روايات كاملة

رواية وعد نزار الفصل السادس غشر

الفصـل السادس عشـر:

بعض الحقائق ألم معرفتها يضاهي ألم فراق الأحبة.

مـرت ساعات الصباح سريعًا وها قد اتـت الظهيرة، تلملمت نازلي في نومتها، لحظات حتي فتحت عيناها، نظرت حولها بتشوش قليلًا قبل ان تستوعب انها في غرفتها.. نعم غرفتها التي ولدت وعاشت فيها معظم سنين عمرها.. بمنزل رشوان البـاذ، بتلك الجدران التي طالاما حييت وسطهم وهي تشعر انهم يضيقون علي انفاسها، وذلك الباب الذي تخشاه كما لا تخشي شيئًا سـواه، بقيت تنظر له برعب وخوف.. منتظرة اياه ان ينفتح في اي وقت ويطل منه وجه عكر عليها صفـو حياتها لسنـوات وسنـوات وما كذب يقينها فـ ها هو ينتفح الباب ويطل منه رشـوان، الذي يضحك بأنتصـار وفي عيناه نظرات انتشـاه و.. نظرات اخري تمقتها كل المقت..

نظـرات شهوانيـة! راغبة.. متطلبة.. نظرات تصنف جميعها مـدي بشاعة ذلك الرجل الذي وقع في خطيئته وأحـب فتاة في عمر ابنته، كان اول من لمسها عندما ولدت.. ك والد لها! فـ كيـف غيرت الحياة نظرته لـ الامر!
كيف رغـب بـ طفلة! حَيت امامه وكبرت امام انظاره.. تنـاديه بأبي! ماذا جري في دمائه لتبقي بتلك الدناءة!

ارتعشت وهي تـراه يقترب منها رويـدًا.. رويـدًا بخطوات بطيئة تحرق روحها حرقًا وهي تنتظر قربها، لم تستطع الفـرار او الصراخ، شعرت انها مكبلة رغم انها محـررة.. التمعت الدموع بعيناها وهي لا تعرف ماذا تفعل!
تستسـلم لـه؟
ام ماذا؟!

قاطع عليها افكارها اقترابه منها الزائد حتي صـار علي بُعد خطوة منها، مـد يـده ليتلمسها وهو يهمس اسمها بتلـذذ عجيب:-
_نـازلـي..
لكن قبل ان تصل يـداه لها انتفضت وهي تصرخ فازعة:-
_نِـزار..
وانفتحت الأضـواء واختفت الغمام عن رؤيتها ورأت انها في منزل نـزار تسكن وعلي فراشه تستريح، وما حدث ما كان سـوي كابوس آليـم تحياه علي أرض الواقع من شـدة خوفها..

بدأت ترتعش فعليًا تلك المرة وتبكي بأنهيـار.. ولحظات وتعالى صراخها الهيستري يـرج ارجاء الغرفة والمنزل رجًا..

أنفتح الباب وطل منه نزار المفزوع وخلفه بينـار، اقترب منها وجلس جوارها حاول لمـس يدها بينما يغمغم:-
_نازلي..
انتفضت باعده اياه عنها وهي ردف بهيسترية:-
_متلمسنيش.. متلمسنيش..
لكنه لم يذعن لطلبها كان او امرها، بل اقترب اكثر والتصق بها، قبل ان يمد يداه ويحاوط جسدها بحماية نحوه، ظلت تعافر بين احضانه تحاول المغادرة من بينهم ولكنه أبـئ وهو يزيد من احتضانه لها ويبثـها بكلمات الامان حتي استرخت قليلًا فبدأ يتلـو عليها آيات من كتاب الله.. فأستكانت نهائيًا

وزفرت بينار براحة.. فقد سقط قلبها من رعبها الغريب عليها.. وخوفها.. رعب وخوف صعب تفسير سببـه!
وصعب تشبيه! فهو ك خوف ام علي ابنتها!

عندما نامت ابتعد عنها اخيرًا وسطحها علي الفراش بأهتمام ثم غادر مع عمته، وقفا امام بابها فنظرت له بأستفهام وكادت تتحدث لكنه سبقها شارحًا بتنهيدة عاليـة:-
_كل اللي عملته الايام اللي فاتت ضاع هدر، ورجعت تخاف منه تاني وكأني مظهرتش في حياتها وأثرت فيها لحظة

قالها حزينًا ومتألمًا.. عليها ومنها

ربتت علي كتفه مواسيـة و:-
_معلش يابني اللي اتعرضتله امبارح من سهل، دي كانت خلاص هتبقي في ايده من جديد!

اؤما متفهمًا وهو يقر انه بالفعل ليس ذنبها، بل ذنبه هو وعيناه التي غفلت عنها..

استأذن منها وهبط علي حديقة المزرعة التي تلتف حولها عدد كبير من الحراسة، التي زادت الضعف عن يوم أمـس فقط..
طلب الجميع ولحظات واصطفت الجميع حوله فعلًا فقال وهو يرمقهم بنظرات حادة كأنه يلومهم أيضًا علي ما تعرضت له:-
_اي مكان نازلي هانم فيه.. انتي متتحركوش منه، برة العالم كله بيولع متسألوش فيه.. البيت هنا بيولع وهي بتولع كمان.. ياتنقذوها ياتولعوا معاها.. اي حد هيبعد عنها خطوة وهيكون سبب في تعرضها لخطر مش هرحمه.. فاهميـن؟

نطق الجميع بصوت واحد:-
_فاهميـن ياباشا
*****
نستطيـع القول بأنها لم تستطيع النوم، فضولها لمعرفة الحقيقة او رغبتها ربما هي ما منعتها، علي كل حال.. لا يهم السبب.. الاهم انها ها هي تطرق باب غرفته وتدخلها برغبتها للمرة الاولي، بعد ان رفضت في اول ايام زواجها انها تدخلها ولو كان علي جثتها كما قالت له بالحرف، فتح الباب وهو يظهر عليه النوم لكن انفتحت عيناه بدهشة وهو يراها امامه.. نطق اسمها زاهلًا:-
_زهراء؟!

لاعبت اطراف كرسيها المتحرك وهي تنطق بحرج:-
_اتأخرت في النوم وانا مكنتش قادرة استني. اقصد..
اؤما متفهمًا:-
_عشر دقايق وهكون جاهز..
اشار لها لـ الداخل:-
_تدخلي؟!

نظرت له وللغرفة بتردد لـ لحظات لم تـدم طويلًا قبل ان تؤمي بنعم، دخلت للغرفة ودخل هو لحمام الغرفة، ظلت ترمق الغرفة من حولها بأعحاب، فكانت حقًا راقية وفخمة، نظرت الي الفراش المبعثر فلفتت انتباهها صورة عليه، اقتربت منها ومسكتها وهي تضيق حاجبيها بعد فهم.. تحاول ان تستوعب ماذا تفعل صورتها هنا!

توسعت عيناها زهولًا وهي تفكر أيفعل كما يفعل الابطال بـ قصص الحب؟ حيث لا يغفو الا علي صورة حبيبته.. صوتها واشياء من ذاك القبيـل؟!

بالطبع هذا هو التفسيـر الوحيد، زادت دقات قلبها بجنون لهذا التفسيـر.. دقات لا تعرف متي اقترفتها؟ ولما؟ وهو التي تراه بعيونها.. قاتل كل الفترة الماضية!
هل لان افعاله كانت لا تدل علي ما تحاول تصديقه؟
حيث كان لطيف معها، تحمل منها صراخ وجنون.. أتهامات وعيـوب اشياء كثيرة حتي لو انه كان متهم فعلًا لكان صبره نفد وغضب يومًا لكنه لم يفعل!

تنهدت وهي تفكر أن اليوم هو ما سيقرر كيف ستكون شكالة حياتها معه مستقبلًا..

وقبل ان يخرج اعادت الصورة لحيث مكانها وعادت هي ادراجها لحيث منتصف الغرفة..

دقائق مرت وها هو يجلس معها في شرفة غرفته يتناول القهوة وتأكل هي بسكوت مملح مفضل لها، كان شاردًا وعلي عكس العادة تحملت شروده وصمته يبدو ان ما سيقوله صعبًا عليه!

بالاخير لا مفـر من الحقيقة لذا قال وهو يحاول ابعاد عيناه عنها:-
_لما عصام جالي كان فعلًا متعصب وفضل يهددني يقتلني لو قربت منك وبتاع، حاولت اسيطر عليه واهديه كتير علشان اكلمه لكنه رفض.. تقريبًا كان فاهم اني عايزك بطريقة مش كويسة، فين وفين لولا قدرت اوصل صوتي ليه اني عايز اتجوزك علي سنة الله ورسوله وقتها سكت و…

التفت ينظر لها.. رأها تنتظر ان يكمل حديثه بتلهف شديد، فتنهد متابعًا:-
_وبعدها قالي هتدفع كام؟

توسعت عيناها زهولًا فقال وهو يحاول ان يبرر لها سبب فعل الاخر:-
_هو اكيد مكنش قصده حاجة.. كان عايز يطمن علي مستقبلك و..
قاطعته بنفي:-
_هو اكتر واحد عارف اني مبحبش الاغنية، وقد اية عانينا بسببهم لما عمي طرد امي بعد موت ابويا اللي اتجوزها وهي مجرد خدامة.. طردها ومفكرش يسأل اولاد اخوه هيتعشوا ليلتها منين، عارف اني عندي استعداد اتجوز شحات واجوع معاه ولا اني اقرب من غني، هو عارف كدا.. هو عارف كدا
بدأت تدخل في حالة هيستريا وهي تتابع:-
_كان دايمًا مش عجباه عيشته، بيدور علي حاجة تغنيه، وافق علشان الفلوس.. كان عايز يبيعني.. كان عايز…
اقترب منها، وضع يداه علي كلتا يديها التي تسندها علي قدمها و:-
_هو مفكرش في كدا يازهراء اكيد.. هو كان بيحبك ويهمه مصلحتك.. فكر انه كدا بيحميكي و..

كان كاذبًا، لا زال يتذكر عيون الاخر الطامعة وهو يطلب ارقام مأهولة مقابل زواجه منها، وعندما قال ربما ترفض.. اخبره بنبرة غير قابلة لـ النقاش بـ بلا، علم من خلالها انه ربما يجبرها حتي علي تلك الزيجة، وكأنها تقرا ما يفكر به لذا هتفت بدموع تجمد في عيونها من شدة صدمتها في اخيها التي بكت عليه شهورًا واضاعت عليه الكثير من سعادتها.. وظلمت هذا الذي امامها مرة بعد مرة لأجله:-
_لو هو خايف عليا زي ما بتقول كنت شرحت من بدري اللي حصل.. هو باعني.. هو..
صمتت لـ لحظات قبل أن تصرخ:-
_وانت اشتريت.. مدفعتش المقابل ليه لكن دفعته لأمي بعد ما مات

وبكت وهي تتذكر بعدما سقطت والدتها المريضة من الأساس في تعب وازمة صحية شديدة بعد وفاة اخيها، وكانت تحتاج لكثير من المال لعلاجها وعمل عمليات وليست عملية واحدة حتي لأجلها.. وقتها ظهر هو ك طوق نجاة.. لكنه كان طوق نجاة مشروط.. العلاج مقابل الزواج وما كان منها سـواه الموافقة!

كان ينظر لها بحزن يتفهم ما تفكر فيه وهو يتنهد بأسف، يعلم انه كان حقير بتلك اللحظة معها.. وانه قد استـغلها لكن ماذا يفعل بقلبه الاحمق؟ الذي أشـار عليه بتلك الفكرة مستغلًا لـ الظروف التي تمر بها حتي يكتب اسمها علي اسمه ويبات لا مفر لها منه!!

محت اخر دمعة هبطت منها ونظرت له لـ لحظات بجمود قبل ان تقول:-
_انا هسامحك علي اللي حصل لعصام لانك طلعت برئ منه، وهخف وهقف علي رجلي وهعيش معاك ك زوجة لحد ما أحس اني وفيت تمن دَينك ليا وبعدها نطلق..

وغادرت بكرسيها المتحرك قبل ان تسمع منه ردًا!
*****
بوقت المغربية.. فتحت نازلي عيناه وجدت بينار تجلس علي مقعد يجاورها، وعندما انتبهت لها اعتدلت في جلستها وهي تقول بلهفة:-
_حبيبتي انتي صحيتي.. انتي كويسة؟ حاسة بحاجة
اؤمات بنعم.. ثم بنفي، قبل ان تقول:-
_عايزة مية
اسرعت تناولها كوب ماء، تناولته الاخر كاملًا وكأنها كانت في قالب الصحراء والان عادت، مدت يدها تصفف لها خصلاتها التي تبعثرت قليلًا و:-
_انتي كويسة صح؟
اؤمات بنعم حتي بدأت تستوعب كل ما جري معها الامس كادت تبكي قبل ان تنتفض بينار وتترك المقعد وتقترب من الفراش و تجلس جوارها، تحتضنها بقوة.. وحنان.. حنان تلك السيدة لا يوصف! لو وُزع علي العالم لكفي وفاض.. هل هي حضنها دافى علي الجميع هكذا ام هي فقط.. ام لانها تعاني من قلة الحنان تستشعر بجياشته!

لا يهم الان.. ما يهم ان تنتبه لصوت بينار التي راحت تهتف:-
_انا عارفة ان اللي حصل مش هيعدي عليكي بالساهل بس انا مش عايزاكي ضعيفة كدا، بل خديه سبب علشان تقوي اكتر علشان لو بعد الشر اتعرضتي لموقف مشابه تعرفي تتصرفي احسن من كدا، وبعدين انتي مفكرة ان حتي لو قرب منك رشوان واحنا موجودين.. هنسكت؟!
انتي شايفة اننا ممكن نكون عارفين انك في خطر ونقف ساكتين فعلًا؟! ومنحاولش ننقذك! دا نزار وعمك راجي معرفوش يناموا من قلقهم عليكي حتي بعد ما جيتي، احنا دلوقتي في ضهرك.. زمان محدش كان معاكي لكن دلوقتي كلنا معاكي، فمتخفيش.. سامعة؟

اؤمات بنعم فقالت بمرح وهي تمسك يدها لتجعلها تنهض وتتبعها:-
_تعالي اقولك انا لما ببقي خايفة او زعلانة او مضايقة بعمل اية..

وها هم قد اقتربوا خطوة اخري بفعلتهم وحركتهم تلك من معرفة الحقيقة!!!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى