روايات رومانسيهرواية تعافيت بك

رواية تعافيت بك الفصل 35

رواية تعافيت بك الفصل 35 الفصل الخامس و الثلاثون منذ رؤياكِ أكتشفتُ نوعًا أخر من الغرق، وهو الغرق في عيناكِ عزيزتي”
___________

وقعت بِحُبكِ كما الأسير، ولكن بعد حبكِ أصبحتي لي ملكة وأنا لكِ أمير، و في بُعدكِ كأعمى يسير في الطرقات مُشتتُ وقلبه في حُبكِ بَصير.

نظرت لها «خديجة» بتعجب وهي تقول:
“يعني إيه مش فاهمة، إزاي مع حضرتك ومع ياسين؟”

إبتسمت الطبيبة بهدوء ثم أردفت قائلة:
“يعني يا خديجة علشان تتعودي تتكلمي مع أي حد بعد كدا، لازم تتعودي تتكلمي مع اللي أنتِ متعودة عليهم، يعني أخواتك و قرايبك، لو في أي ناس في حياتك تقدري تتناقشي معاهم، كل دا هيكسر حواجز الخوف عندك ومرة مع مرة تتعودي على الكلام مع أي حد”

سألتها «خديجة» بتعجب بعدما قطبت جبينها:
“طب وفكرة الكتاب لازمتها إيه؟”

إبتسمت الطبيبة ثم أضافت:
“علشان عاوزة أعودك على المناقشات يعني الكلام يبقى رايح و جاي، متكونيش بتسمعي بس”

أومأت لها «خديجة» بتفهم ثم إبتسمت بهدوء، بينما الطبيبة تنهدت بهدوء ثم قالت:

“الرُهاب أنواع يا خديجة، محدش بيصحى في يوم و ليلة يبقى عنده خوف من التجمعات كدا، لأ، الموضوع بيجي من التراكمات، أنتِ بقى يا خديجة هتتعاملي على إنك لسه في مراحل الرُهاب الأولى يعني مش واصلة للدرجة اللي أنتِ كنتِ فيها، يعني تتكلمي عادي، لو جاتلك فكرة قوليها من غير خوف، اجتمعي مع ناس أكتر، في إيدك حاجات كتير تعمليها علشان تخرجي نفسك من القوقعة دي”

نظرت لها «خديجة» بتعجب ثم قالت:
“بس إزاي، هو مش من ضمن خطوات العلاج النفسي إعتراف المريض بمرضه، يعني إزاي أقلل من رُهابي الإجتماعي؟”

أومأت الطبيبة في تفهم ثم قالت:
“مش كل الأمراض النفسية بتتعالج لما نعترف بوجودها،في أمراض نفسية بتتعالج بالإنكار، يعني الشخص يتحدى خوفه ويقول أنا معنديش كذا، ساعتها بس يقدر يتغلب على مخاوفه لإنه ببساطة مترجم عقله الباطن على إن المشكلة مش موجودة، تمام يا خديجة؟”

أخذت «خديجة» نفسًا عميقًا ثم أومأت مُبتسمة، بينما الطبيبة قامت وأعلنت عن إنتهاء الجلسة، خرجت «خديجة» من الغرفة مُتغيرة الحال وكأنها تبدلت بأخرى في تلك الغرفة، نظر هو لها بإندهاش حينما رآى بسمتها المرسومة على شفتيها، وحينما إقتربت أكثر حتى تقف أمامه، وجدته يبتسم بسخرية ثم تبعها بقوله:

“الضحكة من الودن للودن يعني؟خير ،لازم أجيبك للشيخة هناء؟”

صفحتنا علي فيس بوك

تحميل تطبيق لافلي Lovely

إبتسمت على جملته ثم قالت:
“طب يلا ننزل من هنا وأنا هفهمك”

أشار لها بيده ثم قال:
“طب قدامي يا خديجة، علشان أنا على أخري”

نزلت من العيادة تسبقه في خطواتها وهو خلفها ينزل الدرجات بتعجب من التغير الذي طرأ عليها، لكنه تنهد حينما تذكر بسمتها له، خرج من العيادة وركب سيارته وهي فعلت مثله بهدوء، نظر لها ثم قال بنبرة هادئة:

“نزلنا من المكان دا أهوه، بهدوء بقى عرفيني كان مالك، علشان تكشري في وش أمي كدا؟”

زفرت هي بضيق ثم أومأت له وهي تقول:
“هعرفك كل حاجة، بس واحدة واحدة”

أومأ لها بعدما زَفَر بضيق ، بينما هي إبتسمت بتوتر ثم شرعت في قص ماحدث من أبيها لها، كانت هي تحكي بتوتر ملحوظ ونبرةٍ تحمل الخيبات في طياتها، وهو يقود السيارة وكله آذانٍ صاغية لما تقصه عليه، بعد ذلك أوقف السيارة في المكان المخصص لـ جلوسهما عند كورنيش النيل، نظرت هي له بتعجب بينما هو تنهد ثم أجبر شفتيه على الإبتسام وقال:

“تعالي بس ننزل نتكلم هنا بهدوء، وتفهميني كل حاجة ماشي؟”

أومأت له ثم رسمت بسمة هادئة على شفتيها.
______________

في أحد الأحياء السكنية الراقية كانت تجلس «جميلة» في شرفة الشقة الفاخرة التي سكنت بها عن جديد، كانت تشم الهواء الطلق حولها وهي تشعر براحة نفسية كبيرة، أتى والدها من الداخل يبحث عنها حينما لاحظ صمتها، لكنه إبتسم بهدوء حينما رآى مظهرها يدل على السعادة، فكانت جالسة وخصلاتها السوداء متوسطة النعومة تطاير حولها وبسمتها الهادئة مرسومة على شفتيها، مما يدل على صفاء ذهنها، تنهد هو بعمقٍ ثم إقترب منها هو يحمحم حتى لا تتفاجأ بوجوده أمامها، نظرت له مبتسمة ثم قالت:

“تعالى شاركني الحاجات الحلوة اللي مبتتعوضش دي”

إبتسم لها ثم جلس مقابلًا لها وهو يقول:
“لأ سيبك، و قوليلي أنتِ كنتِ بتفكري في إيه؟ وإيه اللي شغل بالك كدا؟”

تنهدت هي براحة ثم قالت ولازالت البسمة تُزين وجهها:
“كنت سرحانة إزاي الدنيا اتغيرت في يوم وليلة كدا، وبقينا هنا في القاهرة، لأ وكمان بنفتح المحل اللي كنت بحلم بيه هنا، تفتكر هي لو كانت معانا كانت هتفرح زيي كدا؟”

شحب وجهه حينما باغتته بسؤالها المُفاجيء، لكنه حاول الثبات قدر الإستطاع حتى تخرج نبرته طبيعية وهو يقول:

“هي مين دي اللي كانت هتفرح؟”

إبتسمت له ثم قالت بنبرة حماسية:
“ماما، مُشيرة أكيد لو كانت عايشة وشايفاني وأنا مبسوطة كدا و حياتي بتتغير أكيد كانت هتفرق كتير وكانت هتفرح لفرحتي”

شعر بالتوتر يجتاحه، لذلك تنحنح يُنقي حنجرته ثم قال:
“آه..آه أكيد طبعًا كانت هتفرح، ماهي الله يرحمها كانت والدتك وأكيد هتفرح لفرحة بنتها”

أومأت له بأعين دامعة ثم قالت بنبرة متأثرة:
“تعرف طول عمري بتخيل لو هي موجودة، كانت كل حاجة هتتغير في حياتنا، مكناش هنعيش في الصعيد، ومكنتش هعيش كدا وسط ناس مش شبهي وحساهم مختلفين عني”

_”ومكنتيش هتحفظي القُرآن كله، ومكنتيش هتلبس الخمار، ومكنتيش هتكوني كدا يا جميلة”

قال حديثه بنبرة جامدة بعدما سمعها تسترسل في حديثها عن والدتها، بينما هي نظرت له بتعجب من نبرته وحديثه،
فـ لفت إنتباهه نظرتها، فحمحم بإحراج حتى يُزيل آثار حديثه ثم قال مُردفًا بنبرة هادئة:

“أقصد يعني إن اللي بيحصل لينا كله خير، يمكن لو كنا فضلنا زي ما إحنا أسرة واحدة مع والدتك، كنتِ بقيتي واحدة تانية بأخلاق تانية ويمكن كنتِ تعيشي وسط ناس مش شبهك فعلًا من جوة وتفضلي توهمي في نفسك إنهم بيحبوكي، بس دا بيكون إنعكاس حُبك أنتِ، وهما عمرهم ما هيقدروا قيمتك”

زاد تَعجُبها أكثر، فقالت مُستفسرة:
“إيه الألغاز دي كلها؟ وإيه الكلام الكبير اللي مخي ميقدرش يستوعبه دا؟”

إبتسم هو ثم نظر لها وهو يقول:
“فعلًا ألغاز كبيرة، المهم سيبك أنتِ قوليلي عملتي إيه مع الست نادية؟”

قال سؤاله بنبرة حاول جعلها مَرِحة حتى يُلهي تركيزها عنه، بينما هي إبتسمت ثم قالت بمرحٍ:

“عملنا حاجات كتير أوي، وشوفت المكان كله، والله إحنا ما كنا عايشين، دا إحنا كنا عايشين في مقابر”

ضحك هو على حديثها ثم فتح ذراعيه وهو يقول:
“طب تعالي في حضني وأنتِ وحشتيني كدا، طول اليوم بعيد عني”

احتضنته بشدة ثم ألقت برأسها على كتفه، بينما هو ربت على ظهرها ثم قبل خصلاتها و شدد من عناقه لها وهو يشعر بالخوف من فقدانها، ثم غرق في ذكرياته السابقة مع زوجته

(منذ زمن بعيد):
“كانت «مُشيرة» جالسة في الشرفة كما كانت إبنتها جالسة وبنفس الخصلات التي كانت تطاير حولها من نسمات الهواء الباردة، وقف هو يراقبها عن كثب وهو ضاممًا ذراعيه أمام صدره، وحينما أمعن النظر إليها وجد نفسه يبتسم رويدًا رويدًا، حركت رأسها لليمين قليلًا فرآت ظله، إلتفتت تنظر له بسرعة كبيرة، فشعر هو بالتوتر ثم إعتدل في وقفته و حمحم بإحراج وقبل أن يعود أدراجه وجدها تقول بتلهفٍ واضح:

“أستنى، هتروح فين؟”

نظر لها بإحراج ثم قال:
“لا أبدًا، أنا كنت جاي أسألك على جميلة هي فين؟”

علمت أنه يكذب عليها، فإبتسمت بهدوء ثم قالت:
“جميلة نامت من بدري من ساعة ما خلصت لعب مع العيال هنا”

أومأ لها ثم حك فروة رأسه وقال بتوتر بعدما مد يده لها:
“أنا كنت عاوز أسيبلك الفلوس دي قبل ما أسافر، يعني علشان لو إحتاجتي حاجة”

سحبت هي المقعد المقابل لها في الشرفة ثم قالت بهدوء وهي مبتسمة:

“طب تعالى أقعد طيب، واقف ليه؟”

على رغم من تعجبه من نبرتها و من معاملتها له إلا إنه شعر بأرتفاع نبضات قلبه، جلس أمامها بهدوء فوجدها تبتسم له على غير عادتها ثم قالت:

“ها قولي بقى كنت عاوز إيه؟”

نظر لها مُتعجبًا ثم مد يده بالأوراق المالية وقال:
“دول علشانك وعلشان جميلة لو إحتاجتوا حاجة وأنا مسافر”

سألته هي بتلهفٍ واضح:
“هو أنتَ هتتأخر في السفر؟”

زاد تَعجُبه أكثر من ذي قبل، لكنه رد عليها مُردفًا:
“لأ مش كتير على حسب البضاعة هستلمها إمتى، وطه أخوكي هيكون معايا

أومأت له ثم قالت بسرعةٍ كبيرة:
“تروح و ترجع بالسلامة يا رب”

حرك رأسه موافقًا بهدوء ثم قال:
“الله يسلمك، أنتِ هتعوزي حاجة مني قبل ما أنام؟”

قربت مقعدها من مقعده ثم قالت بنفس النبرة المتلهفة:
“يعني أنا لو طلبت منك أي حاجة هتنفذها؟”

قطب جبينه بقوة ثم قال بإستغراب:
“آه عادي أي حاجة، قولي بس أنتِ عاوزة إيه؟”

إبتسمت ثم نظرت له بحبٍ وهي تقول:
“ينفع تحضني قبل ما تمشي؟ هو طلب غريب شوية معلش”

إندهش هو وظهرت تعابير الدهشة على وجهه بِجلوٍ وصمت لم يستطع أن يتفوه بِحرفًا واحدًا، فـ نظرت هي له بـإحباط و هَمت بالوقوف من جانبه، لكنها تفاجأت بكف يده يسحبها له داخل أحضانه، إبتسمت هي ثم تنهدت بعمقٍ، بينما هو شدد من عناقه لها ثم قال هامسًا بإنتشاء:

“مُشيرة أنتِ بتطلبي من طلب زي دا وأنا مسافر؟ مُشيرة هو أنتِ كويسة؟”

سألها السؤال الأخر بنبرة حائرة، فأومأت هي بشدة داخل حضنه، بينما هو شعر بالحيرة أكثر فأخرجها من بين ذراعيه ثم نظر لها بقوة وقال بنبرة صوت خرجت قوية:

“مُشيرة قولي مالك في إيه؟ متخلنيش أمشي وأنا قلقان”

نظرت له بأعين دامعة ثم قالت:
“مش عاوزاك تمشي، أنا الفترة اللي فاتت خدت على وجودك حتى لو خناقتنا كتير بس مش عاوزاك تسافر، حاسة إني هبقى لوحدي من غيرك، أخواتي كلهم متجوزين ومع عيالهم وفرحانين، ينفع تديني فرصة نكون زيهم؟”

مسح على وجنتها بهدوء ثم إبتسم وقال يمازحها:
“وأنتِ جاية تقولي كدا النهاردة وأنا داخل أنام علشان ألحق القطر؟ الله يسامحك يا بنت فايز بس وعد مني هرجعلك وأخدك ونسافر ونعوض كل اللي فاتنا من فرحنا”

إبتسمت هي بإتساع ثم قالت:
“وعـــد؟”

تنهد هو بأريحية ثم قال:
“وعد، بس بعد ما أرجع بـ ٣ ايام علشان محمود يكون إستلم مني البضاعة”

إقتربت منه وطبعت قبلة سريعة على وجنته، فإتسعت مقلتيه بشدة من فعلتها وحينما وقفت لكي تتركه، وقف هو ثم أخذها بين أحضانه بسرعة كبيرة وقال بنبرة عميقة:

“أنا اللي محتاج الحضن دا يا مشيرة، وعد هرجعلك علشان نفضل مع بعض علطول”

(عودة إلى الوقت الحالي)

خرج من شروده في ذكرياته عندما شعر بسخونة وجنتيه مما يدل على هطول دموعه، أغلق جفنيه بشدة ثم فتحمها بتروٍ و نظر على ذراعيه وجد إبنته غافية في ثباتٍ عميق وهي ممسكة به، فشدد عناقه لها أكثر وقال بنبرة باكية:

“حقك عليا يا جميلة، والله مش بإيدي يا بنتي بس أنا حبيتها بجد و أتكويت بنار حبها دا، سامحيني وسامحيها يا بنتي، من بين كل ستات الدنيا القلب مدقش غير ليها هي”
_______________

جلست «خديجة» بجانبه أمام نهر النيل وهي تنظر له، تنتظر منه أن يتحدث، لكنه لم يفعل، فسألته هي بنبرةٍ مهزوزة:

“ياسين، هو أنتَ مردتش عليا ليه؟ أنا وحشة فعلًا علشان مقدرتش أسامحه، ولا ليا حق أني أزعل ومقدرش أنسى، ريحني وقولي”

نظر لها بهدوء ثم قال:
“مقدرش أحدد يا خديجة، دي مشاعرك أنتِ، أنتِ الشخص الوحيد اللي تقرري تنسي ولا لأ، أنا ممكن أدعمك وأشجعك على خطوات جديدة، لكن دا والدك وأنا عمري ما أرضى إنك تقاطعيه”

فرت دموعها رغمًا عنها ثم قالت بنبرةٍ مختنقة:

“بس أنا مش قادرة حاسة أني هموت من الذنب، وفي نفس الوقت خايفة منه، خوفي منه هو طلع أكبر من أي حاجة تانية، غصب عني أول ما جه يحضني إمبارح مفتكرتش غير لما كان بيضربني، وكل مرة إيده كانت بتنزل عليا وعلى جسمي لحد ما يزرق، أنا عيشت عمري كله فاكرة نفسي فاشلة بسببه”

أخذها بين ذراعيه بقوة ثم قال بنبرة حنونة وهو يربت على ظهرها:

“وأنا عارف و مقدر كل دا، بس إحنا عدينا بخطوات كتير، ليه نخلي الخطوة دي تعطلنا، ليه منخليهاش لصالحنا يمكن الجاي كله يكون مبني عليها”

إبتعدت عنه بسرعة ثم سألته مُستفسرة:
“يعني إيه الجاي كله مبني عليها مش فاهمة؟”

إبتسم هو على شكلها ثم قال:

“يعني فرصة تثبتي لنفسك إنك مش فاشلة وإنك تقدري تعملي كل حاجة أنتِ عاوزاها، صدقيني دا إختبار لكِ ولحياتك الجديدة”

نظرت أمامها بشرود ثم ربطت بين حديثه و حديث الطبيبة، كان هو ينظر لها مُتعجبًا، وحينما طال صمتها طرقع بإصبعيه أمام وجهها وهو يقول بنبرة مزاح:

“يا ست الكل روحتي فين؟”

عادت من شرودها وهي تقول بهدوء:
“معاك أهو، بس سرحت في كلامك وكلام الدكتورة، كلامكم شبه بعض أوي”

إبتسم هو ثم قال:
“مع إحترامي للدكتورة هناء، بس أنا لقلبك حبيب ولـ جروحك الطبيب”

غمز لها بعد جملته تلك، بينما هي إبتسمت بهدوء وحركت رأسها للجهة الأخرى حتى تُخفي عنه خجلها، فقام هو بوكزها في كتفها ثم قال:

“لما أثبتك متبقيش تتكسفي أوي كدا، علشان لسه عندي كتير، وبعدين أبقي سددي ديونك يا خديجة”

نظرت له بعدما قطبت جبينها ثم سألته بتعجب:
“ديوني؟ ديون إيه دي مش فاهمة؟”

غمز لها ثم قال:
“ليا عندك ١٠/١٠ و..بوسة”

غمز لها بعد كلمته الأخيرة مما جعل مُقلتيها تتسع بشدة، ثم أدارت وجهها وهي تغلق جفونها بشدة حتى تُحد من خجلها بينما هو قال بنبرة خَبيثة:

“أنتِ اتكسفتي ليه يا خديجة، دا أنا غرضي شريف وعاوز أبوس راسك”

التفتت تنظر له بحنقٍ ثم قالت بسخرية:
“تبوس راسي إيه يا ياسين ؟ هو أنتَ فاكرني أمك؟”

رفع حاجبيه مُتعجبًا من ردة فعلها، بينما هي شعرت بالخوف من رد فعله بعدما تفوهت به فقالت بخوفٍ:

“أنا…أنا أسفة والله، مكانش قصدي أضايقك، الكلمة خرجت مني بعفوية والله”

نظر هو لها مندهشًا من خوفها، لكنه فسر أن ذلك راجعًا لخوفها، لذلك أمسك كفها بين كفيه ثم قال بنبرته الحنونة:

“إهدي إهدي، أنا أصلًا مزعلتش أنا بس إستغربت، بس بصراحة فرحت أوي والله، أيوا كدا هزري وفرفشي”

نظرت له بتوتر طفيف وهي تقول:
“أنا أسفة والله، بس بجد الكلمة طلعت مني من غير قصد”

إبتسم لها ثم قال وهو يحاول كتم ضحكته:
“واضح كدا والله أعلم إن خديجة التانية دي كانت حوار، ربنا يعجلنا رجوعها بالسلامة”

ضربته بكفها في ذراعه وهي تقول بحنقٍ:
“بس بقى أنا غلطانة والله، بعد كدا هفكر مليون مرة قبل ما أتكلم معاك”

حرك رأسه نفيًا بهدوء ثم قال:
“لأ يا خديجة، أوعي تفكري في كلامك ولا تصرفاتك طول ما أنتِ معايا، أنا عاوزك علطول على طبيعتك زي ما أنتِ كدا بكلامك وطريقتك وعشوائيتك و عفويتك في التفكير، عاوزك خديجة”

إبتسمت له بحب ولم تعقب على حديثه، بينما هو تحدث بمرحٍ يقول:

“يلا يا ست الكل، علشان ورانا مشوار مهم”

سألته مستفسرة بهدوء:
“هنروح فين طيب؟”

غمز لها وهو يقول بمرحٍ:
“خاطفك، عندك مانع؟”

حركت رأسها نفيًا بهدوء وهي مبتسمة، بينما هو إتسعت بسمته ثم وقف حتى يذهبا من هذا المكان.
________________

في بيت آلـ «الرشيد» بعدما عاد «وليد» من عمله إغتسل وبدل ملابسه بأخرى بيتية ثم صعد إلى سطح المنزل، جلس على الأريكة وهو ينظر أمامه لـ «سلمى» و «خلود» وكانت كلتاهما تشعر بالتعجب، فتحدثت «خلود» بضيق:

“ما تخلص يابني وقولي عاوز إيه؟، أنتَ فاضي؟”

نظر لها بحنقٍ ثم قال:
“لمي نفسك يا بت وإتكلمي عدل، بدل ما أقوم ألمك”

نفخت «خلود» وجنتيها بضيق بينما تحدثت الأخرى تقول:
“ماهو أنتَ لو تريحنا وتقول عاوز إيه هنسكت، لكن أنتَ وترت أهالينا من غير ما نعرف حاجة”

نفخ هو وجنتيه ثم قال:
“طيب نقول تاني، عبلة تعبانة نفسيًا الفترة دي، علشان حاجات حصلت مكانتش متوقعاها، أنا بقى عاوز أفرحها، وبما أني مليش في الهبل دا جبتكم أنتم الجوز علشان تساعدوني، نقول تاني؟”

نظرت كلتاهما للأخرى بخبثٍ، فتحدثت «خلود» تقول بِفطنة:

“طب واللي يحل المشكلة دي تدفعله كام؟”

ضيق جفونه ينظر لها بضيق ثم قال:
“طول عمرك طماعة ومادية، ومتربتيش”

حركت رأسها للجهة الأخرى تقول بإستفزازٍ له:
“أنتَ حر هو دا اللي عندي، قولت إيه تسمع عرضي ولا نروح نشوف حالنا إحنا مش فاضيين”

أرجع رأسه للخلف ثم أعادها مرةً أُخرى وهو يقول:
“أمري لله، أشجيني يا شابة”

إقتربت منه «خلود» وهي تقص عليه ما يجب عليه فعله حتى يُسعد زوجته، إستمع لها و للإضافات التي كانت تقولها «سلمى» ثم نظر لكلتاهما بشكٍ وقال:

“على ضمانتكم؟ ولا هنروح في داهية؟”

وضعت «خلود» يدها على كتفه وهي تقول:
“عيب عليك يا ليدو، دا أنا خلود ودي سلمى،يعني بعون الله طلبك مقضي”

أومأ لها ثم أخذهن ونزل من البيت في المِصعد و لسوء حظه بمجرد فتحه الباب وجد عمته و «هدير» في وجهه في الطابق الأرضي، ولكن من سوء حظ «هدير» تصادمها في «وليد» دون قصدًا منه، مما أدى إلى سقوط الحقائب من يدها فنظرت له تصرخ بوجهه:

“أنتَ أعمى؟ مش تفتح يا بني أدم؟”

رفع حاجبه ينظر لها ولعمته بضيق، ثم قال موجهًا حديثه لها:

“مخدتش بالي ياختي خلاص، مشوفتكيش أعملك إيه؟”

نظرت له بضيق من برودة معاملته، ثم قالت:
“مشوفتنيش ليه شفافة قُدامك؟”

إبتسم بخبثٍ ثم قال:
“لأ وأنتِ الصادقة أصل أنا ماشي بمبدأ مهم جدًا، وهو إيه بقى؟
لن أضعك في دائرة إهتمامي حتى وإن كُنت تقف أمامي”

نظرت له عمته بحنقٍ و «هدير» أيضًا بينما هو غمز لهن ثم سار مُبتعدًا عن مكانهن وخلفه الفتيات وكلتاهما تحاول كتم ضحكاتها، بينما في الخلف«مُشيرة» نظرت في أثارهم بِضيق ثم قالت:

“يا أنا يا أنتَ يا إبن مروة، ورب الكعبة ما هسيبك”

بعد مرور بعض الوقت كان «وليد» يقف على سطح المنزل برفقة اخوته ثم قام بترتيب الطاولة الصغيرة الموضوعة على سطح البيت، وقف يراقب الطاولة ثم قال بِحيرةٍ:

“ها مظبوطة يا ريا؟ حلوة يا سكينة؟”

أومأت له كلتاهما فتنهد هو بأريحية ثم سأل مُستفسرًا:
“طب سؤال تاني معلش، هي عبلة بتحب الهبل دا بجد؟ يعني فيلم كارتون على التابلت وشيبسي وعصير؟ ولا أنتو بتشتغلوني؟ وبعدين أنا ليه حاسس إني هسكت بنت أختي؟”

ردت عليه «سلمى» بسرعة وهي تقول:
“عيب عليك، والله عبلة دي أختي وأنا حفظاها صم، هي هتفرح أوي لما تقضوا اليوم الجميل دا سوا”

أومأ في هدوء ثم قال:
“طب يلا إنزلوا هاتوها وأنا هقف هنا متداري”

ركضن الفتيات من أمامه، بينما هو إبتسم بحب ثم قال:
“يا رب أنا صحيح بجح، بس قلبي طيب والله، يا رب أجبر بخاطري”

بعد تضرعه لله وقف يختبأ في أحد الأركان المنزوية عن الأعين حتى يستطع مفاجأتها.

في الأسفل في شقة «محمد» كانت هي جالسة أمام الحاسوب الخاص بها تنظر لصورها برفقة «هدير» ، فمنذ صغارها وهي معها لم تتركها طوال حياتها، مسحت دمعة هاربة من بين أهدابها الكثيفة ثم أغلقت الحاسوب وهي تتنهد بضيق وتتذكر ما مضى عليها، وفجأة فُتح باب الغرفة على مصرعيه بواسطة «خلود» وهي تقول:

“هيا يا عبلة، عنترة إبن شداد يريدك يا فتاة”

نظرت لها «عبلة» بتعجب، فدخلت «سلمى» وهي تحمل إزدال الصلاة في يدها وتقول:
“إحنا لسه هنتكلم يلا بينا علطول، مفيش وقت أصلًا”

وقفت «عبلة» بتعجب، تنظر لما يحدث وهي لم تعلم عنه شيئًا فكانت كلتاهما تثرثر بأحاديث غير مفهومة لكنها صرخت مرةً واحدة وهي تقول:

“بس أنتِ وهي،خلاص هعمل اللي أنتم عاوزينه، وهطلع أشوف فيه إيه”

وبعد مرور ثوانٍ صعدت هي معهن بعد إرتدائها الإزدال، دخلت من باب سطح البيت وهي متعجبة وسرعان ما تحول تعجبها إلى الدهشة حينما رآت طاولة صغيرة موضوعة بالمنتصف وعليها ما تفضله من حلويات و مُقبلات، و جهاز تابلت فُتحت شاشته على فيلم الكارتون المُفضل لها، إلتفتت تنظر خلفها للفتاتين  فلم تجدهن و وجدته هو خلفها وهو يقول بمرحٍ:

“دا ريا وسكينه طلعوا بركة و كلامهم صح بقى”

نظرت له بأعين دامعة ثم قالت بنبرة جاهدت حتى تخرج طبيعية:
“هو…هو أنتَ عملت دا علشاني أنا؟”

حك فروة رأسه بخجلٍ طفيف ثم قال:
“بصراحة مش لوحدي، بس عملته علشان أشوفك فرحانة”

إقتربت منه تسأله بهدوء:
“عملت كدا ليه يا وليد؟”

إبتسم بحزن ثم قال:
“علشانك أنتِ يا عبلة، علشان مش قادر أستحمل زعلك، حاسس بزعلك إن الدنيا كلها قافلة في وشي، ومينفعش أكون كاتب كتابي إمبارح وأنتِ مكشرة في وشي كدا”

مسحت دموعها ثم قالت:
“أنا كنت هبقى غبية لو ضيعتك من إيدي، والحمد لله إن دا محصلش”

إبتسم لها بعد جملتها هذه ثم قال:
“لأ هو مفيش شك في غبائك، دا موردش على أتنين في الحياة”

إقتربت منه وهي تقول بهدوء:
“معاك حق وأكبر دليل إني غبية هو أني مقولتهاش لحد دلوقتي”

نظر لها مُتعجبًا فوجدها ترفع نفسها حتى تستطع الوصول لأذنه ثم قالت:
“أنا بحبك يا وليد، ولو العمر دا جِه فيه حاجة واحدة صح، أكيد الحاجة دي هي حُبك”

عادت لموضعها مرةً أخرى فوجدت نفسها فجأة بين أحضانه وهو يقول بلهفة:
“أخيرًا يا شيخة، دا أنا كنت جبت جاز والله”

إبتسمت هي ثم رفعت ذراعيها تحتضنه وهي تقول بأسفٍ:
“حقك عليا من كل حاجة، وآسفة على الفترة اللي فاتت كلها”

تحدث هو بهدوء:
“بس، متتأسفيش خليني أستمتع بيها في ودني”

إبتسمت هي أكثر ثم قالت:
“أنا ممكن أقولها لحد ما تزهق، أنا بحبك يا وليد”
_______________

في بيت «ميمي» وصل «ياسين» برفقة «خديجة» دخلت هي بتوترٍ طفيف، ليس كما كان سابقًا، إحتضنت «ميمي» بقوة ثم جلست بجانبها، وثوانٍ وكان الجميع بداخل الشقة بعدما إجتمعوا سويًا  عدا «سارة» زوجة «عامر» وأول من تحدث بعد الترحيب كان «عامر» حينما سألها بمرحٍ:

“إزيك يا خديجة، عاملة إيه وعمتو عاملة إيه؟”

إبتسمت هي بهدوء على طريقته ثم قالت:
“أنا بخير الحمد لله، وفرحانة علشان شوفتكم”

رد عليها «ياسر» بهدوء مُبتسمًا:
“لينا الشرف”

أومأت له بهدوء، فأضاف «عامر» قائلًا:
“مجاوبتيش وعمتو عاملة إيه؟”

إبتسمت بهدوء ثم قالت:
“وعمتو كويسة الحمد لله “

ضرب كفًا بالأخر وهو يقول بتمثيل:
“لينا القرف”

إنتشرت الضحكات عليه وعلى جملته، بينما «خديجة» شعرت بالخجل ولكنها إبتسمت ثم نظرت لـ «ياسين» وجدته يبتسم هو الأخر، وفجأة صدح صوت جرس الباب فذهبت «إيمان» وفتحت الباب فصدح صوتها وهي تقول:
“إيه يا سارة إتأخرتي ليه؟”

سمعها «عامر» فوق وأخرج هاتفه ووضعه على أذنه وهو يُمثل محادثة وهمية مع شخصٍ بعدما التفت ينظر لزوجته تحت نظرات التعجب من الجميع، فوقف يقول بجدية زائفة:

“خلاص يا جماعة متتعبوش نفسكم لقيناه وهو كويس أهوه”

إقتربت منه زوجته بعدما نظرت في أوجه الجميع فوجدت الحيرة على وجوههم ثم قالت:
“بتكلم مين يا عامر؟ ومين دا اللي  لقيتوه؟”

غمز لها بطرف عينه ثم قال بمرحٍ:
“دي وكالة ناسا، أصل سمعت خير اللهم اجعله خير إن القمر ضايع مش لاقينه، قولت أطمنهم عليه وأعرفهم أنه زي الفل قُصادي أهوه”

يُتَبَع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى