

العفاريت والجن دول ماكنوش يجوا معايا سكة، ولو على الكلام والحكاوي، فـ مافيش أكتر منهم، وأنا الصراحة راجل صاحب مزاج ومايهابش إلا اللي خلقه، واللي يشهد على كلامي، هو شغلي، أصلي بعدم اللامؤخذة اشتغلت في أماكن بعيدة ومجهولة، أماكن فيها قوتي وقوت يومي، نومتي اللي هنامها وبيتي اللي مالقتهوش غير في الشارع، وهو واحد غيري يعوز أكتر من كده ايه، أنا راجل عايش في الشارع من صغري، وتعليمي كله كان من الدنيا.. الدنيا اللي جابتني ليها من أب وأم مايعرفوش ربنا، رموني في الشارع وقالولي لقط رزقك، ومن ملجأ للتاني، زهقت، قالولي انت بتاع مشاكل ومش هتتعلم أبدًا، قولتلهم باااس، أنا بيتي الشارع وسريري الرصيف، ومن شارع لميدان، لقيت اللي يشغّلني امن على مصنع، كنت صبي صغير مايعديش ال 15 سنة، بس فاهم ومتنور، القطها وهي طايرة وادورها من غير عفيجة، وبعد خمس سنين شغل في المصنع، تميت فيهم العشرين والدنيا في اللذيذ، قالولي التأمين وجيشك، قولتلهم مش عايز وصرفولي الدنيا، قلبوا عليا وقالوا لأ، حاكم فيه راجل ابن حرام سلطهم عليا عشان يمشوني، وانا اللي يجي عليا وعلى نومتي، أُقل منه حتى لو على سجني، وضربته وفتحتله دماغه، قولتله ان مرزوق المتنور مايهابش إلا اللي خلقه، واللي يجي عليا، تبقى امي داعية عليه، وزي ما امه دعت عليه، انا امي كانت دعيالي، الحكومة جت وقبضت عليا، كلبشوني وسجنوني، اكل وشرب ونومة ببلاش، هعوز ايه اكتر من كده؟.. بس الحياة مُرة والواحد عايز يشوف النور، حاكم الشمس نعمة مايحسش بيها غير اللي اتحرم منها، فـ بأدب وتقدير، خرجت منها بدري وشقيت طريقي، دورت على عماله كتير مالقتش، لحد ما الدنيا وقعتني في راجل افتكرته ابن حلال، شافني بلف في الشوارع ومش لاقي طريقي، قام دلني على شركة من الشركات اللي على قدها، قالي روح هناك وقولهم انك تبع مصباح الدلال، خدت بكلامه وطلعت على الشركة طياري،قولتلهم على البواية كلمة السر، مصباح.. الدلال، وهوب.. افتح يا سمسم، فتحولي الباب ودخلوني، قالوا خش يمين في شمال، هتلاقي نفسك قدام جراش كبير، هناك بقى أسأل على عم سمير وهو هيقولي اللي انا جاي عليه، ماسمتش على كلام الراجل ودخلت، يمين.. في شمال، لقيت نفسي قدام جراش كبير تحت مبنى، وعلى مدخل الجراش، شوفت راجل كبير في السن وشعره أبيض، قولت باااس.. هو ده عم سمير، هو ده الراجل اللي هيدلني وهيوفرلي نومتي زي ما ما قال مصباح، أصله لو طلع كداب، هجيبه وهعمل معاه الصح والمظبوط، لكن المظبوط مايلقش غير عليه، وزي ما قال مصباح، قالي عم سمير، بس ده بداية كلام، لكن بعدين، ولما العشم خدنا، بدأ يحكيلي قِصة الجراش ويقولي:
-بص يابني، انت شكلك صغير وأنا مش عايزك تدعي عليا في يوم من الأيام.. أصل اللي أنت هتشوفه هنا، ماهواش قليل ولا يعدي، هو كبير وعايز اللي يستحمل.
-ليه يابويا، هو المكان ملبوس كفالله الشر.
وضحكت، لكن الضحك قلب جد، وعم سمير وقتيها ماكنش على وشة غير كرمشة تقول انه مش طايق حاله، لكن وماله، الراجل عايز يتكلم واحنا لازما نسمعه:
-بص يابني عشان الكلام كتير وانا خلقي ضيق، أنا اشتغلت هنا اكتر سنين وسنين، شوفت فيهم العجب ووافقت على حاجات عبد زيك مايسامحش فيها، لكن ودين الله غصب عني وماكنش بـ ايدي، واللي اتأذى وحاسب على المشاريب، هو العبد لله اللي واقف قدامك، لكن وماله.. ماقولناش غير الحمد لله، بس أنا لسه ضميري مش مرتاح، واللي هيريحني هو رضاهم، لكن انت.. انت الله يعينك، هم هيشوفوك وهيختاروك، يا يقبلوا بيك، يا يقولولك يفتح الله ومش عايزين، وقتها تاخد بعضك وتمشي، أصل مش يمزاجنا برضه، واللي حصلهم ماكنش قليل.
بدأت أشك إنه راجل مجنون، ماهو اللي يقول كلام زي ده، مايتقالش عليه غير كده، حاكم انا عارفهم ومعاشرهم سنين، أصل فيه كتير منهم في الشارع، فاكرين نفسهم عين العقل، وهم لا معانا ولا في الدنيا، الله يسهلهم، أطيب ناس تعرف تجبر بخاطرهم وتاخدهم على قد عقلهم:
-ومين دول بقى يابويا اللي هيختاروني إن شاء الله؟
قولتله كده عشان أخده على قد عقله، أتاريه معدي بكتير وبيتكلم في تخاريف:
-ممدوح وسامية يابني، مسيرك تعرفهم وتقابل أرواحهم.
-ودي حلاوة روح منك بقى يابويا، ولا انت على صلة وثيقة منهم.
-ماقدرش أتكلم دلوقتي يابني، هم اللي ليهم الحق، وهم اللي هيتكلموا.
-وماله.. مش عيب برضه، ياخدوا راحتهم في الجراش، على كلامك هم صحابه.
-وأكتر كمان يا ابني، واديك هتشوف.
-يعني هنستلموا الشغل امتى عشان الكلام مش مترجم في دماغي يابويا.
-ومين قال انك ماستلمتوش، انت استلمته وشغال دلوقتي، الله يعينك ويجبر بخاطرك، حاوط عليهم وماتضايقهمش، هم غلابة كانوا عايزين نومه حلوة.
-زمايل يعني، هنتعود على بعضينا ماتشيلش الهم، المهم تقولي وجبتي بتوصل امتى، ونومتي هتبقى في انهو اوضة.
-اوضتي.. أصلي استنيت اللي اسلمه وماشي، أنا تعبت يابني والحِمل تقيل، وكل ما حد يجي ويمشي، أرجع تاني بأمر منهم، لكن الله يباركله مصباح، مايقعدش مدة إلا ويبعتلي غيره.
-سمي الله في قلبك يابويا واتوكل على الله، المكان بقى مكاني وأنا استقريت، يعني ماتعولش الهم وروح استغطى في بيتكم.
قالي على المفيد منه وتوكل على الله، وقتيها خدت بعضي وقعدت في الأوضة، وبعد ساعة زمن من قعادي، سمعت كلكس عربية من برة، عكر مزاجي ودوشلي دماغي، وعشان أنا راجل أحب الهدوء والسكينة، قومت أشوف اللي قلبه جابه يعكر مزاج المتنور، طلعت برة وقريت الكلام، لقيت عربية من اللي قلبك يحبها ورجلك تحب تدوس على بنزينها، وبهدوء، خرج راجل لابس بدلة من اياهم، شاورلي من بعيد وهو بيقولي:
-انت يا ولد.. تعالى هنا عايزك.
روحتله وانا دايس على ضرسي، قولتله عايز ايه ماردش، دخل في اللي جاي عشانه وهو بيبصلي من فوق لتحت، راجل مجنون، مايعرفش المتنور ولا يعرف اللي ممكن يعمله:
-بص يا ولد، كويس إنهم جابوا أمن جديد، العربية وجودها برة خطر عليها، يعني تاخدها وتدخلها جوة، بعدها تطلعلي المفاتيح على مكتبي فوق، قول باش مهندس خالد، هيشورولوك على مكتبي على طول.
-نقطم على الكلام ومانكترش فيه، عربية مين اللي ادخلها، ومكتب مين اللي هطلعه، لا حول الله، لكن ملحوقة، اللي مايعرفش المتنور ولا يعرف عمايله، يقول أكتر من كده، والخلاصة هي اني شغال أمن، سريري، قوت يومي، وشغلي هو وجودي في المكان، لا أكتر، ولا أقل.
-لا بص يا حبيبي، انت شغال هنا عشان تقول حاضر، ونعم.. وانا مش هخش الجراش، يعني انت اللي هتدخّل العربية، بعدها تطلعلي المفتاح.
-واللي مش عاجبه الكلام؟
-هتمشي.. وبدل ما كانوا هم اللي هيمشوك، انا اللي همشيك.
-هم تاني؟.. هم مين بالظبط؟.. لا بقولكوا ايه، انا المتنور، يعني لو مش جاية معاكوا، يبقى هغيب عليكوا، ما تظبط يابا كده واعدل في الكلام، انا ماحدش يقريني اللي أعمله.
قبل ما أغيب عليه وامسك فيه، واحد من الأمن اللي برة جالي، هدا الأمور ما بينا وهو بيقولي:
-بس يا متنور، انت ماتعرفش ده مين، اهدى كده وانا هرسيك.
-يكون مين يعني مش فاهم؟
الحوار كبر بنا أكتر وهدي بعد ما سيف عامل الأمن رساني على اللي فيها ورضاني، اتأكد اني بعرف اسوق وطلب مني بالذوق والمفهومية أدخّل العربية، وعلى ما أدخلها واطلع، هو هيكون مستنيني برة، ياخد المفاتيح ويوديها، راجل فهمان، قراني من أول سطر وفهم انا ممكن أعمل ايه، حاكم الناس دول قليلين، مش زي الباقي، مايفهموش غير لما الحدوتة تبقى قصة كبيرة دايرة عليه وتزعله، يتأثر بيها ويروح يشتكي ويقول يا حكومة، بس قُُضيّت، ركبت العربية ونزلت الجراش لأول مرة، ريحة البول كانت فايحة منه، ريحة اتعودت عليها وعيشت معاها، ومع الريحة، كانت رطوبة المكان عالية، تخليك سقعان لو في عز الصيف، ماتفهمش ايه اللي بيجرى هنا يخلي الرطوبة بالشكل دهون، بس كلام مفهوم ومايزعلش حد، أما بقى الكلام اللي محتاج يترجم، كان ريحة الدم اللي شميتها، ريحة ماشميتهاش من أيام نومة الشوارع، لما كنت اصحى والاقي جثة جنبي، وقبل ما الحكومة تكبس ونخش في س و ج انا مافهمش عنه حاجة، كنت أخد بعضي وأهرب من جنب الجثة، بس مساكين وعاشروا ناس غدارين، غدروا بيهم ووصلوهم لقبرهم، بس برضه، يجي السؤال اللي عمال يون في ودني زي السارينة، الدم ده ايه، وجاي منين، وعلى ريحته شمشمت، خرجت من العربية ومشيت في دايرة لفيت فيها حوالين نفسي، ونهايته شوفت اللي ماستحملوش ولا افهموش، شوفت عيلين صغيرين، الواحد منهم مايعديش الي 13 سنة، وبعدم اللامؤخذة يعني الاتنين من نوع الدكر والنتاية، وده رفقًا بيهم مش سوء عليهم، حاكم الحيوان دوت نعمة مايحسش بيها غير اللي عاشر الحيوانات مع البني أدمين، ومحسوبكم عاشر الاتنين، لكن ايه اللي جاب الاتنين دول هنا، والريحة.. ايه؟.. الريحة دي من منهم هم.. العيلين ميتين وشبعانين موت…
تتبع
الجراج
٢
الريحة دي من منهم هم.. العيلين ميتين وشبعانين موت:
– لا حول الله، لا حول الله، الحقونا يا اخوانا.. سيف.. يابا الحج، الحقنا يابا الحج.
أول مرة كنت أخاف، شوفت كتير لكن قلبي اتقبض وجسمي اتخشب، محاولة اني اجري ولا اهرب، كانت محاولة سفاح وقع في ايد عشماوي وعايز يهرب، سفاح؟!.. وتيجي ازاي سفاح والعيلين قاموا من الأرض وهم مغمضين عينيهم، وقفوا قدامي ورفعوا ايديهم الشمال في نفس اللحظة، وزي عرض من عروض التلفزيون، طرقعوا بـ صوابع ايديهم اللي كانت مرفوعة، بعدها بصوا لبعض وفتحوا عينيهم، عينين بيضه نازل منها دم مغرق هدومهم، وبضحكة جلجلت المكان، رجعوا يبصولي تاني، وقتيها الدكر منهم قالي:
-احنا لا دكر ولا نتاية، احنا اتنين.. اتنين اخوات، سامية، وممدوح.. ايه رأيك في العرض؟.. ينفع نمثل صح؟
-أعوذ بالله من الشيطان الرچيم، أعوذ بالله من الشيطان الرچيم.
كررت في الجملة كتير عشان مش حافظ غيرها، لكن تكرارها ماكنش بالحل، ده ولا كإنه سيبرتو ونفخته في نار قايدة، والاتنين رجعوا بعروضهم، شبّكوا ايديهم في بعض وفضلوا يلفوا حوالين نفسهم، وبعدم اللامؤخذة سامية وقعت واشتغل معاها العياط، ماهديتش غير وأخوها بيواسيها وبيقولها:
-مش كفاية لعب بقى، عم سامي عايزنا في شغل.
-بس انا مش عايز أشتغل، أنا عايز ألعب، عايز أبقى زي العيال اللي بنشوفهم في الشارع يا ممدوح.
وبنظرة عارف اللي وراها لزوم اني عيشتها، ممدوح رد عليها وهو واخد الأرض شاشة وباصص عليها:
-احنا هنا في حما عم سامي، هو قالنا هيخلي باله مننا لو اشتغلنا، واحنا ابونا لو مسكنا مش هيسيبنا يا سامية، هيضربنا ويقل مننا.
-وليه اتولدنا ولاده؟.. ليه ماتولدناش زي الناس التانين، الناس اللي بنشوفهم في التلفزيون.
-نصيبنا وقسمتنا.
وزي العفريت، كمل كلامه وهو بيبصلي وبيقولي:
-مش كده يا متنور؟
خوفت وانا المتنور اللي ماتهزوش ريح، اتاريها هزيتني ووقعت على جدور رقبتي، ممدوح قرب مني وعيون الشر عنوانه، همس في ودني بكلام كتير مافهمتش منه الا القليل، واللي فيما معناته انه هيختار وانا عليا الإجبار، فـ بدون ما اتكلم ولا ادافع، اختفى هو وسامية وانا جسمي اتفك، ومع صوت سيف ليا.. جريت والمفاتيح لسه في ايديا، مديتله ايدي ورفعت الرايا بدري، وبنبرتي اللي عمري ما غيرتها قولتلته بكلام مش مترتب:
-لا بقولكم ايه.. ولا اقولكم ليه، انا اقوله، هاتولي مصباح، وديني ما هحل، واللي جابني يحاسبني، ولو على نومتي جبرِت، نرجع للارصفة ونتمرمغ في تراب الشواراع ولا نتمرمغ في تراب ودم عفاريت.
وشه كان مخطوف ولا كإنه سارق حاجة، سألته بالود وعينيا بتحكي على اللي حصل، وزي ما يكون شاف وحِضر، اتطمن عليا بخوف وقالي بنبرة واحد غايب عنه صديقه من سنين:
-والله ومن غير حلفان، انت من كتر ما اتأخرت، قولت جرالك حاجة وروحت فيها، واحنا من ساعة اللي جرى، خايفين ومقلقين.
-ولا.. بقولك ايه، انت هتحكيلي على اللي فيها ولا ارتكب جنايا، ما يا انتوا مشربني حاجة، يا بستكردوني، وانا بعدم اللامؤخذة ماحدش يستكردني، أمين؟
-والله أبدًا، القصة بجد واللي شوفته حقيقي، بس طمني، حصل ايه وجابهوالك ازاي، قالولك انهم هيقتلوك، ولا هيجروا وراك في ايامك واحلامك.
-قالولي اجبار واختيار، انا يتقالي كده ياض؟.. انا المتنور، عارف يعني ايه المتنور.
-والاشارة اتغيرت، شكلها كده لايقة عليك ومكمل، هم ارتاحولك يا متنور، أصل كتير غيرك جالهم، وهم قاموا بالواجب وزيادة.
كلامة غريب لكن مفهوم من اللي شوفته، بس ولو، لازمًا نفهم القصة رايحة على فين، أصله بعدم اللامؤخذة انا لا عبيط ولا عمري اتثبت، يقوم عيلين صغيرين يثبتوني، لا.. احنا نفهم من عم سامي، نسأله يمكن يكون معاه المفيد:
-يفتح الله.. مانيش قاعد هنا تاني، غير لما عمك سامي ومصباح يظهروا.
-مصباح ممكن لاونها صعبة، بس عم سامي مستحيلة، الله يسامحه بقى هو السبب في كل اللي احنا فيه دلوقتي.
-ليه.. الراجل طب ساكت وانا ماعرفش، ولا يكونش لسانه اتقطع، ولو على بيته، سهلة وبسيطة، تديني عنوانه، وانا اروحله، بس خلي في علمك، المتنور لو هو اللي زار، يبقى الكلام مش هزار.
-اديك عنوانه، بس هتروح تعمل ايه، الشقة مقفولة من سنين، ومش بعيد اللي يكون ساكنها، يكونوا ممدوح وسامية.
-رجعنا لكلام الجن والعفاريت تاني، انا اه ابان جاهل، بس الدنيا علمتني، واللي الدنيا تعلمه، ماهواش جاهل ولا عبيط.
-وانا ماقولتش كده يا متنور، الموضوع وما فيه ان عم سامي مات هنا من سنين، واللي شو…
-لالالا، مايخصنيش اللي اتقال دهون، انا شوفته قدامي بشحمه ولحمه، يعني لو فاكر اني صدقت وأمنت، تبقى عبيط ولسه على نياتك، وبعدين مش انت برضك اللي قولتلي اخش لعم سامي؟
-انا قولت انه ميت، بس ماقولتش انه مش موجود.
-رجعنا للجنان من تاني وشكلنا هنعاني، ما تسف الشريط ياض، ولا انت ضارب قده ومش واعي بـ اللي بتقوله؟
-يعني بعد كل اللي شوفته ده يا متنور مش مصدق؟
-مايخصنيش، انا اللي يخصني هم الاتنين اللي قولتلك عليهم، امين؟
-أمين بس تسمعني، لكن قبل ما اقولك، لازم تعرف انك في نعمة ماخدهاش حد، واللي عرفته عنك عن طريق مصباح، انك راجل محتاج الشغلانة اكتر من أي حد، يعني بالبلدي كده تبت فيها لو كلامك صح.
-لا اله الا الله، جرا ايه يا جدع، ماقولت سف الشريط وانجز، انا ماحبش الكلام الكتير مع فعل قليل.
-من اكتر من عشرين سنة، عم سامي كان شغال هنا أمن للجراش، لدرجة انه بقى عِشرة مع المكان ومع صاحب الشركة، واللي كان بيقوله عم سامي، ماكنش بيحصل خلاف عليه ولو للحظة، يعني من الآخر كده الكلمة كلمته، والشورة شورته، ومن عند شورته وقلبه الطيب، يحصل اللي مش طيب، عيال غلابة اهلهم قسوا عليهم، قاموا اخدوا بعضهم وعاشوا في الشارع، وبعد كذا يوم لما كان عم سامي بيشوفهم نايمين على الرصيف ومش عارفين يشحتوا حتى، قال يكسب فيهم ثواب ويشغلهم معاه في الجراش، اهو يسدوا معاه شوية، وفي نفس الوقت يلاقوا الفرشة اللي يناموا عليها مع قرشين يعيشوهم، وزي ما فكر عم سامي، نفذ وصاحب الشركة قال امين، وده بحِجة ان السن بيحكم وعم سامي كبير، يعني محتاج اللي يسنده ويساعده، لكن الظروف مامشيتش مظبوط، وبعد سنة العيال قعدوا في المكان واتعودوا عليه، عم سامي غلبه قلبه الحنين للمرة التانية، بس المرادي كانت واجبه وغصب عنه، وانا الشهادة لله ماقدرش الومه فيها، بس الظروف نوت، واللي كان كان.. عم سامي كان له اخ بعدم اللامؤخذة خمسة في المية، واخوه ده كان اسمه صابر.. صابر ده بقى كان عايش مع امه اللي راعته قبل ما تموت، ولما جالها السر الإلهي، صابر مابقاش له غير اخوه، وبعد ما عم سامي استسمح صاحب الشركة عشان يقعد اخوه معاه ومن غير مرتب، صاحب الشركة وافق ولو على عينه، قال يكسب فيه ثواب، أتاري الثواب كان لعنة، وصابر زي ما انت عارف دماغه مش فيه، خد البت جوه الجراش وهتك عرضها، ومن غير ما يقصد وبعد ما ممدوح اخوها حاول يحميها، زقه زقة جامدة جابت أجله، وقتها عم سامي كان بيجيب شوية طلبات، رجع وهو سامع صوت سامية بتصرخ، جري عشان يشوف مالها لقى اخوها سايح في دمه ومش بينطق، كمان سامية كانت بتنزف ونزيفها ماوقفش غير وهي على النقالة للمستشفى، وهناك.. هي كمان ودعت زي ما اخوها ودع، ساعتها عم سامي ماسامحش نفسه وشاف انه السبب في كل اللي حصل، وعلى الرغم من ان اخوه ماعليهوش حرج، إلا إن عم سامي السبب في وجوده هنا، فـ من شدة الذنب انتحر، أما صابر الشرطة كانت خادته ووديته المكان اللي يقدروا يتعاملوا مع حالته فيه، ومن ساعتها والجراش فاضي، كل ما يجي حد يمشي، والأغرب، انهم بيشوفوا عم سامي بعدها الطفلين، لكن انت الوحيد اللي اختلفت، وبدل ما يقولولك مع السلامة وماتجيش تاني، سابولك السكة اكمنك شبهم ومنهم، وهي دي القصة، حابب تصدقها يا ريت، مش حابب ماحدش هيمنعك.
-كلام يوجع القلب لكنه مايخشش الدماغ، وبعدم اللامؤخذة المتنور ماهواش عبيط ولا مغفل، يعني نطّقس بعدها نُحكم، وقبل ما الحُكم ينزل على الشايب، مصباح يجي قدامي ويرسيني.
وكان بها، مصباح جالي بعد ما عرف اني عايزه، قالي على الحدوتة اللي ماختلفتش كتير عن سيف، كمان رساني على ان عم سامي لسه بيظهرله من وقت موته، الراجل مارتاحش حتى بعد ما انتحر، والصراحة وبالنسبالي، مافيش راحة أكتر من مكان زي ده، لا هيلاقوا زيي، ولا أنا هشوف برة زي ما شوفت هناك، الخلاصة اني فضلت وكبرت هناك، كمان العيال كبروا معايا، بس مش شكلا ولا سنا، ده طريقة وفهم، وأنا اتعودت، ومن قتيها بسمع اللي ما يتسموا بتوع العفاريت، حواديت وتسالي تجُر يومنا اللي مابيخلصش، ولو فاكر اني بخاف من قصصكم تبقى غلطان، انا عايش اللي انت ماعيشتوش، واللي بيحكي او بيكتب، مايحسش زي اللي شاف وحس.. سلام عليكم.
**
أنا أندرو ودي رسالتي، ماتخلفوش لو كنتوا مش متأكدين، ماتجيبوش عيال تسرح في الشارع على أمل انها تجيب قوتك وقوت يومك، عيل واحد كفاية، علمه وكبره، حسسه بقيمته وماتهمشوش، افتكر ان العيال دول نعمة، واللي يرمي نعمة ربنا ويعمل فيها كده، لازم يعرف ان ربنا عمره ما هيباركله.
تمت بحمد الله