“الفصل التاسع”
“رواية تَعَافَيْتُ بِكَ”
___________________
يقول أحد الأطباء النفسيين:
”في مستشفى الطب النفسي لا يأتينا المرضى، بل ضحاياهم”
___________________
خرج «وليد» و «أحمد» من عيادة الطبيبة النفسية التي يتابعا معها حالة«خديجة»، ركبا السيارة سويًا،وكان أول من تحدث هو «أحمد» حينما قال:
“وبعدين يا وليد؟ الحكاية كل شوية تتعقد أكتر، كل مانقول خلاص هتعدي نكتشف كارثة أكبر”
زفر «وليد» بقوة ثم قال:
“مش عارف يا أحمد أنا عمري ماكنت أتخيل إن ممكن تكون واصلة لمرحلة إضطراب نفسي، يعني كنت بقول خجل طبيعي والمهدئات هتظبط الدنيا، لكن طلعت المشكلة كبيرة والحلول الوسط مش هتنفع، لازم حلول جذرية”
نظر له «أحمد» مُتفحصًا ثم قال:
“قصدك إيه بحلول جذرية مش فاهم”
نظر له «وليد» بعمقٍ ثم أردف قائلًا:
“يعني يا أحمد خديجة لازم تتعالج نفسيًا، لازم نجبها للدكتورة هناء، الدوا لوحده مش هينفع ولا هي هتبقى سليمة
في يوم وليلة يا أحمد”
زفر «أحمد» بضيق قائلًا:
“طب ودي هنعملها إزاي، بابا مش هيوافق، هو أصلًا مش مقتنع إنها عندها مشكلة،فاكرها بتتدلع ميعرفش هي بتعاني إزاي.”
رد عليه «وليد» مُعقبًا:
“عمي مش عاوز يعترف علشان ميحسش بالذنب من اللي كان بيعمله فيها، مفيش طفل في الدنيا دي كلها ينفع يتعمل فيه زي ما كان بيتعمل خديجة، طول عمرها بتخاف بس من نبرة صوته”
رد عليه «أحمد» بعدما تلبسه الضيق حينما تذكر ما عانته أخته قائلًا:
“كله من عمتك مُشيرة ومرات عمك فاطمة”
أخذ«وليد» نفسًا ثم قال:
“ربنا يهديهم يا أحمد مش دا موضوعنا، موضوعنا دلوقتي إزاي نخلي خديجة تيجي تتعالج؟”
هز «أحمد» كتفيه كإشارةً منه على جهله بالأمر ثم قال:
“مش عارف يا وليد، المهم دلوقتي خلينا نسرع علشان ياسين جاي البيت إنهاردة والمفروض إنه هيقعد مع خديجة”
نظر«وليد» أمامه بشرودٍ ثم قال:
“يــاســيــن”.
______________________
كانت «خديجة» ترتدي ثيابها وكانت الملابس تُشبه ملابس المقابلة السابقة في نمطها، جلست على المقعد أمام المرآة وهي تتذكر ملامحه وحديثه وتلك النبرة التي حدثها بها وذلك الوعد الذي قطعه بتوفير الأمان لها، رُسمت بسمة بسيطة على وجهها تدريجيًا ولكنها محتها فورًا وهي تنهر نفسها حتى أنها تذكرت حديثها له فقالت لنفسها:
“غبية يا خديجة غبية ومتسرعة في حد يقول كدا في أول مقابلة؟”
ثم جلست تهز قدميها بإنفعالٍ وهي تتذكر قُرب الموعد، ولكن ما أتى في ذهنها هو شكلها من وجهة نظره، فكانت تُشعر أنها مُراقبة من خلاله وكل ما تريد الوصول له بماذا حُكم عليها، هل تقبلها، أم أنه رفضها ورفض مشاركتها في حياته كما حدث لها من قِبل ذلك المدعو «راشد» وعند تذكرها له شعرت بسرعة ضربات قلبها تزداد، كأنها في إحدى المسابقات الرياضية، قامت ترتدي ثيابها لُتلهي نفسها عن التفكير في الأمر.
كانت والدتها في الخارج تعمل على ترتيب المنزل كما المرة السابقة.
في الأسفل أمام المِصعد كان «ياسين» يقف في إنتظاره خرجت«هدير» من المِصعد وتقابلا سويًا نظرت له مُتحصةٌ ثم قالت:
“نعم، حضرتك جاي لمين هنا؟”
حمحم بإحراج ثم أردف قائلًا:
“أنا جاي لـ شقة الأستاذ طه والد الآنسة خديجة”
ردت عليه بتعالٍ قائلة:
“أيوا خير يعني في حاجة مُهمة؟”
رد عليها بإندهاش من طريقة حديثها قائلًا:
“معلش أنا أسف لحضرتك، بس حضرتك بتسألي ليه؟”
ردت عليه بنفس طريقتها السابقة قائلةً:
“لا أبدًا بسأل علشان أنا بنت أخوه بس، أصل زي ما أنتَ شايف كدا إحنا بيت عيلة”
شعر بالإحراج فأردف قائلًا:
“أنا مُتأسف جدًا، أنا معرفش والله، على العموم أنا جاي بخصوص الأنسة خديجة”
نظرت له بتفحص ثم قالت:
“طب إتفضل معلش عطلتك” قالت جملتها ثم ركضت من أمامه صاعدة مرة أخرى للأعلى ولكن على قدميها بدون المِصعد،
نظر في أثرها بإندهاش ثم عقب قائلًا:
“مجنونة دي ولا إيه؟”
دخل المِصعد وضغط على زر الطابق الخاص بشقة «خديجة» كان والدها في إنتظاره، قابله مُرحبًا به وهو يقول:
“أهلًا وسهلًا يا حبيبي، إتفضل”
جلس معه وهما يتحدثا سويًا بعدما قدمت له «زينب» مشروب الترحاب به، فتحدث «طــه» قائلًا:
“والدك ووالدتك عاملين إيه يا بني”
إبتسم «ياسين» ثم قال:
“الحمد لله بخير يا عمي،بيسلموا على حضرتك، أنا متأسف إني جيت من غيرهم”
رد عليه «طــه» ليرفع عنه الحرج قائلًا:
“لأ أبدًا يا حبيبي متقولش كدا البيت بيتك طبعًا، ثواني وخديجة هتيجي”
أومأ له موافقًا ثم قال:
“ربنا يبارك في حضرتك يا رب يا عمي”
_____________________
في الداخل كانت «زينب» تُقنع «خديجة» بالخروج لمُقابلة «ياسين» فتحدثت بضيقٍ قائلةٍ:
“يا بنتي مينفعش كدا الولد جه برا، يعني إيه مش عاوزة تطلعي؟”
ردت عليها«خديجة» بتوتر قائلةً:
“مش عارفة يا ماما مش قادرة أخرج أقابله المرة دي حاسة إني مرعوبة والله، مش عارفة المرة اللي فاتت مكانتش كدا”
ربتت والدتها على كفها ثم قالت:
“طب المرة دي المفروض تُخرجي علشان أنتِ شوفتيه المرة اللي فاتت وكمان هو لوحده مش معاه أهله”
ردت عليها وهي متوترة:
“مش عارفة يا ماما حاسة إن المرة دي أصعب والله”
أخذتها والدتها من يدها ثم قالت:
“يلّا بس يا خديجة متخليش حاجة تخوفك”
___________________
في الأسفل أوقف «وليد» السيارة أمام البيت فتحدث «أحمد» قائلًا:
“هو أنتَ ليه مخلتنيش أحط مهديء لخديجة إنهاردة، حتى من قبل ما نروح للدكتورة؟”
رد عليه «وليد» قائلًا:
“علشان عاوز أعرف رد فعل خديجة الطبيعي يا أحمد، مش عاوز كل مرة يكون الدوا هو السبب، وغير كدا في سبب تاني في دماغي بصراحة بس لما أتأكد من اللي بفكر فيه الأول”
نظر له «أحمد» مُستفسرًا ثم قال:
“يعني إيه بالظبط، بتفكر في إيه يا وليد؟”
نظر له «وليد» و هو شاردٌ ثم قال:
“حاجة لو أتأكدت منها إحتمال تريحنا وتساعد خديجة كمان”
في شقة «خديجة» أتت وجلست برفقة والدها و «ياسين» بعدما ألقت عليه التحية دون أن تمد يدها للسلام كما المرة السابقة، كان «ياسين» ينظر لها بقوة، وذلك الشعور السابق الذي شعر به عند رؤيتها المرة السابقة مُصاحبًا له، إبتسم تلقائيًا، وهو ينظر لها ولكنها كانت أكثر توترًا من ذي قبل، تحدث «طـه» قائلًا:
“أسيبكم بقى تتكلموا براحتكم وأنا هقعد في الصالون هنا”
قال جملته ثم ابتعد عنهما وجلس في غرفة الصالون، لكنه
جلس على كرسي مُقابل لهما لكي يراهما سويًا، كانت خديجة تفرك كفيها ووجهها يتصبب عرقًا كانت مُختلفة عن المرة السابقة كثيرًا، نظر لها «ياسين» وجدها كأنها خائفة من شيء فتحدث قائلًا:
“عاملة إيه يا آنسة خديجة؟ أتمنى تكوني بخير يارب”
أومأت له برأسها ثم تحدثت بصوت منخفض قائلة:
“أنا بخير الحمد لله”
إبتسم لها ثم قال:
“يا رب دايمًا بخير إن شاء الله، أنا كنت جاي إنهاردة علشان نكمل كلام المرة اللي فاتت، أنا الحقيقة من غير لف ودوران أعجبت بتفكير حضرتك، يعني مش شخص سطحي كل همه المظاهر”
تحدثت وهي على نفس وضعها قائلة:
“أنا فعلًا مش بهتم بالمظاهر أهم حاجة في الإنسان جوهره وقلبه”
تنهد بإرتياح ثم قال:
“ربنا يطمن قلبك يارب، الفكرة كمان يا آنسة خديجة إن الشكل مش هيعمر بيت، يعني مش هيربي أولاد تربية سليمة ولا هيملى البيت ونس، لو القلب والجوهر مش سليم يبقى الشكل أنا مُتأسف ملوش لازمة”
أومأت له برأسها ثم قالت:
“مع حضرتك حق يا أستاذ ياسين”
وأثناء حديثهما طُرق باب الشقة بواسطة «وليد» و«أحمد» فتحت لهم «زينب» ثم قالت بصوت منخفض:
“إيه إنتَ وهو كل دا تأخير ؟ مش قولتلكم تكونوا هنا علشان العريس جاي؟”
تحدث«وليد» بصوت منخفض قائلًا:
“إيه دا هو جه؟ أنا قولت هيتأخر”
أشارت لهم «زينب» بالدخول ولم تتحدث، دخلا سويًا الغُرفة لدى «ياسين» و «خديجة» ألقيا التحية عليهما وتحدث «وليد» قائلًا:
“إحنا مُتأسفين جدًا يا أستاذ ياسين كنا في مشوار ضروري”
رد عليه «ياسين» مُعقبًا:
“لأ متقولش كدا إحنا أخوات، وياريت بلاش أستاذ يعني أنا ياسين بس من غير أستاذ”
رد عليه «وليد»:
“ربنا يكرم أصلك والله، دا شرف ليا أصلًا”
عند حضور «وليد» و«أحمد» شعرت خديجة بالسكينة كما أنها تمنت أن يبقيا معهما في تلك الجلسة كان«أحمد» ينظر إلى «وليد» وكأنه يقول له أن يتركهما بمفردهما لكنه تجاهله وكأنه لا يراه.
___________________
في الأسفل في شقة «مُشيرة» كانت«هدير» جالسة معها تَقُصُ عليها ما حدث مع «ياسين»، فتحدثت«مُشيرة» قائلة:
“أنتِ متأكدة يا هدير إن هو قالك شقة طـه؟”
ردت عليها «هدير» قائلة:
“أيوا والله يا عمتو دا حتى قالي جاي بخصوص الأنسة خديجة”
نظرت «مُشيرة» أمامها بشرود ثم قالت:
“والله يا عال يا ست زينب، أنا حياتي تبوظ وتخرب بسببها وهي تعيش حياتها وتفرح ببنتها، أنا اتحرم من بنتي وأعيش لوحدي وهي تكمل حياتها”
نظرت إليها «هدير» مُستفسرة ثم قالت:
“معلش يا عمتو هو أنتِ إيه مشكلتك مع طنط زينب وخديجة؟”
ردت عليها قائلة:
“أنا معنديش مُشكلة مع خديجة، أنا مشكلتي مع زينب وإن زينب كانت سبب في بعد بنتي وجوزي عني ، حظ خديجة إنها بنت زينب”
ردت عليها «هدير»:
“بس كلهم يا عمتو قالو إنها ملهاش ذنب فعلًا”
ردت عليها «مشيرة» بإنفعال:
“هما كلهم بيكذبوا علشان بيتها ميتخربش زي ما بيتي اتخرب بس هما لو عملوا إيه مش هصدقهم، هي السبب إن أعيش لوحدي طول حياتي وهي السبب في بعدهم عني”
نظرت لها«هدير» بقوة ثم شردت أمامها وهي تفكر في الأمر، أما«مُشيرة» فرجعت بذاكرتها إلى الخلف وكأن ماحدث كان في الأمس.
في شقة «خديجة» كان الشباب يجلسون سويًا فتحدث «وليد» قائلًا:
“معلش يا ياسين أنا عاوز رقمك دا لو مش هيضايقك طبعًا”
رد عليه «ياسين» قائلًا:
“آه طبعًا تحت أمرك”
قال جملته ثم أعطاهم الرقم وكلًا منهم دون رقم الأخر كل هذا وخديجة لم تُشارك في الحديث بشيء، نظر إليها «ياسين» وجدها مُطرقة برأسها لأسفل ولم ترفع عينيها من الأرض، نظر له «وليد» ثم نظر لـ«خديجة» ففهم ما يدور بذهن «ياسين» فتحدث قائلًا:
“كدا بقى معايا رقمك يا ياسين هكلمك علطول لحد ما تزهق مني”
رد عليه «ياسين»:
” لأ طبعًا متقولش كدا، إحنا اخوات وأنا فرحان إن ربنا جمعنا مع بعض وخلاني أتعرف عليكم، المهم أنا هضطر أستأذن علشان ورايا مشوار ضروري وإن شاء الله نتقابل تاني”
عند نطقه لجملته الأخيرة نظر إليها وكأنه يقول لها:
“لنا لقاء أخر”
كانت نبرته بها شيء من التصميم على ذلك فتحدث «وليد» قائلًا:
“إن شاء الله نتقابل تاني يا ياسين”
رد عليه مؤكدًا:
“وأنا واثق من كدا يا وليد”
ألقى عليهم تحية الوداع وعند النزول تحدث «طه» قائلًا:
“نورتنا يا ياسين”
تحدث «ياسين» قائلًا:
“دا نور حضرتك يا عمي، أنا فرحان جدًا بمعرفة حضرتك، وإن شاء الله المرة الجاية يكون أهلي معايا ونتفق على تفاصيل أكتر”
رد عليه «طه»:
“تنورونا يابني، يلا يا أحمد وصل ياسين تحت يلا”
رد عليه «ياسين»:
“ملهوش لزوم يا عمي أنا خلاص عرفت الطريق”
تدخل «أحمد» قائلًا:
“يا عم أنا عاوز أنزل خدني معاك يلا” قال جملته ثم سحبه من ذراعه إلى المِصعد.
في الداخل كان «وليد» جالسًا معها فتحدث قائلًا:
“ها يا خديجة عملتي إيه المرة دي؟ كنتي خايفة برضه”
ردت عليه بعدما أخذت نفسًا عميقًا:
“أكيد طبعًا كنت خايفة، كنت حاسة إني مرعوبة والمرة دي كانت أكتر وضربات قلبي كانت عمالة تزيد أوي”
رد عليه قائلًا:
“دا شيء طبيعي معلش، المهم هو كشخص أنتِ حاسة إنك مرتاحة ليه؟ يعني هو باين عليه محترم أنتِ شايفة إيه”
رد عليه قائلة:
“مش عارفة يا وليد في جزء بسيط مني عاوزني أصدقه، بس أنا خايفة كل ما أفتكر حاجة من اللي حصلت زمان بخاف وبحس إن عاوزة أقوله إني مش هقدر أدخل علاقة وأرتبط بحد وكنت هقولهاله إنهاردة”
رد عليه بسرعة كبيرة قائلًا:
“لأ يا خديجة متعمليش كدا خليكي بس واثقة فيا، وكمان عمي طه شكله فرحان بيه يعني لو اتسرعتي ممكن يبهدل الدُنيا”
أومأت له برأسها وهي تفكر في ردة فعله حينما يعرف باضطراباتها النفسية التي تُعاني منها وهي تظن أن لا أحد يعرف غيرها بما تُعانيه.
_________________________
في الأسفل ركب سيارته وقام بتحريك المقود، شرع في القيادة ولكنه شرد فيها، وفي شكلها تلك المرة، كان يبدو عليها القلق أكثر من المرة السابقة وكانت أكثر توتر، كل ما أتى بذهنه هل من الممكن أن تكون مجبورة على تلك المقابلة، وهل من الممكن أن يتم إجبارها على إكمال تلك العلاقة، أثناء شروده صدح صوت هاتفه برقم «عامر» قام «ياسين» بفتح الخط فتحدث «عامر» قائلًا:
“بقولك إيه يا عريس روح اسبقني عند ميمي هتلاقي ياسر وخالد هناك عشان نظبط الهدية سوا عشان عيد ميلاد سارة”
رد عليه «ياسين» بسخرية قائلًا:
“عريس؟ يسمع منك ربنا يا حبيبي، حاضر هسبقك على هناك”
لاحظ «عامر» أن صوته به شيئًا ما فتحدث قائلًا:
“مالك يا ياسين شكلك مخنوق في حاجة حصلت ولا إيه”
تنهد «ياسين» بإرتياح قائلًا:
“لأ مفيش متشغلش بالك،المهم أنا خلاص هسبقك على هناك”
أغلق معه الهاتف ثم عاد لشروده مرةً أُخرى
________________________
كانت في غرفتها تتذكره ولكنها مرة واحدة أمسكت رأسها لكي تُهديء من صراعها وهي تقول:
“يارب أنا تعبت من الدوشة اللي في دماغي دي،يارب أنا تعبت”.
ثم جلست على فراشها وهي تدون ما تشعر به كعادتها ، في شقة «وليد» كان جالسًا وهو يفكر في طريقة لكي يُعرف ياسين من خلالها باضطرابات خديجة ، ولكنه توصل إلى طريقة ما فوقف وهو يقول :
“هي مش هتيجي غير كدا لازم يعرف أنا لازم أقابله عجبه عجبه معجبوش، يبقى يسيبها أحسن”
وصل «ياسين» عند «ميمي» وجد أصدقائه في إنتظاره عدا «عامر» ووجد أيضًا «يونس» بن «خالد» يجلس على قدم «ميمي» وهي تداعبه والطفل يبتسم لها،ألقى عليهم التحية ثم تحدث قائلًا:
“هو فين البيه مجمعنا ليه؟”
رد عليه «خالد» قائلًا:
“مش عارف مجمعنا زي ما يكون عندنا بحث في المُفاعل النووي ويارب متطلعش حاجة تافهة زيه”
نظر «ياسين» للصغير ثم قال:
“غريبة جبته معاك يعني مش عادتك”
أجابه «خالد»:
“معرفتش انزل من عياطه جبته معايا، قولت بالمرة ميمي تشوفه علشان وحشها”
ردت عليه «ميمي»:
“يا زين ما فعلت بصراحة كان واحشني الوحش دا”
رد عليها «ياسر»:
“خليه معاكي يا ميمي يمكن خالد يعرف ينام بليل وميروحش الشغل متأخر زي كل مرة”
ردت عليها قائلة:
“يا سلام دا عز الطلب بس هو يعملها ويسيبه ليا”
رد عليها«خالد» قائلًا:
“خليه أنا اصلًا جبت أخري منه، أنا خلاص بفكر أخلي عامر هو اللي يربهولي”
رد عليه«ياسين» قائلًا:
“لأ يا حبيبي قصدك عامر يفسدهولي مش يربهولي”
وصل «عامر » عند تلك الجملة فتحدث قائلًا:
“ماله عامر يا حبيبي أنتَ وهو؟”
إندهش الجميع من وجوده فتحدثت ميمي قائلة:
“إيه يا بني إنتَ عامل زي العفريت بتطلع في أي وقت؟”
رد عليهم بلامبالاة قائلًا:
“في إيه يا جماعة مانا معايا نسخة مفتاح زيكم مالكم”
رد عليه «خالد»:
“خلص يا عامر أنا جاي مصدع وعاوز أنام عاوز إيه؟”
أخرج زفيرًا قويًا ثم قال:
“دلوقتي بناءً على كلام ياسر إني أجيب حاجة لسارة ليها علاقة بشغلها، دلوقتي بقى أنا جبت هدية ليها علاقة بشغلها ومش عاوزكم تصقفوا لذكائي أنا مقدر نفسي جدًا”
رفع «ياسين» إحدى حاجبيه ثم قال موجهًا حديثه لـ «ياسر»:
“خلي بالك أنتَ اللي عرضت عليه لو طلعت حاجة متخلفة هزعلكم أنتم الاتنين”
رد عليه «ياسر»:
“الله أنا مالي أنا هو يعك الدنيا وأنا أتهزق؟ ورينا يا عم عامر جبت إيه؟
هندم «عامر» ملابسه بثقة ثم قال:
“إن شاء الله هتنبهروا من ذكائي أنا واثق من كدا”
إنتهى من حديثه ثم أخرج من الحقيبة التي يمسكها بيده أكياس صغيرة مُغلفة، أفرغ محتويات الحقيبة أمام الجميع وبمجرد رؤيتهم لمحتويات الحقيبة لم يتمالك أيًا منهم نفسه من كثرة الضحك حتى ميمي والطفل الصغير، نظر لهم جميعًا وجدهم يضحكون بشدة، نظر للطفل الصغير بغيظ ثم قال موجهًا حديثه لـ «خالد»:
“هو إبنك بيضحك عليا يا خالد هي دي التربية، بيضحك على عمه مكانش عشمي، وبعدين مالكم يا جماعة هو فيه إيه مضحككم كدا؟”
أول من أوقف الضحك هو «ياسين» الذي تحدث قائلًا:
“كل دا يا عامر ومش عارف بنضحك ليه؟ في حد يا بني أدم يروح يجيب إبر وزراير وبكر خيط يقدمهم لمراته هدية؟
تحدث «عامر» بأنفعال قائلًا:
“الله مش ياسر قالي هاتلها حاجة تبع شغلها وهو دا شغلها في تفصيل الهدوم، كنت أجيب لها إيه يعني توب قماش ؟”
تحدث «ياسر» قائلًا:
“هو أنتَ بتاخد الكلام بالمعنى الحرفي يا غبي أنتَ؟”
إقترب منه «خالد» ثم أمسك أحد محتويات الحقيبة وهو يقول:
“أنا مش هسألك يا عامر جبت الزراير دي ليه، انا هسألك جبتها منين؟ يا مؤمن دا أخر حد شوفته مستخدم الزراير دي كانت سنية بنت الحج عبد الغفور البرعي؟ قولي يابني جبتهم منين؟
تحدث «عامر» بلامبالاة قائلًا:
“ما هو دا اللي شدني ليهم حسيتهم لوحة فنية كدا حاجة من ريحة الزمن الجميل”
قام «ياسين» وجمع محتويات الحقيبة بها ثم اقترب من «ميمي» أعطاها إياها وهو يقول بجدية:
“أمسكي يا ميمي أنتِ بتحبي الخياطة خلي الحاجات دي معاكي اعتبريهم هدية من المتخلف دا؟”
وضع «عامر» يديه في خصره ثم قال:
“نعم هدية لميمي ؟ دا أم سماح واخدة مني ٦٤ جنيه هاتهم وبعد كدا أديهم لميمي”
وعند ذكره السعر ضحك «خالد» بملء صوته ثم قال:
“وزعلانين مني علشان قولتلوا يكرمش ٢٠٠ جنيه في إيدها؟ياريته كان سمع كلامي أحسن”
رد عليه«ياسين»:
“بصراحة أنا للأسف متفق معاك يا خالد، منه لله علطول كاسفنا”
تحدث «ياسر » وهو يقول بهدوء:
“علطول كاسفني قدامهم، نفسي مرة اعتمد عليك ترفع راسي قدامهم ربنا يسامحك”
اقترب «عامر» من ميمي وهو يقول كالأطفال:
“ميمي هما بيضحكوا ليه هي الهدية وحشة أوي كدا؟”
حاولت كتم ضحكاتها ثم قالت:
“سيبك منهم مبيفهموش في الهدايا وفي الذوق الراقي دا”
تحدث«ياسين» قائلًا:
“ذوق راقي؟ بذمتك دا ذوق راقي، دا ذوق مرحوم طالع من التربة، زرار دا يا عامر ولا عين بوتجاز؟”
نظر له «عامر» بسخرية ولم يُعقب على حديثه، فتحدث «خالد» قائلًا:
“بس أنا لقيتها، الهدية الوحيدة اللي هتعجب سارة وتفضل تدعيلنا لحد يوم القيامة عليها وتبقى صدقة جارية على روحنا”
رد عليه «عامر» بسخرية قائلًا:
“إيه هنعملها كولدير مياه؟”
رد عليه «خالد» بجدية زائفة وهو يقول:
“لأ، ورقة طلاقها منك دي الحسنة الوحيدة اللي نعملها علشان ننقذها وننقذ البشرية منك يا عامر”
نظر له «عامر» بسخرية ولم يُعقب، ولكن الجميع ضحكوا على حديث«خالد» قطع ضحكهم صوت رنين هاتف «ياسين» أخرج الهاتف من جيبه لكنه تعجب حينما رأى رقم «وليد» أخو «خديجة» أستأذن منهم ليرد على الهاتف ثم ذهب إلى الشرفة لكي يُحادث «وليد» رد عليه قائلًا:
“إزيك يا وليد والله فرحان إنك كلمتني بالسرعة دي”
رد عليه «وليد» قائلًا:
“أنا متأسف إني كلمتك من غير معاد كدا، بس أنا كنت عاوز أقابلك إنهاردة لو ينفع؟”
تعجب «ياسين» من طلبه بعدها رد قائلًا:
“آه طبعًا تمام تعرف قهوة******* هقابلك عندها”
رد عليه «وليد»:
“تمام أنا عارفها أصلًا، يدوبك مسافة السِكة وأكون هناك”
اغلق «وليد» الهاتف ثم رفع يديه إلى السماء وهو يقول:
“يارب أكرمني ويطلع إبن حلال علشان خاطر البت الغلبانة دي”
خرج «ياسين» من الشرفة مُتعجبًا من طلب «وليد» اقترب منهم ثم قال:
“معلش يا شباب ورايا مشوار ضروري لازم أمشي هروحه وأشوفكم بكرة”
وقف «عامر» مُقلدًا طريقة الفتيات واضعًا يده في خصره وهو يقول:
“الله الله يا أستاذ ياسين مشوار إيه دا من ورايا ومن غير ما أنا أعرفه ؟”
رد عليه «ياسين» بغيظ ثم تحدث قائلًا:
“وأنتَ مالك هو أنتَ خطيبتي دا أنتَ مستفز، يلا سلام”
خرج«ياسين» من شقة «ميمي» وفي مرور دقائق قليلة وصل إلى المقهى جلس في إنتظار «وليد» ثواني ووجد وليد يهاتفه قائلًا له:
“أنتَ فين يا ياسين؟ أنا وصلت أهوه”
رفع «ياسين» ذراعه عاليًا تزامنًا مع قوله:
“أنا أهوه بص قدامك هتشوفني رافع دراعي”
وصل وليد عنده وبعد الترحاب تحدث «ياسين» قائلًا:
“تشرب إيه بقى دي يعتبر أول مرة نتقابل كأتنين صُحاب”
رد عليه«وليد»:
“مش عاوز حاجة متتعبش نفسك، وعلشان مطولش عليك أنت أكيد مستغرب أنا ليه طلبت أقابلك إنهاردة”
إبتسم «ياسين» بإحراج ثم قال: “بصراحة أيوا يعني إحنا كنا سوا إنهاردة استغربت شوية بس ”
رد عليه « وليد» قائلًا:
“ودا حقك بس إسمحلي أسألك يا ياسين إيه رأيك في خديجة”.
إندهش «ياسين» من حديثه فرد عليه مُتعجبًا:
“مش فاهم من ناحية إيه بالظبط؟”
أخذ «وليد» نفسًا عميقًا ثم أجابه:
“من ناحيتها كإنسانة، أنتَ قابل إنها تكون مراتك”
هز «ياسين» كتفيه ثم أردف قائلًا:
“بص بصراحة أنا روحت اتقدمت لبنات كتير جدًا، بس الوحيدة اللي حسيت ناحيتها براحة هي خديجة، فـ لو بتسألني علشان تطمن بصراحة أنا لما أتكلمت معاها وسألتها جاوبتني إجابات غريبة زي إنها عاوز من شريك حياتها بس إنه يكون طيب ويديها الأمان استغربت بصراحة بس في نفس الوقت عرفت إنها إنسانة بسيطة”
تنهد «وليد» بإرتياح ثم قال:
“أنا دلوقتي هكلمك علشان أنتَ طمنتني وعلشان أنا شايفك راجل، معرفش الكلام إللي هقوله دا لصالح خديجة ولا ضدها بس أتمنى تفهمني”
تحدث «ياسين» قائلًا:
“أنا سامعك يا وليد إتفضل”
أخذ «وليد» نفسًا عميقًا ثم قال:
“خديجة عندها إضطرابات نفسية من الطفولة وعندها رُهاب إجتماعي”
نظر له «ياسين» مُستفسرًا ثم قال:
“عندها إيه؟”
نظر له «وليد» بخجل ثم أردف قائلًا:
“زي ماسمعت خديجة عندها إضطرابات نفسية”
يُتَبَع
#الفصل_التاسع
#رواية_تَعَافَيْتُ_بِكَ