الفصل العاشر
هل من فرصة ؟؟؟؟
ربما الاجساد تتفرق ويذهب كل منها إلي اتجاه ولكن الروح لا تعرف الفراق ولا المسافات لغة الروح لغة لا يجيدها إلا من عشق الروح .
محمود ونور لم يكن مجرد شخصان عشق كل منهما الأخر ما لم يدركا إلا بعد فوات الأوان أنهما روحاً عشقت الأخري وإرتبطت بها ارتباطا وثيقاً لا يفرقه حتي الموت حتي وإن لم يلتقيا مجدداً في هذه الحياة سيبقي لهما مكان دائماً في حياة أخري أو في نصف حياة ….حياة الأحلام .
نور-مانشتر
قبل 5 سنوات بداخل أحد المستشفيات في مانشستر .
ترقد نور في حالة ولادة مستعجلة وفي مرحلة ما بين الاستيقاظ والنوم وكأنها انتقلت الي عالم أخر بفعل التخدير رأت طيف محمود حبيبها الذي لم يفارقها أبدا رأته يقترب منها يحتضن روحها يطيب قلبها في غمره الألم لم يكن ألم نور فقط ألم الولادة ولكن ألم الوحدة الخوف الشوق الحيرة ألم الفراق الذي لم يندمل جرحه أبدا .
شعرت بيديه ممسكة يديها ونظره عيونه الممتلئة بالحب لها ..
لتكون أول كلماتها الداخلية بعد بداية فوقتها من التخدير كم إشتاقت الي نظراته وضحكاته ولكن الكبرياء الظالم ما نهى كل شئ لم يعد هناك مجال للتراجع في تللك اللحظة تدخل الممرضة حاملة المولود الصغير بين يديها لتعطيه لامه نور
وفي لحظة تلاحمها الحسي لأول دقيقة مع ولديها خرج من علي لسانها اسمه محمود لتنظر والدتها لها بذهول محدثة اياه :
نور… هتسمي أبنك محمود
نور بابتسامه منتزعة من بحر الألم : أه هسمي محمود إبني وسندي العمر كله .
ما رأته في نور في الطفل لم تجرؤ حتي علي البوح به حتي لنفسها ما رأته نسخة مصغرة من محمود حبيبها الذي كان ووسيظل إلي ما لا نهاية .
نورومحمود -2017 ( المستشفي )
يستيقظ الطفل الصغير محمود من نومه ينادي علي أمه
ماما .. نور
تجري نور مسرعة إلي سرير إبنها
حبيبي يا محمود أنت صحيت .
يبتسم محمود الكبير داخليا كم إشتاق الي سماع كلمة حبيبي يا محمود من صوت نور تلك الكلمة التي كانت تبعث داخل روحه الحياة …
الطفل مداعبا وجهها بكيفه الصغيره…. ماما أنا جعان اوي ممكن تجبلي أكل .
محمود ممكن تفضل مع إبني شويه بعد إذنك هنزل أجبله أكل من كافتيريا المستشفي .
محمود متجهاً الي باب الغرفة … خليكي مرتاحة يا نور أروح أجبله أنا خليكي مع ابنك .
تسبقه نور الي الباب … لا أنا هروح أنا عارفة هو بيحب إيه … مش هتأخر دقايق بس خليك معاه .
إتكلم معاه عربي أنا حكتلك الحاجه الوحيدة اللي إتمسكت بيها إن ابني يتكلم عربي وعلمته .
محمود مبتسما فلأول مره يري نور الأم دائما ما يراه في صوره ابنته وحبيته حتي بعد فراق سنوات مضت …. ماشي يا نور خدي بالك علي نفسك .
تخرج نور من الغرفة… ويقوم محمود بسحب الكرسي ليجلس بجوار سرير الطفل .
ازيك يا بطل حمدلله علي السلامة إنت عارف إن إسمي زي إسمك اسمي زيك محمود .
ويتمم داخلياً محدثاً نفسه في أسي وكان المفروض تكون إبني أنا من نور
بس هي الكبرياء الظالم والعند خلوا كل واحد فينا يمشي في طريق ملوش رجوع .
يفيق محمود من شروده علي سؤال الطفل
هوإنت بتعرف ماما نور ؟ يعني ممكن تبقي صاحبي أنا معنديش أصحاب هنا .
محتضنًأً له أنا موافق نبقي اصحاب يا استاذ محمود يا صغير .
يضحك الطفل كدا احنا إسمنا زي بعض وبقينا أصحاب وماما نور كمان صاحبتي .
محمود ولازال الصغير يسكن أحضانه .. طيب قولي بقي بتحب تلعب بإيه ؟
بحب العربيات والطيارات أوي هو أنا اناديك عليك أقولك إيه يا أنكل زي ما ماما نور قالتلي أقول لأي حد أكبر مني .
قولي يا محمود من غير أنكل مش أحنا أصحاب حد يقول لصاحبه يا أنكل .
وكأن الزمن توقف عند تلك اللحظة فما شعر به الطفل الصغير من صدق المشاعر
لمحمود شعر كأنها مشاعر أب لم يشعر بها منذ ميلاده فهو لم يره ابوه منذ مولده الا بصوره سيئة شخص همجي سكير يحاول إسترداد أسيرته لا يعرف عنه إلا أسمه فقط .
وشعر محمود بمشاعر أب لم يتذوقها في حياته حتي مع إبنة شقيقته .
ظل محمود محتضاً الطفل لدقائق دون أن يتحرك أحد منهما أو ينطق فالعناق هي أصدق لغه للتعبير عن المشاعر العناق لا يكذب ما شعر به كل منهما كان حقيقة لدرجة لا تصفها كلمات .
دخلت نور وفي يديها وجبة طعام للطفل لتجد إبنها ساكناً في حضن محمود
إقتربت منهما بهدوء وربتت علي كتف محمود
محمود …
لينتبه كل من محمود والطفل لنداءها وكأنهما كانا في عالم أخر ملئ بالحنان معاً .
نور بإبتسامة .. روحتوا فين
محمود بعيون دامعة تحمل كل مشاعر الابوة المحروم منها
مش أنا إتفقت أنا ومحمود أننا نبقي أصحاب .
نور بإبتسامة : طيب الحمدلله .. يلا بقي يا دودو علشان تأكل .
وتصمت للحظات ثم تعاود حديثها مهوا لازم انادي بأسم الدلع و دي أول مرة يبقي في اتنين محمود مش واحد طول عمري بنادي علي واحد بس .. تعبتك معايا يا محمود .
-لا يا نور مافيش تعب ولا حاجه دا زي ..
يقطع حديثه جرس هاتفه المحمول ليجد أن المتصل سارة أخته .
محمود حبيبي أنت فين الساعه 8 ونص أحنا بدأنا عيد الميلاد ونور مموته نفسها من العياط عماله تقول فين خالو محمود وانا قلقت عليك يا حبيبي .
محمود بنظره دهشة… بتقولي الساعه كام 8 ونص معقول الوقت عدي بسرعة.
-وقت إيه يا حبيبي إنت نازل بقالك 5 ساعات هو إنت عند نور ؟؟؟؟؟؟
محمود من وسط إبتسامته .. أه يا ساره أنا لسه عند نور .
ضاحكة بإحساسها بنبرة صوت أخيها التي تحمل كل معاني السعاده التي افتقدها منذ سنوات عده … طيب مش تقول يا عم .. طيب طمني عليها وعلي إبنها .
– الحمدلله كويس فاق …. أنا شويه وجاي يا ساره قولي لنور خالو جاي علي طول .
ويغلق المكالمة
نور مبتسمة بخجل … أنا عطلتك معلش روح اكيد سارة مستنياك وسلملي عليها .
محمود هامسا بكلمات تخرج من أعماق قلبه … لا يا نور النهارده إنتي أحلي حاجة حصلت ..
بإبتسامة خجل وحنين ترتسم علي شفتيها وكأنها غريق في طريقه للعودة الي الحياة … شكرا أنا مبسوطه إني شوفتك بعد كل العمر اللي عدي .
وبنبرة متنهدة تخرج من بين ثنيايا روحه … هشوفك تاني يا نور .
ولازلت علي وجهها نفس إبتسامة الحنين المنجرف الي الماضي … سبها للأيام هي هترسمها .
مقتربا منها مقاومة رغبته في احتضنها ..لا مش هسبها للأيام أنا هرجع اخدك تاني ممكن رقم موبيلك أنا هروح بسرعة عيد ميلاد نور الصغيرة وهرجع اخدك أروحك إنتي وابنك .
-متتعبش نفسك البيت جمنا هنا أنا هاخد محمود واروح الدكتور بس يجي يطمني عليه وهمشي .
معلنا رفضه في أن يتركها تذهب وحيدة … اديني بس ساعة ووأرجعلك .
نور شاردة محدثة نفسها
يا تري ممكن ترجع تاني … ممكن نرجع بالزمن لورا يوم فراقنا .. ممكن فرصة جديدة؟؟؟ ولا زي ما كنا صغيرين هنضيع كل حاجة .
يقطع محمود شرودها
نور … روحتي فين
-معاك سرحت
مطمئنا نور بنبره صوته الهادئة أنا ساعة واحدة هرجعلك أروحك عاوز أطمن عليكي يا نور .
-وبنبرتها العذبة وكأنه وعد جديد للقاء وفرصة تخرج متخفية من احضان القدر بكلمة تحمل المعني الذي انتظره .. تمام هستناك .
– طيب ممكن رقم موبيلك بقي أكيد أنا مش هستني صدفة تاني .
مغمضا عينيه للحظة وكأن عقله يعود الي هذة النقطة من البداية منذ سنوات مضت يوم أن ألقي في عيونها مكنون حبه ونسي بعد ذلك أن يأخذ رقم هاتفها وللغرابة اللحظة فلقد تذكرت نور في نفس اللحظة تلك اللحظات الدافئة الماضيه لتقطع شرودهما
: طيب هات موبيلك اكتبلك الرقم ولا هتعمل زي زمان وتمشي من غير ما تأخده
بعينه الخضراء ببريقها ينظر اليها متفاجئا انها قد طرق علي عقلها نفس الذكري في اللحظة ذاتها التي إقتحمت عقله مرردا بصوت يكاد يكون مسموع :
إنت لسه فاكره يا نور
ممسكة هاتفه الخلوي وتقوم بالإتصال علي رقمها محاولة التهرب من سؤاله الذي يعلم كل منهما أنه سيفتح كل أبواب الماضي دفعة واحدة .
كدا معاك رقمي
وبكلمات تخرج علي لسانها وكأنها نداء له بفرصة جديدة من القدر .
هستناك ترجعلي يا محمود .
محمود بابتسامة : اكيد هرجع يا نور .
و للكلام باطن يتنكر في كلام يخرج من القلوب .
وعندما رحلت قطرات الماء عن وطنها ثم عادت صادفت صدفة وصارت داخلها درة من الدرر
جلال الدين الرومي