قصص

قصة الباب الاسود

الباب الأسود
تجارب مستمعين
نورا حسين جاب الله
الاحداث دى حصلت فى اول التسعينات،كان عمرى وقتها حوالى تسع سنين، لكن فاكرة كل حاجة حصلت وكأنها لسه امبارح، خلينى اقولك الاول احنا كنا فين، اول ما بابا وماما اتجوزوا، بابا اخدها وعاشوا فى محافظة تانية، عشان شغله كان هناك، بس اعذرنى مش هقدر اقول محافظة ايه، المهم ان شغله دة كان فى مصنع لحليج الأقطان، وكان معروف وقتها ان اى موظف فى المصنع دة، بيكون ليه شقة فى المساكن.. اللى جمب المصنع على طول، بياخدها بأجر بسيط اوى باعتباره تبع المصنع، وبمجرد ما يسيب المصنع لأى سبب، لازم يسيب الشقة فورا، والمساكن دى كانت حاجة كدة شبه الكومباوند الصغير، عبارة عن3 عماير كبيرة اوى جنب بعض، او بلوكات زى ما كانوا بيسموها، والبلوكات دى.. متحاوطة بسور عالى، عازلها عن الطريق، وكل بلوك فيهم.. فى عدد شقق كبير، وطبعا مش كلهم ساكنين، كان فى شقق كتيير اوى مقفولة عالفاضى، وبما ان بابا كان مهندس فى المصنع دة، اخد شقة هناك، وكان لينا جيران برضو من اللى شغالين فى نفس المصنع، واحنا كأطفال كنا كلنا اخوات، اتولدنا هناك، وفتحنا عنينا عالدنيا لقينا بعض، دة غير ان أغلبنا مكنش من نفس البلد، فكنا بنعتبر نفسنا فى غربة، وبنتحامى فى بعض،
انا واطفال الجيران سواء بنات أو صبيان، كنا بننزل نلعب تحت العماير دى، وكان ممنوع ان احنا نطلع عالطريق لوحدنا نهائى، بس الحياة كانت جميلة، وطفولتنا كانت مبهجة، طول النهار كان لعب وهزار وضحك، ومكنش فى حد شايل هم حاجة، لغاية ما ابتدينا نكبر شوية، والشقاوة زادت عن الاول، وابتدوا الاولاد اللى بيلعبوا معانا، انهم يحاولوا يلاقوا مغامرات جديدة، تكسر روتين اللعب بتاع كل يوم، وطبعا كانوا بيعملوا مشاكل كتير اوى كل يوم والتانى، وكان من ضمن المصايب اللى عملوها، انهم قدروا يفتحوا الشقق الفاضية، خصوصا اللى فى الدور الاول من ال3 بلوكات، ودة لان كل اللى كان ساكن.. كان بيختار الادوار العالية، كان فيه اللى طمعان يستغل سطح العمارة، وفيه اللى مش عاوز يبقى فوق منه ازعاج ودوشة، وهكذا، فكانت الادوار الاولى دى، عبارة عن صمت تام، لكن بعد ما فتحنا الشقق، وبقينا ندخل نلعب ونجرى فيها من هنا لهنا، الحال اتغير، امهاتنا لما عرفت اللى عملناه معلقوش، سابونا نلعب براحتنا.. المهم اننا فى حدود الامان، لكن الابهات كان ليهم رأى تانى، كل واحد منهم زعق لعياله على دخول الشقق دى، حتى ابويا انا، لما عرف اللى حصل.. لقيته بينادى عليا وبيقولى:
_ سمر.. تعالى هنا حالاً.
قومت وانا مرعوبة، وحسيت انى عملت حاجة غلط، بس مكنتش عارفة ايه هى الغلطة المرة دى، لأن للأسف بابا كان بيزعق فى البيت عالفاضية وعالمليانة، قربت منه ووقفت قدامه وانا بترعش، ومن غير ما اتكلم لقيته بيزعق وبيقولى:
_ انتى كنتى بتلعبى فين النهاردة؟ فى الشقق الفاضية مش كدة؟
_ بابا.. احنا كنا بنلعب استغماية، ومعملناش حاجة، لا رسمنا عالحيطان ولاخبطنا عالابواب، كنا بنجرى ونلعب بس.
_ مفيش حاجة اسمها بنلعب، الشقق دى ممنوع انك تقربى منها، انتى فاهمة؟
_ ما كلهم بيدخلوا يلعبوا يابابا، لو انا مدخلتش معاهم هلعب مع مين؟
_ ان شالله ما لعبتى خالص، افرضى الباب اتقفل عليكوا، مين هيفتحلكوا؟ هنطلعكم ازاى من جوة؟
_ ماحنا بنسند الباب بحجر.
_ انتى هتردى عليا الكلمة بعشرة، انا قولت مفيش دخول هناك يعنى مفيش دخول، والا همنعك انك تنزلى خالص.
هزيت راسى بسرعة وانا خايفة، وفى نفس الوقت كنت شايفة انه بيبالغ، مانا برضو معذورة، طفلة فى سنى شايفة باباها بيزعق طول الوقت، طبيعى أفتكر ان معهوش حق فى اى حاجة، وانه بيزعق وبيأمر وينهى لمجرد الزعيق وبس، المهم انى سمعت كلامه يومين، وبعد كدة رجعنا نلعب تانى فى الشقق، خصوصا شقة منهم..كان ليها شباك عالصالة، جنب باب الشقة كدة، دى بقى كنا بنفتحها، ونعمل شباكها كأنه شباك تذاكر، واحد يقف جوة يقطع التذاكر، والباقى برة واقف طابور ومستنى دوره، كانت لعبة جميلة وكنا مبسوطين بيها اوى، بس فى يوم الوقت سرقنا، ومحسناش بحاجة غير وبابا واقف قدامنا بيزعق للكل، وفى لحظة كلهم جريوا، وكله طلع على شقته وسابونى معاه، يومها بقيت اجرى وهو ورايا بيزعق، اخدت الخمس ادوار جرى، وكل اللى فى المساكن سمعوه.. وهو بيمنعنى من النزول للعب مرة تانية، وفعلا اتحبست وانا مش فاهمة ايه غلطتى، كطفلة.. كنت بقول لنفسى ايه الغلط اللى انا عملته؟ ما هو لعب زى اى لعب، لا عملنا مشاكل ولا بوظنا حاجة،
وفاتت الايام.. وانا محبوسة، وبقوا يسبونى لوحدى فى البيت، بابا يروح شغله، واختى الكبيرة تنزل مع ماما السوق، وانا افضل قاعدة مش لاقية اى حاجة تسلينى، كنت ببقى سامعة اصوات العيال بيلعبوا، واقعد اتحسر على نفسى انى مش معاهم، وفى يوم وانا لوحدى.. كنت قاعدة فى الصالة بحاول اعمل اى حاجة اتسلى بيها، والدنيا حواليا كانت هادية اوى، فجأة سمعت صوت جرجرة جاى من عالسلم، فكرت امى واختى جم من السوق وشايلين حاجات تقيلة، بس بعد شوية الصوت سكت، ومفيش حد فيهم خبط ولا حتى فتح الباب ودخل، وقتها خوفت، وقومت بالراحة وروحت وقفت عند باب الشقة، حطيت ودنى عالباب بس مسمعتش حاجة، روحت شادة كرسى صغير وحطيته قدام الباب، وطلعت عليه وبصيت من العين السحرية، مكنتش شايفة اى حاجة قدامى، السلم كان فاضى، بس كنت سامعة صوت خطوات طالعة عالسلم، قلبى فضل يدق بسرعة وعرقت، والخطوات كانت بتقرب، وانا لازقة عينى فى العين السحرية، كنت متجمدة ومش قادرة ابعد من كتر الرعب، وفجأة صوت الخطوات وقف، ولقيت حد بيخبط على باب الشقة، وقبل ما استوعب انى سامعة خبط لكن مش شايفة اللى بيخبط، سمعت صوت طفل صغير بيقولى:
_ تعالى العبى معايا.
صرخت بعلو صوتى، وحصلتلى زى حالة هستيريا، وفضلت اصرخ، ووقعت من عالكرسى، نزلت على ضهرى بكل تقلى، بس مكنش فارق معايا الوجع، لان الخوف كان شالل دماغى عن اى حاجة تانية، ويومها الجيران كلهم طلعوا على الصوت، وفضلوا يحاولوا يفتحوا عليا الباب، بس بعد دقايق.. كانت ماما وصلت وفتحت، وطبعا الكل فضل يهدى فيا، ويسألونى ايه اللى حصل، لكن انا متكلمتش، فضلت ساكتة ومش عارفة اقول ايه، وهما عملوها قعدة، وفضلوا موجودين لغاية ما بابا رجع من شغله، وبعد كلام ومناقشات كتير اوى بين اهلى وجيرانا، كلهم لاموا بابا عالحبسة اللى حكم عليا بيها، وواحد منهم قاله:
_ كدة البنت يجيلها حالة نفسية، ماتسيبها تلعب مع العيال، ياعم ريح بالك مش هيحصل حاجة.
_ يا جمال محدش فيهم بيسمع الكلام، انا قولت 100 مرة مفيش حد يدخل الشقق الفاضية، بس يظهر كنت بكلم نفسى، طب ابنك قالك انا يوم ما زعقتلهم لقيتهم فين؟
_ لا مقالش كانوا فين، كل اللى قاله انك جيت لقيتهم بيلعبوا.. قومت مزعقلهم، وهما من الخوف طلعوا يجروا.
_ انا زعقت عشان كانوا فى شقة البلوك الاولانى ياجمال، الباب الاسود.
لقيت عم جمال وشه قلب، وبص على ابنه زى مايكون قلق عليه، بس حاول انه ميبينش حاجة، ولقيته رد بسرعة وقال:
_ طيب طيب.. معلش عيال، نزلها انت بس تلعب، وانا هنبه عليهم محدش يجى جنب الشقق دى.
_ مش هيسمعوا الكلام انا عارف.
_ ياسيدى انا المسؤول، سيب البنت بقى بدل ما تتسرع تانى.
كنت سمعاهم، بس مكنش فارق معايا ساعتها اى حاجة من دى، انا كل اللى كان فارقلى انى مقعدش لوحدى تانى، كنت خلاص اتعقدت، وبقى عندى يقين انى لو قعدت لوحدى فى اى مكان، هيحصلى حاجة تخوفنى، بس الحمد لله بعد اللى حصل.. بابا وافق على نزولى، وابتديت انزل والعب مع اصحابى، وفعلا مقربناش من الشقق المقفولة تانى، لكن انا فى الرايحة والجاية.. كانت عينى عالشقة اللى فى البلوك الاول، اللى بابا قال لعم جمال عليها، ( الباب الاسود)، الكلمة دى كانت بترن فى ودانى كل ليلة، وعلى اد تفكيرى ساعتها كنت بقول، ان بابا قال عنها كدة.. لان باب الشقة كان اسود فعلا، ومكنتش اعرف انه يقصد حاجة تانية خالص،
وفى مرة كنا بنلعب استغماية، وكلنا كنا متفقين.. ان محدش يدخل الشقق مهما حصل، لكن رامى لانه كان اكتر واحد شقى فينا، مكنش بيلتزم بأى اتفاق او اى تنبيه، استنى لما الكل استخبى فى مكان، ودخل هو الشقة اللى بابا مسميها الباب الاسود، كان عاوزنا نفضل ندور عليه ومنلاقيهوش، عشان هو اللى يكسب، وفعلا فضلنا ندور عليه مدة طويلة اوى، لغاية ما سمعنا صوت صريخ جاى من جوة الشقة، كان صوت رامى بيصرخ وهو خايف، كل العيال جريوا عالشقة عشان يشوفوا ماله، لكن انا الوحيدة اللى اتسمرت مكانى ومقدرتش اتحرك، لانى خوفت، وافتكرت اللى حصلى وانا فى الشقة لوحدى، وفضلت على وضعى دة لغاية ما دخلوا جابوه وطلعوا، لقيته طالع يحكى وهو منهار وبيقول:
_ انا دخلت استخبى منكم جوة، واما لقيتكم اتأخرتم.. دخلت الاوض اللى فى الشقة اتفرج عليها، بس وانا فى اوضة منهم.. لقيت عروسة لعبة مرمية جنب الحيطة، هى قديمة وشكلها مش حلو، بس قولت اخدها عشان اخوفكم بيها، ويادوب قربت منها وبمد ايدى عشان اخدها، لقيتها اتشدت جامد واترمت بعيد عنى.
سحر اللى كانت بتلعب معانا، وتعتبر اكبرنا فى السن قالتله وهى متضايقة:
_ بلاش الكلام دة يارامى هتخوف العيال.
_ هو انتى فاكرانى بكدب؟ طب ادخلى وشوفى بنفسك، والله العظيم العروسة اتشدت من قدامى.
_ طب خلاص، كدة كدة انت غلطان انك دخلت، ولو روحت قولت لاى حد عندك فى البيت هيزعقولك.
_ انا مش هقول لحد اصلا، ومش هدخل الشقة دى تانى.
وخبينا اللى حصل عن اهلنا، والتزمنا بإننا منقربش للشقة، بس مقدرناش نخبى اللى حصل بعد كدة، يومها كنا بنلعب بالليل، ومقضينها ضحك وهزار، بس فجأة لقينا ايمان وقفت وهى باصة لفوق بخوف، طبعا كلنا بصينا لفوق زيها، بس واحنا متوقعين.. اننا نلاقى مامتها او باباها بيقولولها تطلع ولا حاجة، لكن اللى شوفناه حاجه تانية خالص، كلنا شوفنا حد واقف فوق سطح العمارة، مكناش عارفين هو مين، بس اللى شوفناه هيئة واحدة ست، لابسة اسود فى اسود، وواقفة ثابتة مكانها مش بتتحرك، وزى ماتكون بتراقبنا، وفجأة لقيناها بتوطى عالسور، زى اللى هتحدف نفسها، مش قادرة اوصفلك حالة الصريخ الجماعى اللى كنا فيه، الدنيا اتقلبت.. وكل الاهالى نزلوا، وكل واحد اخد عياله وطلع، كانوا بيحاولوا يهدوا فينا، لكن نهدى ازاى؟ دة احنا كلنا شوفنا المنظر، يعنى لا حد فينا بيكدب ولا حد بيألف، ومهما الكبار قالولنا ليلتها، احنا فضلنا مصممين، ان المساكن فيها عفاريت، ومن بعد اليوم دة اتمنعنا من النزول للعب بالليل، بس لما كنا بنتجمع بالنهار.. كنا بنفضل نتكلم فى الموضوع ونفتكره، لغاية ما جات الليلة اللى غيرت كل الموازين، يومها كان النور قاطع عن المساكن كلها، واحنا كنا متعودين لما النور يقطع.. بنقف كلنا فى البلكونات، ونفضل نغنى ونهزر ونقول نكت وفوازير، وفى الليلة دى عملنا زى كل مرة، بس بعد شوية.. سمعنا صوت خطوات كتير ماشية تحت، واصوات رجالة بتتكلم صعيدى، كأطفال.. كنا مستغربين الاصوات دى، بس قولنا عادى ناس جاية تزور حد هنا ولا حاجة، لكن اللى قلقنى هو كلام ماما وبابا، لان ماما ساعتها قالتله:
_ هو ايه الاصوات دى يا محمود؟ انت مش قولت مبقتوش تحتاجوهم خلاص؟
_ ايوة ياسميرة، مبقناش نجيبهم.
_ اومال مين دول؟
بابا مكنش بيرد عليها، وعلى نور الشمع اللى كنا مشغلينه، شوفت وشه وهو مضايق وشايل هم الدنيا، بس ماما مسكتتش وسألته تانى:
_ ماتفهمنى ايه الحكاية؟ ومالك عامل كدة ليه؟ انت مش قولت انهم عملوا مشاكل ومشيتوهم!
ساعتها بابا اتعصب وزعقلها وقال:
_ ايوة ياسميرة، هفضل اقولك ايوة طول الليل؟
_ انت بتزعق ليه؟ وبعدين لما هو ايوة..دول ايه اللى جابهم تانى؟
_ قولى ايه اللى طلعهم تانى؟
_ قصدك ايه ياراجل انت؟ انت عاوز تخوفنى ولا ايه؟ هما مين وطلعوا منين؟
ماما ملحقتش تكمل كلامها، فجأة قاطعها صوت صريخ جامد، كان صوت واحدة ست بتصرخ بطريقة فظيعة، ومعاها صوت اطفال بيصرخوا هما كمان، اتفزعنا كلنا وماما فضلت تقول:
_ ياساتر استر يارب، حصل ايه ياولاد؟
وطلعنا جرى عالبلكونة، ولقينا الكل واقف فى بلكونته.. وماسك شمعة فى ايده، مكناش شايفين حاجة قدامنا، لكن كنا سامعين اصوات كتير جاية من الشقة، الشقة ام باب اسود واللى متحرم علينا دخولها، الاصوات اللى سمعناها فى الليلة دى.. كانت عبارة عن خناقة كبيرة، رجالة بتتخانق باللهجة الصعيدى، وسمعت واحد بيقول:
_ دم اخويا مايروحش هدر، الليلة هاخد حقى.
_ يا حامد اسمعنى.. احنا ملناش ذنب، المكنة كلت اخوك يعنى قضاء وقدر.
_ قضاء وقدر ولا انت اللى حدفته عليها؟ الليلة دمك ودم اللى يخصك هيسيح.. زيه زى دم اخويا.
ووسط الزعيق دة، كان صوت الست اللى بتصرخ بكل قوتها وتقول:
_ ياناس.. حد يلحقنا، هيخلص علينا قدام عيالنا.
الصوت كان فظيع، والكل فى البلكونات واقف ساكت مبيتحركش، وماما واقفة تزعق مع بابا اللى ساكت مبيتكلمش، كل اللى كان بيعمله.. انه بيشدنا عشان ندخل جوة ومنسمعش اللى بيدور تحت، لكن محدش فينا اتحرك من مكانه وفضلنا واقفين، وبعدها سمعنا صوت تكسير، وخبط وصريخ، رجالة وستات واطفال، وكأن فى مجزرة بتحصل فى الشقة دى، وبعد كام دقيقة، الاصوات سكتت فجأة، وصمت تام بقى فى المساكن كلها، حتى اللى واقفين فى البلكونات كانوا عاملين زى التماثيل، مفيش حد فيهم لا بيتحرك ولا بيتكلم، زى مايكون الخوف كتفنا كلنا، واول لما النور جه.. كله طفى الشمع ودخل شقته من سكات، وانا فاكرة كويس ان فى الليلة دى، ماما وبابا قرروا انهم يناموا معايا انا واختى فى نفس الاوضة، مكنتش عارفة وقتها سبب قرارهم، لكن بعد كدة فهمت، المهم انى لما صحيت تانى يوم.. لقيت بابا مراحش الشغل، وواقف ماسك فى ايده شاكوش ومسامير كتير اوى، وبعدها نزل على تحت ومعاه الحاجة دى، نزلت وراه وانا الفضول واخدنى افهم هو بيعمل ايه، قولت انى هنزل اشوف آثار الخناقة والتكسير اللى حصل، بس لما نزلت مشوفتش اى حاجة، لكن لقيت عم جمال هو كمان واقف ومعاه كام لوح خشب، وبدأ هو وبابا يقفلوا باب الشقة الملعونة دى، ويسدوه خالص بالخشب والمسامير، ومن بعد اليوم دة.. محصلش اى حاجة تانية غريبة، رجعنا لحياتنا الهادية والضحك واللعب، لغاية ما جات فترة.. بابا عمل فيها معاش مبكر وسيبنا البلد بحالها، لكن فضلت فاكرة كل اللى حصل، ولما كبرت.. وحسيت ان آن الآوان افهم واعرف، سألت بابا عن الباب الاسود، وساعتها قاللى:
_ دى حكاية قديمة اوى ياسمر، ايه اللى فكرك بيها دلوقت.
_ انا عمرى مانسيت يابابا، انا اتحرمت من اللعب شوية حلوين بسبب دخولى هناك، احكيلى بقى ايه الموضوع؟
_ شوفى ياستى، زمان.. كان بيجى عمال من الصعيد عشان يساعدوا فى شيل اشولة القطن، وكانوا بيأجروا الشقق اللى فى الدور الاول دى.. عشان يسكنوا فيها الفترة اللى هما قاعدينها هنا، وفى يوم.. مكنتش لسه اتجوزت امك، صحيت على صوت خناقة جامدة، كانت بين اتنين من الصعايدة، وواحد منهم كان معاه مراته وعياله، الخناقة كانت كبيرة وكان فيها تار ودم، عشان كدة محدش اتدخل وسبناهم، بس انتهت على موت الراجل ومراته وعياله، اللى كانوا قاعدين فى الشقة دى.
_ دى الخناقة اللى احنا سمعناها والنور قاطع؟
_ ايوة، انا اول ما ابتدت الاصوات.. على طول افتكرت ان دى الخناقة اللى سمعتها قبل كدة، عشان كدة مقدرتش اتحرك من مكانى، وكل الرجالة اللى فى المساكن.. كانوا حاضرين وفاهمين ان اللى احنا سامعينه هو اللى حصل ليلة الحادثة دى، عشان كدة محدش جرى يلحق ولا يسأل فى ايه!
_ وليه كل دة اتعاد وقتها؟
_ شقاوتكم، مش انتوا اللى فتحتوا الشقة وحركتوهم من تانى، كنتوا شياطين، مهما نقول وننبه.. مكنش حد فيكم بيسمع الكلام.
_ طب وليه أاا…
_ ما خلاص بقى ياسمر هو تحقيق يابنتى؟
_ آخر سؤال والله يابابا.
_ قولى ياستى وخلصينى.
_ ليه سميتوا الشقة الباب الاسود؟ اكيد مش عشان لونه اسود.. صح؟
_ لا.. دى حقيقة فعلا، لان بعد الجريمة دى.. الدم كان فى كل حتة فى الشقة، وباب الشقة دة كان غرقان بالدم، وطبعا مكنوش هيغيروا الباب مخصوص لشقة مش ساكنة، فكان الحل الوحيد اننا ندهنه، واللون الوحيد اللى كان هيدارى منظر الدم اللى عليه.. كان اللون الاسود، عشان كدة دهنا الباب اسود، وسمينا الشقة الباب الاسود.
_ يعنى اللى حصل معانا هناك كان شغل جن وعفاريت؟
_ ايوة يابنتى، الروح اللى تتقتل غدر مبترتحش، وبعدين الشقق مقفولة وفاضية، يعنى متهيئة لاى حاجة تسكنها، الحمد لله اننا خلصنا من دة كله، انسى بقى، وانتى اروبة وفاكرة كل حاجة كدة.
_ الاه.. مانا مكنتش صغيرة اوى عشان انسى، وانت يابابا كنت مبهدلنى ايامها خالص.
_ كنت خايف عليكى والله.
_ انا عارفة ومقدرة، وعلى رأيك الحمد لله انها جات على اد كدة.
تمت

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى