد يروح يشوف وراه إيه، ربنا معاك يا ياسين في مقابلة إنهاردة ويكرمك وتطلع بنت حلال، المهم هنتقابل بليل على القهوة، يلا سلام علشان فيه كشف مستعجل في الطواريء”

أغلق «ياسر» المكالمة، فتحدث «خالد» قائلًا:
“خلاص يا شباب اقفلوا أنتم كمان ونتقابل بليل على القهوة”

وافقهُ الجميع في الحديث وأغلقوا الهواتف، عاد ياسين لعمله مرةً أخرى حتى يستطع الوصول قبل الموعد المُحدد.
_____________________
كُلما إقترب الموعد زادت ضربات قلب «خديجة» وتوترها، لم يكن مُجرد خجلًا طبيعيًا، إنما هي أعراض الرُهاب الإجتماعي الذي تُعاني منه، كانت في غرفتها تشعر بالدوار والغثيان معًا، وكلما تذكرت الموعد إرتفعت ضربات قلبها أكثر مصاحبًا معه إرتجاف في اليدين ومعظم أنحاء جسمها، دخل أخيها غرفتها وجدتها على حالتها تلك فعلم أنها على وشك الدخول في نوباتها، إتصل بـ«وليد» ثم قال له:

“إلحق يا وليد خديجة من الخوف شكلها هتدخل في نوبة من النوبات اللي بتجيلها، الأعراض كلها ظاهرة عليها وأنا مش عارف أعمل إيه؟”

رد عليه «وليد»:

“طب متخافش إهدى إنتَ بس ، أنا هطلعلك أهو”

في خلال ثواني كان «وليد» يطرق باب شقة عمه، فتح له أحمد ، كانت والدته وأخته خلود في المطبخ يعملن سويًا،

دخل «وليد» الشقة ثم قال لـ«أحمد»:
“هاتلي كوباية عصير بسرعة يا أحمد”

إندهش «أحمد» من طلبه فتحدث قائلًا:

“بقولك خديجة الأعراض كلها ظاهرة عليها، وأنتَ جاي عاوز عصير ؟”

تحدث «وليد» بعصبية قائلًا:

“أنا مش عاوز غباء يا أحمد، هو أنا جاي أتضايف؟ هات العصير علشان خديجة”

أومأ له «أحمد» ثم ذهب و أحضر كوب العصير، أخذ وليد الكوب من يده ثم أخرج من جيبه أحد الأدوية ثم وضع منها في كوب العصير، نظر له أحمد بإستفسار فتحدث «وليد» قائلًا:

“متخافش دا الدكتورة هناء قايلالي عليه كل ما نحس إن النوبة ممكن تجيلها”

أومأ له أحمد ثم أخذه الغرفة لدى «خديجة»، كانت تقضم أظافرها من التوتر ودرجة الاحمرار في وجنتيها تُشبه لون الدماء نظر أحمد ووليد لبعضهما ، اقترب منها وليد ثم جلس بجوارها وهو يقول:

“إيه يا ست خديجة، في عروسة تبقى عاملة كدا؟ جهزي نفسك يلا الناس قربت تيجي”
نظرت له وهي على مشارف البكاء قائلةً:

“علشان خاطري يا وليد إتصرف، قولهم إني مش هقدر أعمل كدا، مش هقدر أقعد مع حد غريب وأستناه يحكم عليا، صعب عليا أوي أحس إني متراقبة وحد بيقيمني، أنا مش هعرف أتصرف”
ربت«وليد» على يدها ثم قال:
“طب يا ستي إشربي العصير دا بس، وكل حاجة هتبقى تمام”
أومأ برأسها سلبًا ثم قالت:

“مش عاوزة عصير ولا حاجة، أنا عاوزة مخرجش إنهاردة من الأوضة”
أمسك «وليد» رأسها ثم أسقاها العصير عنوةً عنها، كانت تشعر بالتقيؤ ، فاقترب منها أحمد ثم قال وهو يحتضنها:

“أنا ووليد موجودين مش هنسيبك، متخافيش يا خديجة، إحنا عمرنا سبناكي؟”
أومأ برأسها سلبًا داخل أحضانه، ابتسم أحمد ثم قال:

“إبدأي جهزي نفسك يلا علشان الناس قربت تيجي، يلا علشان خاطري، وخليكي عارفة إن محدش هيغصبك على حاجة أبدًا”
بدأت «خديجة» تهدأ شيئًا في شيئًا أخرجها أحمد من أحضانه ثم نظر لوليد، تحدث وليد قائلًا:

“بُصي يا خديجة أنا عارف إنتِ حاسة بإيه، وعارف كمان إن صعب عليكي تقعدي مع حد غريب، بس أنا على قد ما أقدر همنع عنك أي حاجة تسببلك القلق والتوتر ودا وعد مني، وأنا عمري ما خلفت بوعدي”

أومأت له برأسها، فتحدث «وليد» قائلًا:

“طب إحنا هنخرج دلوقتي ونسيبك تجهزي نفسك علشان الناس قربت وعلى وصول، يلا يا أحمد”

خرج أخواتها من الغُرفة، أما هي أخذت نفسًا عميقًا، وشعرت أنها أصبحت في حالة أفضل مما كانت عليه، نظرت للملابس بجانبها ثم قامت وشرعت في إرتدائها.
_______________________________
وصل«ياسين» شقته بعد عمله وجد والديه في إنتظاره، تحدثت والدته قائلة:

“إيه يا ياسين اللي أخرك كدا؟ معقول تخلينا نتأخر على الناس؟”
رد زوجها مُعقبًا:

“ولا هنتأخر ولا حاجة يا زُهرة، دي كلها عشر دقايق بالعربية وأقل كمان، يلا يا ياسين أدخل غير هدومك”

أومأ له «ياسين» قائلًا:
“متخافش والله هي كلها دقايق مش هتأخر، كملوا أنتم لبس وأنا هخلص بسرعة”
تركهم ودخل غرفته لكي يُجهز نفسه، دقائق وخرج ياسين قائلًا:
“يلا يا جماعة أنا خلصت”
نظرت له والدته بحب ثم قالت:
“عقبال بدلة فرحك يارب، زي القمر يا حبيبي”
أوشكت على البكاء فاقترب منها ياسين قائلًا:
“هي أول مرة يا ماما يعني، دا أنتِ المفروض تكوني زهقتي”
رد عليه «والده»:
“أنتَ عارف زُهرة يا ياسين، المهم يلا علشان منتأخرش”
أومأ له ياسين ووالدته، ركب ياسين ووالديه السيارة وقام هو بقيادتها.
في بيت آل رشيد دخلت «مروة» الغرفة لدى خديجة وجدت «زينب» و «خلود» معها فتحدثت قائلة:

“يلا يا جماعة خلصوا، وانتِ يا خديجة ظبطي نفسك كدا”
نظرت إليها «خديجة» ثم تحدثت:
“أنا أهوه خلصت الحمد لله”
تعجبت «مروة» من مظهرها ثم قالت:
“إيه القمر دا، شكلك حلو أوي يا خديجة”
ردت والدتها بسخرية :
“دا أنا روحي طلعت علشان تحط حاجة في وشها مش راضية ، حطت كُحل بالعافية”
ردت عليها«مروة»:
” أحسن شكلها كدا أحلى اصلًا، جمالها هادي وبريء كدا وهو لو عاجبه بنتنا زي ماهي كدا أهلًا وسهلًا”
كانت «زينب» على وشك أن تتحدث ولكن قاطعها صوت جرس باب الشقة توترت خديجة فقالت:
“معقول الناس جت بالسرعة دي؟”
ردت والدتها عليها:
“مش عارفة بس أكيد لأ يعني، هروح أشوف مين”
قامت بفتح باب الشقة وجدت «وفاء» جارتها تقول لها:
“الناس نزلوا، كلها ربع ساعة و يكونوا هنا جهزتوا نفسكم؟”
أومأت لها «زينب»ثم قالت:
“إحنا كلنا جهزنا تعالي شوفي خديجة كدا، طه أصلًا مستني تحت مع أبو منة”
دخلت «وفاء» الغرفة لدى «خديجة» ورأت خديجة وأعجبت أنها لم تغير شيئًا في شكلها فقالت:
“زي القمر يا خديجة، أحلى حاجة إنك زي مانتِ”
تحدثت والدتها قائلة:
“أنتِ هتعملي زي مروة يا وفاء؟ في عروسة في الدُنيا متحطش حاجة في وشها”
ردت «خديجة»:
“أيوا أنا مبحبش المكياج، الإنسان مش بشكله، وبعدين ربنا مخلقش ملامحي دي علشان أعدل عليها، حتى لو هي مش عجباني”

نظرت لها «وفاء» بفخر ثم قالت:
“هو دا عين العقل يا خديجة، صحيح أنا معرفتش منة بنتي حاجة علشان متقولش لهدير وعبلة وأكيد مُشيرة هتعرف هي كمان”
تحدثت«مروة» قائلةً:
“أحسن برضوا خير وبركة، بس هي بنتك فين”
أطاحت لها برأسها ثم قالت:
“خرجت مع الست عبلة وهدير وبصراحة مجادلتش معاها علشان متقعدش هنا وتقرفني وتفضل تستفسر”
أثناء حديثهم صدح صوت هاتفها برقم «زُهرة» فقالت «وفاء» :
“زُهرة بترن أهيه شكلهم وصلوا”
ردت عليها ثم أغلقت الهاتف وقالت:
“خمس دقايق ويكونوا هنا يلا نجهز الحاجة برا”
________________________
كانت «مُشيرة» و«فاطمة» والدة «هدير» يجلسن سويًا في الشُرفة وفجأة نظرت فاطمة إلى الأسفل وقالت بتعجب:
“إيه العربية اللي بتقف تحت البيت دي يا مشيرة؟”
ردت عليها «مشيرة» بلامبالاة قائلةً:
“تلاقيها جاية لحد من الجيران يا فاطمة هو إحنا عايشين لوحدنا يعني ؟”
ردت«فاطمة» قائلةً:
“الحقي دا طه وسالم جوز وفاء بيسلموا عليهم، وبعدين معاهم ورد و حلويات شكله كدا عريس”
نظرت «مشيرة» أمامها بشرود ثم قالت:
“عريس ! ودا جاي لمين دا ؟ وإيه علاقة طه بسالم”

رحب «طه» بوالد «ياسين» ووالدته ثم أخذهم وصعدوا في المصعد سويًا، وصلوا الشقة ورحب الجميع بهم وتم التعارف بين «ياسين» ووليد وأحمد، خرجت «زينب» وهي مُمسكة بيد خديجة، بسبب إرتجافت يدها وتوترها ولكن ماجعل الأمور أفضل هو ذلك الدواء الذي أعطاه «وليد » لها، خرجت خديجة وألقت التحية عليهم وسلمت عليهم نظر لها «ياسين» واندهش حينما رآها، شعر بشعور غريب يجتاحه ،شعور يشبه الراحة، تحدثت والدة«خديجة» قائلة:
“طب يا جماعة يلا نسيب العرسان مع بعض، وإحنا نتفضل في أوضة الصالون”

خرج الجميع من الغرفة وتركوا خديجة وياسين يجلسان سويًا، كانت خديجة مُطرقة برأسها للأسفل وتفرك في يديها بقوة ولم تستطع التواصل البصري معه، كان «ياسين» ينظر لها بقوة وشيء قوي يتحرك بداخله جعله يريد سماع صوتها فتحدث قائلًا:

“أنا ياسين رياض الشيخ، مهندس معماري، عندي ٢٨ سنة وحيد أهلى معنديش أخوات، وحضرتك يا آنسة خديجة؟”

تحدثت بصوت منخفض و هي مازالت على وضعها لم ترفع عينيها وتنظر إليه فقالت:
“أنا..إيه؟”

رد عليها مُردفًا:
“عرفيني على نفسك.”

لم تستطع التحدث فصمتت، لاحظ ياسين صمتها فتحدث قائلًا:

“طب حضرتك ليكي أي طلبات أو في حاجة مُحددة عاوزاها في الشخص اللي هتربطي بيه ، يعني اتكلمي أنا سامعك وبناءً على مقابلة إنهاردة في حاجات كتير هتترتب عليها وأتمنى تتكلمي براحتك ”
كان حديثه يوجد به شيئًا من الاطمئنان فأخذت نفسًا عميقًا ثم قالت:
“الأمان وطيبة القلب”
نظر ليها مُستفسرًا، فأردفت قائلةً:
“مش عاوزة منه غير الأمان وطيبة القلب”

#يُتبع
#رواية_تَعَافَيِّتُ_بِكَ
#الفصل_السابع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى