روايات رومانسيهرواية تعافيت بك

رواية تعافيت بك الفصل 32

“رواية تَعَافَيْتُ بِكَ”
“الفصل الثاني والثلاثون”
____________

“فبعضي لدي وبعضي لديك، وبعضي مشتاقٌ فهلا أتيت؟”
___________

أتيتُ لكَ بقلبٍ مليءٌ بالندوب من البشر، فكنت أنتَ خير ما أعطاني القدر، كغيثٌ من السماء أنقذ روحي من الخطر.

البُعدُ عنكِ يُرهقني ….و نظرةً منكِ تأويني
اليَوم بدونك يؤلمني…و رؤية محياكِ تُحييني

إتسعت بسمتها من هول المفاجأة بينما هو إقترب منها يقول هامسًا بهدوء:

“خلاص يا ست الكل طالما سكتِ يبقى كدا أتثبتِ”

أومأت له في هدوء ولازالت البسمة تُزين ثغرها، تنهد هو بعمقٍ ثم قال:

“طب يلا علشان نلحق نروح مشوارنا علشان أكدوا عليا مأخركيش النهاردة”

ركب السيارة وهي أيضًا، سألته حينما شرع في تشغيل محرك السيارة:

“قولي بقى هنروح فين؟”

نظر لها مُبتسمًا ثم قال يمازحها:
“خاطفك يا خديجة عندك مانع؟”

حركت رأسها نفيًا بهدوء، بينما هو نظر لها مُتعجبًا ثم قال:

“يعني لو أنا خطفتك أنتِ مفيش عندك أي مانع أبدًا؟”

ردت عليه وهي مبتسمة:
“لأ يا سيدي معنديش مانع إنك تخطفني، لأن أنا متأكدة إنك لو خطفتني، فأكيد هتخطفني علشان تفرحني”

أومأ لها موافقًا ثم أضاف قائلًا:
“صح أنتِ عندك حق، بس الحقيقة أنا مش خاطفك، إحنا هنروح عند ميمي علشان عاوزة تشوفك”

أومأت له بهدوء ثم نظرت له وقالت:
“هو أنتَ لسه متضايق علشان صحابك؟”

حمحم بهدوء ثم قال:
“يعني، بس أنا واثق إن ربنا هيكرمهم ومش هيضيع فرحتهم”

أيدت حديثه ثم أضافت قائلة:
“وأنا واثقة إنها هتتحل وأحسن من اللي هما عاوزينه”

زفر هو بضيق ثم أضاف:

“يا رب يا خديجة”

بعد مرور عدة دقائق، أوقف «ياسين» السيارة، ثم نظر لها وقال بهدوء:

“أظن دلوقتي أنتِ بقيتي تمام، يعني مش بتخافي زي الأول صح؟”

نظرت له مُتعجبة ثم قالت:
“يعني شوية بس بتسأل ليه؟”

أجابها قائلًا:
“علشان أنتِ دلوقتي بتمشي على الخطوات صح وأنا وأنتِ لاحظنا الفرق، دلوقتي بقى عاوز أقولك إن من ضمن خطوات العلاج هو إننا نقابل ناس كتير برة دايرة حياتنا، ونتعامل معاهم ونتكلم، وأنتِ عندك القدرة على دا”

زاد تعجبها أكثر من ذي قبل، فقالت:
“أنا مش فاهمة حاجة مش إحنا طالعين عند ميمي، ليه بتقولي كدا؟”

زفر هو على مهلٍ ثم قال:
“علشان فوق هتقابلي سارة و ريهام و إيمان”

نظرت له مُتعجبة ثم قالت:
“مين دول؟”

أجابها قائلًا:
“دول مرات عامر و خالد و ياسر”

شعرت بالقليل من التوتر، فسألته بنبرةٍ مهزوزة:
“طب..طب هما يعرفوني؟”

أومأ لها بهدوء ثم قال:
“هما شافوكي ساعة كتب الكتاب، ومن ساعتها وهما عاوزينك تكوني صحبتهم، بس أنا مكنتش عارف أخليكِ تقابليهم في الأول علشان انتِ مكنتيش واخدة عليا”

سألته مرةً أُخرى:
“طب وإفرض هما محبونيش، أو مش عاوزين حد يتدخل بينهم، ساعتها أنا هحس إني تقيلة عليهم”

حرك رأسه نفيًا بهدوء ثم قال:
“نهائي، دول مستحيل تحسي معاهم كدا، وأنتِ بنفسك هتشوفي”

صعد إلى شقة «ميمي» وهي معه، رفعت نفسها قليلًا حتى تصل إلى أذنه وقالت:

“هو فيه حِنة جوة؟ إيه الأغاني دي؟”

إبتسم لها ثم قال بنفس النبرة التي تتحدث بها:

“دا عامر عامل مندبة جوة علشان قاعة الأفراح اللي مش عارفين نحجزها”

نظرت له بتعجب، وقبل أن تعقب على ما تفوه به، وجدته يفتح الباب، دلف هو أولًا، بينما هي يبدو وكأن قدماها لن تساعدها على تلك المهمة، لذلك وقفت ثابتة ولم تتحرك قيد أنملة، عاد هو مرةً أُخرى ثم أمسك كفها وقال:
“يلا بس متخافيش أنا معاكِ هنا”

دخل بها «ياسين» فوجد المشهد كالآتي، عامر جالسًا على الأرضية بجانب الأريكة، وهو يغني:

“كتاب حياتي يا عين ماشوفت زيه كتاب”

، بينما «خالد» جالسًا على الأريكة يتصفح هاتفه، و «ياسر» ممسكًا بالحاسوب يتابع عليه أعماله، والفتيات يجلسن بجانب «ميمي» على مقربة من الشباب، عاد «ياسين» لها ثم أمسك كفها وهو يبتسم بهدوء، دخل وهو يقول:

“السلام عليكم جميعًا”

إنتبه الجميع لهما، وقفت «إيمان» تقول بنبرة مُتبهجة:
“أخيرًا جبتها يا أخي دا إحنا قربنا ننساها”

نظرت هي له فوجدته يبتسم لها بهدوء ، بينما الفتيات اقتربن منها وكلًا منهن تريد معانقتها بشدة، تم الترحيب بها من قبل الفتيات وكلًا منهن تعرفها عن نفسها، ثم بعد ذلك ذهبت وألقت التحية على «ميمي» وتعارفت على أصدقاءه وتم الترحيب بها من قبلهم دون مصافحة فقط إيماءة بسيطة مع بسمة هادئة، جلست هي بجانب الفتيات وهي تفرك كفيها كعادتها أثناء توترها، سادت لحظة صمت في المكان قطعها «عامر» بقوله وهو يُعدد كما يفعلن النساء في لحظات الموت:

“يعيني عليك وعلى حظك يا عامر، يا فقرك يا عامر”

نظر له الجميع بتعجب،بينما تحدثت«ميمي» بضيق قائلة:
“يا بني عيب عليك بقى كدا كتير وحرام”

نظر لها بضيق ثم قال:
“ماهو من بختي، إيه مصر كلها هتتجوز في اليوم اللي هتجوز فيه،أومال فين العنوسة وفين البطالة؟ خلاص اتحلت على حظي؟”

ضحك الجميع عليه وعلى طريقته حتى «خديجة» نفسها، بينما «سارة» ردت عليه قائلة:

“خلاص بقى يا عامر، حصل خير نأجل الفرح شوية؟”

وقف كمن سُكب عليه دلوًا من الماء البارد وهو يقول بحنقٍ:

“نعم يا ختي؟ نأجل إيه أنسي ، أنا ممكن أعملك زفة عربيات ولا أني أأجل الفرح”

زادت ضحكات الجميع، وقبل أن يعقب أحد على حديثه
صدح صوت هاتف «خديجة» برقم «وئام» أخرجت الهاتف فنظرت حولها بتوتر وهي تشعر بالخجل من الجميع، نظر لها «ياسين» ثم قام وآخذها إلى الشرفة حتى تستطع التحدث براحة أكثر، أنتهت المكالمة قبل أن تجيبه، فنظر لها هو مستفسرًا وقال:

“فيه حاجة ولا إيه؟مالك حصل حاجة زعلتك؟”

حركت رأسها نفيًا بهدوء ثم قالت:
“لأ وئام كلمني وملحقتش أرد عليه و..”

صدح الهاتف مرةً أُخرى، فأجابت هي بسرعة كبيرة، تحت نظرات التعجب من أفعالها، بعد الترحيب بينهما قال «وئام»:

“أنا سألت نبيل يا خديجة، وقالي إن فيه قاعة فاضية الفترة دي عملوا فيها تعديلات ولسه محدش يعرف عنها كتير علشان هي لسه خلصانة، وقالي كمان إنه هيعمل معاكم واجب حلو علشاني، أبعتيلي رقم ياسين، علشان أبعتله صور القاعة ولو تمام، أظبطلكم الدنيا”

شعرت هي بالفرحة فقالت بصوتٍ مليء بالفرح:
“شكرًا يا وئام مش عارفة أقولك إيه، ربنا يكرمك ويقوملك هدى بالسلامة”

ضحك هو على جملتها ثم قال:
“شكر إيه يا هبلة أنتِ أختي، أنا تحت أمرك وأمر ياسين كمان”
تنهدت هي بعمقٍ ثم قالت بحماس:
“طب ياسين معاك أهوه كلمه”

مدت يدها بالهاتف له، فنظر هو لها مُتعجبًا، فوجدها تومأ مشجعةً له، أخذ منها الهاتف ثم قال بهدوء:

“السلام عليكم إزيك يا وئام؟”

وبعد الترحيب بينهم أخبره «وئام» بما أخبر «خديجة» به، فقال «ياسين» بنبرة حماسية:

“بجد، طب ممكن تبعتلنا الصور والرقم كمان؟”

رد عليه «وئام»:
“آه طبعًا، هو بعتلي الصور حالًا وحقيقي جميلة جدًا وكمان سعرها مش كتير أوي وغير كدا لسه هيعمل واجب معاكم”

إتسعت بسمته وقال:
“دا جِميل مش هنساه ليك أبدًا، ربنا يقدرني وأردهولك”

إبتسم «وئام» ثم قال:
“لا جِميل ولا حاجة، أنتَ أخويا زي وليد، كل اللي عاوزه منك بس تحافظ على أختي، وساعتها تبقى عملت الواجب وزيادة”

نظر لها «ياسين» بحب ثم قال:
“متخافش عليها معايا، اللي زيها يتحط في العين ويتشال على الراس ويتقفل عليه في القلب”

ضحك «وئام» ثم قال:
“يا سيدي يا سيدي، دا إحنا نتعلم منك الكلام الحلو بقى”

بينما هي أخفضت رأسها في خجلٍ حينما فهمت مرمى الحديث وأنه يخصها هي، أغلق «ياسين» مع «وئام» بعدما أملاه رقم هاتفه، وفي خلال ثوانٍ وصلت الصور لهاتف «ياسين»، نظر هو في الصور بفرحة ثم قال:

“تعالي شوفيها كدا يا خديجة تحفة بجد”

اقتربت منه بخجل، تنظر للهاتف في يده، فمال هو على أذنها يقول بنبرة هادئة مؤثرة:
“عقبال ما نتفرج على قاعة فرحنا أنا وأنتِ إن شاء الله”

وجهت بصرها نحوه بسرعة كبيرة ثم قالت بصوتٍ مهزوز:

“إيه…فرحنا؟”

أومأ لها مؤكدًا ثم قال:
“إيه مش عاوزانا نكون يادي الزين ويادي الزينة ولا إيه؟”

إبتسمت على جملته ثم اخفضت رأسها تنظر في الهاتف بينما هو كان ينظر لها مُبتسمًا وهو يرى تعابير وجهها، بعد ذلك أغلق الهاتف ثم قال:
“تعالي بقى نفرحهم برة قبل ما عامر ينتحر”

خرج «ياسين» و «خديجة» أيضًا فقال هو بهدوء:
“جماعة معلش ركزوا معايا كدا وشوفوا القاعة دي وقولوا رأيكم فيها”

أعطاهم الهاتف ثم عاد ليقف جانبها مرةً أُخرى،تحرك الهاتف لأيديهم جميعًا، وكلًا منهم ينبهر بجمالها ورقيها، عاد الهاتف له من جديد فقال هو بعدما إبتسم:

“مبدأيًا كلنا نشكر خديجة، وأنا هفهمكم كل حاجة”

نظرت هي له بتوتر وخجل، بينما «عامر» قال بسخرية:
“ياعم شكرًا لك ولـ خديجة و لـ نفيسة و لـ مديحة بس فهمنا بقى”

إبتسمت «خديجة» بهدوء ، بينما رفع «ياسين» أحد حاجبيه وقال:
“أنتَ بالذات لما تحترم نفسك، هبقى أقولك”

تدخلت «إيمان» تقول بضيق:
“ما تخلصونا يا جماعة أنا لسه متعرفتش على خديجة كويس، ومفيش وقت تطلع إيه القاعة دي”

اقترب منهم «ياسين» وجلس على الكرسي بجانب «ميمي» ثم قص على الجميع ما فعلته هي، انهى حديثه ثم أضاف قائلًا:
“وكمان لسه لما نكلمه ونعرفه إن فيه فرح كمان بعدها بشهر كدا وهو فرح ياسر”

إنفرجت أسارير الجميع وظهرت الفرحة على وجوههم، فتحدث «خالد» قائلًا:
“طب عظيم أوي كدا معاك بقى رقم مدير القاعة دي علشان نلحق نتفق معاه”

أومأ له «ياسين» بهدوء ثم قال:
“هبعتهولك حالًا، وأنتَ كلمه وأتفق معاه”

وقف «عامر» أمام «ياسين» وهو يقول:
“روح إلهي يكرمك دنيا وآخرة يا بن زُهرة و رياض، إلهي يكرمك ببنت الحلال قادر يا كريم”

نظر الجميع له بتعجب حتى «خديجة» التي أبتسمت رغمًا عنها، بينما «ياسر» تدخل في الحديث حينما رآى تهجم وجه «ياسين» قائلًا:
“يابني ما أنتَ كنت ماشي كويس، بنت الحلال لقاها خلاص، نفسي تبطل غباوة بقى”

ضرب «عامر» على رأسه بقوة ثم قال:
“أصل أنا لساني واخد على الدعوة دي”

نظر «ياسين» له بضيق ثم قال:
“يا أخي أنا نفسي أرتاح منك بقى، هو أنتَ إيه”

وقف «عامر» بغرور وهو يقول:
“عامر فهمي أكبر مدير لأكبر شركة من كبار شركات السياحة في مصر”

مر «خالد» من جانبه حتى يدخل الشرفة ثم قام بصفعه على رقبته من الخلف وهو يقول:

“قصدك أهطل مدير”

ضحك الجميع عليهما، بينما «عامر» وضع يده على رقبته وهو يقول بإحراج مصطنع:
“على فكرة هو عمل كدا علشان خايف مني، خالد دا بيترعب من حاجة إسمها عامر”

رد عليه «ياسر» بسخرية:
“آه طبعًا على يدي”

خرج «خالد» من الشرفة وهو يزفر بضيق، نظر له الجميع بتفحص بينما هو قال بضيق:

“أنا عاوز أعرف يا عامر أنتَ نحس ليه؟”

اقترب منه «عامر» يقول بخوف:
“متقولش القاعة ولعت؟ خلاص يا سارة أنتِ من طريق وأنا من طريق”

وقفت«سارة» متأهبة وهي تقول:
“وأنتَ طريقك إيه يا عامر إن شاء الله؟”

تصنع البكاء وهو يقول:
“هروح أصطاد بطاريق من القطب الشمالي وأعملهم تونة”

ضرب «ياسين» كفًا بالأخر وهو يقول:
“حتى وأنتَ متنيل على عينك بتفكر في الأكل؟ تونة إيه دي اللي أنتَ عاوز تعملها”

رد عليه «عامر» بحنقٍ:
“أصل أنا مبدأي في الحياة، الناس تجرحك والأكل يريحك”

زفر «ياسين» بضيق ثم قال بضيق:
“سيبك منه يا خالد وقولي الراجل قالك إيه؟”

وضع «خالد» يده على رأسه ثم قال:
“القاعة دي أكبر قاعة في القاعات اللي هناك معمولة علشان تاخد فرحين مع بعض، يعني لو العادية بتشيل ٢٠٠ دي بتشيل ٤٠٠ وهنحتاج على الفلوس اللي مع عامر نص المبلغ كمان”

سألته «ريهام» بإحباط لأجل صديقاتيها:
“طب مفيش حل تاني أو حاجة؟”

حرك رأسه نفيًا ثم قال:
“للأسف مفيش حل تاني؟”

اقتربت «خديجة» من «ياسين» بهدوء ثم مالت على أذنه وقالت:
“ياسين أنا عندي فكرة تحل الموضوع دا كله”

نظر لها ثم جلب مقعد صغير حتى تجلس عليه أمامه وقال:
“فكرة إيه قولي؟”

نظرت حولها وجدت الجميع منشغلين عنها، فأخذت نفسًا عميقًا ثم قصت عليه ما تُفكر به، إنتهت من سرد ما تفكر به ثم أضافت قائلة:

“بصراحة أنا قولت كدا أفضل بس برضه هما ممكن يكون ليهم رأي تاني، أنتَ إيه رأيك؟”

إبتهج وجهه بشدة، ثم إقترب منها وقبل قمة رأسها وهو يقول:
“تسلم دماغك يا خديجة الله يبارك لك”

شعرت بالخجل فأخفضت رأسها بسرعة كبيرة بينما وقف هو وقال:
“إسمعوا يا جماعة خديجة قالت إيه، قالت فكرة حلوة أوي”

نظرت لها «إيمان» وهي تقول بسرعة:
“ها يا خديجة قولتي إيه”

شعرت بالخجل فقالت بتوتر:
“ممكن ياسين يقولها، أنا مش هعرف أقولها تاني”

حرك رأسه نفيًا وشعر أنها فرصة لها, لذلك قال:
“لأ مش هعرف أنا أقولها دي فكرتك أنتِ وأنا نسيتها، أصلًا”

نظرت له بتوتر فوجدته رافعًا أحد حاجبيه وكأنه يتحداها، زفرت هي بضيق ثم قالت:

“طب..أنا بقول طالما الأستاذ ياسر و الأستاذ عامر، أفراحهم قريبة من بعض يبقى يعملوا الفرح في يوم واحد كدا هيوفر وقت ومجهود وكمان الفلوس هتبقى أقل لما أنتم الأتنين تدفعوا تمن القاعة سوا”

نظر لها الجميع ولم يتفوه أيًا من الموجودين، بينما هي شعرت بالإحباط إلا أن فاجئها ما حدث.
_______________

في منطقة من المناطق الراقية في محافظة القاهرة، وصل «حسان» و إبنته لتلك الشقة، وقفت إبنته منبهرة مما رآت، كان «عماد» واقفًا بجانبه على عتبة الشقة حمحم «حسان» ثم قال:
“إيه رأيك يا جميلة عجبتك الشقة؟”

إقتربت منه تقول بنبرة حماسية:
“أوي أوي يا بابا، والعفش فيها حلوة أوي”

تدخل «عماد» قائلًا:
“طب الحمد إنها عجبتك، وأنتَ يا حسان؟ إيه رأيك؟”

أومأ له «حسان» بهدوء ثم قال:
“حلوة أوي يا عماد تسلم و يسلم وجودك و مجهودك يا رب”

ربت «عماد» على كتفه ثم قال:
“متقولش كدا أنتَ أخويا يا حسان، وحقيقي ربنا بعتك نجدة ليا بدل ما أنا عايش لوحدي هنا أنا ومراتي”

نظر له «حسان» بحزن فهو يعلم حزنه بسبب عدم قدرة زوجته على الإنجاب، لذلك قرر ترك الصعيد والعيش في القاهرة حتى يتخلص من سلطة والديه، إقتربت منهما «جميلة» تقول بمرحٍ:
“لأ لوحدكم دا كان زمان أنا هنا موجودة، وعاوزاك تعرفني على طنط علشان نبقى صحاب”

أتت زوجة «عماد» من الخلف وهي تقول:
“وطنط مش مصدقة نفسها من فرحتها إنها لقت ونس ليها هنا”

نزلت إمرأة في منتصف العقد الرابع من عمرها، ذات وجهٍ بشوش وبسمة هادئة، إقتربت منها «جميلة» ثم قالت وهي تمد يدها:

“أنا جميلة خريجة تربية قسم لغة عربية السنة دي”

أخذتها المرأة في أحضانها ثم قالت:
“أنا لسه هسلم بالإيد؟ تعالي في حضني علطول”

خرجت «جميلة» من حضنها ثم قالت:
“الله أنا بحب الناس الإجتماعية اللي زيي دي، أنا بعد كدا هتعبك في عيشتك”

ضحكت «نادية» ثم قالت:
“يا ستي أي حاجة أنا راضية، المهم حد يونسني هنا تعبت من الوحدة”

تحدث «حسان» بآدب وهو يقول:
“إحنا هنتقل عليكِ الفترة دي معلش، وجميلة هتبقى معاكِ لحد ما المحل يجهز بس وبعد كدا هتنزل معايا

نظرت «نادية» له بحزن ثم قالت:
“أنا مش هرد أنا هاخدها منك فوق، واعملوا حسابكم جميلة خلاص مش هتسبني”

وافقها زوجها ثم أضاف قائلًا:
“طب يا نادية خليها معاكِ وأنا هاخد حسان علشان يشوف المنطقة، ويعرف كل حاجة فيها”

نظرت «جميلة» إلى «حسان» وقالت بهدوء:
“ياريت لو تجيب حاجات للتلاجة علشان أنا بحب أفضفض مع التلاجة بليل”

ضحك الجميع عليها، بينما «نادية» وضعت كفها على كتفها وقالت بهدوء:
“متقلقيش التلاجة مليانة وفيها خير كتير ، أنا لما عرفت إنك جاية جهزتها لكِ حاجات أنتِ أكيد هتحبيها”

أرتمت «جميلة» بين أحضانها ثم قالت:
“مش قولتلك هتعبك في عيشتك”

ربتت «نادية» على كتفها، بينما «حسان» نظر بفرح لإبنته فهو كان يخشى عليها الترك بمفردها في تلك المدينة الغريبة لهما.
_______________

في بيت آلـ «رشيد» وقف «وليد» ينتظر المصعد في الأسفل، فخرجت منه «خلود» و «سلمى»، نظر لهن بسخرية ثم قال:

“ريا و سكينة،رايحين فين يا شَابة منك ليها؟”

نظرت له «خلود» بضيق ثم قالت:
“نازلين نجيب حاجات، نجبلك معانا يا وليد؟”

ربت على كتفها بقوة ثم قال بنبرته الساخرة:
“كفي نفسك ياختي أنتَ وهي، أنتم عاوزين اللي يصرف عليكم”

وافقته «سلمى» قائلة:
“والله العظيم فلسنا خلاص، هات أنتَ فلوس يا وليد”

نظر لهن بحنقٍ ثم قال:
“هو أنا خلفتكم و نستكم، كل واحدة تروح تطلب من أخوها”

وقفت «خلود» أمامه بضيق مُصطنع ثم قالت:
“وهو أنتَ مش أخونا يا ليدو؟”

حرك رأسه نفيًا ثم إبتسم ليثير إستفزازها وقال:
“لأ ياختي طالما فيها فلوس أنا مش أخوكم، أنا إبن عمكم”

نظرت «سلمى» لـ يده وجدته يحمل بها حقيبة تشبه حقيبة الهدايا، فقالت بخبثٍ:
“إيه اللي في إيدك دا يا وليد؟”

نظر لها بإستفزاز ثم قال:
“وأنتِ مالك يا سلمى؟”

تدخلت «خلود» تقول بخبثٍ:
“صح أنتِ مالك يا سلمى، وهو برضه لو سألنا عن عبلة هنقوله أنتَ مالك”

ضحكت الفتيات بينما «وليد» ضيق جفونه ينظر لكلتاهما بضيق، ثم أخرج من حافظة نقوده أموال، وقال:

“قبل ما واحدة فيكم تاخد مني حاجة تقولولي عبلة فين؟”

خطفت «سلمى» الأموال من يده ثم قالت:
“عبلة فوق السطح مع هدير، باي يا ليدو”

ركضت الفتيات من أمامه بينما هو نظر في أثرهن وهو يضحك، ثم بعد ذلك ركب المصعد وضغط على زر الطابق الأخير، خرج من المصعد ثم حمحم لكي يلفت انتباههن، نظرت له «عبلة» بخجل ثم قالت:
“تعال يا وليد، خير فيه حاجة”

أومأ لها في هدوء ثم قال:
“آه فيه، بُصي أنا جايب حاجة علشانك، ويارب تعجبك”

كانت «هدير» جالسة على الأريكة، و «وليد» واقفًا أمام «عبلة» لم يعيرها أي إنتباه، بينما «عبلة» سألته بتعجب:

“حاجة ليا أنا حاجة إيه دي؟”

حمحم بإحراج ثم قال:
“بصي أنا لقيتك منزلة إنك عاوزة نوت بوك واقلام تحديد علشان الكورسات وحاجات من اللي ملهاش لازمة دي في المذاكرة، جبتهم علشانك، وآه أنا عرفت طارق علشان يعني متحسيش بإحراج أو حاجة”

أخذت «عبلة» الحقيبة منه وهي تشعر بالإندهاش ، بينما «هدير» رفعت حاجبيها معًا ثم إبتسمت بسخرية، أخرجت «عبلة» محتويات الحقيبة ثم شهقت بقوة وقالت بصوتٍ مليءٌ بالفرح:

“دول زي اللي منزلاهم بالظبط، وألوانهم حلوة أوي شكرًا يا وليد بس الحاجات دي شكلها غالي أوي”

إبتسم هو نتيجة فرحتها ثم قال:
“مفيش حاجة تغلى عليكِ يا عبلة، وربنا معاكِ إن شاء الله”

تدخلت «هدير» تقول بخبثٍ:
“وهو أنتَ هتضحك عليها بالحاجات دي بقى يا وليد؟”

نظرت لها «عبلة» بضيق بينما «وليد» قال بسخرية:

“صحيح معاك حق يا سقراط”

نظرت له «هدير» بسخرية مماثلة لطريقته ثم قالت:
“و ياترى بقى سقراط قال إيه يا وليد؟”

غمز لها ثم قال:
“تكلم حتى آراك، أصل والله لولا الجملة البايتة اللي أنتِ قوليتها دي مكنتش هاخد بالي إنك قاعدة”

كادت «عبلة» على وشك الإبتسام لكنها وأدت تلك البسمة حتى لاتثير إستياء «هدير» أكثر بينما «هدير» وقفت أمامه بغرور وقالت:
“ساعات اللي بيتكلم دا بيخرب الدنيا، فـ خليه ساكت أحسن”

نظر هو لـ «عبلة» ثم أعاد نظره لـ «هدير» وقال بسخرية:
“طب ما يتكلم وإيه اللي يخليه يسكت”

أومأت له بثقة ثم قالت:
“هيجي يوم و يتكلم يا وليد متقلقش”

تركهن «وليد» لكي ينزل شقته لكنه عاد مرةً أُخرى وقال بهدوء:
“هدير هو أنتِ بتشربي برسيل بلاك جيل؟”

نظرت له بحنقٍ ثم قالت:
“إيه العبط دا أكيد لأ طبعًا “

تبدلت معالم وجهه وقال:
“غريبة أومال محافظة على السواد اللي جواكي إزاي؟”

جحظت أعين «عبلة» للخارج ، بينما «هدير» نظرت له بضيق وهي تعض على شفتيها بضيق، بينما هو غادر المكان وهو يدندن:
“آه يا أسمراني اللون بحبك يا أسمراني”

نظرت لها «عبلة» بآسفٍ ثم قالت:
“هدير أنا أسفة والله، هو بس بيحب يهزر كتير”

إبتسمت لها «هدير» بمجاملة وقالت:
“آسفة على إيه يا عبيطة أنتِ، أنتم أخواتي الصغيرين”

تنهدت «عبلة» بأريحية وأومات لها في هدوء وهي تبتسم بعذوبة.
____________________

تفاجأت «خديجة» حينما رآت تعابير الفرحة على أوجه وأصوات صراخاتهم المهللة من الجميع، وفجأة وجدت نفسها بين أحضان «إيمان» وهي تقول لها:

“شكرًا يا خديجة بجد فكرتك حلوة أوي، وإزاي مفكرناش فيها كلنا”

إبتسمت لها «خديجة» بتوتر ثم قالت:
“أنا..أنا معملتش حاجة، وكويس إن الفكرة عجبتكم”

إقتربت منها «سارة» وهي تقول:
“إزاي بس يا خديجة، كفاية تفكيرك فينا وإن خليتي قريبك يكلم الناس، شكرًا ليكم بجد حليتوا مشكلة صعبة”

إبتسمت «خديجة» بحب وعذوبة تلك المرة، ثم قالت:
“لا شكر ولا حاجة، وفرحانة أوي إن المشكلة إتحلت الحمد لله ألف مبروك”

نظرت بجانبها وجدته ينظر لها بفخر وحب، إتسعت إبتسامتها تلقائيًا لوقوع عيناها عليه، نظرت أمامها حينما سمعت «عامر» يقول:
“ياريت يا جماعة علشان الفرح يمشي كويس أم ياسين متحضرش”

تعجب الجميع مما تفوه به «عامر» عدا «ياسر» الذي أيده قائلًا:
“معاك حق ماهو إحنا مش هنفضل نكسر في قاعات الناس”

نظر لهما «ياسين» بضيق ثم قال:
“هتحلو عليا يا عامر أنتَ و ياسر؟”

تحدثت «إيمان» قائلة:
“أنا بقى عاوزة أعرف طنط زُهرة متجيش الفرح ليه علشان الفضول هيموتني”

أيدتها كلًا من «ريهام» و «سارة» بينما «خديجة» صمتت ولم تشاركهن في الحوار، فنظر لها «ياسين» وقال بسخرية:

“وأنتِ يا خديجة مش عاوزة تعرفي حماتك مش هتيجي ليه؟”

هزت كتفيها بهدوء وقالت:
“لو حاجة خصوصية أوي…بلاش..ولو حاجة عادية..عادي، المهم إن محدش يتسبب له أذى”

نظرت لها «إيمان» بضيق وقالت:
“شكلك متربية يا خديجة، وأنا الناس اللي أخلاقها عالية كدا بحبهم أوي”

نظرت لها «خديجة» بهدوء وقالت:
“شكرًا على ذوقك تسلمي يا رب”

ضحكت «سارة» وتدخلت قائلة:
“دي بتتريق عليكِ يا بنتي علشان هي معندهاش خصوصية، كلنا اخبارها عندها”

ضحكت «ميمي» وقالت:
“أنا خايفة على خديجة من إيمان، البت مش حِملك”

إقتربت «إيمان» من «خديجة» واخذتها بين ذراعيها وهي تقول:
“لأ خديجة دي حبيبتي، سيبوها معايا شوية بس وأنا والله هخلي ياسين يندم على اللحظة اللي عرفنا فيها على بعض”

إبتسم لها «ياسين» ثم قال:
“كدا كدا أنا بحبها على أي حال”

ضحك الجميع على جملته، بينما «سارة» قالت:
“قولولنا بقى ليه طنط زُهرة متجيش الفرح؟”

نظر الشباب إلى بعضهم البعض يضحكون بشدة، وأول من تحدث كان «خالد» حينما قال:
“عمي رياض مرة كان مسافر تبع شغله، وطنط أم ياسين كانت معزومة على فرح بنت صاحبتها، المهم فضلت تتحايل على ياسين لحد ما خدها الفرح كانت لابسة فستان وكانت حقيقي قمر لامؤاخذة يا ياسين”

تحدث «ياسين» بسخرية قائلًا:
“حبيبي ولا يهمك واحد، بس لم نفسك أحسنلك دي أمي برضه”

تابع «خالد» حديثه قائلًا:
“المهم راح معاها وإتعاكست منه في القاعة من صحاب العريس، ياسين طبعه هادي أوي وحكيم بس لما بتضرب منه والسلوك تلمس ممكن يخرب الدنيا، المهم كلمة منه على كلمة من الشباب ضربوا بعض،أمه إتصلت بينا نلحقه وعلى ما روحنا لقينا الرجالة كلهم محاوطين ياسين والقاعة نصها متدمر”

شهقت «خديجة» و سألت بسرعة كبيرة:
“يلهوي وعملتوا إيه بعد كدا”

رد عليها «عامر» بمرحٍ:
“عيب عليكِ دمرنا النص الفاضل طبعًا”

إنتشرت الضحكات بين الجميع في جو مليءٌ بالمرحِ.

بعد قليل أخذها «ياسين» ورحل من شقة «ميمي» بعدما إنهالت عليها عبارات الشكر من الجميع، لمساعدتها لهم، جلست بجانبه في السيارة وهي تشعر بفرحة كبيرة تضج داخلها، بينما هو ركب سيارته ثم تنهد بأريحية، نظرت له وقالت بهدوء:
“اليوم كان حلو أوي، أنا كنت خايفة بس بجد متوقعتش أفرح كدا وسطكم”

أومأ لها وقال:
“قولتلك دول أخر ناس تحسي معاهم بالخوف، المهم أنا كنت عاوز أقولك شكرًا على مجهودك الجميل في حل المشكلة”

ابتسمت بتعجب ثم قالت:
“بس أنا مش محتاجة شكر، أنا فعلًا معملتش حاجة”

حرك رأسه نفيًا ثم قال بإبتسامة هادئة:
“لأ عملتي كلمتي وئام وطلبتي مساعدته، وأنتِ بتحسي إن مجهود عليكِ، وكمان قولتي فكرة حلوة كانت تايهة عننا من التوتر، حقيقي مجهودك عظيم أوي وأنا مش هقدر أوفيكي حقك”

تنهدت هي بعمقٍ ثم قالت:
“شكرًا لك أنتَ يا ياسين، علشان الفرص الكتير اللي جاتلي بعد وجودك”

أومأ لها مُبتسمًا ثم قال:
“كفاية شكر بقى علشان الكلمة دي بتخنقني في عيشتي”

إبتسمت له ثم قالت:
“حاضر مش هقولها تاني”

بعد قليل أوقف السيارة أسفل بنايتها، نزل من السيارة وهي خلفه، وقف أمام المصِعد بهدوء وهي بجانبه تشعر بالتوتر، وصل المِصعد ففتحه لها لكي تدخله، دخلت المصعد وقبل أن يغلق الباب سألته بنبرة مهتزة:

“ياسين؟ هو أنا هشوفك تاني إمتى؟”

إبتسم لها ثم قال:
“بعد بكرة إن شاء الله، بتسألي ليه؟”

شعرت بالخجل فقالت:
“لأ عادي بسأل علشان..علشان..بصراحة مش عارفة هو سؤال جه في بالي وخلاص وواضح إن خديجة القديمة دي كانت عفوية لدرجة تعك الدنيا”

إتسعت بسمته وقال هامسًا لها بعدما إقترب منها:
“بس دا سؤال مهم، والصراحة يفرحني أوي إنك تسأليه، ولو خديجة القديمة عفويتها تخليها تسأل أسئلة حلوة زي دي يبقى نسأل الله التساهيل في رجوعها”

أومأت له موافقة بهدوء ثم أضافت:
“هترجع إن شاء الله، أنا واثقة من دا”

أيدها موافقًا ثم أضاف:
“ومن هنا لحد ما ترجع أنا راضي بأي حاجة منك”

نظرت له بحب وقالت:
“أنا بعجز عن الرد على كلامك يا ياسين،كلامك حنين لدرجة بتخليني مقدرش أستوعبه”

إبتسم أكثر وقال بنبرة هادئة:
“يَكفي وجودك اللَطيف في حياتي حتى وإن كان صامتًا”

إبتسمت له بينما هو غمز لها بطرف عينه وقال بمرحٍ:

“خلاص يا ست الكل طالما سكتِ يبقى كدا أتثبتِ”

أومأت له وهي تبتسم أكثر بينما هو إبتعد عن المصعد وقال:
“تصبحي على خير يا خديجة”

ردت عليه بنبرة ناعمة:
“وأنتَ من أهل الخير دايمًا يا رب”
______________

صعدت إلى شقتها بهدوء، فوجدت والدها ينتظرها في غرفة الصالون، شعرت بالخوف لمدة دقائق، لكنها قررت الصمود، بينما «طه» سألها بهدوء:
“أنتِ لسه راجعة من برة يا خديجة؟”

أومأت له بتوتر ولم تستطع أن تنظر له أكثر من ذلك فأخفضت رأسها سريعًا، بينما هو وقف أمامها وسألها مُستفسرًا ولكن بنبرة حنونة بعض الشيء:

“طب سؤال معلش، هو ياسين مزعلك أو أنتِ حاسة إنك مش مرتاحة معاه؟”

رغم تعجبها من سؤاله إلا أنها حركت رأسها نفيًا بهدوء،فسألها مرةً أُخرى:
“طب أنتِ عوزاني أكلمه علشانك أو حاجة؟أو اوصيه عليكِ”

رفعت رأسها تنظر له بدهشة وقالت:
“لأ شكرًا، أنا مرتاحة كدا …وهو إنسان محترم أوي”

تنهد والدها بأريحية ثم قال:
“طب يا خديجة طمنتيني، إتفضلي أنتِ”

أومأت له في هدوء ثم قالت:
“عن إذنك”

أومأ لها ثم جلس على الأريكة، صعدت زوجته من الأسفل وجدته شاردًا فسألته:
“مالك يا طه؟ حصل حاجة؟”

نظر لها مبتسمًا ثم قال:
“لأ بس خديجة لسه راجعة من برة، وشكلها كان فرحان، وبصراحة حاسس إني مطمن عليها مع ياسين دا، حتى لو مش عارف أقرب منها بس كفاية إني شايف فرحتها”

أومأت له «زينب» ثم قالت:
“ربنا يسعدها و يعوضها يا طه يا رب، ويكمل فرحتها على خير علشان خديجة فعلًا فرحانة، أنا أم وعارفة “

أومأ لها موافقًا ثم رفع رأسه وهو يقول:
“يا رب عوضها وساعدني”
_____________

مر الوقت بطيئًا من وجهة نظر «خديجة» إلى أن أتى يوم الجلسة، كانت تشعر بالفرح فقط لرؤيته، قررت أن ترتدي شيئًا لطيفًا، لذلك إرتدت قميص من اللون الأخضر، وبنطال جينز من اللون الأسود وهو ما يطلق عليه(البوي فريند). وحذاء رياضي من اللون الأبيض، وحجاب ابيض منقوش عليه زهور صغيرة من نفس لون القميص، شعرت بالثقة في نفسها، وقبل خروجها من الشقة سألت والدتها بتوتر :
“ماما شكلي حلو؟”

نظرت لها والدتها بتعجب وقالت:
“آه يا خديجة شكلك حلو أوي، والطقم دا حلو عليكِ أوي، كنت بتحايل عليكِ تلبسيه”

بنبرة متوترة أجابتها:
“عادي يعني تغير، المهم الشنطة لايقة ولا أغيرها”

إبتسمت «زينب» ثم تنهدت بيأسٍ وقالت:
“كلك قمر يا خديجة، الطقم وأنتِ، وروحك جميلة وقلبك جميل يا خديجة”

إقتربت من والدتها تُقبلها ثم قالت:
“روح قلبي يا زوزو”

صدح صوت هاتفها، فركضت بسرعة وهي تقول بفرحٍ:
“ياسين جه سلام”

لوحت بيدها وركضت من الشقة بسرعة كبيرة، بينما «زينب» نظرت في أثرها بتعجب والبسمة تُزين ثُغرها ثم قالت:
“مين دي ؟ خديجة فين”

ركضت من المصعد بسرعة كبيرة،. حينما رآته تعجبت من مظهره حيث كان يرتدي بنطال تلجي (بوي فريند) وحذاء رياضي لونه ابيض، وتيشيرت اسود نصف ذراع واسفل منه تيشيرت ابيض كامل الذراعين، وقفت أمامه مبتسمة ثم قالت:

“إيه النيو لوك دا يا ياسين؟”

نظر لها مبتسمًا ثم تفحص ثيابها قائلًا:
“من بعض ما عندكم يا ستي، حلو الأخضر دا يا خديجة”

سألته بسرعة كبيرة:
“بجد حلو يعني شكلي مش عبيط فيه؟”

حرك رأسه نفيًا عدة مرات ثم قال:
“عبيط إيه بس يا ست الكل، شكلك زي القمر، وطلتك البهية دي عاملة زي المطر”

تنهدت هي براحة كبيرة ثم قالت:
“طب يلا علشان منتأخرش”

أومأ لها موافقًا ثم ركب السيارة وهي خلفه.
_______________

في بيت آلـ «رشيد» جلست «هدير» تتحدث في الهاتف في سقة عمتها، كانت «مُشيرة» جالسة بجانبها تتابع مكالمتها فسمعتها تقول:

“بس أهم حاجة يا شهاب إن تتكلم معاها كتير، يعني متستسلمش، وأنا هبعد عنكم علشان تكونوا براحتكم”

سمعت حديثه من الجهة الأخرى فردت عليه قائلة:
“عيب عليك يابني أهم حاجة إنكم تكونوا سوا”

تابعت حديثها معه ثم أغلقت الهاتف تحت أنظار «مُشيرة» المتعجبة، سألتها عمتها بقلقٍ واضح:
“أنتِ متأكدة يا هدير من اللي هتعمليه دا؟ أنا خايفة”

نظرت لها «هدير» بثقة وقالت:
“عيب عليكِ، دا أنا هدير، كل حاجة مظبوطة بالمللي”

أومأت لها «مُشيرة» بقلقٍ ثم قالت:
“ربنا يستر، بس أنتِ هتستفادي إيه؟”

نظرت لها بغلٍ دفين ثم قالت:
“هو مش الأستاذ طارق بيقولي أبعد عن خديجة و عبلة علشان هما مش شبهي، أنا بقى هخليه يتصدم صدمة عمرهء وبالمرة ألم لسان الزفت وليد”

ربتت عمتها على ذراعها ثم قالت:
“بحب فيكي إنك مش بتسيبي حقك يا هدير، روحي يلا علشان تلحقي مشوارك مع عبلة”

قامت «هدير» وقبلتها من وجنتها وقالت:
“تربيتك يا عمتو، يلا سلام علشان عبلة نزلت”

تركتها وغادرت الشقة، بينما «مُشيرة» وضعت قدمًا فوق الأخرى وهي تقول:
“خلينا نشوف أحفاد آلـ الرشيد وهما مشرفين العيلة النهاردة، ماهو لو أنتم فاكرين إني هعيش في الهم لوحدي تبقوا غلطانين”
ثم أخرجت زفيرًا قويًا، وهي تنظر أمامها بغلٍ

في عيادة الطبيبة كان «ياسين» جالسًا بالخارج في إنتظارها، وهي في الداخل على ذلك المقعد الكبير الذي تشعر عليه بالإسترخاء، تحدثت الطبيبة بهدوء:

“إيه الأخبار حاليًا يا خديجة؟”

تنهدت «خديجة» بقوة ثم قالت:
“حاليًا حاسة بالذنب ناحية خديجة القديمة، ضيعت عليها كتير أوي، حاسة برضه من الخوف إني أرجع زي الأول”

إبتسمت الطبيبة بهدوء ثم قالت:
“طب وإيه اللي مخوفك، هو فيه حاجة اتغيرت؟”

أومأت «خديجة» في هدوء ثم قالت:
“حاجات كتير اوي اتغيرت، أنا مبقتش أخاف زي الأول، أو يمكن بخاف بس بتجاهل الخوف دا، بس حاسة إني عاوزة أحقق حاجات كتير، أنا حتى اتهورت وفكرت أخد كورس، بس خوفت في أخر لحظة وتراجعت”

أومأت لها الطبيبة ثم قالت:
“دا طبيعي يا خديجة، إنك تخافي لأنك لسه مواجهتيش تجمعات أكبر لسه مخطلتيش كفاية بالناس”

سألتها هي بهدوء:
“طب أنا ليه بحس بالذنب وحاسة إن فيه كتير فاتني”

أومأت لها الطبيبة ثم قالت:
“ثواني وهرجعلك تاني”

أومأت لها «خديجة» بينما الطبيبة قامت لمكتبها وعادت مرةً أُخرى، جلست مرة أخرى وهي ممسكة بكوب قديم متسخ في يدها، نظرت لها «خديجة» بتعجب، بينما الطبيبة إبتسمت ثم قالت:

“كل حاجة بتحصل في حياتنا يا خديجة بتكون نتيجة تراكمات، نتيجة التراكمات دي بتكون فقدان الشغف تجاه الحياة، وفقدان الطاقة، والاكتئاب وإحتراق النفس، لو كل دا بقى وصلنا له نتيجته بتكون زي الأنتحار أو آذية نفسنا وأذية اللي حوالينا”

أومأت لها فإسترسلت الطبيبة حديثها قائلة:
“شايفة الكوباية دي يا خديجة، مليانة تراب وشكلها غريب،شوفي كدا”

أخذت «خديجة» الكوب من يدها بهدوء ونظرت لها بتعجب لكنها تفاجأت حينما رآت الكوب من الداخل يلمع بشدة خاصةً أن خامته من الإستانلس، نظرت الطبيبة لتعبيراتها بدقة ثم قالت:
“بالظبط نفس رد فعلك دا يا خديجة، هو رد فعل الناس كلها بعد حكمهم على حاجة من برة، يعني الكوباية من برة شكلها مترب وغريب وواضح إن دا كله نتيجة تراكمات، قوليلي بقى إيه إحساسك تجاه الكوباية دي؟”

وضعت «خديجة» الكوب بجانبها ثم قالت:
“حاسة أني مشفقة عليها،يعني أي حد هيشوفها من برة هيحكم إنها وحشة بس هي جواها حلو وكمان هي ملهاش ذنب، ظروفها خلتها كدا”

تحدثت الطبيبة بحماس قائلة:
“بالظبط يا خديجة ظروفها خلتها كدا هي ملهاش ذنب في إن الاي حواليها مهملين أو إن البيئة حواليها كلها تراب، ومع ذلك جواها لسه بيلمع ونضيف، أنتِ زي الكوباية دي يا خديجة بالظبط، اللي حصلك مكانش بإيدك، هي ظروفك كدا والدك مع عمتك مع أفراد عيلتك كلهم، لكن مع كل دا يا خديجة قلبك لسه جميل وبيلمع، متحمليش نفسك ذنب أنتِ ملكيش علاقة بيه، وكفاية أوي اللي فاتك، وقومي ألحقي اللي جاي علشانك أنتِ يا خديجة”

شعرت بثقة كبيرة تجتاحها بعد حديث الطبيبة، ثم إبتسمت بهدوء ،بينما الطبيبة أضافت قائلة:
“عاوزين برضه نخرج كتير ننزل أكتر، جربي تروحي تشتري طلبات البيت حتى لو من السوبر ماركت، كل دا هيخلي العقل الباطن في حالة جاهزة دايمًا لأي تعامل بشري”

إستمرت الجلسة لعدة دقائق أخرى كانت هي تقص على الطبيبة أخر التطورات ومقابلتها مع أصدقاء ياسين، وكالعادة أمرتها الطبيبة في الإستمرار بتمارين التنفس والإسترخاء في البيت.
خرجت هي له وجدته كالعادة ينتظرها وهو يبتسم، إقتربت منه ثم قالت:
يلا علشان نلحق؟”

أومأ لها مُبتسمًا ثم قال:
“الله ينور عليكِ يا ست الكل،يلا علشان نلحق”

بعد نزولهما من العيادة كانت هي تشعر بثقة غريبة وحماس أغرب لكي تشاركه اليوم بأكمله، اوقف السيارة أمام عربة ذرة على الطريق ثم قال:

“يلا ناكل درة علشان دي كانت أمنية حياتي أكل درة مع حبيبتي على الرصيف”

إبتسمت هي على جملته ثم قالت:

“والله العظيم أنتَ كل يوم تفاجأني”

نزل هو من السيارة وهي خلفه، جلس هو أولًا على الرصيف وهي خلفه، بعدما طلب الذرة من العامل، رفعت رأسها تنظر للسماء ثم قالت ولازالت تنظر للسماء:
“القمر و السما والنجوم شكلهم حلو أوي مع بعض”

رفع رأسه مثلها وهو مبتسمًا ثم قال:
“معاكِ حق بس أنا قمري أحلى”

نظرت له متسفسرة فوجدته يومأ لها وهو يقول:
“أنتِ قمري يا خديجة”

إرتفعت ضربات قلبها وتدرجت وجنتيها بحمرة الخجل، بينما هو إبتسم وحرك رأسه بيأسٍ، إقترب منهما العامل وأعطاهما الذرة، أعطاها هي أولًا ثم أخذ هو بعدها، سألها بهدوء:

“عارفة تمسكيه ولا سخن على إيدك؟”

حركت رأسها نفيًا بهدوء ثم قالت:
“لأ مش سخن أنا بحبه كدا”
إبتسم هو لها ولم يعقب فقط إيماءة بسيطة خرجت منه

تنهدت بعمقٍ ثم قالت:
“أنا حاسة أني شقلبت حياتك والله، مش معقول كل دا بتعمله علشاني”

حرك رأسه نفيًا بهدوء ثم قال:
“لأ يا خديجة، أنا معاكِ عرفت حاجات كتير اوي، وعرفت إن قلوب الناس فيها كتير ربك وحده اللي عالم بيها، وعرفت إن الرصيف مع اللي بتحبه زي القصر، عرفت حاجات عمري ماكنت أعرفها ورجعت معاكِ عيل صغير تاني بيفرح ويلعب”

نظرت له بهدوء وهي تقول:
“طب ودا مش مجهود عليك، وعلى حياتك؟”

نظر لها بحب ثم قال:
“وما النَفعُ من حياتي إن لم تكوني أنتِ مِحوَرها، فَنحنُ مُكملان لِبعضنا البعضِ، فأحيانًا أشعر كأنني مركبٌ وأنتِ شراعها، وأحيانًا أخرى كشمسٍ وأنتِ شعاعها”

نظرت له ببلاهة بينما هو غمز لها بطرف عينه وقال:

“خلاص يا ست الكل طالما سكتِ يبقى كدا أتثبتِ”
______________

في أحد الكافيهات الهادئة الراقية كانت «هدير» تجلس مع «عبلة» به، وصلتها رسالة فهبت واقفة وهي تقول:
“معلش يا عبلة مكالمة ضرورية ولازم أرد عليها، مش هتأخر عليكِ”

أومأت لها «عبلة» بهدوء ولم تعقب رحلت «هدير»، بينما «عبلة» أمسكت هاتفها تتفحصه، وفجأة أتى «شهاب» وقال:

“إزيك يا عبلة، عاملة إيه؟”

نظرت له بتعجب ثم قالت:
“كويسة يا شهاب أنتَ بتعمل إيه هنا”

سحب مقعد وجلس عليه أمامها ثم قال:
“انا كنت هنا صدفة وشوفتك قاعدة لوحدك، قولت أجي أطمن عليكِ بقالي كتير مشوفتكيش”

أومأت له في هدوء ثم قالت:
“أنا هنا مع هدير، بس هي جالها مكالمة ضرورية”

تصنع التعجب وهو يقول:
“طب كويس أشوفها هي كمان بالمرة”

نظرت له بتوتر ثم قالت:
“إن شاء الله يا شهاب”

أخذ «شهاب» نفسًا عميقًا ثم قال:
“عبلة أنا عاوز أتكلم معاكِ في موضوع مهم”

على الجهة الأخرى كانت «هدير» واقفة تلتقط الصور لهما بمفردهما منذ وقوف «شهاب» امام الطاولة ثم أرسلتها لهاتف «وليد» و «طارق» معًا من رقم رقم آخر غير رقمها.

نظرت له «عبلة» بتعجب وقالت:
“خير يا شهاب أؤمر؟”

أخذ نفسًا عميقًا ثم قال:
“عبلة أنا بحبك، ومش متخيل حياتي من غيرك ، من اول مرة شفتك فيها مع هدير وأنا أتشديت لكِ؟”

وقفت بسرعة كبيرة كمن لدغتها حية وقالت:
“إيه اللي أنتَ بتقوله دا؟ أنتَ اتجننت؟”

وقف هو أيضًا مقابلًا لها ثم قال:
“إيه الجنان في أني أحبك يا عبلة، قوليلي أنا مش عاوز غيرك والله”

حركت رأسها وهي غير مصدقة ثم قالت:
لأ دا جنان رسمي فعلًا، أنا ماشية”

وقبل أن تتحرك قيد أنملة وجدته يمسك ذراعها وهو يقول:
“لما أكون بكلمك متسبنيش وتمشي، بقولك بحبك”

_”ماهو للأسف يا نجم مش أنتَ لوحدك اللي بتحبها”

خرجت تلك الجملة من «وليد» بعدما وصل لذلك المكان فور رؤيته الرسالة، ومن سوء حظ «عبلة» أن المكان لم يبعد عن بيتهم كثيرًا، جحظت أعين «عبلة» للخارج حينما سمعت صوته، بينما سأله «شهاب» بضيق:
“وأنتَ مين إن شاء الله وإيه اللي دخلك؟”

إقترب منه «وليد» ثم أبعد كفه عن ذراعيها وهو يقول:
“إبعد إيدك بس عن الحاجة اللي متخصكش بس في الأول”

إلتفت «شهاب» يقف امام «عبلة» ليقطع على «وليد» النظر لها رفع «وليد» أحد حاجبيه ثم قال:

“أنتَ قد الحركة دي يا حمادة؟”

رفع «شهاب» حاجبه بضيق ثم قال:
“مش هرد عليك غير لما تقولي أنتَ مين؟”

أومأ له «وليد» بثقة ثم قال:
“بس كدا غالي والطلب رخيص”

قال جملته ثم لكمه في أنفه وهو يقول:
“معاك وليد الرشيد، الحب القديم”

يُتَبَع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى