قصص

قصة وصيتي

كل الحكاية ابتدت من وقت ما ابويا اتولد وربيته على إيدي!
عارف ان كلامي غريب ومُشوش وانك ممكن تستغربه، لكنه حقيقي، وعشان تفهمه، اقرا وصيتي كويس وحاول تنفذ اخرها.
من يجي ١٩ سنة كده، او بالتحديد يعني وقت ما كان عندي ٢٠ سنة وعايش مع ابويا من بعد موت امي، جالي خبر شقلب حياتي، والخبر ده كان موت ابويا في حادثة، وقتها حسيت اني لوحدي، حياتي وقفت وفضلت كده لمدة سنة لاني ماكنش ليا غيره، بس بعد وفاته بسنة تقريبًا، وبالتحديد في سنة ٢٠٢٥، العُلماء قدروا يوصلوا لاكتشاف مُذهل، اكتشاف كان حديث العالم وقتها واتسبب في تغيير مفاهيم كتير اوي، والاكتشاف ده كان عبارة عن ان بعض العُلماء، قدروا يرجعوا للحياة، فصيلة منقرضة من الذئاب، وده حصل عن طريق دمج حمضهم النووي (اللي لقوه في حفريات)، بجسم انثى حيوان، وبالفعل، الحمل تم، ومن بعده الولادة، شرفوا اتنين من فصيلة الذئاب المنقرضة، ومن عند الاكتشاف ده، وبسبب اني كنت قربت اتجنن من وحدتي بعد ابويا، بدأت اسأل واستفسر عن إمكانية تطبيق الاكتشاف ده على الإنسان، واللي قدرت اوصل له، ان الموضوع ممكن، لكنه هيبقى سري جدًا ومكلف جدًا جدًا، بس ولأني غني وورثت عن ابويا فلوس مالهاش أخر، فقررت اني اكلم الدكتور البريطاني اللي توصلتله واسأله عن إمكانية رجوع ابويا للحياة، وده عن طريق ولادته من أول وجديد، وبالفعل، الدكتور رد عليا وقالي انه جاهز ينفذ، بس في الأول هياخد تلتين فلوسه وهيمضيني على اقرار (لضمان السرية وإخلاء المسؤولية)، وكمان طلب مني عينة من جسم ابويا، وانا من غير ما افكر، وافقت.. روحت المقابر وأخدت أجزاء من جثة ابويا، وبعد كده سافرتله واديته الفلوس ومضيت الإقرار، وابتدا الشغل.
الدكتور جاب متبرعة وزرع فيها الحمض النووي لأبويا، وبعد ٩ شهور من الحمل الغريب، وصل المولود، او بمعنى أوضح، وصل ابويا!
بعد الولادة خدته جري ورجعت مصر، وبالوقت، ابتديت اراعيه وجيبتله أكتر من دادة وحرفيًا كنت طاير بيه، ولما ابتدا يكبر وملامحه تبان، اكتشفت انه هو فعلًا، ملامحه كانت قريبة اوي اوي من ملامح ابويا اللي في الصور اللي كانت معايا لُه وهو صغير، الا بس من تشوه بسيط في وشه ماشغلتش نفسي بيه، بس لما ابتدا يكبر وشخصيته ابتدت تتكون، بدأت الاحظ فيه حاجات غريبة!
ابويا لما وصل لسن العشر سنين، ابتدا يبقى عصبي بشكل مُبالغ فيه، ورغم اني كنت مفهمه انه ابني، وان امه ماتت وهي بتولده، (وده بالفعل اللي عرفت اثبتهوله بالأوراق اللي ضربتهاله عن طريق معارفي)، الا انه كان في كتير من الأوقات، بيقولي ان انا مش ابوه، وانه حاسس باحساس غريب، وكأنه محبوس في جسمه!
كلامه كان غريب وتصرفاته بقت اغرب، وعشان كده ماكنتش بوديه المدرسة وكنت بعلمه في البيت، بس حتى المدرسين اشتكوا منه وبقوا يخافوا يعلموه، وده ببساطة لأنه كان عدواني وافكاره كلها سودواية ودموية!.. كلامهم كان غريب وكنت تملي بكدبه، انما ده اللي كان في الظاهر، اما من جوايا بقى، فانا كنت مُتأكد ان اللي انا عايش معايا ده، كائن مش طبيعي، والاحساس اللي جوايا ابتدا يزيد ويتأكد اكتر، من بعد ما وصل لسن ١٧ سنة وبقت تصرفاته كلها مريبة.
اوقات كتير كان بيخرج من البيت بالليل ويرجع وش الصبح، ولما كنت بسأله “كنت فين؟”، كان يرد ويقولي انه كان مخنوق وبيتمشى، ومش كده وبس، ده انا كمان بقيت بسمع صوته في اوقات كتير، سواء بالليل في ضلمة أوضتي قبل ما انام، او وانا نايم وبحلم، والجُمل اللي كان تملي بيقولها، في كل مرة بسمع صوته فيها، (هقتلك زي ما قتلتهم، هقتلك لأنك خلتني مسخ!)، وبسبب كل اللي حكيته ده، وبسبب كمان ان ابويا وقت ما كان عايش، كان واحد من كِبار رجال العصابات اللي بيقتلوا بدم بارد، فانا قررت ادور وراه، واللي لقيته، كان كارثة!
لما اقتحمت أوضته اللي كانت في أخر طرقة الدور التاني في الڤيلا اللي احنا عايشين فيها، لقيت مذكراته، والمصيبة انه كان كاتب في المذكرات، انه مش حاسس غير بأنه مسجون، وانه دايمًا متعطش للدم، وبسبب تعطشه ده، وقع بين ناس وخلاهم يقتلوا بعض، وكمان قتل خمس أشخاص من جيراننا ودفنهم في أماكن متفرقة، وبخلاف كل المصايب دي، فهو كمان كان بيخطط لقتلي!
برقت وانا ماسك المُذكرات وفضلت مصدوم لدقايق، لكن بعدهم فوقت من صدمتي وقررت ادور ورا الكلام المكتوب، وبالفعل، اكتشفت ان الخمسة اللي ذكر اسماءهم، مُختفيين بقالهم فترة، ولما روحت لمكان من الأماكن اللي كان كاتب انه دفن حد منهم فيه، اكتشفت انه فعلًا قاتل واحد ودافنه هناك.. وقتها الصدمة اتحولت لغضب وجنون، عقلي شت، مابقتش عارف اعمل ايه، لكن لأ، اللي بيحصل ده لازم يقف، وعشان كده، أخدت قراري وقدمتله كوباية عصير جواها سم بإيدي، ومن بعد ما هو شرب، شربت انا كمان من العصير المسموم، ودلوقتي، وخلال ما السم بيبتدي يسري في جسمي، انا بكتب وصيتي للعالم.. المسخ اللي انا كنت السبب بجنوني في انه يبقى موجود، خلاص، انا خلصت البشرية منه، بالظبط زي ما هخلص البشرية مني انا كمان، بس اللي حصل ده مش لازم يتكرر، مش لازم حد يفقد إيمانه بالموت وبرب العباد اللي وجد الحياة والموت، مش لازم ده يحصل، مش لازم.. احنا لازم نموت ومن بعدنا يجوا ناس تانيين، وخليك فاكر، ان مهما العلم تقدم ووصل لقدرات ماهولة، اوعى تعمل بيه اللي انا عملته، لأن ساعتها، حياتك هتبقى جحيم..
إمضاء.
ذكريا المواردي…. عام ٢٠٤٢ ميلادي.
ايه، فاكر الوصية خلصت؟!، لأ، ماخلصتش، انا المواردي، المواردي ذكريا المواردي، ابن ذكريا، او.. ابوه زي ما هو ذكر، ايه؟!.. افتكرتني موتت!.. لأ ماتقلقش، انا كنت براقبه وعرفت اللي هو ناوي يعمله، وعشان كده وهمته اني شربت العصير ووهمته كمان اني موتت، لكن انا ماموتتش زي ماهو مات، وبعدين انا هموت ازاي، انا كده كده عايش ومش هموت دلوقتي، وده طبعًا كان بسببه.. هو افتكر انه باللي عمله معايا، بيرجع ابوه تاني للحياة، لكن في الحقيقة، انا مش ابوه، روحي مش روحه ووعيي مش وعيه، وده برغم اني شبهه وملامحي فيها كتير منه، الفرق بس اللي بيني وبينه، ان انا عندي عين واحدة، والعين التانية، ممسوحة..
تمت

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى