روايات رومانسيهرواية تعافيت بك

رواية تعافيت بك الفصل 40

“رواية تَعَافَيْتُ بِكَ”
“الفصل الأربعون”
_______________

صرت  في متاهات عيناكِ أهوى الوقوع، ولا أودُ يومًا منها طريقًا للرجوع.
_____________

شخصٌ مثلي يخشى الجميع، كنتُ أنتَ أمانه الوحيد، شخصٌ مثلي لم يَذق طعم الأيام، فكنت أنتَ أملُها من جديد، يا من سلمتُ لكَ قلبي، فتأنست الروح بكِ و أنرت عتمة ليلي.

بعد حديث «مُشيرة» الخبيث، إستطاعت «خديجة» رسم الثبات على وجهها مرةً أُخرى ثم اقتربت منها تقف قبالتها وهي تقول:

“تؤ، أنتِ غلطانة، عارفة ليه، علشان ياسين ميتقارنش بحد”

إن كانت الأحلام مستحيلة، فها هي تتحقق الآن، إتسعت مقلتي الجميع، ونظر كلاهما لبعضهما البعض، بينما «مُشيرة» حركت رأسها تقربها منها وكأنها تستفسر منها عما تفوهت به، فأومأت لها «خديجة» بقوة وكأنها تؤكد حديثها وهي تقول مُبتسمة:

“زي ما حضرتك سمعتي كدا، ياسين جوزي مش زي حد، وميتقارنش بحد، يعني اللي يعمل كدا أي حد غيره هو”

رُسمت بسمة فخر على شفتي «ياسين»، بينما «وليد» فنظر أمامه بخبثٍ وكأنه يرى ما تمناه قلبه يومًا ما، بينما «مُشيرة» إبتسمت بغلٍ وهي تقول:

“بقيتي بتتكلمي و تردي يا خديجة، اتغيرتي بعدما الأستاذ دخل حياتك، هي دا الأخلاق اللي كلهم بيحلفوا بيها عندك؟”

نظرت «خديجة» لكلاهما ثم نظرت لعمتها بنفس الثبات وهي تقول:

“مش معنى أني بوضح وجهة نظري أبقى مش مؤدبة ولا معنديش أخلاق، أنا بوضح الفرق بين ياسين وبين الباقي، واللي واضح جدًا إنك معندكيش فكرة عنه”

إبتسمت «مُشيرة» بسمة أكثر إتساعًا، ثم قالت بنبرة خبيثة:

“لأ ما هما صنف ملوش أمان، غدارين، وخصوصًا لو اللي معاهم  عادية، يعني فيه زيها كتير”

عند تلك النقطة لم يستطع «ياسين» التحكم في غضبه، فإقترب منها هو الأخر يقول بنبرة قوية:
“لأ أنتِ كدا مُخك سفرك بعيد أوي، مين ديه اللي فيه منها كتير، أكيد قصدك على نفسك، لكن مراتي مفيش منها اتنين في الدنيا دي لا بتتقارن بحد، ولا العين شافت زيها حد”

عند تلك الجملة، إقترب «وليد» وهو يصفق بكفيه معًا، وهو يقول بمرحٍ:
“أنا فرحان بيكم فرحة الفرخة بكتاكيتها”

قال جملته ثم وقف مقابلًا لعمته وهو يقول:
“وبعدين يا عمتو هو أنتِ مسمعتيش عمرو دياب قال إيه؟قالك أصلها بتفرق من واحدة لواحدة، فيه واحدة بتتنسي بواحدة وفيه واحدة مبتتنسيش”

غمز لها بطرف عينه، فإبتسمت هي بخبثٍ ثم قررت العزف على الوتر الأخير، فوقفت أمام «ياسين» وهي تقول بثبات:

“هما مقالوش ليك على راشد؟ شكلك كدا متعرفش”

شحب وجه «خديجة» بشدة وكأنها مريضٌ يحاول التعافي، بينما «ياسين» نظر لها مُتعجبًا من شكلها عند ذكر إسمه، لكنه تحدث بثباتٍ يُحسد عليه قائلًا:

“لأ عارف، مش دا العيل اللي اتقدملها الحد ورجع في كلامه الخميس؟ هو دا أنتِ حسباه من صنفنا أصلًا؟”

حركت «خديجة» رأسها نحوه بقوة وهي تنظر له مندهشة مما تفوه به، فهي لم تذكر إسم ذلك المدعو «راشد» أمامه قط، فكيف له أن يعلم بقصتها معه، أما «وليد» فقال بجرأته المعهودة لعمته التي ظهرت تعابير الدهشة على وجهها بوضوح:

“ريحي نفسك يا غالية، وأطلعي ادهني الفولتارين علشان ألم المفاصل، ومتنسيش تتغطي كويس علشان الهوا”

رسمت الثبات مرةً أخرى وهي تقول بخبثٍ:
“وياترى بقى عرفت كمان قال إيه؟ ولا خافت تحكيلك لا تسيبها”

أومأ لها موافقًا وهو يقول:
“عارف كل حاجة عنها، والصراحة أنا شايف إن مفيش أي مشاكل يعني واحد معندوش دم ،فاكر بنات الناس زي العرايس اللعبة، عاوز واحدة شكلها حلو وجسمها حلو يبقى راجل إزاي أصلًا، زي برضه واحدة بتسعى علشان تخرب حياة أخواتها وعيالهم يتقال عليها عمة إزاي أصلًا؟”

نظرت له ولمحة حزن تفيض من أعينها وهي تقول بصوتٍ مهزوز:

“أنتَ متعرفش حاجة بتتكلم وخلاص، لا عيشت ولا جربت اللي أنا شوفته”

سألها هو بهدوء وهو يأمل في تفهمها عند الحديث معها فقال:
“طب ما تقوليلي يمكن نحلها سوا، مش يمكن نوصل لحل مع بعض بدل ما إحنا ممشينها زي الحرب كدا؟”

حركت رأسها نفيًا بقوة وهي تقول:
“ولا عمرك هتفهم، دي ميفهمهاش غير واحد مجرب النار اللي غيره اتحرق بيها، بس أنا بقى النار اللي حرقتني دي مش هتطفي غير لما أخد حقي”

نظرت لها «خديجة» بإندهاش من حديثها، ببنما «ياسين» قال بهدوء:
“وعليكِ بإيه من دا كله؟ ما توكلي أمرك لربنا وهو يرجعلك حقك لو أنتِ زي ما بتقولي مظلومة”

إبتسمت له بسخرية ثم إلتفتت حتى تتركهم، بينما هو قال بتهديد حتى تلتفت له:

“أنا عاوز أفهمك حاجة، أي حاجة أو أي حد هيمس خديجة حتى لو بنظرة ممكن تزعلها، أنا ممكن أخرب الدنيا عليه، لو أنتِ فكراني طيب ومتربي ولساني حلو، فأنا جوايا واحد هيموت ويبقى شوارعي، فخليه نايم أحسن علشان طلعته وحشة”

إلتفتت تنظر له بضيق و ببسمةٍ ساخرة وهي تقول:
“ربنا يخليكم لبعض”

أومأ لها بخبثٍ وهو يقول:
“ويبارك في عمرك إن شاء الله يا..يا عمتو”

خرجت الكلمة الأخيرة بتهكمٍ واضح، وقبل أن تدخل المصعد أوقفها «وليد» وهو يقول بخبثٍ:

“استني يا عمتو نسيتي حاجة مهمة”

اقترب منها يقف مقابلًا لـها ثم أخرج شريط دواء من جيب بنطاله ثم وضعه في يدها وعلامات الخبث مرسومة بوضوح على وجهه، نظرت هي له مُستفسرة ولازالت علامات الانزعاج مرسومة على وجهها، فَـغمز هو لها بطرف عينه ثم قال:

“دا دوا الضغط، أصله ضرب في السما أوي النهاردة، ياريت يا عمتو تخلي بالك من صحتك، مش كل مرة هفكرك بيه كدا”

كانت كلماته ساخرة بطريقة درامية أبدع هو في إتقانها، كل ذلك كانت تراقبه «خديجة» بأعين دامعة، وعلامات الدهشة مرسومة على وجهها بشدة من الموقف بأكمله، بينما «ياسين» كان يتابع ما يحدث بهدوء مع تحفظه ببعض الثبات، نظرت «مُشيرة» في أوجه الجميع ثم ضغطت على الدواء في كفها بقوة وصعدت هاربة من أمامهم، التفت «وليد» ينظر لهما، فوجد «خديجة» شاردة بخوفٍ و «ياسين» ينظر له، إقترب منها «وليد» يهزها برفق وهو يقول:

“خديجة؟ أنتِ كويسة، معانا يعني”

انتبهت لحديثه فنظرت له ثم نظرت لـ «ياسين» وحينما ألتقت عيناها بِـ عيناه أجهشت في بكاء مرير نابع من آلام قلبها، لم يستطع هو الثبات أكثر، فوقف أمامها وأخذها بين ذراعيه وهو يربت عليها بقوة ويقول:

“بس يا خديجة، إهدي علشان خاطري، وبطلي عياط، ما إحنا كنا ماشيين حلو”

تمسكت هي به أكثر ثم قالت من بين شهقاتها:
“والله كنت هقولك على راشد دا بس أنا كنت خايفة، ومش بحب أفتكره، كنت بحارب علشان أنساه هي كل شوية تفكرني بيه”

أخرجها «ياسين» من بين ذراعيه بهدوء وقال:
“وأنا مش عاوزك تزعلي نفسك وعارف ومقدر إنك بتحاربي علشان تنسيه، وليد مفهمني كل حاجة”

نظرت له بأعين دامعة ثم قالت بحذرٍ:
“يعني أنتَ مش زعلان مني علشان معرفتكش؟”

إبتسم هو بهدوء ثم قال بنبرة حنونة:
“مقدرش أزعل منك يا خديجة، أنا زعلي كله بيكون من الدنيا عليكِ، بطلي بس عياط وأنا هبقى زي الفل”

إبتسمت هي من بين دموعها المنسابة على وجنتيها ثم عانقته بشدة وهي تقول ببكاء:

“ربنا يخليك ليا يا ياسين”

شدد هو عناقه لها ثم قال مُبتسمًا:
“بركاتك يا مُشيرة”

إبتسمت هي و «وليد» رغمًا عنهما، بينما هو إتسعت بسمته وهو يقول:

“ربنا يكرم قلبك يا خديجة، ويفرحه”

تنهدت هي بعمقٍ تسمع ضربات قلبه المرتفعة من عناقها له، بينما «وليد» إقترب منهما وهو يبتسم بخبثٍ، شعر «ياسين» بالحرج منه، فنظر له مُتأسفًا وهو يقول:

“معلش يا وليد بقى بهون عليها، وبصراحة مش هقدر أخرجها من حضني دلوقتي”

إبتسم «وليد» بسخرية وهو يقول:
“أنتَ بتستأذني أنا علشان تحضن مراتك؟ يازين ما إخترت والله، دا عم محمد قربنا ندورله على عناية مركزة بسببي”

ضحك «ياسين» بقوة و «خديجة» أيضًا، فقال «ياسين» مُستفسرًا:
“عم محمد دا حماك صح؟”

أومأ له «وليد» بقوة مُبتسمًا وهو يقول:
“أيوا هو النحلة اللي جابت عسل حياتي”

إرتفعت ضحكات الثلاثة معًا بعد تلك الجملة، بينما «خديجة» خرجت من بين ذراعيه بهدوء وهي تقول مُبتسمة:
“أنا بقيت كويسة خلاص روح أنتَ علشان متتأخرش”

نظر لها يتفحصها، فوجدها تومأ له بقوة وهي تقول:
“والله بقيت كويسة خلاص، متخافش، يلا بس علشان شغلك بكرة”

تنهد هو ثم أمسك وجهها بين كفيه ثم قرب رأسه يطبع قبلة هادئة على قمة رأسها، نظرت هي له بإمتنان، بينما وجه هو بصره نحو «وليد» وهو يقول:

“خلي بالك منها يا وليد، مش هوصيك دي الأمانة”

إبتسم له «وليد» ثم أشار على أعينه وهو يقول:

“متخافش عليها يا ياسين، خديجة في عيني”

أومأ له ثم تركهما وذهب من البيت وهو موجهًا بصره نحوها، وهي أيضًا تنظر له لم تستطع رفع أعينها من عليه، خرج من البيت وأغلق البوابة الحديدية خلفه، بينما «وليد» وقف مقابلًا لها وهو يقول:

“الواد دا جدع أوي وأنا بحبه”

دون أن تدرك ما تتفوه به قالت وهي شاردة بنبرة مُحبة:

“وأنا كمان بحبه أوي”

أتسعت مقلتيه، بينما هي أدركت ما تفوهت به فقالت بتلعثمٍ:

“أنا..أنا أسفة معلش”

كانت وجنتيها تشع إحمرارًا من الخجل، فأقترب منها وهو يقول بتفهم:
“متتأسفيش يا خديجة، أنا عارف إنك بتحبيه من ساعة ما دخل حياتك، وعارف كمان كل حاجة عنك معاه، وصدقيني لو لفيتي الأرض من شرقها لغربها والله ما هتلاقي حد يحبك زي ياسين”

أومأت له بقوة ثم قالت وهي مُبتسمة:
“عرفت وصدقت وأمنت بحبه وسلطته على القلب يا وليد، اللي زي ياسين بيجي مرة واحدة في العمر.”
_______________

في صباح اليوم التالي وهو يوم الخميس، كانت جالسة هي تفكر فيما حدث بالأمس وحديث عمتها عنها وعن حقها المسلوب، شعرت بالضيق حينما تذكرت ما حدث، لذلك قامت حتى تخرج من الغرفة فوقع بصرها على الحقيبة التي جلبها لها بالأمس، إبتسمت على الفور ثم أمسكت الحقيية وأخرجت محتوياتها، وهي تنظر لها بسعادة بالغة، قامت بتشغيل البلورة الزجاجية فوجدت ألوانها كثيرة و مُبهجة، كما أنها كانت تصدر أنغامًا هادئة، صفقت هي بكفيها معًا مثل الأطفال، ثم أخرجت العرائس تمسكها بيديها وهي تتنهد بعمقٍ، ثم أخرجت المج وهي تتلمس العبارة المدونة أسفله وحينها ضحكت بقوة حينما تذكرت نظرته لها عندما رأت تلك الجملة،إبتسمت هي ثم قامت بوضع الأشياء في خزانتها، وفجأة صدح صوت هاتفها برقمه، قامت بالرد عليه دون أن يُكمل رنته، قال هو بهدوء مُبتسمًا:

“صباح الجمال على اللي قلبي ليها مال”

إبتسمت هي بهدوء ثم قالت:
“صباح النور يا ياسين، عامل إيه؟”

رد عليها بهدوء:
“كنت في إجتماع جابلي صداع، قولت أكلمك علشان أطمن عليكِ”

ابتسمت هي بسخرية ثم قالت:
“متأكد إن الصداع مش هيزيد يعني؟ أنا كدا ممكن أزود تعبك أكتر”

أجابها هو بهدوء وبنبرة صادقة:
“لأ يا ستي مش هتزودي الصداع، صوتك هو الحاجة اللي بتخليني مرتاح يا خديجة، وبعدين صدعيني براحتك، الدماغ و صاحبها في الخدمة”

إبتسمت هي على حديثه ثم قالت:
“طب يا هندسة اتفضل على شغلك، علشان معطلكش وبعد الشغل نتكلم”

أومأ لها موافقًا ثم قال:
“إعملي حسابك بكرة الجمعة واليوم كله هنكون سوا”

قطبت جبينها تسأله بهدوء:
“ليه؟ وهنروح فين طيب؟”

ضحك هو بخفة ثم قال:
“خاطفك يا خديجة، عندك إعتراض؟ وبعدين أنا عاوزك بعد كدا تقولي موافقة وخلاص ماشي يا ست الكل؟”

ردت عليه بضيق زائف وهي تقول:
“أيوا أظهر على حقيقتك يا ياسين، بدأنا تحكمات أهوه”

إبتسم هو ثم قال:
“دا إحنا لسه بنقول يا هادي، بس على العموم لو مش عاوزة تكوني معايا بكرة خلاص”

كان حديثه بحزنٍ مصطنع، مما جعلها تجيبه بسرعةٍ دون تفكير:

“لأ طبعًا عاوزة أكون معاك، ومش بكرة بس يا ياسين، لأ علطول كمان”

إبتسم هو بإتساع وإرتفعت نبضات قلبه، فقال بهدوء:

“هانت يا خديجة، مع أني عاوزك معايا علطول وجنبي بس أنا عاوزك تكوني فرحانة وأنتِ معايا، عاوز أبدأ معاكِ عمر جديد بعيد عن عيلتك وعن أي حاجة تحسسك بالزعل يا خديجة”

إبتسمت بعذوبة ثم قالت بحب:
“شكرًا يا ياسين، ربنا يخليك ليا، روح كمل شغلك وأنا هقوم أشوف ماما وأرجع أكلمك تاني”

أغلق معها الهاتف ثم عاد إلى الأوراق أمامه يتفحصها وهو يبتسم بحب، بينما هي قبلت الهاتف بعد مكالمتها معه، قفزت واقفة فجأة ودارت حول نفسها عدة مرات بسعادة بالغة.

في شقة «محمود» كانت «هدير» جالسة تتصفح هاتفها فجأة دخلت والدتها وهي تقول:

“إنا عاوزة أفهم فيه إيه يا هدير؟من إمتى أنتِ وعبلة بعاد عن بعض كدا؟ وإيه اللي حصل بينكم؟”

زفرت «هدير» بضيق ثم قالت:
“مفيش يا ماما حاجة، هي اتجوزت وليد، ربنا يكرمهم مع بعض، خليها بقى تشوف حياتها”

نظرت لها والدتها بشكٍ وهي تقول:
“هو حصل حاجة بينكم أنتِ وهي و وليد؟ ما هو أنا عارفة طبعك بتعكي الدنيا وفي الأخر تعرفي غلطك”

نفخت وجنتيها بضيق ثم قالت:
“محصلش حاجة يا ماما ريحي نفسك، وبعدين أنا حرة بقى، مش هفضل راكنة حياتي كلها مع عبلة يا ماما”

ربتت والدتها على ذراعها ثم قالت بنبرة خبيثة:
“عاوزاكِ تفوقي لنفسك يا هدير، خديجة خلاص مكتوب كتابها، وعبلة و وليد كمان، كدا أنتِ اللي فاضلة وأنتِ أكبرهم ، مش عاوزين حد يتكلم يا هدير”

نظرت لوالدتها بسخرية وهي تقول:
“متخافيش أوي كدا، محدش هيتكلم، عارفة ليه علشان محدش فاضي يركز في حياة الناس”

قبل أن تُعقب والدتها على حديثها، وجدت باب الشقة يُطرق بواسطة شخصٌ ما، قامت والدتها وفتحت الباب وجدت «منة» إبنة جارتهم رحبت بها ثم ادخلتها غرفة إبنتها، دخلت «منة» بهدوء وهي تقول:

“أنا قولت اشوف الدنيا هنا من ساعة ما رجعت والأوضاع متغيرة، والحال مش عاجبني حصل إيه بينك وبين عبلة، وإيه اللي لم خديجة وعبلة سوا؟”

نفخت وجنتيها بضيق ثم قالت:
“في إيه يا جماعة؟ هو أنا مش ورايا غير عبلة؟ على العموم خديجة بقت صاحبتها من ساعة كتب كتابها على وليد، وفرقت بيننا، وأنا مش زعلانة خلاص هي حرة ربنا يوفقها في حياتها”

إقتربت منها «منة» تجلس بجانبها وهي تقول:

“متزعليش نفسك يا هدير، هي اللي خسرتك وبعدين خديجة دي مملة أوي بجد وشخصيتها بتعصبني، نفسي أعرف ماما بتحبها على إيه؟ وكل شوية خليكِ زي خديجة اعملي زي خديجة، ساعديني زي خديجة ما بتساعد مامتها، بجد مستفزة”

حركت «هدير» كتفيها وهي تقول:
“سيبك منهم بقى هما أحرار، المهم أحكيلي أنتِ عملتي اي في اسكندرية، أكيد خربتي الدنيا”

أومأت لها «منة» ثم قالت مُبتسمة:

“أوي بجد أحلى فترة قضيتها في حياتي، وكمان اتعرفت هناك على صحاب جداد جيران شهد أختي، ومعاهم ولد ياربي عليه قمر وخد رقمي قبل ما نرجع”

إلتفتت لها «هدير» بحماس شديد وهي تقول:
“إحكيلي بسرعة، عملتي إيه وريني صورته”

أومأت لها منة ثم أخرجت هاتفها حتى تُريها صديقها الجديد، هذا هو طبع منة فتاة سطحية ترى الحياة خلقت فقط للتنزهات والصداقات، مثلها الأعلى في الحياة هدير، تُعجب بشخصيتها كثيرًا، وبصفاتها وتراها دائمًا فتاة جميلة ذات شخصية قوية تتمنى أن تُصبح مثلها.
_______________

قامت «خديجة» بمساعدة والدتها في البيت وأعماله، حتى أوشك ميعاد عودة الرجال و الشباب من العمل، بعد ذلك جلست في غرفة الصالون وهي تتصفح هاتفها، حينها وجدت رسالة عبر أحد المجموعات الإلكترونية من فتاة تُعاني من الرهاب الاجتماعي وتريد حل حتى تتغلب على مشكلتها خاصةً أنها في عامها الجامعي الأول، تنهدت هي بعمقٍ، ثم دخلت على المحادثات الخاصة بالفتاة وقامت بمراسلتها، كانت خطوة جريئة منها، لكنها حثت نفسها كثيرًا حتى تساعد تلك الفتاة، فقامت بكتابة النصائح التي طلبتها منها هناء في بداية علاجها، وهي كتابة الرسائل الإيجابية و السلبية، كما نصحتها بالجلوس مع أفراد عائلتها بشكل روتيني، وطلبت منها التواصل معها بشكل دائم حتى تستطع مساعدتها أكثر من ذلك، ثم قامت  بإرسال التمارين على شكل نماذج  تصويرية وطالبتها بالقيام بها حتى تقلل توترها وخوفها.

لم تقرأ الفتاة تلك الرسائل، حينها زفرت «خديجة» بضيق وكادت أن تقوم بمسح الرسائل وقبل أن تفعل ذلك، وجدت الفتاة تقرأ الرسائل، انتظرت هي حتى أرسلت لها الفتاة رسالة محتواها:

“شكرًا لكِ جدًا بجد، أنتِ أكتر واحدة فادتني في الموضوع دا، متعرفيش أنا مرعوبة إزاي أروح الجامعة وخايفة”

تفهمت «خديجة» حالتها فإبتسمت ثم أرسلت لها:
“متقوليش كدا، أنا تحت أمرك، وأي وقت تعوزي فيه تتكلمي أو تحتاجي حد معاكِ أنا موجودة يا زينة، على فكرة إسمك حلو أوي”

قامت الفتاة بإرسال رمزًا تعبيريًا يدل على السعادة ثم قالت:

“وأنتِ إسمك جميل أوي يا خديجة، والله بجد متأكدة إنك جميلة زي كلامك وإسمك كدا”

أرسلت لها «خديجة» نفس الرمز ثم أرسلت لها:
“أنتِ بقيتي صاحبتي خلاص من هنا ورايح”

أرسلت لها الفتاة بسعادة بالغة:
“شكرًا يا خديجة بجد، وحقيقي أنا فرحانة أوي أني اتعرفت عليكِ، ومتفائلة أوي”

شعرت «خديجة» بالسعادة إثر حديث الفتاة فأرسلت لها بسعادة:
“إن شاء الله تكون معرفة خير يا زينة”

أغلقت «خديجة» الهاتف وهي تتنهد براحة كبيرة، وفجأة صدح صوت هاتفها برقم «عبلة» تعجبت هي في بادئ الأمر لكنها ضغطت على زر الإيجاب، فوجدت «عبلة» تقول بحماس:

“خديجة أنزليلي بسرعة علشان أنا محتاسة”

قطبت جبينها وهي تسأل بتعجب:
“في إيه يا عبلة خضتيني؟ حد حصله حاجة؟”

ردت عليها «عبلة» بسرعة:
“انزلي بس و هفهمك”

إرتدت «خديجة» إزدال الصلاة،ثم نزلت شقة عمها «محمد» على قدميها، كانت «منة» في الخلف ورأتها وهي تدخل الشقة، فصعدت مرةً أُخرى وهي تشعر بالضيق،دخلت «خديجة» ورحبت بها زوجة عمها وهي تقول بعتاب:

“كدا برضه كل دا متدخليش عندنا؟ هو لازم عبلة تكلمك يعني؟”

إبتسمت لها «خديجة» بهدوء ثم قالت:
“أنا أسفة والله يا طنط سهير حقك عليا، وبعدين خلود هنا علطول مش هنبقى إحنا الاتنين”

إبتسمت «سهير» بحب وهي تقول:
“البيت بيتكم يا خديجة، أنتم أخوات يا حبايبي وبعدين الحمد لله هدير بعدت عن عبلة، وحال عبلة اتصلح شوية، خليكِ أنتِ معاها علطول”

إبتسمت لها «خديجة» ثم قالت:
“حاضر يا طنط متقلقيش هما فين بس علشان عبلة عاوزاني ضروري”

ردت عليها «سهير» بسخرية:
“هي والست سلمى والست خلود جوة في أوضة عبلة، نزلوا الاتنين جاوبوا حاجات وطلعوا ومش فاهمة مالهم التلاتة”

أومأت لها «خديجة» ثم تركتها وذهبت، دخلت الغرفة فوجدت «عبلة» تركض إليها وهي تقول:

“تعالي ألحقيني، مش عارفين نتصرف”

نظرت «خديجة» لهن بتعجب ثم قالت:
“بالراحة طيب وفهموني في إيه؟”
أجلستها «عبلة» على الفراش ثم قالت:
“أنا خليت سلمى و خلود يجيبوا هدية لوليد علشان يعني أديهاله ومش عارفة أديهاله إزاي”

حركت «خديجة» كتفيها ثم قالت:
“طب وفيها إيه لما يرجع أديهاله فين المشكلة؟”

ضحكت عليها «سلمى» و «خلود» بينما «عبلة» ضربت رأسها بكفها وهي تقول:
“لأ دي هتموتني يا جدعان إيه الغباء دا؟ خديجة ركزي أنا عاوزة أديهاله وفي نفس الوقت أخليها مفاجأة”

أومأت لها «خديجة» بتفهم ثم قالت:
“أيوا فهمتك خلاص، بصي وليد بيحب المفاجأت أوي، يعني أنتِ ممكن تحطيها في أوضته قبل ما يرجع من الشغل وهو أول ما يدخل أوضته يتفاجأ بيها”

إقتربت منها «عبلة» أكثر وهي تقول:
“إزاي فهميني كدا؟”

أخذت «خديجة» نفسًا عميقًا ثم قالت:
“يعني دلوقتي إنزلي شقة وليد و ادخلي أوضته حطي الهدية وأخرجي تاني، بس يلا قبل ما يرجع من الشغل”

سألت «عبلة» بحماس:
“طب هما قدامهم قد إيه ويرجعوا؟”

أجابتها «خلود» بسرعة كبيرة وملامح خبيثة:
“قدامهم ساعة لسه، أحمد كلمني وقالي إنهم هيتأخروا”

ردت «خديجة» بهدوء:
“طب دا حلو يلا يا عبلة، انزلي علشان تلحقي تطلعي قبل ما يرجع”

أومأت «عبلة» موافقة ثم قامت و وضعت حجاب على شعرها، وأخذت الحقيبة، كانت «خديجة» معها حتى خرجن من الشقة سويًا، وقفت «عبلة» بخجلٍ، فربتت «خديجة» على ذراعها ثم قالت بهدوء:

“متخافيش لسه فاضل ساعة، وبعدين ماما مروة طيبة أوي وهتفرح لما تلاقيكي عاوزة تفرحي إبنها”

أومأت لها «عبلة» ثم تركتها وذهبت إلى شقة «وليد»، أوشكت «خديجة» على دخول شقتها  فوجدت «منة» تخرج من المصعد خلفها وهي تقول:

“أنا عاوزاكي يا خديجة”

إلتفتت «خديجة» تنظر لها بتعجب، فوجدتها تنظر لها بحنقٍ لا تدري سببه، ولكنها قالت بهدوء:
“اتفضلي يا منة نعم؟”

ضمت «منة» ذراعيها أمام صدرها ثم قالت بإنزعاج بدا قويًا على ملامح وجهها:

“ياريت تبعدي عن عبلة يا خديجة، وتسيبيها ترجع تاني لـهدير، أنتِ مش صاحبتنا وإحنا مش عاوزينك معانا” .

في شقة «وليد» دخلت «عبلة» الغرفة مع والدته بخجلٍ، التفتت «مروة» تنظر لها وهي تقول:

“دي أوضته يا ستي، أول مرة تدخليها بعد ما وضبها، لما رجع من عند خاله في السويس”

إبتسمت لها «عبلة» ثم قالت:
“ذوقها حلو ولونها الأزرق دا حلو مريح للأعصاب”

ضحكت «مروة» ثم قال بمزاحٍ:
“دي كانت الأول لونها رمادي وشبه السجن، كنت بحس أني داخلة عزا”

ضحكت «عبلة» ثم قالت:
“بس دلوقتي ذوقها حلو أوي، أكيد دا ذوقه”

ربتت «مروة» على كتفيها بحب ثم قالت:
“طبعًا ذوقها حلو علشان هي ذوق وليد، زي ما ذوقه كان حلو في إختيارك كدا”

أخفضت «عبلة» رأسها في خجلٍ ، بينما «مروة» تركتها وأغلقت الباب عليها وهي تتنهد بحب، تنهدت «عبلة» بتوتر ثم أخرجت محتويات الحقيبة تضعها على المكتب الخاص بغرفته، لكنها تجمدت مكانها حينما رآت برواز صغير موضوع على مكتبه يوجد به صورة «وليد» وهو يحملها بين ذراعيه في صغرهما، وأسفل منها دون عبارة بخط يده التي تعشقه هي:

“إنْ كَان أَوشَكَ قَلّبي علىٰ المَمَاتْ، فَـ حُبكِ أحّياهُ وصَنعَ المُعجزاتْ”

أمسكت «الصورة» بين كفيها ثم نظرت لها وهي تزفر دموعها، بينما هو كان واقفًا في الخلف دون أن يصدر صوتًا، وحينما سمع أنين بكاءها، اقترب منها يقف خلفها وهو يقول:

“إنْ كَان أَوشَكَ قَلّبي علىٰ المَمَاتْ، فَـ حُبكِ أحّياهُ وصَنعَ المُعجزاتْ، كنتُ ضائعًا في تِلك الحياة، فَكان قلبك لقلبي طوق النجاة”

إلتفتت تنظر له فوجدته يقترب منها وهو يمسح دموعها، تنهد هو ثم قال بنبرة هادئة:

“كل مرة كنت بحس ببعدك عني يا عبلة كنت بشوف الصورة دي، من صغرك وأنتِ معايا وكل مرة كان نفسي تكوني بين إيديا، بس بصراحة عرفت قيمة قربك مني لما البعد زاد، أنتِ كل حاجة حلوة بتيجي علشان تثبت إن الوحش مش هيدوم يا عبلة”

إحتضنته بقوة وبشهقات مرتفعة، بينما هو ربت على ظهرها ثم قال بسخرية:
“أبوكِ عنده عِلم إن أنتِ اللي حضناني؟ ولا هو بيتشطر عليا بس علشان غلبان وطيب”

إبتسمت هي رغمًا عنها، فوجدته يمسح دموعها وهو يقول ساخرًا:

“أنتِ مش عندك دموع لأ، أنتِ عندك شلالات، مفيش مرة أشوفك فيها غير لما دموعك دي تنورنا”

رفعت رأسها تنظر له وهي تقول بهدوء:
“أعمل إيه طيب بحبك، وكل مرة أحاول أفرحك فيها بلاقيك سابقني بخطوة، أنتَ علطول مفرحني أوي يا وليد، أفرحك إزاي طيب؟”

شدد عناقه لها وهو يقول:
“عاوزك معايا علطول يا عبلة مش عاوزك تسيبيني، والله دي أكتر حاجة تفرحني إنك تفضلي في حياتي”

أومأت له بهدوء، بينما هو سألها بمرحٍ:
“بس إيه التطور دا يا عبلة، واقفة في أوضتي برجلك، ومعاكِ هدية ليا، دا أنتِ خربتي الدنيا”

أجابته هي بتوترٍ:
“هي…..هي دي فكرة خديجة والله”

إبتسم هو بخبثٍ وهو يقول:
“لأ البت خديجة دي بنت حلال والله، تستاهل فعلًا تتحب على رأي ياسين”

إبتسمت «عبلة» ثم إبتعدت عنه بهدوء فوجدته ينظر لها مُستفسرًا، فقالت هي:

“طب أنا هطلع بقى يا وليد، قبل ما طارق ياخد باله من تأخيري”

أمسك كفها هو حينما حاولت الإبتعاد عنه، ثم قال بمشاكسة:

“عندك  هنا بس رايحة فين؟ هو دخول أوضة وليد زي الخروج منها؟ وبعدين إيه قلة الذوق دي حد يجيب هدية لحد من غير ما يوريهاله؟”

نظرت له بخجلٍ وهي تقول:
“علشان خاطري سبني أخرج طنط مروة كدا هتاخد بالها”

أمسك الهدية من على المكتب ثم سار بها إلى الأريكة ثم جلس وأجلسها بجانبه ، نظرت له بتعجب فوجدته ينظر لها بإستمتاع ثم وضع ذراعه على كتفها يضمها إليه وهو يقول:

“خلينا نشوف مجايبك بس الأول ، وبعد كدا أطلعي”

حاولت الإبتعاد عنه، فوجدته يقول بخبثٍ وهو يشدد مسكته لها:
“لأ ماهو أنا عندي ضعف نظر مبشوفش كويس غير وأنتِ في حضني، أثبتي بقى بدل ما أتصل بالحج محمد وأقوله رجعت لقتيت بنتك في أوضتي وأنا شاب بريء”

حركت رأسها نفيًا وهي تبتسم فوجدته يقول بخبثٍ:
“ما تكملي جميلك بقى وتحضنيني أنتِ علشان أعرف أشوف الهدية؟”

إتسعت بسمتها أكثر ثم إحتضنته، بينما هو أمسك الحقيبة يتفحصها.
___________

نظرت «خديجة» إلى «منة» بتعجب وهي تسألها:

“ليه بتقولي كدا؟ وبعدين أنا معملتش حاجة لحد ولا خدت حد من حد تاني”

نظرت لها «منة» بضيق وهي تقول:
“الكلام دا تقوليه ليهم هنا يا خديجة، لكن أنا حفظاكِ وعارفة إنك طول عمرك عاوزة تفرقي بين هدير وعبلة، وعارفة كمان إنك بتكرهي وجودي معاهم، بس أنا بقى هخليهم يرجعوا تاني يتكلموا”

إندهشت «خديجة» من حديث «منة» وحينما كادت تُعقب على حديثها، وجدت صوت قوي يأتي من الخلف وهو يقول:

“أنا و أختي اللي ميشرفناش إنها تكون صاحبتكم، وبعدين ياريت لما تتكلمي معاها تتكلمي بأدب”

إتسعت مقلتي «خديجة» بقوة، إلتفتت تنظر لأخيها فوجدته يقترب منهن وهو يقول:

“أنا أختي لا بتفرق بين حد ولا عمرها عملت مشاكل مع حد، أنتم اللي مش عارفين تسلكوا”

ردت عليه «خديجة» بخزن لأجله وهي تقول:
“هي مش قصدها يا أحمد، الظاهر فيه سوء تفاهم حصل و..”

_”بــس يا خديجة، أسكتي خالص”

خرجت تلك الجملة منه بقوة مما جعل كلتاهما ترتعد من قوة نبرته، بينما وقف هو مقابلًا لمنة وهو يقول:
“أنتِ دلوقتي غلطتي في أغلى إنسانة على قلبي، يعني تعتذري ليها بالأدب ودا حقها عليكِ”

رفعت حاجبها تنظر له بحنقٍ وهي تقول:
“أنا مبعتذرش لحد، وبعدين أنا مغلطتش هي دي الحقيقة، أختك فرقت بين صحابي”

أومأ لها «أحمد» ببرود وهو يقول:
“وحتى لو فرقت بين صحابك، في النهاية أنتِ مش مننا، يعني هي خديجة الرشيد، وهما عبلة الرشيد، وهدير الرشيد، وأنتِ منة سالم عبدالله، يعني مش مننا أصلًا، فخرجي نفسك برة عيلتنا”

وجهت «خديجة» رأسها نحوه بقوة تنظر له مُندهشة فوجدته، ينظر للفتاة بثبات، بينما «منة» نظرت له بضيق ثم قالت:

“ماشي يا أحمد، ربنا يخليكم لبعض يا رب”

تركتهما وصعدت درجات السلم، بينما «أحمد» إلتفت يُقبل قمة رأس أخته ثم نظر لها بحزن مثيل للحزن في أعينها وهو يقول:

“أنا مش زعلان يا خديجة، علشان تزعلي علشاني، هي مش شبهي وبصراحة حبي خسارة فيها”

سألته «خديجة» بحذرٍ:
“يعني بجد مش زعلان، والله ممكن أكلمها علشانك، بس مش عاوزاك تزعل بسببي يا أحمد”

إبتسم لها حتى يُطمئنها ثم قال:
“صدقيني يا خديجة والله اللي يزعلني بجد هو إنك تعملي قيمة لواحدة زي دي، أنا عمري ما أقبل حد يهينك أو يقلل منك، يبقى إزاي عاوزاني أفكر أشارك واحدة زي دي في عمري”

بكت أخته وهي تحتضنه ثم قالت:
“كبرت يا أحمد، وعرفت تتحكم في مشاعرك وتختار صح”

إبتسم هو ثم ربت على كتفها وهو يقول:
“البركة في تربيتك يا خديجة”

خرج «طه» من المصعد وهو يقول بسخرية:
“وهو إحنا معندناش شقة يعني، علشان ألاقيكم حاضنين بعض كدا قدام الشقة؟”

خرجت هي من حضن أخيها ثم أخفضت رأسها في خجلٍ، بينما «طه» إقترب منهما وهو ينظر في وجهيهما وحينما لمح الحزن باديًا عليهما قال:

“أنتم زعلانين ليه؟ حد ضايقكم ولا إيه؟”

حرك الأثنين رأسهما بنفي، بينما سأل هو «خديجة» بهدوء:

“طب أنتِ حد زعلك يا خديجة؟ عرفوني متسكتوش كدا !!”

تدخل «أحمد» يجيبه بهدوء كاذب:
“كل الحكاية أني جيت ملقتهاش ودي مش عادتها، لما سألتها قالتلي إنها كدا كدا هتتجوز وتسبني أنا بقى الفكرة رعبتني، وحسيت أني زعلت علشان كدا حضنتها”

أومأ لهما «طه» ثم وضع ذراعه على كتف «خديجة» وهو يقول:

“هي الفكرة بصراحة تزعل، يعني وجودها في البيت حلو ودايمًا محوطانا بحنانها، بيني وبينكم كل ما أفتكر ببقى عاوز أعيط، بس هي أكيد هتبقى فرحانة بعيد عننا”

نظر لها بحذرٍ فوجدها تحرك رأسها نفيًا وهي تبكي، أحتضنها هو ثم قال بنبرة شبه باكية:

“والله فراقك صعب على قلبي، وفي نفس الوقت عاوز أفرح بيكِ وأشوفك عروسة، وأنا متأكد إنك أجمل عروسة هتشوفها عيني”

نظرت له بإندهاش فوجدته يومأ لها بقوة ثم قال:
“علشان كدا بقى كل يوم لينا قاعدة سوا، لحد ما أشبع منك، أنا خلاص خدت على وجودك”

أومأت له ثم قالت بمشاكسة:
“بس كدا ؟، من عيني، المهم أني مشوفش حد فيكم زعلان وساعتها أنا هقرفكم والله”

نظر «طه» حوله ثم قال:
“طب يلا علشان ناكل أنا جعان أوي، عاملين أكل إيه يا خديجة؟”

نظرت له بحماس وهي تقول:
“ملوخية وفراخ وبتنجان مخلل”

نظر «طه» لهما بمرحٍ وهو يقول:
“لأ طالما ملوخية وبتنجان يبقى يلا بيننا”

ضحك عليه الأثنين ثم دخلوا جميعًا الشقة مع بعضهم البعض،
____________

في شقة «مرتضى» كان «وليد» غافيًا على الأريكة وهي بين ذراعيه، وفجأة دخل والده الغرفة وهو يحمحم، إنتبه «وليد» على صوت والده ففتح عينيه ينظر حوله، وجد «مرتضى» يتقرب منه وهو يقول ساخرًا:

“أصحى و فوق كدا وإحمد ربنا إن أنا مش محمد، كان زماني باخد عزاك”

تنهد «وليد» بعمقٍ ثم ارجع رأسه للخلف وهو يقول بنبرة متحشرجة:
“هو فين عم محمد؟”

أجابه «مرتضى» بضحك:
“في الشقة تحت هو و الواد طارق، إلحق بقى صحيها قبل ما يطلعوا”

غمز لوالده وهو يقول بخبثٍ:
“وليه هما يطلعوا، أنزلهم أنا”

نظر له والده بتعجب، لكنه تفاجأ مما فعله إبنه.

كان «محمد» جالسًا بجانب باب الشقة و «طارق» بجانبه، وفجأة طُرق باب الشقة، ففتح «محمد» الباب لكن أعينه إتسعت بقوة حينما رآى «وليد» يحمل «عبلة» وهي غافية بين ذراعيه، فصرخ به وهو يقول:

“يا نهار أهلك مش فايت يا إبن مرتضى، إيه اللي أنتَ عامله دا؟”

نظر له «وليد» ببرود وهو يقول:
“هتدخلني ولا أخدها وأطلع شقتنا؟ أنا بتلكك أساسًا”

قام «طارق» حينما سمع صوت والده، فنظر لـ «وليد» بشرٍ، بينما «وليد» قال بنفس بروده:

“ياريت لو توسعولي، بدل ما أخدها وأطلع تاني وساعتها هبقى عملت اللي عليا و عدّاني العيب”

رد عليه «طارق» بسخرية:
“عداك العيب!؟ لأ فعلًا إحنا اللي عالم ظالمة”

زفر «وليد» بضيق وهو يقول بخبثٍ:
“ما تدخلوني ولا ألف وأرجع تاني؟ حلو شكلكم موافقين إنها
تبات عندنا”

صرخ «محمد» يقول بضيق:
“دخلها يالا بدل ما ورب الكعبة اخليك ترمي عليها يمين الطلاق”

نظر له «وليد» بشررٍ يتطاير من عيناه ثم أدخلها ووضعها على الأريكة، التفت ينظر لعمه وهو يقول بنبرة قوية:

“أنا طلاق مبطلقش، وعبلة مش هتسبني ولا هتخرج من حياتي يا عمي ، ولو أنتَ مش فاهم هي عندي إيه أسأل إبنك طارق وهو يقولك”

ألقى بحديثه دفعةً واحدة ثم أنخفض بجزعه العلوي يطبع قبلة على جبينها بهدوء ثم إعتدل في وقفته وهو يقول:

“والبوسة دي دليل على كلامي، ولو مضايقاك أوي كدا، أبقى بُص على قسيمة جوازنا هي معاك جوة”

تركهم وغادر الشقة، تحت نظرات التعجب منهما، بينما «طارق» زفر بضيق ثم قال:

“الله يسامحك يا وليد، مش هتجبها لبر في حبك لعبلة”
______________

أنهى «ياسين» عمله ثم توجه لمنزل «ميمي» سبق الجميع هو على هناك، دخل الشقة وجدها كالعادة جالسة في الشرفة، برفقة الزرع كعادتها، إقترب منها وطبع قبلة على رأسها وهو يقول:

“أنا نفسي في رعب إهتمامك بالزرع دا في حياتي”

إبتسمت هي له ثم قالت:
“هو أنتَ طماع ياض؟ أنتَ كنت فين وبقيت فين؟”

إبتسم هو ثم جلس أمامها وهو يقول:
“أنا بصراحة مش هرتاح غير لما تكون فـ بيتي، غير كدا شكليات والله”

نظرت له «ميمي» بضحك وهي تقول:
“ربنا يكرمك ويجمعكم سوا يا ياسين، هي بنت حلال زيك وتستاهل كل خير”

أومأ لها موافقًا وهو يقول:
“آه ما هو أنا بقى كل الخير”

حركت رأسها بيأس وهي تضحك، وفجأة أتى «عامر» وهو يحمل بين ذراعيه حقيبة ممتلئة بالبقالة من السوبر ماركت، نظر كلاهما له، فوجداه يقول بمرحٍ:

“القبض نزل الحمد لله”

قام «ياسين» وأخذ الحقيبة من بين ذراعيه وهو يضحك، جلس «عامر» بجانب« ميمي» ثم قال:

“عاملة إيه يا ميمي؟”

إبتسمت هي ثم أجابته بحنان:
“كويسة يا نور عيني”

نظر لها بسخرية وهو يقول:
“أنا مالي بيكِ يا ميمي؟ عاملة أكل إيه أنا جعان؟”

نظرت له بوجهٍ ممتعض ثم قالت:
“تصدق أنك مش متربي؟ مفيش أكل أصلًا”

نظر لها بإستفزاز ولم يعقب، بينما «ياسين» جلس بجانبه وهو يقول:
“إهدا شوية وخالد هيجيب أكل لينا وجاي”

دخل «ياسر» وهو يقول بهدوء:
“السلام عليكم يا جماعة الخير”

رد عليه الجميع التحية، بينما «عامر» نظر لما يحمله بيده وهو يقول:
“إيه اللي في إيدك دا يا ياسر؟”

جلس «ياسر» بجانبه وهو يقول:
“دي منتجات للأطفال كانوا بيوزعوها في المستشفى”

سأله «ياسين» وهو قاطب الجبين:
“منتجات إيه دي يا ياسر؟”

حرك كتفيه وهو يقول:
“سيرلاك و كورن فليكس، وحفاضات و شامبو و چل، قولت أجبهم لِـ يونس إبن خالد، كل الدكاترة خدوا لعيالهم”

نطق «عامر» بسرعة كبيرة:
“قول والله فيه سيرلاك، أنا بحبه أوي”

نظر له «ياسر» بتعجب وهو يقول:
“بتحب إيه يا أهبل أنتَ؟ هي فتة؟ بقولك ليونس إبن خالد”

ضحك «ياسين» بقوة، بينما «ميمي» أضافت ساخرة وهي تقول:
“هو أنتَ يا ياسر لما تقوله ليونس هيلم نفسه يعني؟ والله ممكن ياكل يونس نفسه”

أتى «خالد» ومعه الطعام وإبنه على ذراعه، فسمع جملة«ميمي» لذلك قال بهدوء:
“مين دا اللي ممكن ياكل يونس؟”

قام «عامر»و وقف مقابلًا له وهو يقول:
“دا عيل سافل كدا مترباش، المهم جبت الأكل، رفع «خالد» ذراعه وهو يقول:
“آه أهوه، خلي عندك دم وشيل من دراعي الواد، أو الأكل”

تدخل «ياسين» يقول بسرعة كبيرة:
“لأ بلاش يشيل يونس خليه يشيل الأكل”

ضحك الجميع عدا «خالد» الذي جلس على الأريكة دون أن يفهم ما يدور حوله، جلسوا جميعًا على الطاولة حتى «يونس» جلس على المقعد بجوار «ميمي» كانت تطعمه هي بحنانها، وهي تبتسم له، فجأة تحدث «خالد» وهو يقول:

“صحيح يا ياسين أبوك كلمني بيقولي على الماتش بس قولتله إن عامر هو اللي هيظبط الدنيا”

تدخل «عامر» يقول بسخرية:
“وهو أنا فاضي زيكم؟ أنا ورايا فرح و ورايا بلاوي، وبعدين مين اللي هيلعب إن شاء الله ؟”

تدخل «ياسر» يقول بهدوء:
“عم رياض لما كلمني أنا كمان قالي هو و عم فهمي وأخوه عم فاروق”

رد عليه «عامر» ساخرًا:
“عمي فاروق؟؟ دا مركب دُعامة في قلبه أكبر مني، دا في العيد اللي فات رفع إيده يسلم عليا قلبه وقف!!”

ضحك الجميع عليه وعلى سخريته بينما «ياسين» نظر له بضيق زائف وهو يقول:

“ما تلم نفسك بقى، بتتريق على عمك؟”

تدخل «خالد» يقول بضحك:
“بصراحة معاه حق، وضعهم هيبقى خطر أوي”

رد «عامر» بسرعة وهو يقول:
“أنا عن نفسي مش هأجل الفرح لو مات، مش علشان ماتش كورة أضيع شبابي”

ضحك الجميع عليه، بينما «ياسين» أخرج هاتفه حينما سمع صوته يصدح عاليًا، نظر في الهاتف فوجد رقم والده، ضغط على زر الإيجاب، فوصله صوت والده وهو يقول:

“هات معاك فاكهة وبيبسي علشان مراتك لما تيجي بكرة وأعرف هي بتحب الرقاق ولا لأ؟”

رد عليه «ياسين» بهدوء:
“حاضر، هجيب الطلبات، وأكيد بتحب الرقاق يعني فيه حد بيكرهوا؟”

سأله «عامر» بفضول وهو يقول:
“رُقاق إيه ها؟ مين عامل رُقاق”

نظر له «ياسين» ولم يرد عليه، فقام «عامر» بخطف الهاتف من يده ثم قال:
“عمي و جد عيالي رياض حبيبي، رقاق إيه قولي؟”

ضحك «رياض» ثم قال:
” وعاملين رقاق علشان العزومة بتاعتكم بكرة”

أجابه «عامر» بسرعة وبنبرة مرحة:
“المهم زودوا علشان أنا بحب الرقاق”

ضحك «رياض» ثم قال:
“زهرة عاملة حسابكم و بزيادة كمان متخافش”

رفع «عامر» ذراعيه وهو يقول:
“ربنا يجبر بخاطركم يا رب، ويكتر من أكلكم ويزود من خير تلاجتكم”

كان الجميع ينظر له بتعجب، بينما «ياسر» قال ساخرًا:

“لو خلصت شحاتة رد على الراجل اللي بقاله ساعة بيكلمك”

رد عليه «عامر» وهو يقول:
“أيوا يا رياض يا حبيبي”

ضحك «رياض» ثم قال:
“متتأخروش بكرة يا عامر، هنستناكم”

رد عليه «عامر» بسرعة:
“لأ أنا أقدر اتأخر برضه على الرقاق”

أغلق الهاتف مع «رياض» والجميع يضحك عليه، بينما «ياسين» نظر له وهو يقول بثبات:

“مشوفش وشك بكرة عندنا، كلهم يجوا معادا أنتَ”

تدخل «خالد» يقول بهدوء:
“مش لازم إحنا بكرة، خليكم براحتكم”

حرك «ياسين» رأسه نفيًا وهو يقول:
“بطل عبط يا خالد، أمي قالتلي إنها عازمانا كلنا وأنا قايل لكم من كام يوم مش هنجدده”

تدخل «عامر» يقول بضيق زائف:
“بس مقولتش إن فيها رقاق يا أخويا”

ردت «ميمي» بهدوء وهي تقول:
“زُهرة عزماكم علشان تكونوا مع أخوكم يبقى روحوا واتجمعوا سوا”

أومأ لها الجميع، بينما «عامر» قال بهدوء:
“ياريت تجيب فاكهة حلوة، وزود في المانجا”

حرك «ياسين» رأسه نفيًا بيأس وهو يقول:
“ماشفش ب ٢ جنيه أدب”

أومأ له «عامر» موافقًا ثم قال:
“بصراحة حصل ، أنا مش مؤدب فعلًا”

نظر الجميع إلى بعضهم البعض ثم انفجروا في الضحك على «عامر» و طريقته.
__________

عاد «ياسين» إلى بيته وهو يحمل الطلبات، وضع الأشياء على طاولة السفرة والهاتف بجانبها ودخل المرحاض، فصدح صوت هاتفه برقمها، وقف «رياض» ينظر للهاتف وحينما رآى الإسم مسجل على الهاتف قال بصوتٍ عالٍ حتى يصل لإبنه:

“واد يا ياسين تليفونك بيرن”

سأله «ياسين» من الداخل:
“مين يا بابا، لو حد من العيال رد عليه”

ضحك «رياض» وهو يقول:
“لأ يا أخويا مش صحابك، دا رقم إسمه قبولي الوحيد وجنبه قلب وكوكب يلا”

إتسعت مقلتي «زُهرة» في داخل المطبخ فخرجت راكضة، وفعل إبنها المثل ثم ركض نحو والده وهو يقول:

“إيه يا رياض؟ هو أنتَ عمرك ما سترت عليا؟ العمارة كلها عرفت إني مسجل مراتي قبولي الوحيد؟!”

لوح له والده بيده وهو يقول:
“أنا مالي يا أخويا أنتَ اللي مفضوح لوحدك.”

عض «ياسين» على شفتيه بضيق ثم أخذ الهاتف ودخل به الشرفة، بينما «زهرة» اقتربت من «رياض» وهي تقول:

“هو أنتَ علطول كدا كاسفه”

ضحك زوجها وهو يقول:
“هو عارف إن أنا بحبه وبحب أهزر معاه”

حركت رأسها نفيًا بهدوء ثم دخلت المطبخ مرةً أُخرى، في داخل الشرفة قام هو بمهاتفتها، أجابته هي فوجدته يقول مُعتذرًا:
“أنا آسف والله كنت في الحمام”

إبتسمت هي بهدوء ثم قالت:
“ولا يهمك، أنا كنت هنام دلوقتي بس قولت أسمع صوتك قبل ما أنام”

تنهد هو بعمقٍ ثم قال:
“دا إيه ختمة اليوم اللي تفتح النفس دي يا خديجة”

إتسعت بسمتها ثم قالت:
“أنا بحب أسمي أوي لما تناديني بيه”

إتسعت بسمته وهو يقول بنبرة حنونة مُحبة:

“حُـروفْ أسْمـكِ لا تُـغَادِر فَمـي، أمّـا عَـنْ حُـبكِ فـسرىٰ بِـجسدي كَـما يسري دَمـي”

دُهشت هي من حديثه المفاجيء لها، بينما هو قال بنبرته المرحة:

“خلاص يا ست الكل طالما سكتِ يبقى كدا أتثبتِ “

تنهدت هي بعمقٍ ثم قالت بهدوء:
“اتثبت فعلًا والله، يعني نسيت أنا كنت هقولك إيه والله”

سألها مُتعجبًا:
“يعني أنتِ كنتِ متصلة علشان عاوزة تقوليلي حاجة؟”

ردت عليه بهدوء:
“آه يا ياسين، كنت عاوزة أقولك على حاجات حصلت النهاردة بما إني بشاركك يومي ودا بطلب من هناء والله”

إبتسم هو ثم قال بخبثٍ:
“يعني هي هناء قالتلك تحكي تفاصيل يومك لياسين تحديدًا؟”

أبتسمت هي بهدوء ثم قالت:
“هي قالتلي من ضمن الخطوات اللي محتاجها إني أتعامل مع حد بشكل روتيني وأشاركه تفاصيل يومي، أنا ملقتش غيرك يستحق حاجة زي دي”

سألها «ياسين» بهدوء:
“دا علشان أنا ياسين جوزك؟”

إبتسمت هي بهدوء ثم قالت ببطء:
“لأ علشان أنتَ ياسين..حبيبي”

إتسعت مقلتي «ياسين» حينما سمع ما قالته، فسألته هي بحذرٍ:
“هو..هو مش أنتَ ياسين حبيبي برضه”

إبتسم هو بإتساع ثم قال:
“والله العظيم دا أنا اللي بقيت بتثبت، أنتِ بهدلتي ياسين رياض الشيخ معاكِ، بقى بكلمة حلوة منك يفرح ومن نظرة حزن في عينك، حزن الدنيا كلها يمسك فيه”

إبتسمت هي ثم قالت:
“طب قبل ما أنسى تاني، أسمعني ضروري”

إنتبه لها بكامل تركيزه، بينما هي قصت عليه ما حدث معها بأكمله، أنهت حديثها فسألته بهدوء:

“إيه رأيك؟ وقولي أعمل إيه علشان محتارة”

أخذ هو نفسًا عميقًا ثم قال:
“في حتة زينة دي أنا فخور بيكِ، كونك بتساعدي واحدة تانية علشان متمرش باللي مريتي بيه دي حاجة حلوة، بس برضه خدي بالك بلاش ثقة زيادة، ياريت شوية حذر، إنما في موضوع منة دا أحمد معاه حق يا خديجة، أكيد دي شخصية سطحية مش مناسبة ليه، غير كدا هي كلامها لكِ كان صعب أوي، وأنا لولا فضل أمها عليا كنت جيت علمتها الأدب”

قطبت جبينها تسأله وهي متحيرة:
“فضل إيه دا اللي طنط وفاء عملته ليك”

أجابها هو بهدوء:
“أنا مش ناسي إنها كانت السبب في معرفتنا ببعض وبصراحة دي صدفة عظيمة جمعت قلبي بقلبك”

إبتسمت هي بإتساع، وهو أيضًا، لكن كلاهما جحظت عيناه بقوة حينما وصلهما صوت «رياض» وهو يدندن يشاكس إبنه:

” كان يوم حبك أجمل صدفة، لما قابلتك مرة صدفة، ياللي جمالك أجمل صدفة، كان يوم حبك..”

ضحكت هي بقوة ثم قالت مُستفسرة:
“إيه دا يا ياسين مين اللي بيغني وصوته حلو دا؟”

رد عليها «ياسين» بسخرية وهو ينظر لوالده بشررٍ يتطاير من عينيه:
“لأ دي روح المرحوم عبد الحليم حافظ، أصل أبويا ملبوس”

ضحكت هي بقوة، بينما هو قال لها بهدوء:

“طب يا خديجة، هروح أنا أولع عودين بخور، أصل الحج حالته صعبة”

ضحكت هي بقوة ثم أغلقت الهاتف، بينما هو نظر لوالده مُستفسرًا فوجد والده يستأنف الغناء وهو يراقص له حاجبيه، حرك رأسه نفيًا بيأس ثم قال:

“أنتَ مستحيل تكون أبويا، أنتَ أكيد جوز أمي”

أومأ له «رياض» بقوة وهو يقول بمرحٍ:

“طبعًا جوز أمك، بس قولي صحيح قبولك الوحيد عامل إيه؟”

إقترب منه «ياسين» بضيق ثم إحتضنه فجأة وهو يقول بمزاح:
“أرحمني أبوس راسك”

ربت «رياض» على ظهره وهو يقول:
“ياض دا أنتَ حبيب قلبي، بس قولي صحيح؟”

ابتعد عنه «ياسين» وهو يقول:
“أقولك إيه؟”

رد عليه «رياض» بمشاكسة:
“قبولك الوحيد عاملة إيه؟”

نظر له «ياسين» بتعجب، فوجده يرقص له وهو يقول:
“كان يوم حبك أجمل صدفة، لما قابلتك مرة صدفة”
تركه «رياض» وهو يراقص حاجبيه و كتفيه معًا، بينما إبنه ضرب كفًا بالأخر وهو يقول بإندهاش:

“عليه العوض ومنه العوض فيك يا حج”
______________

في صباح يوم الجمعة، إجتمع رجال عائلة الرشيد بأكملها قبل الصلاة، كان «أحمد» جالسًا وهو شاردًا بحزن، فإقترب منه «وليد» وهو يقول:

“مالك يا أحمد فيه إيه، من الصبح شكلك مش مظبوط”

نظر له «أحمد» بحزن ثم قال:
“محتار، ومش عارف مالي، وحاسس أني مخنوق”

أومأ له «وليد» ثم قال:
“بعد الصلاة حسن جاي وهنقعد سوا فوق السطح، عرفنا مالك بقى”

خرج «محمد» من الشرفة وهو يتحدث في الهاتف ويقول:

“متشلش هم يا عبده، أنا هكلم طارق وأخليه يظبط الدنيا، متخافش”

نظر له الجميع وهو يتحدث في الهاتف، بينما هو أكمل حديثه قائلًا:

“خلاص ماشي، هشوف كدا فاضيين إمتى وهخليهم يبعتوا حد، ماشي يا عبده أشوفك على خير”

أغلق الهاتف فوجد نظرات الجميع متسائلة، فقال:

“دا واحد تبع عبده صاحبي بيفتح محل جديد، عاوزكم تعملوله دعاية وإعلانات للمحل”

أومأ له «طارق» ثم قال:
“مفيش مشكلة أديهم العنوان ويجوا الشركة”

رد عليه «محمد» بهدوء:

“ماهو راجل من الصعيد وميعرفش حاجة هنا، حد فيكم يتبرع يروح المكان دا ويقابله هناك”

أشار «طارق» برأسه نحو «أحمد» و «وليد» وهو يقول:
“أحمد و وليد موجدين، حد فيهم يروح”

نطق «وليد» بضيق:

“لأ سيبك من أحمد علشان داخل دور اكتئاب، أنا هروح وأنتَ هتيجي معايا

سأله «طارق» بحنقٍ وملامح وجه يظهر بها الضيق:
“طب ما تروح أنتَ لوحدك”

رد عليه «وليد» بسخرية:
“بيقولك صعايدة، يعني ممكن يبقى عليهم تار، تعالى معايا أنتَ يمكن نلاقيلك عروسة هناك”

نظر له «طارق» بسخرية وهي يقلد طريقته، فإرتفعت ضحكات الرجال عليهما، بينما «محمد» سأل بضيق:

“ها هتعملوا إيه علشان أبقى أرد على الراجل”

زفر «طارق» بضيق ثم قال:
“خلاص يا بابا أنا هروح مع وليد يوم التلات، ومتخافش هعمل معاهم الواجب علشان صحابك”

أومأ له «محمد» ثم نظر لـ «وليد» بضيق، فقال له «وليد» حينما رآى نظرته:

“منور يا حمايا”

لم يرد عليه «محمد» فوقف «وليد» وهو يقول بخبثٍ:

“هطلع أنا بقى أطمن على مراتي وأصحيها أصلها وحشتني، وبالمرة أجيب القسيمة لعمي ياخد بصة عليها”

ضحك الرجال جميعهم بينما «وليد» راقص حاجبيه لعمه بإستفزازٍ واضح حتى يزيد حنقه.

يُتَبع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى