قصص

المشهد الاخير

نور الأباجورة المكسورة بيرعش في الأوضة.. والدم سايح وبينزل من على الحيطة لحد ماوصل لجسم الست المرمية على الأرض.. الست شكلها ميت بس الغريب مش منظر الجثة.. الغريبة هي اللوحة اللي متعلقة قدامها على الحيطة، اللوحة اللي كانت نسخة طبق الأصل من الست وهي مطعونة.. نفس الطعنة، بنفس الوضعية الفرق الوحيد إن عينيها في اللوحة كانت مفتوحة، وهي بتبص لحاجة؟.. ياترى بتبص على ايه؟.. وايه اللوحة العجيبة دي؟.
كنت قاعد في مكتبي مولع سيجارة وبشرب كوباية قهوة، لما جالي بلاغ عن وجود جثة لست في الخمسينات من عمرها، مطعونة في بطنها بآلة حادة، خدت قوة من القسم ورحت على طول لمكان البلاغ، واول ما وصلت طلبت من العساكر تمشي الناس وتأمن المكان كويس، مشيت بحذر عشان مالمسش أي حاجة في البيت، وكنت برمي عيني على الشبابيك والترابيزت، الشقة كانت في حالة فوضى، واضح إن المجني عليها حاولت تقاوم، الجثة كانت مرمية على الأرض جنب الحيطة، والدم مغرق المكان.. ووقتها دخل عليا الملازم عماد فسألته…
مين اللي بلغ عن الجريمة؟.
واحدة جارتها هي اللي بلغت من نص ساعة، بتقول إنها كانت متفقة مع المجني عليها يسهروا مع بعض النهاردة، ولما راحتلها فضلت تخبط وترن على موبايلها بس ماكنتش بترد عليها، فقلقت وخلت شخص يكسر الباب، واول ما شافوا الجثة بلغت.
طب في شهود أو حد مشتبه فيه؟.
لسه مافيش أي حد مشتبه فيه.. خصوصًا إن المجني عليها زي ما فهمت من جارتها مالهاش أعداء وفي حالها.
طب انا عاوز اشوف جارتها اللي قدمت البلاغ دي، هي فين؟.
برة سعادتك متحفظين عليها.
طب ياريت تجيبها.
خرج عماد جابها، وأول ما شوفتها لقيتها في نفس سن المجني عليها تقريبًا، كانت منهارة في العياط، حاولت اهديها ولما هديت سألتها…
اسمك ايه؟.
فهيمة يافندم.
طب قوليلي يا ست فهيمة، قبل ما تخرجي من بيتك ماسمعتيش صوت حركة غريبة؟.
أكيد سمعت يافندم، بس زي ما حضرتك شايف العمارة كبيرة وفي سكان طالعة نازلة.
لا انا اقصد يعني، ماسمعتيش صوت صريخ للمجني عليها، أو صوت خبط في شقتها؟.
لا خالص يافندم، انا كنت قاعدة بتفرج على التلفزيون وزي ما حضرتك شايف نظري على قدي، وحتى السمع يدوبك، وبعدين انا ماخرجتش غير لما جه الميعاد اللي كنا متفقين عليه.
طب امتى اخر مرة شوفتي المجني عليها؟.
امبارح يا باشا، اصل احنا مش جيران بس، احنا كنا زي الإخوات وأكتر، فكان لازم كل يوم نتقابل.. هي تجيلي شقتي يا انا اروحلها شقتها.. ربنا يرحمك يا كوثر.. ربنا يرحمك ياختي.
رجعت تعيط مرة تانية، وقتها طلبت من العسكري يسجل بيانتها عشان لو احتجناها تاني، واستدعيت فريق الطب الشرعي والطب الجنائي، كنت واقف قدام الجثة وانا بحاول اكتشف أي حاجة توصلني للقاتل، وساعتها لفت نظري لوحة على الحيطة، كانت بتجسد المشهد اللي قدامي بالظبط، وعليها توقيع شخص إسمة زكريا، حطيت الموضوع في الاعتبار.. وفي وسط إندماجي.. دخل عليا شخص غريب، عرفني بنسفه على إنه الدكتور محمود من الطب الشرعي، بعدها بص على جثة الضحية، ولقيته رايح جاى بخطوات سريعة في المكان.. بعدين وقف لحظة كأنه بيحاول يتخيل القصة كلها.. ولما خلص رجع للجثة تاني وقالي…
في جرح غائر في البطن، الطعنة كانت عميقة.
قالها وهو بيشاور على مكان الطعنة، فسألته وأنا بلف حوالين الجثة…
يعني الطعنة هي السبب في الوفاة؟.
ممكن.. وممكن يكون سبب تاني والطعنة مجرد محاولة من القاتل للتأكد من موت ضحيته.. بدافع الإنتقام مثلًا.
طب توقيت الوفاة؟.
بص هو الدم لسه مانشفش، وده معناه إن الجريمة حصلت من ساعات قليلة.
كان مركز في معاينة الجثة، لما دخل عماد ووقف جنبنا.. لفيت وشي وبصيتله بس فجأة الدكتور محمود قال وهو لسه باصص على الطعنة…
الطعنة دي مش في مكان عشوائي.. يعني كانت بهدف القتل، مش مجرد تأكيد أو إنتقام.. الطعنة هي سبب الوفاة.
في اللحظة دي سمعنا صوت خطوات، لفيت وشي لقيتهم مجموعة من المعمل الجنائي، كانت ياسمين أخصائية الأدلة الجنائية، ومعاها واحد من المتخصصين في جمع الأدلة.. سلموا علينا وبعدها بدأوا يصوروا كل زاوية في المكان.. لحد ما قربت ياسمين من الجثة وحطت أيدها على الأرض جنب الطعنة وقالت…
واضح من اثار الدم إن الضحية اتحركت من مكانها.. يعني اتقتلت في مكان وبعدها القاتل سحب جثة الضحية لحد هنا.
رديت عليها وقولتلها…
عندك حق.
بعد كدة رجع كل واحد فيهم يركز في شغله، كانوا بيجمعوا الأدلة بحذر، وبيوثقوا كل تفصيلة.. وده كله بيتم بسرعة، كل واحد عارف دوره كويس.. أما أنا فكنت واقف وبقول في سري.. دي مش جريمة عادية، في حاجة مش مظبوطة هنا، وفي وسط الهدوء ده، وعيني لسه على اللوحة اللي متعلقة قدام الجثة، قولت لكل اللي واقفين بصوت عالي…
في حاجة مش مظبوطة، اللوحة دي ممكن تكون مفتاح الحل، إحنا لازم نعرف كل حاجة عن الرسام اللي إسمه زكريا ده.
رد عماد وقالي…
انا هسأل الجيران عنه، وخصوصًا فهيمة صاحبة المجني عليها، أكيد تعرف حاجة عنّه.
تمام نفذ على طول يا عماد وخليك معايا أول بأول.
تمام يافندم.
في الوقت ده ياسمين كانت لسه شغالة على تجميع الأدلة، ولفت نظرها حاجة تانية ولقيتها بتقولي…
بص يا فندم، في حاجة غريبة هنا، دم المجني عليها كان سايل لحد ما نزل على الأرض، لكن فيه آثار لحاجة هنا، شكلها زي حركة سحب أو جرح.. القاتل سحل المجني عليها قبل ما يقتلها زي ماتوقعت.. كمان في حرف (ن) محفور على جسم المجني عليها بآلة حادة.
واضح إن الجريمة مش بالبساطة اللي احنا متخيلنها، كل حاجة بدأت تتعقد أكتر.. الوقت كان بيعدي، وكل ما بندور في التفاصيل، كلما بنلاقي دلائل غريبة، بس اللوحة دي هي السر!.. بدأت اخطط للتحقيق في موضوع الرسام اللي اسمه زكريا، وقدرت اعرف بعض المعلومات الأولية عنه، لكن لسه قدامنا وقت طويل قبل ما نقدر نوصل لأي حل.. خصوصًا إن زكريا اختفى.
مر اسبوع ولسه مش قادرين نوصل لزكريا، لكن وقتها جالي بلاغ بجريمة قتل تانية.. لرجل اعمال معروف اسمه فؤاد.. خدت قوة من القسم وروحنا لمكان الجريمة، اللي كانت شركة المجني عليه، طلبت من العساكر تتحفظ على الموظفين في الشركة لحين استجوابهم، وبدأت اعاين مسرح الجريمة كويس، لفت نظري حاجة خلت الدم ينشف في عروقي، لقيت في مكتب المجني عليه لوحة بتجسد طريقة موته وبرضه عليها توقيع زكريا، بدأت اربط الخيوط ببعض، طب ليه شخص زي ده يعمل كده؟.. وليه يسيب دليل ملموس وراه؟.. مالقتش إجابة غير إنه قاتل متسلسل مختل عقليًا، طلبت فريق الطب الشرعي والجنائي، عشان اخد منهم تقرير مبدئي للواقعة، وقبل ما يوصلوا بدأت في استجواب الموظفين في الشركة.. وقولت لواحد منهم…
قولي، مالفتش نظرك شخص غريب داخل الشركة؟.
لا أبدًا يافندم، الشركة زي ما حضرتك شايف كلها موظفين، وناس خارجة وناس داخلة، بس ماشوفتش حد شكله مريب ممكن اشك فيه.
طب ماسمعتش صوت صراخ المجني عليه؟.. ولا ضرب نار؟.
خالص يافندم، ده انا حتى كنت عنده قبل ما يموت وكان كويس جدًا، وطلب منّي اعمله تقرير لشغل الشركة الفترة الأخيرة.
قولت في بالي طالما المكتب نضيف ومافيش صوت لضرب نار او مقاومة، يبقى كده ممكن يكون القاتل استخدم كاتم صوت، وماتكلمش مع الضحية، ده دخل خلص عليه وخرج على طول.. خلصت كلام مع الموظفين، وبعدها رجعت مكتب المجني عليه تاني، قربت من الجثة ووقتها إكتشفت.
يتبع ..
قربت من الجثة ووقتها إكتشفت..
المشهد الأخير ٢
إن المجني عليه محفور على جسمة حرف (و)، في اللحظة دي وصل فريق الطب الشرعي، دخل الدكتور محمود وبدأ في المعاينة الأولية للجثة، قرب منها وحط أيده على مكان الجرح وقال…
– الدم لسا سايل، وده معناه إن الجريمة اتنفذت من وقت قليل جدًا.
وصل فريق المعمل الجنائي وعلى رأسهم ياسمين اللي بدأت علطول في رفع البصمات من المكان، وبعدها قربت من الجثة، ومن زاوية ثباتها قدرت تعرف الطلقة مضروبة منين بالظبط.. وهنا اكتشفنا إن المكتب جواه باب بيخرج على سلم الطوارئ، وده معناه إن القاتل دخل وخرج من السلم ده.. عشان كدة ماحدش من الموظفين شافه.. بس السؤال دلوقتي.. هو وصل لسلم الطوارئ إزاي؟!.. راجعنا الكاميرات ووقتها شوفنا الشخص اللي دخل سلم الطوارئ.. بس كان لابس لبس عمال نظافة، وفي كاب فوق راسه مغطي وشه، ومن تحركاته باين إنه عارف مكان الكاميرات.. بس مين ده؟!.. ممكن يكون زكريا؟.
الجثة اتنقلت المشرحة عشان يتم تشريحها.. أما انا فرجعت مكتبي، كنت قاعد بفكر وبحاول اربط الخيوط ببعض، لكن لسه مش قادر اوصل لأي جديد، اللوح، والحروف اللي لقناها على جثث المجني عليهم، كل دي حاجات مالهاش نفسير لحد ما نقبض على زكريا، لوح وحروف انا حاسس إني في لغز كبير حاولت اجمع الحرفين على بعض يمكن يطلع لي منه حاجة تساعدني لقيت الحرفين (نو) يعني لو اترجمت بالإنجليزيه هتبقى (لا) ولعت سيجارة، سحبت نفس وخرجته بضيق.
تاني يوم جالي تقرير مبدأي من الطب الشرعي بيأكد إن القاتل استخدم كاتم صوت على المسدس، وقتل المجني عليه برصاصة بين عينيه.. حطيت التقرير على المكتب وانا بقول بصوت مسموع الموضوع بيتعقد اكتر.. في نفس اللحظة سمعت خبط على الباب…
– أدخل.
– إحنا لقينا زكريا يافندم.. واحد من المخبرين بتوعنا شافه داخل المعرض بتاعه من شوية.
– طب يلا بينا ياعماد.. مستني ايه؟!.
اتحركنا بقوة من القسم لمعرض زكريا.. وأول ما وصلنا المكان وزعت القوات عشان لو حاول يهرب، بعدها اقتحمت عليه المعرض، بس الغريبة إنه ماحاولش يهرب مننا، ركبته البوكس ورجعت بيه على القسم، وأول ما دخلنا المكتب قعدت قدامه وقولتله..
– ازيك يا زكريا؟.
– الحمدلله يا باشا، ممكن اعرف انا هنا ليه؟.
– ماتستعجلش أوي كده يا زكريا.. دلوقتي تعرف كل حاجة.. سيجارة؟.
– شكرًا يافندم مابدخنش.
ولعت السيجارة وبعدها قولتله…
– احسن برضه.. ده حتى التدخين مضر بالصحة.. قولي بقى تعرف أيه عن الحجة كوثر.
– أنا اول مرة اسمع الإسم ده سعادتك.
– لا والله!.. طب أيه رأيك بقى إننا لقينا لوحة من لوحاتك عندها؟!.. وجارتها قالت إنها كانت بتجيلك تاخد منك لوحات.
– يافندم انا بيجيلي ناس كتير على كل شكل ولون.. مش معقول يعني هفتكر كل زبايني واللوح اللي بياخدوها.
– طب بص كده.
أول لما شاف اللوحة برق وبانت عليه الصدمة، فكملت كلامي وقولتله…
– اهي دي بقى الحجة كوثر.. لقيناها مقتولة في بيتها.. وبنفس الطريقة اللي انت راسم بها اللوحة دي، مش دي لوحتك برضه؟.
هز راسه بأنه اه، فكملت وانا برجع اللوحة دي وباخد لوحة تانية وبقوله…
– ومش كده وبس.. دانت لوحتك التانيه هي كمان عندنا.. بص كده.
جسمه اتنفض من المفاجأة.. ماكنش مصدق اللي شايفه بعينيه.. كملت كلامي وقولت…
– ده فؤاد رجل أعمال، لقيناه مقتول في مكتبه بنفس الطريقة اللي مرسومة بها اللوحة، اتكلم بقى وقولي ايه اللي ورا اللوح دي وليه عملت كده؟.
– اللوح دي فعلًا بتاعتي يافندم.. بس والله انا ماقتلتش حد، انا كنت بشوف الرسومات دي في أحلامي.. كانت كوابيس بالنسبة لي.. وعشان كدة كنت برسمها أول ما بقوم من النوم.
– زكريا، اتكلم عدل احسنلك.. هتدخلي في سكة الجنان هجننك.
– يافندم والله انا مش بدعي الجنون، انا بقول الحقيقة، اللوح دي بتاعتي، بس أنا ماعرفش أصحابها.. والله العظيم ما اعرفهم واول مرة اشوفهم دلوقتي، انا الناس دي حلمت بيها، ورسمتهم بنفس الشكل اللي قدام سعادتك.
وسط التحقيق، دخل أمين شرطة وفي أيده لوح تانية وقالي…
– دي اللوح اللي كانت في المعرض يافندم.
– تمام ياعوض.. سيبهم وخد الباب وراك.
قومت من على مكتبي وحطيت أيدي على كتف زكريا وانا بقوله…
– وايه ده كمان يا زكريا، كل دي جرايم كنت مخطط تنفذها؟.
– ياباشا انا قولتلك اللي عندي، ولو فعلا الجرائم اللي حضرتك قولت عليها دي حصلت، يبقى ياريت تلحق الناس اللي في اللوح دي قبل مايحصلوهم، وبكرة سعادتك تتأكد بنفسك لما تحصل جرايم تانية وانا في الحجز.
– ماشي يا زكريا هنشوف.
طلبت من العسكري يرجعه الحجز، وبعدها قعدت افكر، الموضوع كِبر، كِبر اكتر ماهو كبير، كنت فاكر لما اجيب زكريا هنا هيعترف على طول بس ده ما حصلش، وبقى قدامي مجموعة لوح لناس ممكن مصيرهم يبقى زي مصير الاتنين التانيين، عشان كدة عينت عليهم حراسة مشددة، على كل الاشخاص اللي كانوا مرسومين على اللوح، واللي طلعوا كلهم رجال اعمال كبار، وخدت إذن النيابة وروحت افتش بيت زكريا، لو قدرت الاقي سلاح الجريمة تبقى القضية خلصت، اول ما وصلنا هناك كسرنا الباب ودخلنا.. مر الوقت ومافيش أي جديد، لا لقينا مسدس ولا لقينا أي حاجة، بس انا كنت متوقع حاجة زي كده، مافيش قاتل هيخبي سلاح جريمته في بيته بس اهي كانت محاولة.. مرت الأيام وانا لسة شغال على القضية، فضلت احقق مع الشهود تاني وتالت، بس برضه مافيش جديد حتى بعد المواجهات بين الشهود وزكريا كلهم أنكروا إنهم شافوه قبل كده، وفي يوم روحت بيتي وانا هلكان بسبب الضغوط اللي عليا، حاسس إني عاجز عن حل القضية دي، وتاني يوم لما روحت القسم قعدت قدام اللوح وفضلت أبص عليهم، اللوح دي ليها علاقة كبيرة بالجرايم اللي حصلت، ماهو مش معقولة أبدًا تكون صدفة، وبعدين مافيش جرايم تانية حصلت وهو عندنا زي ماقال، زكريا هو القاتل، بس هثبتها عليه إزاي؟.. في اللحظة دي لقيت عماد داخل عليا وهو بيقول…
– الحق يافندم.
– في ايه ياعماد؟.
– شخص من اللي حضرتك عينت عليهم حراسة مات!.
– ايه!.. انت بتقول ايه يا عماد؟!.. ازاي ده حصل؟!.
– ماعرفش يافندم، انا دخلت عليه لقيته قاطع النفس.
– مين فيهم؟
– مهران يافندم.
أتحركت على الڤيلا، وهناك لقيت مهران نايم في سريره ومش باين عليه أي آثار لجروح، ولا حتى في دم، بصيت على الشبابيك كويس بس كلهم كانو مقفولين، ومافيش حتى أي حاجة تدل إن حصل اعتداء عليه.. بس برغم كدة كنت حاسس إن في حاجة غلط، طلبت الطب الشرعي والمعمل الجنائي، عشان أقدر أفهم ايه سبب الوفاة بالظبط.. وفعلًا وصلوا بسرعة وبدأوا يفحصوا الجثة، الكل كان مستغرب إن مافيش أي آثار ظاهرة تدل على الاعتداء أو الإصابات، وهنا اتكلم دكتور محمود وقال…
– الجثة مافيهاش أي جروح ظاهرة، ولا حتى علامات خنق.. لازم ناخد عينة دم ونعمل تحليل شامل عشان نعرف السبب الحقيقي للوفاة.
وبعد ما فريق الطب الشرعي عمل فحص شامل، قالوا إنهم مش لاقيين أي حاجة توضح سبب الوفاة بشكل مباشر، إلا إنهم اشتبهوا في وجود مادة سامة.. كانوا شايفين إن المجني عليه ممكن يكون اتسمم.. وقرروا ياخدوا عينة عشان يحللوها سيبتهم وطلعت برة عشان أتكلم مع باقي الفريق.. كنت حاسس إن فيه حاجة غريبة في الموضوع.. كل حاجة كانت ماشية بشكل طبيعي لحد اللحظة اللي مات فيها الشخص ده، لكن الحكاية مش هتكون زي ما باينة قدامي.. بس لو دي طلعت جريمة قتل يبقى كل اللي كنت بفكر فيه غلط، لإن زكريا محبوس، وفي جريمة حصلت، كنت حاسس إن كل حاجة ضدي لدرجة إني كنت بفكر اسيب القضية، خرجت برا ولعت سيجارة وانا عمال افكر، ماكنتش شايف أي بصيص أمل لكشف القاتل الحقيقي.. الطب الشرعي خد الجثة عشان يشرحها وانا رجعت مكتبي، وقعدت مستني لحد ما يوصل التقرير.. التقرير اللي وصل بعد خمس أيام.. لقيت الدكتور محمود جايبه بنفسه وجاي.. قعد قدامي يومها وقالي.
يتبع..
التقرير اللي وصل بعد خمس أيام.. لقيت الدكتور محمود جايبه بنفسه وجاي.. قعد قدامي يومها وقالي…
– إحنا لقينا سم في دم الضحية فعلًا.. بس مش سم عادي زي اللي بنشوفه في حالات التسمم العادية.. ده نوع متطور بيسبب شلل تدريجي للأعصاب، والراجل ده مات بسببه.. وواضح كمان إنه خد كمية كبيرة منه.
– أنت متأكد يادكتور؟.
– سم ازاي؟!.. والسم ده وصله منين؟.. ده ماخرجش من الفيلا.
– مش عارف.. وفي حاجة تانية حضرتك هتلاقيها في التقرير.
– حاجة ايه يا دكتور؟.
– احنا لقينا على جسم الضحية حرف محفور وكان حرف (ر).
– حرف محفور!.. يعني كدة اللي قتله هو نفسه اللي قتل الاتنين التانيين.. بس إزاي؟!.. قدر يوصله إزاي؟.
طلبت عماد وأول ما دخل مكتبي سألته…
– السم وصل لمهران إزاي ياعماد؟.
بص في الأرض قبل ما يقول…
– مش عارف سعادتك.. احنا كنا مأمنينه كويس.
– عماد.. انا عارفك كويس.. وشك بيقول إنك عارف.
– بصراحة يافندم مهران خرج يومها.
– خرج!.. خرج راح فين؟.. وإزاي سيبته يخرج؟!.. انا مش قايلك مايتحركش من الفيلا.
– حاولت والله يا باشا بس هو صمم.. اتعصب وقعد يزعق فاضطريت اسيبه يخرج.
– وراح فين بقى؟
– انا مشيت وراه سعادتك لقيته راح قعد في مطعم.. وبعد ساعة تقريبًا اتمشى بالعربية شوية ودخل كباريه.. قعد جوة ساعتين.. بعدها لف ورجع الفيلا.
– تحققلي مع كل اللي شغالين في المطعم.. والكباريه كمان.. وتعرفلي الراجل ده قابل مين يومها لما خرج.
– أوامر سعادتك.
– ماترجعش غير ومعاك كل اللي طلبته منك يا عماد.
خرج عماد من المكتب وانا قعدت افكر في الحروف اللي بتتكتب على اجسام الضحايا.. جمعت الحروف على بعضها طلع اسم نور.. ماكنتش قادر احدد ده اسم راجل ولا ست، بس لو الإسم ده للقاتل فاكيد هيكون راجل، لأن مستحيل ست تعمل كل ده، لكن لو الحرف ده لست يبقى الموضوع ممكن ياخد منحنى تاني خالص، انتقام مثلًا!.. طلبت زكريا وأول ما شافني ابتسم ابتسامة خبيثة، ولقيته بيقولي…
– اتاكدت ياباشا من برأتي؟.
– قولي يا زكريا، انت تعرف واحد أو واحده بأسم نور؟..
– مش فاكر سعادتك.. ما انا قولت لحضرتك قبل كده بيجيلي من كل شكل ولون، وبعدين ما حصلت جريمة وانا هنا.. يعني المفروض إن سعادتك دلوقتي اتأكدت إني ماليش دعوة بالحكاية دي.
– مش بالسهولة دي يا زكريا.. موضوع الاحلام ده مادخلش عليا، انا متأكد إن في سر في الموضوع وإن انت عارفه.
– طب ياباشا اديني في زنزانتي لحد ما توصل للسر، بس خلي بالك من الباقي، أصل معنى إني رسمتهم يبقى هيموتوا.. أنا احلامي مابتكدبش أبدًا ياباشا.
كان بيبصلي بنظرة كلها تحدي، ووقتها إحساسي إتأكد، زكريا يعرف حاجة عن القاتل ومخبيها، بس كنت متوقع إنكارة من قبل ما أسال، وعشان كدة ماسألتش وندهت للعسكري ياخده للحجز.. بعدها ولعت سيجارة وسندت بضهري على الكرسي وانا قاعد بفكر.. نور.. ياترى ايه حكايتك انت كمان؟!.. بدأت اقرأ في الملفات اللي قدامي، بحاول اركز على أصغر تفصيلة عشان اجمع الخيوط ببعض، بس لسة الموضوع متعقد، لسة مش عارف أي سر اللوح دي؟.. وايه اسم نور اللي لقينا كل حرف فيه على جثة من الجثث؟.
(صوت خبط على الباب)
– أدخل.
– مساء الخير ياباشا.
– عملت ايه يا عماد؟.
– روحت سألت في المطعم قالوا إنه كان قاعد لوحده.. طلب العشا بتاعه اللي متعود يطلبه كل مرة وبعد ما خلص أكل مشي.. في الكباريه بقى يا باشا عرفت إنه كان قاعد مع واحدة من إياهم، بعدها دخل واحد شكله غريب وقعد معاهم شوية، شربوا كاسين.. بس هو كان باين عليه إنه متعصب ومش طايق الشخص اللي قاعد معاه.. وبعد شوية طرده فعلًا وطلبله الجاردات بتوع المكان.. لكن الشخص ده مشي قبل الجاردات ما يوصلوا.
– وماعرفتش مين الواد ده؟.
– ماحدش قدر يشوف ملامحه كويس لإن الإضاءة في المكان كانت ضعيفة.. والكاميرات ماقدرتش تلقطه لإنه كان لابس كاب وواضح إنه كان عارف مكانها.
– طب والبنت اللي كانت قاعدة معاهم؟.
– قالت إنها ماتعرفش الراجل ده.
– هو ده القاتل يا عماد.. هو ده اللي بندور عليه.. حاول توصله بأي شكل.
– للأسف يافندم مافيش أي طريقة نوصله بها.. لما راقبت الكاميرات اللي قدام البار.. لقيت الواد ركب موتوسيكل ماعليهوش نمر.. ولبس الخوذة فوق وشه يعني مستحيل نقدر نوصله.
– تفتكر الواد ده بيقتلهم ليه يا عماد؟.
– لحد دلوقتي اللي واضح إنه بيقتل بدافع الإنتقام.. احنا مالقيناش أي مسروقات في أي مسرح جريمة.. وكمان طريقة القتل مع رسم اللوح بيأكد إنه بينتقم.
– بالظبط.. الإنتقام هو الدافع.. والإنتقام نار مابتتطفيش.. عشان كدة الواد ده هيرجع تاني.. باقية الصور بتقول إنه هيرجع تاني.. بس المرة دي احنا هنكون في انتظاره.. عايزك تحرس الناس دي 24 ساعة.. عينك ماتغفلش عنهم لحظة.. وياريت مايحصلش زي المرة اللي فاتت.
– أوامر معاليك.
– قوم انت نفذ اللي قولتلك عليه.
– هو سعادتك مش هتروح تنام شوية؟.. انت مطبق بقالك يومين.
– انا مش هعرف انام طول ما الواد ده برة يا عماد.. روح انت وماتقلقش انا تمام.
خرج عماد من المكتب، بعدها ولعت سيجارة وفتحت ملف القضية قدامي، كنت بقرأ في الملف وعيني كل شوية تروح على اللوح، وفجأة اكتشفت حاجة مهمة، الخيط اللي بيجمع الضحايا ببعض، التحريات بتقول إن في ضحيتين كانوا شركاء هم واصحاب باقية اللوح، كانوا شركاء في مصانع وشركات من الباطن، بس في اسم شركة من الشركات دي هو اللي وقفت عنده، انا فاكر الاسم ده كويس، الشركة دي اتعمل عليها ضجة من كام سنة واتقال وقتها إن صاحبها راجل فاسد وبيغش في المنتجات، وفي حد قدم مستندات تثبت إدانته، لكن المفاجأة إن صاحب الشركة خرج براءة، الغريبة إن وقت القضية اللي كان متصدر في المشهد شخص واحد بس، لكن التحريات اللي قدامي بتقول إن في شركاء تانيين معاه من الباطن، وكمان الشخص اللي قدم المستندات ضد الشركة عزل من بيته واختفى وماحدش يعرف حاجة عنه، رجعت بضهري فى الكرسي، كده انا مسكت أول خيط هيوصلني للقاتل، احتمال كبير يكون الشخص ده اتعرض لتهديد منهم، فقرر إنه ينتقم، بس كده لسة في حاجتين مهمين اللوحة والاسم اللي كان على الجثث.. ياترى إيه علاقتهم بإنتقامه؟!.. وكمان ليه قتل كوثر رغم إنها مش شريكة معاهم؟!.. اتصلت بعماد وطلبت منه يجمعلي معلومات عن الشخص اللي رفع القضية ضد الشركة.. ويجيبلي كل تفصيلة عنه، بعدها بعت جيبت زكريا من الحجز، ولما قعد قدامي قولتله…
– اخر سؤال هسألهولك، والمرة دي عايزك تجاوبني بصراحة.. وانا اوعدك لو مالكش يد هخرجك منها.
بلع ريقة واتردد شوية قبل ما يقول…
– بص يافندم انا هقول لسعادتك على كل اللي اعرفه.. من فترة جالي واحد واداني صور الناس دي، وقالي ارسم كل واحد من الناس دي بالطريقة اللي انت شوفتها، طبعًا انا استغربت وسألته عن السبب اللي يخليه يرسمهم بالأوضاع دي؟!.. بس هو قالي مااسألش عن حاجة ماتخصنيش.. واداني فلوس كتير أوي.. فساعتها قولت انا مالي ما يمكن واحد دماغه طقة ولا مجنون. انا هاخد الفلوس واهي رزقي ورزق عيالي.. بس والله العظيم ماكنتش اعرف انه ناوي يعمل البلاوي دي كلها، والله لو اعرف يا باشا ماكنت مشيت فرشة على لوحة واحدة فيهم.. ربنا ينتقم منه ويضيعه زي ما ضيعني.
– طب ليه كدبت يا زكريا؟!.. ليه قولت إنك كنت بتحلم وبترسم اللي بتحلم به؟!.
– كنت خايف يا باشا.. ما هو اصل الراجل ده طالما وصلي يبقى اكيد يقدر يوصل لعيالي، فخوفت اتكلم يعمل فيهم حاجة، عشان كدة انا مش طالب من حضرتك غير حاجه واحدة.. احمي عيالي ياباشا.. ده راجل مفتري ولو عرف اني قلت اي حاجة هيقتلهم.
– اطمن يا زكريا، عيالك في أمان، واحنا مش هنتحرك خطوة غير لما نتأكد إن مافيش خطر عليهم، بس اللي عايزه منك دلوقتي إنك تفتكر أي حاجة ممكن تساعدنا، أي تفصيلة صغيرة عن الشخص ده.
بص في الأرض لدقايق وهو بيتمتم قبل ما يرفع راسه ويقول بلهفة.
يتبع..
بص في الأرض لدقايق وهو بيتمتم قبل ما يرفع راسه ويقول بلهفة…
– ايوة افتكرت.. افتكرت يا باشا.. الراجل ده اداني رقم عشان أكلمه عليه لما اخلص الشغل.
– طب الاقي الرقم ده فين؟.
– في الموبايل اللي اتحرز.. هتلاقيه متسجل بأسم نور يا باشا.
ابتسمت وانا بقوله…
– شكرًا يا زكريا.. وماتخفش على عيالك هيبقوا بخير.
طلبت من العسكري يرجع زكريا على زنزانته، بعدها خدت إذن نيابة عشان اطلع الموبايل المتحرز، ولما مسكت الموبايل في ايدي بحثت عن إسم نور، ولقيته فعلًا، لكن لما رنيت عليه اداني مغلق، بعت طلب بالبيانات لشركة الاتصالات عشان اعرف سجل المكالمات وتوقيتها، وفضلت مستني لحد ما التقرير جه، وكانت اخر مكالمة من الرقم ده لزكريا قبل الجريمة الاولى بكام يوم، ده معناه إنه كلم زكريا عشان يستفسر لو اللوح اللي طلبها منه خلصت ولا لسه؟.. ولما عرف إنها خلصت بدأ في تنفيذ جرايمه، كدة فاضل حاجة واحدة بس عشان أكشف الحقيقة كاملة، إني اوصل لنور ده.. انا متأكد إن هو الشخص اللي رفع القضية على الشركة.. اتصلت بعماد عشان اعرف وصل لإيه.. ووقتها لقيته بيقولي…
– قدرت اوصل لاسمه وعرفت قصته يافندم.. اسمه محمود عوني.. محمود كان بيشتغل في الشركة، وفي يوم اكتشف إن الشركة بتغش في المنتج وكمان بتحط مواد منتهية الصلاحية بعد ما يطبعوا عليها تاريخ إنتاج جديد، رفع الموضوع للمدير، لكن لقاه بيطلب منه يسكت.. فراح لصاحب الشركة بنفسه.. ووقتها اتفاجئ إن صاحب الشركة عارف كل حاجة، وهنا محمود هدده إنه هيتكلم ويفضحهم.. لكن اللي عرفته إنهم هددوا محمود لو اتكلم هيقتلوا بنته.. بس أصر على موقفه وراح فعلًا للنائب العام وقدم المستندات والصور اللي تثبت كلامه.. واترفعت القضية.. لكن للأسف صاحب الشركة نفذ تهديده وقتل بنت محمود.. وفي نفس الوقت في عمال من الشركة دخلوا وشالوا القضية بدل صاحب الشركة وقالوا إنهم كانوا بيعملوا كدة من وراه.. ومن بعد القضية دي ومحمود عزل من المنطقة اللي كان عايش فيها.. خصوصًا إنه ماكنش له حد في الدنيا.. مراته ماتت وهي بتولد وبنته اتقتلت.. بنته تبقى نور محمود عوني.
– نور.. عشان كدة بيكتب اسمها على جثثهم.. ماقدرتش تعرف أي معلومة عنه من ساعة ماساب المنطقة؟.
– للأسف ماحدش عارف مكانه.. ولا سمعوا عنه من يومها.
– بس انا عارف مكانه.
– فين يافندم؟.
– تعالالي على فيلا شاكر بسرعة.
– واشمعنا شاكر؟.
– شاكر هو اللي عليه الدور، محمود بيقتلهم حسب ترتيب أدوارهم في المجموعة.. بس اللي مش ققادر افهمه هو ليه قتل كوثر؟.. قابلني هناك بسرعة ياعماد وبعدين نكمل كلامنا.
– حاضر يافندم.
وصلت هناك وكانت الساعة قربت على 7 المغرب.. دخلت جوة وطلبت من كل الحرس الموجودين إنهم يمشوا.. ولما عماد وصل قولتله يقعد معايا ويمشي الباقيين.. سألني وقتها باستغراب…
– بس كدة مش خطر يافندم؟.
– لا، انا بطمنه.. هو أكيد دلوقتي قاعد برة وبيراقب اللي بيحصل.. ولما يشوف كل الحرس ماشيين هيجري وينفذ جريمته قبل ما نرجع تاني.. وقتها هيدخل يلاقيني انا وانت في وشه.
عدت حوالي خمس ساعات، كان شاكر نايم في سريره وانا وعماد قاعدين على الكنبة اللي جنب السرير الناحية التانية.. النور كان مطفي، وفجأة حسيت بصوت حركة، هزيت عماد اللي استعد واتسحب من جنبي.. قرب محمود من السرير وأول ما وصل عند شاكر قال…
– دلوقتي بس هتدفع تمن كل اللي عملته.. هتدفع تمن حياة نور.. وحياة كل شخص كنت السبب في موته.. اللي زيك مش لازم يعيش.
في اللحظة دي رفع محمود ايده بسكينة ونزل بها على جسم شاكر، في نفس الوقت فتح عماد النور، ووقتها اتسمر محمود في مكانه، اتحركت من مكاني وانا بقوله…
– حمدالله على السلامة.
بص محمود على السرير بذهول لقاه فاضي، وساعتها صرخ بدموع…
– لا.. شاكر كان لازم يموت.. كان لازم يموت.
قربت منه وخدت السكينة من ايده وانا بقوله…
– لعبة الإنتقام خلصت يامحمود.
في المكتب قعدت وقدامي محمود، طلبتله حاجة يشربها، لكنه كان قاعد سارح في الفراغ قدامه، عينيه ثابتة مابتتحركش.. مع إن دموعه بتجري على خده.. ولعت سيجارة وبعدين ٍسألته…
– ليه كل ده يا محمود؟.
سكت ثواني قبل ما يلف راسه ببطء ويبص في عيني بنظرة مليانة حسرة ويقول…
– ليه ياباشا عملت كدة؟.. ليه تنقذ واحد زي شاكر؟.
– وتفتكر لو سيبتك تقتل شاكر وتقتل الباقيين كانت نارك هتتطفي؟!.. كنت هتقدر تنسى بنتك؟.. بالعكس.. الدم هيجيب دم.. وهتفضل تجري في حلقة مابتنتهيش.
انهار في العياط وهو بيقول…
– قلتوها لإني رفضت اكون زيهم.. كان اسمها نور وهي نور فعلًا.. كانت الحاجة الوحيدة النضيفة في حياتي.. كان لازم يدفعوا التمن.. صحيح ناري مش هتهدا ولا نور هترجع زي مابتقول.. بس كنت هحس إني عملت حاجة.. كنت هقدر ابص في صورتها واقولها إني زي ماكنت السبب في موتك، فأنا كنت السبب في موتهم.. ليه ياباشا ماسبتنيش اخلص منهم واخلص الناس من شرهم؟.
– عشان في قانون.. احنا مش في غابة يا محمود عشان كل واحد ياخد حقه بدراعه.
دخل العسكري بكوباية ليمون، حطها قدام محمود وخرج، وساعتها قولتله…
– اشرب الليمون واهدا.. عشان محتاجين نتكلم شوية.
بعد ما هدي سألته…
– احكيلي بقى يامحمود.. قتلتهم إزاي؟.
– أول واحدة كانت كوثر.. دي كانت لازم تموت قبلهم.
– اشمعنا؟.
– عشان هي اللي قتلت بنتي.
– ايه؟!.. إزاي؟.
– يوم ما نور ماتت انا كنت في الشغل الجديد اللي اشتغلته بعد ما طردوني من الشركة، وقتها لقيت تليفوني بيرن، ولما رديت سمعت حد بيقولي إن بنتي في المستشفى.. جريت على هناك وأول ما وصلت عرفت اللي حصل.. نور كانت في المدرسة وهي خارجة عربية خبطتها، بس الحمدلله ما ماتتش.. وقتها حجزوها في العناية، عشان كدة ماعرفتش ابات معاها، فروحت ليلتها بس قبل الفجر جالي تليفون تاني والمرة دي بلغوني إنها.. إنها ماتت.
ماقدرش يمكل كلامه من كتر العياط.. اديته وقته لحد ما هدي ورجع يتكلم وقال…
– طبعًا بلغت وقولت إني شاكك في موتها.. بس بعد التحقيقات النيابة قالت إنها وفاة طبيعية.. لكن من جوايا كنت حاسس إن في حاجة غلط.. وعشان كدة خدت اسماء الممرضات اللي كانوا موجودين في العناية ليلتها وقررت ادور بنفسي.. ولما راقبتهم اكتشفت إن كوثر واللي كانت مع نور في العناية ليلتها.. اكتشفت إن سكرتير فؤاد صاحب الشركة راحلها البيت.. قعد فوق ربع ساعة وبعدين نزل.. وقتها عرفت الرابط بينها وبينهم.. واتأكدت إن هي اللي قتلتها.. وانا بموت كوثر اعترفتلي بكل اللي حصل، قالتلي إن سكرتير فؤاد راحلها يومها وطلب منها تخلص من نور، فاستنت لحد ما الدنيا هديت وقربت منها وحقنتها بمادة غريبة مش فاكر اسمها.. بس قالتلي إن المادة دي سكرتير فؤاد هو اللي ادهالها.. عشان ماتبانش في التحليل والوفاة تبان طبيعية.. المهم إني بعد ما شوفته عندها قررت تكون أول واحدة.. بعد كدة اجيب فؤاد وشركاته.. بيعت البيت اللي كنت عايش فيه.. ماخلاص مابقاش فيه حاجة اعيش عشانها.. بعدها روحت عيشت في أوضة فوق السطح، وقعدت كتير افكر في طريقة انتقم بها منهم.. ووقتها جت في بالي حكاية اللوح دي.. وقررت اعمل لكل واحد فيهم لوحة تعبر عن المشهد الأخير في حياته.. روحت لزكريا وطلبت منه يرسمهم.. في الأول رفض وسألني عن السبب.. لكن قدام الفلوس اللي اديتهاله ماقدرش يرفض.. وقبل الجريمة بكام يوم اتصلت به وعرفت منه إنه رسم اللوح.. روحت خدتهم منه بس ماعرفش إن الغبي رسم زيهم لنفسه!.. خدت لوحة كوثر وروحتلها البيت.. رنيت الجرس وبعد ثواني الباب اتفتح.. أول ما شافتني شهقت، ماهي عرفاني من ساعة ماكنت مع نور في المستشفى، دخلت جوة وهي مرعوبة، قفلت الباب بسرعة ودخلت وراها.. حاولت تصرخ لكني كتمت نفسها، وطلعت سكينة من جانبي وقولتلها لو صرخت هقتلها.. سكتت وبعدها قعدتها وطلبت منها تحكيلي اللي حصل.. وحكتلي اتفاقها مع سكرتير فؤاد.. اترجتني كتير عشان اسيبها تعيش.. بس اللي زيها ماتستحقش الرحمة.. طعنتها بالسكينة في بطنها.. بعد كدة علقت اللوحة على الحيطة.. وسحبت جثتها لحد اللوحة.. ووقتها جت في دماغي حكاية الحروف.. ماكنتش مرتبلها قبل كدة.. لقتني ماسك السكينة وبكتب أول حرف من اسم نور، ودي كانت أول جريمة.
– طب وبالنسبة لفؤاد.. قتلته إزاي؟.
– بما إني اشتغلت في الشركة لسنين فكنت عارف مكان الكاميرات كويس جدًا.. وكمان عارف إن السلم الخلفي مافيش عليه كاميرات.. واللي ماحدش كان يعرفه إن مكتب فؤاد كان بيفتح على سلم الطوارئ من باب تاني غير الباب اللي السكرتير أو الموظفين بيدخلوله منه.. عشان كدة لبست لبس عامل نظافة ودخلت من باب الشركة، وطبعًا اللبس مع الكاب خلى الناس ماعرفنيش.. ماهو ماحدش هيركز مع عامل نظافة.. مشيت لحد سلم الطوارئ وطلعت، وأول ما وصلت قدام باب المكتب بتاع فؤاد طلعت المسدس من الكيس اللي كان في ايدي.. حطيت كاتم الصوت وبعدها فتحت الباب.. لما شافني فتح بوقه من الصدمة لكن مالحقش ينطق.. ضربته رصاصة في نص دماغه.. وأول ما وقع على المكتب جريت عليه وبدأت اكتب الحرف التاني من اسم نور.. بعدها خرجت اللوحة اللي زكريا رسمها، كنت مطبقها في الشنطة، خرجتها وفردتها على المكتب بعد دة علقتها زي ما حضرتك شوفتها.. ولما خلصت رجعت لسلم الطوارئ وخرجت قبل ما حد يشوفني.
– طب وبالنسبة لمهران؟.. انت ماكنتش تعرف إنه هيخرج يومها.. قدرت إزاي تنفذ بالسرعة دي؟.
– مين قال لحضرتك إني مش عارف إنه هيخرج؟!.. انا اللي مخرجه.
– نعم!.. إزاي؟.
– زيزي كانت الطعم.
– زيزي مين؟.
– زيزي دي رقاصة في الكباريه مهران كان هيموت ويعمل معاها علاقة.. روحتلها وفهمتها إني محتاج اقابله بأي شكل، طبعًا استغربت وقالتلي اروحله مكتبه.. قولتلها إنه رافض يقابل حد.. عشان كدة هديها فلوس كتير مقابل إنها تظبطلي قعدة معاه.. كانت شاكة في الموضوع بس لما قولتلها إن المقابلة هتبقى في البار وقدام الناس اطمنت.. وخليتها تتصل به كتير.. فضلت 3 أيام تزن عليه وهو يقولها مش فاضي.. طبعًا خاف يقولها إن الشرطة منعاه من الخروج.. لكن في الآخر ريقه جري لما كلمته يومها وقالتله إنها زهقانة وعايزة تسهر معاه.. نزل وخرج من الفيلا، وأول ما كلمها وقالها إنه في الطريق جهزت السم، وصل مهران للكباريه وقابل زيزي.. كنت براقبهم من بعيد، لحد ما زيزي شاورتلي.. قربت منهم وساعتها عرفته عليا زي ما انا مفهمها بالظبط.. إني مهندس وعندي فكرة مشروع هيساعده يوفر فلوس ويزود الإنتاج.. طبعًا انا كنت بتكلم لكن هو كان مركز مع زيزي.. عشان كدة استغليت الفرصة وقومت من مكاني وعملت نفسي بفرجه على صورة مخطط المشروع.. لكن من تحت الورقة اللي مرسوم عليه المخطط كنت بحطله السم في كاسه.. بعدها رجعت قعدت مكاني.. وأول ما شوفته بيشرب من الكاس بدأت اتكلم كلام غريب بالنسبة لأي واحد بيفهم في الهندسة، عشان كدة اتعصب وقالي إني حمار ومابفهمش حاجة.. ومع إلحاحي إن الفكرة جميلة اتضايق اكتر وطلب الجاردات.. بس انا قومت مشيت قبل ما يجوا.. وداريت وشي بالكاب لحد ما خرجت برة.. وساعتها لبست الخوذة وركبت الموتوسيكل واتحركت.
– بس زيزي وكل اللي شغالين قالوا إنهم مايعرفوش حاجة عنك؟.
– ماهي زيزي كانت بتقابلني برة الكبارية، ولما عرفت إن الموضوع وصل لجريمة قتل أنكرت إنها تعرفني.. واللي في الكباريه كانوا أول مرة يشوفوني يومها فماكنوش عارفين أنا تبع زيزي ولا تبع مهران.
– يااااااااه كل ده عشان ترتكب جريمة!.. مع إن كان في ايدك توقف كل ده أول ما كوثر اعترفتلك بجريمتها.. وكان زمانهم كلهم واخدين إعدام وحق بنتك رجع بالقانون.. وأنت ماخسرتش حياتك.
– فات آوانه الكلام ده يا باشا.. يمكن سعادتك يكون معاك حق.. بس وانا مع كوثر وبتحكيلي إزاي قتلت بنتي.. كان مستحيل افكر في االلي حضرتك بتقوله.. انا كنت عند نقطة صعب ارجع عنها تاني.
بعد ما خلصت معاه حولته على النيابة ومنها اتحول للمحكمة وهناك اتحكم عليه بالإعدام.. أما زكريا فخرج بعد ما محمود اعترف إنه مالوش ذنب في أي حاجة، وماكنش يعرف باللي هيحصل.. ودي كانت أغرب قضية في حياتي.. فؤاد ومهران وشاكر وكوثر.. متهمين وارتكبوا جرايم قتل سواء عن عمد أو جرايم تانية بسبب الغش في المنتجات.. لكن الإنتقام عمره ماكان حل أبدًا.. قانون الغاب لا يمكن يسود وسط البشر.
تمت بحمدالله

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى