“الفصل الثالث عشر”
“رواية تَعَافَيْتُ بِكَ”
_______________
حتى وإن كانت المعركة صعبة سأتحمل لأجلك..لأنكِ تستحقين
_______________
وفي اليوم التالي أخبر «ياسين» عائلته بموافقة «خديجة» على عقد القران وسط فرحتهم العارمة بإبنهم الوحيد كانت«زُهرة» سعيدة للغاية ووجهها مُبتهج، وتم الاتصال بين والد «ياسين» و والد«خديجة» على أن يتم الإتفاق الرسمي في منتصف الأسبوع، تحدث «ياسين» مع أصدقائه لكي يتقابل معهم في منزل «ميمي» لكي يلقي هذا الخبر على مسامعهم لكي يرى فرحتهم به كونه الضلع الأخير الذي سيتزوج في هذا المُربع، في منزل آلـ «رشيد» اجتمع «طه» مع أخوته في الطابق الأول لكي يخبرهم بمعاد مقابلة ياسين ووالديه، بارك له أخوته جميعهم ونظرات الفرحة في أعين الجميع عدا «مُشيرة» التي شردت أمامها وأول من رأى تغيرها هو «مرتضى» والد «وليد» فتحدث قائلًا:
“إيه يا مُشيرة سرحتي فين؟ مش هتباركي لطــه؟”
لفت حديثه إنتباه الجميع فنظروا إليها، توترت عند نظرتهم لها فقالت بتوتر جليّ على ملامحها:
“ها.. مبروك يا طه ربنا يفرحك بيها إن شاء الله”
رد عليها بهدوء:
“الله يبارك فيكِ يا مُشيرة، تسلمي”
تحدث «محمود» شقيقه الأكبر قائلًا:
“وهما هيجوا إمتى يا طه؟”
تحدث «طه» بهدوء:
“بعد يومين إن شاء الله يا محمود، وطبعًا لازم تكونوا موجودين معايا أنتم أعمامها ولازم تحضروا”
وافقه «محمد» في الحديث قائلًا:
“أكيد طبعًا يا طه خديجة زي عبلة و سلمى بناتي وكلنا هنكون موجودين”
تم الاتفاق بين الأخوة على حضور الاتفاق في الموعد المحدد والتحدث عن تفاصيل الزيجة مع دعائهم بالتوفيق وإتمام الأمور بخير.
_____________________
بعد انتهاء «ياسين» من عمله ذهب إلى منزل «ميمي» لكي يجلس معها برفقة أصدقائه أخذ معه بعض الحلويات والعصائر كتعبيرًا منه عن فرحته، وصل قبل أصدقائه وجلس برفقة «ميمي» قَص عليها ما حدث مع «خديجة» ولكنها لم تتحدث فقط كانت تنظر له وهي مبتسمة وعندما طال صمتها تحدث وقال:
“في إيا ميمي هو أنا بحكيلك علشان تسكتي كدا؟ قولي أي حاجة طيب”
حركت رأسها للجهة الأخرى بإتجاههِ ثم قالت:
“عاوزني أقولك إيه طيب؟”
حرك كتفيه و قال:
“قولي أي حاجة، قولي أنا صح ولا غلط في قراراتي دي، قولي طيب الكلام اللي قولته ليها كان غلط وتسرع مني ولا لأ؟”
ابتسمت له وقالت:
“لأ دا مش تسرع منك ولا حاجة واحدة زيها بتخاف من حاجات كتير أنتَ محتاج تكون جنبها وتطمنها، ودا مش هينفع وأنتَ خطيبها، بس قولي إيه اللي خلاك تاخد قرار كتب كتاب وتقول لوليد إنك مش عاوز تاخد ذنوب فيها؟”
رد عليها مُردفًا:
“لما ندى أخت ياسر جالها عريس ساعتها صمم إنه يكتب الكتاب على الرغم من إنه كان يدوب لسه يعرفها، ساعتها ياسر رفض وكان مصمم على الخطوبة بس، ساعتها «وحيد»دا لما قعدنا معاه قالنا إنه مش هيقدر يشيل ذنب الخطوبة وإن الخطوبة ممكن بسببها ربنا ميباركش في الموضوع، ساعتها أنا استغربت أوي الموضوع ولما دورت عرفت إن فعلًا الخطوبة ليها ضوابط كتير ولما كتب الكتاب ساعتها قالنا إنه من أول مرة شافها أتمناها من ربنا وأتمنى ربنا يبعد عنهم أي حاجة فيها معاصي.”
صمت ولم يُكمل حديثه وبدا كأنه شاردًا في أمرٍ ما لذلك نظرت له مُتفحصة ثم قالت:
“مالك ما تكمل كلامك سكت ليه يا ياسين؟”
لفت حديثها إنتباهه لذلك نظر إليها وهو يبتسم ثم قال:
“الغريب إن دا كان نفس تفكيري عن خديجة، خوفت أشيل فيها حتى ولو ذنب صغير، عارفة يا ميمي لما بتبصلي بحس إني مرتاح، فكرة إن هيجي يوم وتكون معايا بتطمني وكأن أنا اللي مستنيها تغير حياتي مش العكس”
ابتسمت له ثم ربتت على كف يده وهي تقول:
“ريح قلبك يا ياسين وطمنه، كل اللي بيحصل حواليك دا خير ليك، أنتَ كان كل أملك في الحياة إن البنت اللي هتتجوزها يكون قلبك مرتاح لها، و خلاص أنتَ لقيتها ليه تفضل تحسبها كتير وتتعب نفسك”
هز كتفيه ثم قال وهو في حيرة من أمره:
“أنا مش بتعب نفسي، أنا خايف بس مكونش قد المسؤلية دي، خايف أكون عبء أكبر عليها”
ردت عليه معقبة:
“لأ أوعى تعمل كدا وتسلم نفسك لشيطانك يا ياسين احمد ربك على وافتكر إنك أنتَ اللي اخترت محدش كان جبرك على حاجة”
أومأ لها موافقًا ثم هَمَّ بالرد عليها صدح صوت «خالد» عاليًا وهو يعنف «عامر»، ضحكت «ميمي» ثم قالت لـ«ياسين»:
“قُم الحق عامر قبل ما خالد يموته في إيده”
وقف «ياسين» فوجد «عامر» يفتح الباب ثم جرى وأختبأ خلف ظهر «ياسين» وهو يقول:
“إلحقني يا ياسين أنا في حمايتك”
اقترب «خالد» منهما و أوشك على الإمساك بـ«عامر» لكن «ياسين» أوقفه وهو يقول:
“إهدى يا خالد بس عملك إيه المتخلف دا؟ علشان خاطري إهدى”
زفر «خالد» بقوة ثم قال:
“علشان خاطرك أنتَ يا ياسين بس”
أخرج«عامر» رأسه من خلف «ياسين» وهو يقول:
“يعني إيه علشان خاطر ياسين يعني مش فاهم، وريني هتعملي إيه يا خالد”
اقترب «خالد» لكي يمسك به مرةً أُخرى وهو يقول:
“وسع بقى يا ياسين علشان دا بجح وعاوز يتربى”
ضحك «ياسين» وهو يقول:
“طب إهدى بس وقولي عمل إيه طيب؟”
أخذ«خالد» نفسًا عميقًا ثم قال:
“أنا والغبي دا اتقابلنا سوا و جينا لحد هنا سوا تمام؟”
أومأ له «ياسين» وهو يقول:
“طب تمام فين المشكلة؟”
رد عليه «خالد»:
“المشكلة إن الحيوان دا سبقني وطلع يجري على البيت، و فضل يخبط ويرزع على شقة عم لطفي تحت، وطلع خطوتين وأول ما قربت من باب شقتهم وقفني يدوب باخد نفسي لقيت مرات عم لطفي طالعة تشتمني وتقولي اتكسف على طولك أنتَ بقيت أب، بعد العمر دا كله يتقالي كدا يا ياسين، يرضيكي يا ميمي؟”
شهقت «ميمي» بقوة ثم قالت:
“يخيبك يا عامر، أنتَ مش ناوي تكبر بقى؟”
أخرج رأسه من خلف ظهر «ياسين» مرة أخرى ثم ضحك بإستفزاز وهو يقول:
“بعد الشر عليا، وبعدين ماله مكبر الموضوع كدا ليه؟”
تحدث «خالد» بضيقٍ من الامبالاة التي يتحدث «عامر» بها قائلًا:
“يا بني بطل برود بقى مرة واحدة في حياتك، أنا لو مسكتك محدش هيرحمك من إيدي”
وضع«عامر» يده في خصره وهو يقول:
“وريني كدا هتعرف تعملي إيه يا خالد لو جدع تعالى”
التفت له«ياسين» قائلًا بغضب مصطنع:
“ما خلاص بقى يا عامر بطل برود، وبعدين أنتَ مش شايف عامل إزاي؟ دا لو سلم عليك بس هيبقى الله يرحمك”
تدخلت «ميمي» قائلة:
“خلاص بقى يا ولاد، تعالى يا خالد أقعد جنبي، وأنتَ يا عامر بطل تستفزهم بقى”
ذهب «خالد» وجلس بجانب «ميمي» وهو يزفر بضيق ثم قال:
“علشان خاطرك يا ميمي بس والله لو مش وجودك كنت موته النهاردة”
رد عليه «عامر» بسخرية قائلًا:
“يا بني ولا تعرف تعملي حاجة أصلًا، أنتَ طول وعضلات على الفاضي يا خالد”
رد عليه «خالد» بإستهزاء قائلًا:
“برضه مش هرد عليك كفاية شكلك وأنتَ زي الكتكوت المبلول بتتحامى في ياسين”
تدخل «ياسين» قائلًا:
” ما خلاص بقى يا خالد، أنتَ الكبير يا جدع كبر مخك، متعملش عقلك بعقله”
أرجع «خالد» رأسه للخلف ثم أغلق عينيه، نظر له «عامر» مستفسرًا ثم قال موجهًا حديثه لـ «ياسين»:
“هو ماله يا ياسين، مات ولا إيه”
ثم صدح بصوتٍ عالٍ:
“ولا يا خالد إصــحــى يا لا”
أعاد «خالد» رأسه مفزوعًا من صوته ثم قال:
“يا رب ريحني منه مش طالب كتير والله”
ذهب «عامر» وجلس بجانبه وهو يقول:
“خلاص بقى يا خالد بنكشك والله، فوق كدا خلينا نشوف الاستاذ ياسين الشيخ عاوزنا ليه؟”
أوشك«ياسين» على الحديث ولكن أوقفه «ياسر» حينما فتح باب الشقة ودخلها، اقترب منهم ثم ألقى التحية على الجميع، ولكنه وجدهم يضحكون عليه وخاصةً عامر الذي سقط أرضًا، تعجب «ياسر» فقال للجميع:
“مالكم بتضحكوا على إيه مشوفتوش واحد قبل كدا بهدوم الشغل؟”
رد عليه «خالد» بسخرية:
“وهي هدوم الشغل كلها أبيض في أبيض كدا؟ أنا أفتكرتك جاي من عمرة”
أوقف«عامر» الضحك ثم قال:
“لأ والشبشب كمان أبيض، أنا مش قادر أتخيل ياسر قدامي غير إنه إزازة لبن”
تحدث«ياسين» بهدوء:
“طب وأنتَ إيه اللي رجعك كدا من المستشفى، ومشيت كدا إزاي في الشارع؟”
رد عليه «ياسر»:
“وأنا نازل الصبح نسيت مفاتيحي وكان عندنا مؤتمر في المستشفى، سعيد زميلي وصلني لهنا بالعربية بتاعته بس هو كان مستعجل ملحقتش أغير هدومي وأمي عند أم خالد يعني مفيش حد في البيت قولت أجي ألبس أي حاجة من اللي هنا عند ميمي”
أومأ له الجميع، أما «عامر» فوقف وهو يقول موجهًا حديثه لـ «ميمي»:
“ميمي أنا جعان مفيش أكل عندك”
ضرب «ياسين» كفًا بالأخر وهو يقول:
“أنتَ إيه يا بني مبتشبعش خالص كدا؟ علطول جعان؟”
رد عليه «عامر»:
“أيوا علطول جعان، ها في أكل إيه بقى؟”
ابتسمت له «ميمي» ثم قالت:
“ادخل يا عامر يا حبيبي اللي يعجبك في التلاجة كله”
أومأ وهو يقول:
“ربنا يخليكي ليا يا ميمي يارب، أنا هعمل أكل ومحدش منكم هيمد إيده فيه أنا قولت أهو، وأنا كلمتي متنزلش الأرض”
قال حديثه ثم وقف بجانب «ياسر» وهو يضع يده على كتفه ثم قال بجدية رُسمت بإتقان على ملامح وجهه:
“أنا خايف عليك أوي يا ياسر”
نظر «ياسر» حوله يبحث في المكان ثم قال:
“خايف عليا من إيه يا عامر؟”
ربت «عامر» على كتفه ثم قال:
“الدنيا حَر وأنا خايف عليك تحمض”
قال جملته ثم تركه ودخل المطبخ، وقف «ياسر» مُتعجبًا ثم قال:
الواد دا أهبل ولا إيه؟”
نظر الجميع وجدهم يضحكون فنظر إلى ملابسه ولونها وفهم مقصد «عامر» فقال:
“آه يا عامر الكلب وربنا ما هسيبك”
قال جملته ثم ركض إليه في المطبخ، ضربت «ميمي» كفها بالأخر وهي تقول:
“عليه العوض ومنه العوض، أنا أملي فيكم يا خالد أنتَ وياسين بدل جوز الهُبل دول”
رد عليها«ياسين»:
“متخافيش يا ميمي إحنا تمام ولا إيه يا خالد؟”
نظر إلى «خالد» وجده يبحث في هاتفه فسأله:
“أنتَ بتعمل إيه يا خالد؟”
رد عليه «خالد»:
“بكلم إيمان أختي”
تعجب «ياسين» فقال له:
“بتكلمها ليه في حاجة؟”
رد عليه «خالد»وهو يبتسم:
“بكلمها علشان تلحق جوزها قبل ما يحمض”
قال جملته ثم ضحك وهو ينظر للهاتف ، فنظرت ميمي لهما وهي متعجبة.
__________________
في شقة«طه» كان جالسًا برفقة أسرته بأكملها فتحدث قائلًا:
“أنا عرفت أخواتي يا زينب، وهيحضروا الاتفاق معانا، أنتم بقى جهزوا حاجتكم واعملوا حساب الناس اللي هتكون موجودة”
أومأت له «زينب» موافقة ثم قالت:
“حاضر يا طه وكويس إنك قولت لأعمامها برضه علشان يعرفوا إن وراها عيلة”
تدخل «أحمد» قائلًا:
“هي خناقة يا ماما؟ وبعدين الناس محترمة وذوق، المهم إن مُشيرة متطلعش دي أهم حاجة”
عنفه والده قائلًا:
“عيب يا أحمد احترم نفسك،
دي عمتك برضه بلاش قلة أدب”
ردت عليه «خلود»:
“بصراحة بقى معاه حق يا بابا ممكن ترمي كلمة زي السم قدام الناس تبوظ الدنيا كلها”
رد عليهم بهدوء:
“أنتم مش عارفين تفهموها هي مبتحبش الحال المعوج،بتحب كل حاجة دغري، علشان كدا كلامها صريح واللي في قلبها على لسانها”
ردت عليه «خديجة»:
“مفيش شخص في العالم كله بيجرح الناس بكلامه ويكون قلبه أبيض، مفيش شخص بيفضل يقول عيوب الناس والمشاكل اللي فيهم ويكون طبيعي، وتبريرنا ليهم إنهم ناس طيبين وقلبهم أبيض بيخليهم يزيدوا فيها”
رد عليها مُستفسرًا:
“قصدك إيه يا خديجة بكلامك دا؟”
نظرت له بهدوء ثم قالت:
“مقصدش حاجة يا بابا، أنا بتكلم في المطلق عن الناس عمومًا”
أومأ لها موافقًا ولكن بداخله كان يظن أن الحديث عنه وعن أخته فهو دائمًا ينعتها بالفشل والسلبية وكثيرٌ من الصفات التي يكره أي شخص بالعالم أن يُنعت بها، نظر لها مُتفحصًا ثم قال ببسمة هادئة:
“كبرتي يا خديجة وبقيتي عروسة، مش مصدق إن خديجة العيلة الصغيرة كبرت بالسرعة دي، خديجة اللي كانت في المدرسة من يومين قاعدين دلوقتي بنفكر في فرحها”
نظر له الجميع بتعجب فهذه من المرات النادرة التي يتحدث فيها «طه» بهدوء معها وخاصةً بعد موضوع «راشد» ألقى والدها عليها اللوم بأن طريقتها الجافة هي التي جعلت «راشد» يتحدث عنها بتلك الطريقة، أما خديجة ابتسمت له بهدوء ولم تتحدث، فتحدث «أحمد» قائلًا:
“يلا عقبالي إن شاء الله أنا اتخرجت اهو وخلصت امتحانات”
رد عليه أبيه:
“أنتَ لسه مخلص الاسبوع اللي فات، عاوز تتجوز بإمارة إيه”
ضحك «أحمد» ثم قال:
“بإمارة إن أنا هشتغل مع ولاد عمامي في شركة طارق و وئام،وبإمارة إن شقتي موجودة في البيت التاني كدا ناقصلي العروسة”
رد عليه «طه»:
“نشوف موضوع خديجة بس وبعدين نشوفك أنتَ كمان أهو تكون لقيت العروسة”
ضحكت «خلود» ثم قالت بخبث:
“لأ ما هي العروسة موجودة إن شاء الله”
ردت عليها والدتها:
“عروسة مين دي اللي موجودة إن شاء الله؟”
أشار لها أخيها أن تصمت ولكنها قالت بهدوء:
“هتبقى موجودة إن شاء الله وهتبقى منة… وعلينا”
ابتسمت خديجة بخفة ثم أطرقت رأسها للأسفل، لكي تُخفي ضحكاتها أما «أحمد» فأشار لأخته بعلامة الذبح، تحت نظرات والدته المتفهمة لما يدور حولها وطه الغير مُكترث لهم يتصفح هاتفه.
_____________
في شقة «مُشيرة» كانت جالسة برفقة «فاطمة» و «هدير» فتحدثت فاطمة قائلة:
“هو صحيح يا مشيرة العريس هيجي تاني لخديجة؟ لأ وكمان عاوز كتب كتاب علطول؟”
أومأت لها مُشيرة ثم قالت:
“آه تخيلي العريس دا يجي لخديجة؟ أنتِ مشوفتيش شكله عامل إزاي يا فاطمة، طول بعرض وشكله ابن ناس كمان”
سألتها «فاطمة» مستفسرةً:
“ودا عرفها منين يا مشيرة هي خديجة بتخرج من البيت أصلًا؟”
أجابتها «هدير» متدخلةً في الحديث:
“مجايب طنط وفاء جارتنا”
ردت عليها «فاطمة»:
“طب ومجابتوش لكِ ليه يعني ناقصة إيد ولا ناقصة رجل؟”
ردت عليها «هدير» مُعقبة
“أنا أتجوز بالطريقة المتخلفة دي؟ لأ طبعًا وعلى فكرة بقى الموضوع دا مش هيكمل وحتى لو كتبوا الكتاب مش هيتحمل خديجة”
ردت عليها «مُشيرة»:
“ودا ليه إن شاء الله يا ست هدير؟”
ضحكت «هدير»بخفة ثم قالت:
“أنتِ ناسية شخصية خديجة عاملة إزاي؟ ناسية راشد بعد ٣ أيام من طلبه ليها وقف قال قصادنا إيه؟ فاكرة لما قالنا إنها مفيهاش مواصفات البنت اللي بيحلم بيها وشخصيتها غريبة إزاي؟”
ردت عليها «فاطمة» بلامبالاة:
“طب ما دا ممكن ميكونش كدا، مش كل الناس زي راشد”
تحدثت «مُشيرة» قائلة:
“أمك معاها حق يا هدير، وبعدين هو إيه اللي هيخليه عاوز كتب كتاب بالسرعة دي غير لو إنه فعلًا عاوزها هي؟”
تحدثت «فاطمة» بـ غلٍ واضحٍ:
“دلوقتي بقى زينب تفرح وتقولك بنتي اتخطبت، وتشمت فينا علشان خديجة اتخطبت قبل هدير”
ردت عليها «هدير» بلامبالاة:
“وإيه يعني؟ وبعدين انا كنت مخطوبة وأنا اللي سبته، مش اتقالي قدام الناس كلها إني مش نافعاه، وغير كدا خليها تفرح بكتب الكتاب بس لما يسيبها هتبقى مطلقة، خليها تفرح”
نظرت لها «مُشيرة» بفخر وهي ترى نتيجة زرعها لكره خديجة، ووالدتها، ودون أي تدخل أو بذل أدنى مجهود منها لتدمير حياة زينب و خديجة، ظنًا منها أن هذا الانتقام هو حقها من الأساس بعد ترك زوجها لها وفراره بإبنتها.
______________
في منزل «ميمي» كان الشباب يأكلون جميعهم مع «عامر» بعد أن قام بقلي الفراخ والبطاطس له ولكن الجميع شاركه تلك الوجبة فتحدث «ياسر» بسخرية قائلًا:
“بيعجبني فيك يا عامر إن كلمتك عمرها ما نزلت الأرض أبدًا”
رد«عامر» بفخر وهو يقول:
“طبعًا يا بني أومال أنتَ فاكر إيه؟ بدليل إنكم كلكم كلتوا الأكل بتاعي حتى ميمي”
رد عليه «خالد»:
“لما أكون باكل من تلاجتك إبقى اتكلم يا حبيبي، ولا إيه يا ميمي”
ردت «ميمي» بهدوء:
“البيت بيتكم يا حبايبي وكله من خيركم أنتم الأربعة، ربنا يباركلي فيكم”
تكلم «عامر» بخبثٍ:
“طب بما إن البيت بيتنا يا ميمي أنا لمحت علبة جاتوه في التلاجة و عصير، إيه جالك عريس من ورانا ولا إيه؟”
ضحكت «ميمي» ثم قالت:
“هو عريس بس مش ليا”
تدخل «خالد» قائلًا:
“عريس بس مش ليكِ؟ أومال لأمي؟ ولا تكونش أم ياسر؟”
رد عليه«ياسين»:
“ولا لميمي ولا لأمك ولا لأم ياسر، أنا”
رد «عامر» متدخلًا:
“يا ستار يا رب العريس لك أنتَ إزاي؟”
صوب «ياسين» زجاجة المياه بوجهه ثم قال:
“ركز الله ياخدك بقى، عريس إيه اللي ليا يا متخلف أنتَ؟ أنا العريس”
رد عليه «ياسر»:
“فهمنا علشان إحنا بعد الأكل بنكون أغبيا”
وقف «ياسين» ثم قال:
“أنا طلبت إني اكتب الكتاب على خديجة وهما وافقوا على طلبي”
فرح الشباب بصديقهم وظهرت تعابير الفرحة جلية على وجوههم، أما «عامر» نظر له وهو يتفحصه ثم قال:
“وليه السرعة دي ما تعمل فترة خطوبة الأول”
ابتسم له «ياسين» ثم قال:
“لأ معلش كدا أحسن يا عامر، أنا مش عاوز فترة خطوبة علشان بالنسبة ليا ملهاش لازمة كفاية إننا مرتاحين لبعض”
تدخل «خالد» قائلًا:
“معاك حق يا ياسين، ربنا يتتم بخير وألف مبروك يا صاحبي”
بارك له أصدقائه أما «عامر» فنظر له بعمقٍ ثم قال:
“مع أني حاسس إنك متغير بس ألف مبروك يا صاحبي”.
نظر له «ياسين» بقوة ثم قال:
“الله يبارك فيك بس أنا زي الفل متقلقش عليا”
قال جملته ثم نظر لميمي وكأنه يسألها هل قلقه واضح بتلك الطريقة للعيان أم أن خوفه أصبح جليًا للجميع، أما هي فهزت رأسها وكأنها تطمئنه.
____________________
أتى يوم المقابلة والاتفاق الرسمي، كانت شقة «طه» ممتلئة بالعائلة بأكلمها، حيث أخوته جميعهم كانوا يجلسون في انتظار ياسين ووالديه، أما بنات العائلة بأكملها ومنة إبنة الجيران كانوا يجلسن في غرفة خديجة، كانت خديجة تهز قدميها وتفرك كفيها بإنفعال شديد فكان الموقف بأكمله لا تحسد عليه، اقتربت منها «عبلة» وهي تربت على كتفها ثم قالت:
“مالك يا خديجة قلقانة كدا ليه؟ هي أول مرة تشوفيهم يعني؟ روقي كدا وخدي نفسك خير متخافيش”
تدخلت «هدير» قائلة بخبث:
“متخافيش يا خديجة اللي حصل قبل كدا مش هيحصل تاني، أصل دا مش راشد يعني”
نظرت لها «خديجة» بخوف من ذكره، وكأن «هدير» أصابت في هدفها وبث الرعب أكثر بداخلها، فقالت «خديجة» وهي تحاول استجماع جزء من شجاعتها:
“لأ أنا مش خايفة ولا حاجة هو بس شوية توتر عشان الموقف مش أكتر”
نظرت لها «عبلة» بحب ثم قالت:
“أيوا كدا وبعدين عادي يعني إحنا معاكي أهو متخافيش يعني توترك دا ملوش لازمة أصلًا، مش كدا يا هدير”
نظرت لها «هدير» بودٍ مصطنعٍ ثم قالت:
“طبعًا أخواتك معاكي يا خديجة متخافيش”
نظرت لها «خديجة» ولم تتحدث فهي تعلم مشاعر «هدير» تجاهها حتى وإن كانت تظن أن لا أحد يحبها لكن عند هدير تحديدًا متأكدة من مشاعرها لم لا وهدير من ضمن الأسباب القوية التي ساهمت في تكوين تلك الشخصية التي تتصف بها خديجة، فاقت من شرودها على صوت طرق باب الغرفة، فتحت «عبلة» الباب فوجدت «وليد» بوجها كان وجهه مبتسم ولكن عندما رآها وأد تلك البسمة ثم قال:
“احفظنا يا رب دونًا عن البنات كلها اللي في الأوضة دي اللي تفتحلي”
ردت عليه بضيق:
“أنا مش فايقة لِك يا وليد، خير عاوز إيه”
أمسك الباب بيده و أوسع فتحته لكي يدخل ثم قال:
“أنا مش داخل أوضة أهلك، أنا داخل أوضة أختي”
ضحك كل من في الغرفة عليها أما شعرت بالإحراج، اقترب «وليد» من خديجة وهو يقول:
“أنا جيت أطمن عليكي وأقولك إن ياسين وأهله وصلوا تحت، عند ذكره لـ «ياسين» شعرت بالتوتر يهز ثباتها، وأحمرت وجنتيها بشدة، نظرت ليده وجدته ممسكًا بكوب من العصير، فقالت له:
“إيه اللي في إيدك دا يا وليد؟”
مد يده لها بالكوب وهو يقول:
“دي كوباية عصير علشان متهبطيش مننا، أنا عارف إنك قربتي يغمى عليكي أصلًا”
تدخلت «هدير» قائلة بمللٍ:
“على فكرة مش مستاهلة كل دا، هي زي الفل بلاش تكبر الموضوع”
رد عليها «وليد» بضيقٍ منها:
” أنا واحد وخايف على أخته متشكر لكِ يا هدير وعلى مشاعرك النبيلة دي”
كانت «عبلة» تنظر للحديث الدائر بينهما وهي تحاول أن تستشف أي شيء، مما تظنه بينهما، نظرت لها «هدير» فعلمت أنها تفكر في طريقة تعامل وليد معها، كان وليد غير مكترث لجميع من بالغرفة، بإستثناء خديجة فكان يسقيها العصير.
_______________
في الخارج صعد «ياسين» ووالديه إلى شقة «خديجة» بواسطة «أحمد» الذي كان ينتظرهم أسفل البناية، تم الترحيب به وبوالديه بواسطة أبناء آلـ«رشيد» جلسوا جميعهم في غرفة الصالون، وأول من تحدث هو والد «ياسين» حينما قال:
“إحنا شرف لينا إننا نطلب إيد الآنسة خديجة لإبننا ياسين وشقته جاهزة وكل اللي بنتنا تؤمر بيه يجي لها”
تحدث عمها«محمود» بما أنه كبير العائلة قائلًا:
“الشرف لينا يا أستاذ رياض، وماشاء الله سماهم على وجوههم، وإحنا مش هنلاقي لبنتنا أحسن من ياسين ومن غير أي حاجة إحنا هنبقى أهل”
حديثه أعجب الجميع، أما «ياسين» فكانت عيناه تبحث عنها وكل ما يتمناه أن يلمح طيفها، فكان باله منشغلًا بها ولكن ما لفت إنتباهه هو حديث والده حينما قال:
“طب إيه عروستنا الحلوة مش هتطلع تسلم علينا ولا إيه”
ابتسم له «طه» ثم قال:
“طبعًا هتيجي حالًا، ادخل هات أختك يا وليد”
ابتسم «ياسين»ثم قال بداخله:
“راسك أبوسها يا حاج رياض هو دا الكلام”
________________
في غرفة أخرى تبعد قليلًا عن غرفة الرجال، كان النساء يجلسن سويًا تم التعارف بين نساء العائلة وبين «زُهرة» والدة ياسين الذي شعرت بينهم بالألفة والمحبة وخاصةً والدة خديجة و مروة والدة وليد، كانت مُشيرة منذ بداية الجلسة لم تتفوه بحرفٍ واحدٍ بعدما عرفت عن نفسها أنها عمة خديجة، فنطقت «زُهرة» قائلة:
“والله ربنا يعلم أنا حبيتكم قد إيه كأنكم أهل ليا، وخاصةً أني وحيدة هنا معنديش أخوات”
ربتت «مروة» على كتفها ثم قالت:
“إحنا أهلك أهو يا حبيبتي وربنا يديم المعروف بيننا”
نطقت «زينب» قائلة:
“والله أنا قلبي أرتاحلك أوي وحاسة إنك هتكوني أم تانية لخديجة بنتي”
أومأت لها «زهرة» ثم قالت:
“من غير ما تقولي، أنا كان نفسي يكون عندي بنوتة بس ربنا مكتبش نصيب ليا من بعد ياسين، وأنا واخدة عهد على نفسي إن مرات ياسين هتكون بنتي وأكتر كمان”
حديثها أطرب أذان الجميع عدا «مُشيرة» التي نظرت لـ«فاطمة» و«هدير» بسخرية مصحوبة بغلٍ دفين وكأنها تقول لهما:
“شوفوا حظها”
_______________
في غرفة «خديجة» كان وليد يقف بجانبها وهو يقول:
“علشان خاطري متخافيش يا خديجة، أنتِ هتطلعي تسلمي بس عليهم، عيب متطلعيش”
هزت رأسها بقوة ثم قالت:
“أنا مش خايفة، أنا مرعوبة وبعدين ما هما شافوني أول مرة عاوزين يشوفوني تاني ليه؟”
ابتسم لها ثم قال:
“علشان مينفعش ناس تيجي تطلب إيد واحدة ومتخرجش تسلم عليهم، يلا يا خديجة”
أمسكها من كفها ثم سحبها خلفه لكي تسلم على الجميع، دخل بها غرفة النساء سلمت على الجميع، أما «زهرة» احتضنتها بودٍ، ثم نظرت لها قائلة:
“يا بخت ياسين بكِ، ويا بختي أنا كمان بِكِ”
ابتسمت خديجة بخجلٍ ثم قالت بصوتٍ منخفض:
“م.. متشكرة لحضرتك جدًا”
رغم ثباتها إلا أن صوتها خرج مهزوزًا، اقترب منها وليد ثم قال:
“يلا يا خديجة علشان تسلمي برة على الناس”
خرجت خديجة عند الرجال بصحبة وليد، ألقت التحية على الجميع دون أن تمد يدها بالسلام اكتفت فقط بوضع يدها على صدرها كعادتها في تحية الرجال، لمعت عين «ياسين» بفخرٍ و محبة لا يعلم مصدرها من الأساس ظل ينظر لها حتى أشار لها والدها بالجلوس بالمقعد المجاور لمقعد ياسين، أومأت له وجلست وهي تفرك كفيها بإنفعال ورأسها مطروقة للأسفل، نطق «رياض» قائلًا:
“طب إحنا كدا بفضل ربنا وكرمه علينا متفقين، وطالما عروستنا موافقة على كتب الكتاب ، احنا بكرة نروح نشوف الشقة، بس مبدأيًا نقرأ الفاتحة”
نظر «طه» لأخواته فأومأ له الجميع بالموافقة، فرد عليه والدها:
“على بركة الله نقرأ الفاتحة”
خرج النساء جميعهن وجلسوا على مقربةً من الرجال، تمت قراءة الفاتحة من الجميع، كان ياسين يشعر بفرحة عارمة، أما خديجة الموقف بأكمله كانت لا تحسد عليه، ولكن ما جعل الأمور أفضل هو ذلك الدواء الذي قام وليد بوضعه في كوب العصير بعدما أخذ إذن الطبيبة، انتشرت الزغاريد من نساء العائلة، وانشغل الجميع بالمباركات عدا ياسين الذي كان ينظر لها بقوة وكل ما يتمناه أن تنظر له، ومن الواضح أنها سمعت قلبه لذلك نظرت له وجدته يبتسم لها مطمئنًا لها، ثم قال بهدوء:
“ألف مبروك”
أومأت له ثم قالت بصوتٍ مهزوز:
“الله يبارك فيك”
أومأ لها ثم وقف وقال أمام الجميع:
“بعد إذنكم يا جماعة أنا معايا دِبل الخطوبة، لو مفيش أي اعتراض أنا عاوز ألبسها الدبلة”
تحدث «وليد» قائلًا:
“هي مفاجأة حلوة بصراحة أنا موافق، دا بعد إذن الكل طبعًا”
رد عليه «مُرتضى» عمها:
“طبعًا يا بني بس مش هينفع أنتَ تلبسها الخاتم هي لسه مش مراتك”
أومأ له «ياسين» موافقًا ثم قال:
“تمام يا عمي مفيش مشاكل أنا ممكن أديها الخاتم تلبسه هي بس المهم إنكم موافقين”
رد عليه «طه»:
“على بركة الله يا بني، المهم هي تكون موافقة، مش أنتِ موافقة يا خديجة؟”
لو كانت فتاة غيرها كانت رفضت بقوة فهي حتى الآن لم تستطع معرفة ما يدور حولها، نظرت لوالدها وجدته ينظر لها مُستفسرًا فهزت رأسها موافقة، بعد ثوانٍ من صمتها، تنهد ياسين بإرتياح ثم أخرج العلبة من جيبه وفتحها ثم أعطاها لها نظرت في العلبة وجدت بها خاتم رقيق من الذهب و دِبلة من الفِضة له مدون عليها إسمها بخطٍ مزخرف بحرافية شديدة وأيضًا خاتمها مزخرف بإسمه “يـٓسِّ” وداخل العلبة ورقة مدون عليها:
“رقيقٌ بما يكفي ليُناسبُكِ”
حركت رأسها بقوة بإتجاهه فوجدته ينظر لها، كما لو أنه يحبها أما هي فنظرت للعلبة مرة أخرى ثم مدت أطراف أصابعها تتلمس تلك الخواتم التي وللأسف أسرت قلبها قبل عيناها.
يُتَبَعُ
#الفصل_الثالت_عشر
#رواية_تَعَافَيْتُ_بِكَ