قصص

سحر العائلة

حاولت الهى نفسى بأى حاجة بعد ما مشيوا عشان مفكرش فى كلامها، فرجعت دخلت الانتريه وبدأت ارتب فيه مكان ماكنا قاعدين، مسكت المخدة الصغيرة بتاعة الانتريه عشان اعدلها.. اتفزعت لما لقيت دودة حمرة صغيرة ماشية عالقماش، صرخت من غير مااحس وندهت على حسام:
_ حسام! تعالى بسرعة فى حاجة غريبة هنا…
_ فى ايه يافاطمة؟ مالك؟
بإيدى اللى بترتعش من الخوف شاورتله على الدودة اللى ماشية:
_ بص! دودة ماشية عالانتريه، جات منين دى؟
حسام قرب ونزل على ركبه عشان يشوفها ويتأكد هى ايه!
ولما شافها بدأ يشيل المخدات والقعدات بتاعة الانتريه، وهنا كانت الصدمة الاكبر، لما لقينا تحت الانتريه كمية كبيرة جدا من الدود الاحمر، كان كتير لدرجة انه كان بيتحرك بين الخشب…
*********
بيقولوا مركب الضراير سارت ومركب السلايف غارت، مثل قديم بيتقال فى الشوارع والبيوت، وفعلا صدقته وآمنت بيه، خصوصا بعد اللى شوفته واللى لسه بشوفه، بس اللى حصل معايا مكنش من سلفتى أنا، دة كان بسبب سلفة أمى..
مرات عمى اللى قلبت حياتنا وحولتها لجحيم،
الحكاية بدأت من سنين طويلة لما جدى والد ابويا حكم عليه هو وعمى انهم يتجوزو معاه فى نفس الشقة، ايوة فى نفس الشقة مش فى نفس البيت وكل واحد وليه شقته، لا.. كان جدى وستى، وعمى ومراته، وامى وابويا.. كلهم فى شقة واحدة، كانت شقة كبيرة اوى ومساحتها واسعة.. شقة كدة من الشقق القديمة بتاعة زمان، وفى منطقة راقية جدا، من المناطق اللى الشقق فيها تتقدر بالملايين، وقتها جدى صمم عالقرار دة لانه مكنش عنده اولاد غير بابا وعمى، فمنعهم انهم ياخدوا شقق برة، وهما مقدروش يقولوله لا، وفعلا كل واحد فيهم اتجوز وجاب مراته تعيش فى نفس الشقة..
فى البداية كل حاجة كانت ماشية كويس، بس بعد كدة مرات عمى بدأت تبان على حقيقتها، كانت بتغير من امى بطريقة فظيعة، مش بس علشان ماما كانت أصغر واجمل، لأ.. كمان علشان امى كانت أذكى وارقى منها بكتير، وكانت مختلفة عنها فى اسلوبها مع الناس، والطريقة اللى بتدير بيها حياتها، لكن مرات عمى.. كانت عكسها فى كل حاجة، ولان عمى هو الكبير مراته كانت عاوزة تبقى هى المسيطرة على الكل، والكلمة المسموعة تبقى ليها هى، بس ماما مكنتش بتديلها فرصة ابدا انها تعمل كدة، وكانت بتوقفها عند حدها، لكن بالذوق وبالادب، ورغم انها شافت منها كتير.. لكن كانت بتتحمل كل دة عشان متعملش مشاكل بين الاخوات ، ولان الامل كان مفقود فى انهم ياخدوا شقة برة، فكانت بتبلع كل اللى بيحصل حواليها وتقول لنفسها معلش.. بكرة تتحل،
ومرت الايام وماما خلفتنى انا واختى امل، ومرات عمى جابت 3بنات، لكن مكنتش راضية ولا بالها هادى، وكانت بتعمل المستحيل عشان تجيب الولد، ومرتاحتش غير لما جابته فعلا،
نيتها كانت واضحة وكلنا عارفينها، كانت عاوزة يبقى فى ايديها كل حاجة، لان جدى كان عنده املاك وتجارة كبيرة، فلما تجيب الولد هو اللى هيقش كل الحاجات دى
و فعلا قدرت انها تنفذ اول خططها بعد ما جدى سافر للحج واتوفى هناك، يومها لقينا عمى بيطلب من بابا انه يقعد معاه شوية، ساعتها شكينا انه هيتكلم معاه فى حاجة بخصوص الورث، وكنت ناوية انى استنى لما يخلصوا كلام واعرف من بابا ايه اللى حصل، لكن هما صوتهم كان عالى وكل الحوار اللى دار بينهم سمعناه كلنا، فى الاول لقيت عمى بيقوله:
_ يا محمود.. انا هلم كل الورق المهم من عند الحجة وهاخده اشيله معايا، يعنى.. عقود المحلات والشقق والحاجات دى.
_ ليه ياشفيق؟ ايه المناسبة انك تعمل حاجة زى كدة!! ماهم معاها متشالين فى الحفظ والصون، وبعدين حاجة زى دى ممكن تزعلها.
_ يامحمود افهمنى.. هى دلوقتى ست كبيرة فى السن، وحزينة عالحج، ومش فايقة لاى حاجة تانية، والاوراق دى مهمة لو اى ورقة ضاعت منها هنحتاس بعد كدة.
ابويا فضل ساكت ومقدرش يتكلم، لقيت عمى بيكمل كلامه ويقوله:
_ وبما انى انا الكبير.. فطبيعى ان الورق يبقى معايا، انا اللى اقدر اضمن ان مفيش حاجة تضيع.
بابا مكنش عارف يرد خالص وقتها، لانه كان بيحترم عمى جدا ومكنش عاوز يكسر كلامه، فوافق رغم انه كان حاسس ان عمى بيمهد الطريق لحاجة مش مظبوطة، وماما حاولت كتير انها تنبهه وتنصحه، وكانت دايما تقوله:
– اللى بيعمله دة غلط، مينفعش تسكت عليه، لو سيبت كل حاجة فى ايده بالشكل دة هيحصل مشاكل بعدين، واخوك صوته مش من دماغه، مراته هى اللى زقاه يعمل حاجة زى كدة.
_ دة اخويا يانادية، ومهما حصل مش هقف قصاده، احنا اخوات واهم حاجة اننا نحافظ على اللى بينا، مش معقول هخسر اخويا عشان حاجة زى كدة.
_ وافرض كان ناوى على غدر؟
_ لا انا متأكد انه مش هيحصل.. اخويا ميعملهاش.
ورغم كل محاولاتها انها تثبتله ان اللى عمى بيعمله هو لمصلحته الشخصية وبس، كان دايما يقابل كلامها بالرفض ويقولها دة اخويا الكبير وهو اللى يعرف مصلحتنا فين…
واللى حصل بعد كدة خلانا مش قادرين نلتفت لا لأوراق ولا لأملاك، حياتنا اتقلبت، وكل حاجة كنا فاكرين انها مهمة.. بقت بلا قيمة قدام اللى بنعيشه، ودة خلانا نخسر حاجات كتير اوى…
البيت مكنش بيخلى من المشاكل، وكل يوم كان بيبقى أصعب من اللى قبله، وبعد ما كبرنا ودخلت الجامعة واللى بالمناسبة مرات عمى عملت محاولات كتير اوى عشان مدخلهاش وكانت بتكرهنى فيها، لكن انا مسمعتش كلامها وصممت ادخل الحاجة اللى بحبها، ولأنى ولله الحمد على قدر من الجمال والكل بيشهد بأخلاقى.. اتخطبت بدرى، والخطوبة دى كانت الشرارة اللى ولعت نار الغيرة اكتر فى قلب مرات عمى، هى وبناتها كمان، نظراتهم ليا بقت كلها غيرة وحقد عالمكشوف، وكنت بسمعهم بنفسى بيتكلموا عنى وحش، ومرات عمى كانت دايما تقول.. ازاى فاطمة تتخطب وبناتى اللى اكبر منها لا!!
ومع ذلك عمرى ماعاملت ولا واحدة فيهم بالمثل، وكنت بكلمهم كويس وبما يرضى الله.
وفى يوم من الايام.. خطيبى جالنا البيت وكان جايب معاه ليا هدايا كتير، هدايا تخلى اى بنت تكون طايرة من الفرحة، كل حاجة كان عارف انى بحبها جبهالى، وكنا قاعدين مع بعض فى الصالون فرحانين وبنضحك، وبنتكلم عن مستقبلنا والايام الجاية هنعمل فيها ايه، وفجأة لقينا مرات عمى قدامنا، حسيت ان الجو كله اتكهرب اول ما دخلت علينا، لقيناها قعدت معانا من غير مقدمات ومن غير حتى ماترمى السلام، ساعتها انا بدأت اتوتر وكنت محروجة جدا من حسام خطيبى، وكنت خايفة منها لاتعمل اى موقف يضايقه، بصيت عليها.. لقيت عنيها مركزة على كل الهدايا اللى جابها حسام، بتبصلها بنظرة تفتيش، وكأنها بتحسب جوة دماغها الحاجة دى اتكلفت كام،
فضلت ساكتة شوية واحنا كمان كنا ساكتين وبنبص لبعض باستغراب، وبعدين لقيتها بتقول لحسام:
_ متفرحش اوى كدة، انت لسه مشوفتش منهم حاجة.
الجملة دى نزلت زى الضربة على دماغى، وحسام كان متلخبط ومش فاهم هى تقصد ايه بالظبط، لكن انا كنت فهماها كويس، هى كانت عاوزة تزرع الشك فى قلبه من ناحيتنا، كانت عاوزة تبوظ عليا فرحتى وتخليه يبعد عنى ويسيبنى، والدليل على كدة انها بعد ماقالت الجملة دى.. لقيتها قامت بسرعة من غير ماتستنى رد، ومشيت بنفس الطريقة اللى دخلت بيها، وسابتنى انا وحسام ساكتين والجو بقى كله توتر وقلق، بعد ماكنا قاعدين مبسوطين،
ومن ستر ربنا ولحسن حظى.. حسام كان شاب عاقل ومتزن وبيعرف يوزن الامور، قدر انه يقرا مرات عمى كويس من الموقف دة، وفهم انها ست مش كويسة، واستشف الحقد اللى مالى قلبها، وكان متأكد انها عملت كدة عشان تعمل مشاكل وتفرق بينا، لكن هو مدهاش الفرصة، بالعكس.. كلم بابا وعجل بالجواز، وكل حاجة كانت ماشية كويس اوى لغاية يوم الفرح، اليوم اللى بتتمناه كل بنت، واللى المفروض يكون أسعد يوم فى حياتها،كان بالنسبالى زى المحكوم عليها بالاعدام، من اول ماصحيت الصبح.. كنت حاسة بقلق غريب، مش توتر الفرح العادى اللى كل عروسة بتحس بيه، لأ.. كان فى احساس جوايا انى داخلة على حاجة مش طبيعية، كأن فى حاجة غلط ومش مظبوطة هتحصلى..
كل التجهيزات اللى كنت بحلم بيها من فستان وميك اب وخلافه مكنتش مفرحانى، حتى وانا بلبس الفستان الابيض.. كنت حاسة انى متغلفة فى حاجة تقيلة على قلبى، ومش طايقاه على جسمى، ولما خرجت للمعازيم كانت عيون الناس كلها عليا، منهم اللى فرحانين بجد ومنهم اللى مستنى الحاجة اللى تبوظ الليلة، اولهم مرات عمى اللى نظراتها ليا كانت زى السكاكين بتقطع فيا، كانت مش قادرة تتحمل انها تشوفنى مبسوطة، حتى بناتها.. مكنوش قادرين انهم يبتسموا، كانوا زى اللى قاعدين فى عزا مش فى فرح،
فكرة انى اصغر منهم واتجوز قبلهم دى، كانت مخلياهم قايدين نار منى،
اما انا فكنت حاسة انى فى عالم تانى، وحسام كان ملاحظ عليا انى بتحرك اوتوماتيك، كنت عاملة زى الروبوت، بتحرك من غير اى مشاعر، واللى بيحصل حواليا كان عامل زى فيلم وانا مش مشاركة فيه، لقيته قرب منى وسألنى:
_ مالك ياحبيبتى؟ انتى شكلك مش مرتاحة خالص، فى حاجة مضيقاكى؟
_ حسام.. انا مش عارفة مالى، حاسة انى مخنوقة ومش فرحانة زى ماكنت متوقعة، حاسة بحاجة مش طبيعية.
_ طيب انتى خايفة من ايه؟ دة يومنا اللى حلمنا بيه مع بعض، ماتخليش حد يبوظ ليلتنا، انا هنا جنبك وكل حاجة هتبقى تمام.
_ انا عارفة والله ياحبيبى، بس قلبى مقبوض، حاسة ان فى حاجة هتحصل.
_ لا دى مجرد وساوس، انسى كل حاجة وفكرى بس اننا مع بعض، حد يبقى عامل كدة فى فرحه.
_ بحاول بجد، بس والله مش عارفة مالى!
_ متفكريش فى اى حاجة غير انك عروسة زى القمر، ممكن؟
_ حاضر ياحبيبى.. ربنا يخليك ليا.
كلامه خلانى ارتحت شوية، لكن مقدرش انه يمنع قبضة القلب اللى كنت فيها، بس حاولت ابان طبيعية عشان مزعلش حد، ومشمتش فيا حد، لكن لما خلص الفرح وروحت عالبيت مقدرتش اقاوم اى حاجة من اللى حصلت، من اول ما دخلنا الشقة، الجو كان غريب، وكنت مقفولة جدا، وحسام فضل يضحك ويهزر معايا عشان يفك القلق والتوتر اللى كنت فيه، لكن انا برضو مكنتش مرتاحة، ولما لقانى مستمرة فى الحالة دى ابتسملى وقالى:
_ طيب روحى غيرى هدومك وارتاحى، وانا هنا جنبك، اهدى يافاطمة انتى فى بيتك.
قومت وانا بحاول اهدى نفسى، دخلت على اوضة النوم عشان اغير هدومى.. لكن اول ما دخلتها حسيت انى اتقبضت اكتر، عارف لما تحس ان الجو اللى حواليك تقيل او مشحون، دة اللى انا كنت حاسة بيه، قربت من الدولاب عشان اطلع هدومى، بس اول ما فتحته.. سمعت صوت همس جاى من ناحية السرير، وقفت فى مكانى لحظة، وبعدين لفيت ابص ورايا.. ملقتش اى حاجة، مشيت من قدام الدولاب وفضلت ألف فى الاوضة وانا مش مرتاحة، وفجأة حسيت بهوا بارد خبط فى وشى، مع ان كل الشبابيك كانت متقفلة، بقيت بلف حوالين نفسى وانا مش فاهمه ايه اللى بيحصل، لغاية ماعينى جات عالمراية اللى فى وش السرير، ساعتها شوفت خيال اسود واقف فيها، كنت شايفاه واضح وواقف قدام عينى، وانا واقفة مش قادرة اتحرك ولا اصرخ، وكأن حاجة مكتفانى وربطانى فى الارض، فجأة سمعت صوت حسام بينده عليا:
_ فاطمة انتى كويسة؟
غصب عنى بصيت ناحية الباب لما سمعت صوته، ولما رجعت ابص تانى عالمراية، ملقتش اى حاجة، جريت عالدولاب بسرعة وطلعت هدوم ليا وانا جسمى كله بيرتعش، وخرجتله.. اول ماشافنى اتخض:
_ فى ايه؟وشك اصفر ليه كدة؟
_ حسام انا شوفت حاجة جوة، مش عارفة انا بيتهيألى ولا لأ، بس زى مايكون شوفت خيال اسود فى المراية اللى جوة دى.
_ خيال ايه بس يافاطمة، مفيش حد هنا غيرنا..
_ والله ياحسام شوفته، كان باين وواضح.. انا مش بيتهيألى، وكمان كنت سامعة اصوات غريبة ومش عارفة هى جاية منين!!
_ انتى بس عشان متوترة وقلقانه، وياستى لو اوضة النوم مضايقاكى ادخلى اوضة الاطفال غيرى هدومك وانا هستناكى هنا عشان نتعشى.
سمعت كلامه ودخلت على اوضة الاطفال، والغريب انى محستش بأى حاجة مش طبيعية، بالعكس كنت مرتاحة جدا، وجو الاوضة كان مريح وهادى، وفيه فرق كبير بينها وبين اوضة النوم،غيرت هدومى وانا بقول لنفسى:
_ يمكن حسام معاه حق، واللى حصل فى اوضة النوم دة كان توتر منى..
غيرت هدومى وفضلت قاعدة عالسرير شوية بحاول انى اهدى نفسى على اد مااقدر، ولما حسيت انى بقيت كويسة خرجت لحسام، لقيته مستنينى فى الصالة ومجهز العشا عالسفرة، اول ماشافنى قاللى:
_ ها، بقيتى احسن؟
هزيت راسى وانا ببتسم:
_ ايوة احسن كتير، يمكن بس كنت مضغوطة اكتر من اللازم.
_ طب يالا ياستى ناكل لقمة مع بعض، بس انا بحذرك.. لازم تاكلى كويس وبسرعة لان انا ناوى اشطب عالاكل دة كله.
ضحكت غصب عنى وانا بقوله:
_ ياسيدى الف هنا على قلبك، خلص كله زى مانت عاوز.
قعدنا عشان ناكل واول ما مسكت رغيف العيش وبدأت اقطع جزء منه ، اتصدمت بمنظر غريب، لما فتحت الرغيف لقيته من جوة مليان دود ميت،لونه ابيض وصغير ومالى الرغيف بشكل مقزز، رميته بسرعة من ايدى وانا بتنفض، كنت حاسة باشمئزاز وخوف رهيب، حسام بصلى وهو متفاجىء من اللى عملته:
_ ايه يافاطمة؟ مالك؟
قولتله وانا صوتى مهزوز من اللى شوفته:
_ بص.. بص جوة الرغيف هتلاقي فى دود، العيش مليان دود ميت.
بسرعة اخد الرغيف وفتحه بنفسه وبص عليه، وهو كمان اتصدم من المنظر:
_ ازاى دة حصل؟ العيش المفروض جاى صابح، ازاى يكون فيه القرف دة؟
المنظر كان بشع، وانا حسيت ان معدتى قلبت، قولتله وانا مش قادرة اسيطر على الخوف اللى جوايا:
_ حسام.. فى حاجة غلط، من بدرى وانا مش مرتاحة.
_ يافاطمة اهدى متكبريش الموضوع بقى، يمكن رغيف بايت عند الراجل ولا حاجة.
_ بس..ااااا
_ من غير بسبسة، بلاش تستلمى للافكار الوحشة دى، خدى واحد غيره وخلاص.
_ حاضر ياحسام.
قومت رميت الرغيف اللى فيه الدود، ورجعت تانى كملنا أكل، وحسام طول الوقت كان بيحاول يطمنى بكلامه، وبعد ما خلصنا قومنا عشان ننام فى اوضة نومنا زى اى اتنين، لكن بمجرد ما خطيت جوة الاوضة..حسيت زى مااكون دخلت تلاجة، برد شديد كان بيزحف على جسمى،مع ان الجو كان دافى فى بقية الشقة عادى،
حسام كان واقف ورايا، وبعدين دخل وقفل الباب بهدوء وقرب منى ولسه هيقول حاجة… سمعت فجأة صوت همس جاى تانى من ناحية السرير، كنت سامعاه بوضوح المرة دى.. لكن مش قادرة افسر او افهم الكلام اللى بيتقال، وقفت فى مكانى متسمرة وانا مش قادرة اصدق ان دة بيحصل تانى، قولت لحسام وانا متلخبطة:
_ انت سامع حاجة؟
_ ايه؟ سامع ايه؟
_ فى صوت.. صوت همس جاى من ناحية السرير.
_ مش سامع اى حاجة يافاطمة، وبصراحة كدة انتى بدأتى توترينى، انتى فيكى ايه النهاردة؟
_ طب.. طب ممكن بلاش ننام هنا، انا مش مرتاحة للاوضة دى، معلش اتحملنى عشان خاطرى، خلينا نروح الاوضة التانية انا بجد حاسة ان هنا فى حاجة غلط.
لقيته غمض عنيه واخد نفس جامد، وحسيت انى فعلا ضايقته وانى بالغت فى اللى بعمله، سكت شوية وبعدها قال:
_ حاضر يافاطمة، تعالى نروح الاوضة التانية، طالما هتبقى مرتاحة انا معنديش مشكلة.
روحنا الاوضة التانية وزى ما توقعت كانت هادية ومحستش فيها بأى احساس وحش.. وعدت الليلة على خير، ومن تانى يوم ابتدت الزيارات، والكل بقى يجى يبارك ويهنى، وطبعا واجب زى دة مكنتش مرات عمى هتفوته ابدا، جات مع بناتها التلاتة عشان يباركولى زى ما بيقولوا، وكانت زيارتها غريبة جدا من اول ما وصلت لغاية ما مشيت،
اول ما فتحتلهم الباب وبصت فى وشى.. حسيت من نظراتها انها اتفاجأت انى كويسة وبخير، كأنها كانت متوقعة تشوف حاجة تانية، نظراتها كانت غريبة اوى، قربت منى وهى بتضحك ضحكة خبيثة معجبتنيش:
_ ازيك ياعروسة؟ عاملين ايه؟ انشالله تكونوا بخير بعد اليوم الطويل بتاع امبارح..
_ الحمد لله كويسين يامرات عمى، نورتينا اتفضلى..
قربت منى ووقفت تبصلى من فوق لتحت زى ماتكون بتفتش فيا بعنيها:
_ قوليلى يافاطمة.. ليلتكوا كانت كويسة؟ عدت على خير يعنى؟
كنت عارفة هى بتسأل عن ايه، ابتسمت وقولتلها:
_ اة طبعا، كل حاجة تمام الحمد لله.
جات بنتها الكبيرة ندى، وقفت معانا واتدخلت فى الكلام، وكانت بتحاول انها تكون لطيفة، مع انى عارفة طريقة كلامها كويس:
_ بس شكلك مش مرتاحة يافاطمة، احنا بنات وفاهمين بعض، فى حاجة مضايقاكى؟
_ لا خالص ياجماعة مفيش اى حاجة بالعكس، ليه بتقولوا كدة؟
مرات عمى رفعت حاجبها وقالتلى:
_ يعنى محصلش اى حاجة غريبة؟ اصل انا كنت خايفة عليكى من تغيير الفرشة، اصل فى ناس كدة.. لو غيرت النومة فى بيتها مترتاحش ابدا.
_ ماهو دة خلاص بقى بيتى يامرات عمى، واطمنى كل حاجة كويسة، ومفيش اى حاجة تقلق، كله تمام.
_ طيب ياحبيبتى واحنا يهمنا ايه غير انك تكونى بخير.
قعدنا نتكلم بعدها فى مواضيع تافهة، وكان باين عليهم انهم اتصدموا لما شافوا ان كل حاجة ماشية طبيعى، وبعد شوية مرات عمى طلبت انها تدخل الحمام، وفعلا دخلت وفضلت جوة وقت طويل، لدرجة انى انا وبنات عمى مكناش لاقيين كلام نقوله، وطبعا اتحرجت انى اخبط عليها من نفسى، واستنيت ان حد من بناتها يطلب انى استعجلها لكن متكلموش، وبعدها بمدة لقيتها خرجت وبتقول:
_ يالا يابنات يابخت من زار وخفف، خلونا نسيب العرسان براحتهم.
سبقتهم وراحت وقفت عالباب ولقيتها بتقولى:
_ خلى بالك من نفسك يافاطمة، ولو احتجتى اى حاجة انا سدادة ياحبيبتى، ولو اى حاجة ضايقتك قوليلى على طول.
كلامها كان زى مايكون عاوزة تخوفنى، او تشككنى ان فى حاجة هتحصلى، كانت عاوزانى احس ان فى خطر حوالية.. عشان افضل قلقانة ومتوترة، كنت فاهمة كل دة وعارفة الاعيبها وبالرغم من كدة للاسف اتوترت وقلقت،
حاولت الهى نفسى بأى حاجة بعد ما مشيوا عشان مفكرش فى كلامها، فرجعت دخلت الانتريه وبدأت ارتب فيه مكان ماكنا قاعدين، واتأكد ان كل حاجة نضيفة وتمام، مسكت المخدة الصغيرة بتاعة الانتريه عشان اعدلها.. اتفزعت لما لقيت دودة حمرة صغيرة ماشية عالقماش، صرخت من غير مااحس وندهت على حسام:
_ حسام! تعالى بسرعة فى حاجة غريبة هنا…
_ فى ايه يافاطمة؟ مالك؟
بإيدى اللى بترتعش من الخوف شاورتله على الدودة اللى ماشية:
_ بص! دودة ماشية عالانتريه، جات منين دى؟
حسام قرب ونزل على ركبه عشان يشوفها ويتأكد هى ايه! وبعد ما شافها بدأ يشيل المخدات والقعدات بتاعة الانتريه، وهنا كانت الصدمة الاكبر، لما لقينا تحت الانتريه كمية كبيرة جدا من الدود الاحمر، كان كتير لدرجة انه كان بيتحرك بين الخشب، حسام رجع لورا وهو بيقول:
_ ايه دة؟ اعوذ بالله، جه منين الدود دة كله، دة مش طبيعى خالص اللى بيحصل دة، ايه حكاية الدود معانا؟
_ مش عارفة ياحسام فى ايه؟ بس دة المكان اللى مرات عمى كانت قاعدة فيه،معقول تكون هى السبب؟
_ هى السبب ازاى بس، هتجيب الدود معاها وهى جاية؟ سيبك منها دلوقت يافاطمة ، لازم نتخلص من القرف دة بأى شكل قبل ما يسرح فى الشقة كلها.
_ ياريتنا ماكنا سمحنالها تيجى هنا، والله ماكنت مرتاحة لدخولها هنا ساعة الفرش، بس هى صممت.
_ يافاطمة ارجوكى سيبك من الكلام دة وركزى معايا..
انا كنت فى حالة وحشة جدا،ومش قادرة انى افكر تفكير سليم، كل اللى كان فى دماغى ان فى حاجة غلط، ايه هى وازاى وليه! معرفش.
حسام قعد يفتش فى الانتريه كله، لغاية مااتأكد ان هو دة الكرسى الوحيد اللى فيه الدود، راح متصل بأخوه على طول وطلب منه ان يجى ضرورى وبسرعة،
ولما جه اخوه وحكيناله اللى حصل.. شال الكرسى وطلعه فوق على سطح البيت ،ودلق عليه جاز كتير عشان يتخلص من الدود، وقالنا سيبوه يومين كدة منه للشمس
لكن انا كانت حالتى سيئة جدا، مكنش شاغل بالى الكرسى والدود اللى فيه، انا كنت حاسة ان فى خطر علينا، وان الخطر دة مربوط بمرات عمى، لكن مكنش عندى اى دليل على احساسى دة، وبعد الموقف دة.. انا وحسام كنا فى حالة قلق مستمرة، بنفتش فى كل حاجة وبنشك فى اى حاجة، ومن ضمن الحاجات اللى شكينا فيها.. اوضة النوم، اللى كنا كل ما ندخلها يحصل اى حاجة غريبة، اما اسمع همس واصوات ملهاش وجود، او احس ان فى حد موجود فيها طول الوقت، او يجيلى خنقة ومقدرش اكمل فيها دقيقتين على بعض، ويظهر ان حسام هو كمان كان عنده نفس الاحاسيس دى.. لانه كان موافقنى ان الاوضة مش مريحة ومبقاش يحب يدخلها غير لو هيجيب حاجة من جوة، وبقى مكانا الاساسى هو اوضة الاطفال، لان الاوضة دى كانت اهدى واريح كتير من اوضة النوم، ورغم الهدوء اللى كنا فيه، لكن انا من جوايا كنت مش مرتاحة خالص ودايما قلقانة،
وفى يوم من الايام قررت انى اروح ازور ماما واتكلم معاها، افضفضلها عن كل حاجة انا حاسة بيها، لان هى الوحيدة اللى بتفهمنى وبتحس بيا، روحت وقعدت معاها فى الصالون وقفلنا على نفسنا الباب، وبدأت احكيلها على كل حاجة حصلت فى البيت من اول ليلة، قولتلها وانا ماصدقت ارمى همومى عليها:
_ بصراحة ياماما احنا بقينا تقريبا عايشين فى اوضة الاطفال، اوضة النوم بقت مرعبة بالنسبالنا، مش مريحة خالص، وكل ماندخلها يااما نتخانق يااما يحصل حاجة غريبة،مش عارفة ايه دة بس بجد الموضوع بقى لا يطاق.
_ يعنى انتوا مقدرتوش تناموا فيها ولا ليلة واحدة؟ دى اوضتكم يابنتى ازاى كدة؟
_ والله ياماما مش قادرة اوصفلك اللى بحسه فى الاوضة دى، وحسام كمان حاسس ان فيها حاجة مش مظبوطة.
يادوب خلصت جملتى ولقيت بنت عمى بتفتح الباب فجأة وبتدخل بدون استئذان وهى بتقولى:
_ ايه يافاطمة؟ سمعتك وانتى بتقولى انكم عايشين فى اوضة الاطفال! مالها اوضة نومكم؟
اتفاجأت بدخولها على غفلة كدة، واتحرجت جدا انها سمعت كلامى مع امى، حاولت اغير الموضوع بسرعة:
_ أااه.. لا مفيش حاجة، احنا بس حسينا ان اوضة الاطفال هادية اكتر، اوضة النوم عالشارع زى مانتى عارفة، وبتبقى دوشة على طول.
_ غريبة.. مع انى دايما بسمع ان اوضة النوم بتكون اريح كتير، يالا المهم تبقوا مرتاحين.
_ ايوة ياندى مرتاحين الحمد لله متقلقيش.
_ ماشى حبيبتى، ولو فى اى مشكلة قوليلى، انا زى اختك برضو.
_ طبعا.. اطمنى لو فى اى حاجة هقولك على طول.
سابتنا وطلعت بعد ما وترتنى بكلامها، ولاحظت ان ماما كمان كانت مش مرتاحة للى حصل، لقيتها بتقولى وهى موطية صوتها:
_ فاطمة.. خدى بالك من ندى، اوعى تعرف حاجة عنك، انا مش مرتاحة لأسئلتها دى، دول مش بيسيبوا حاجة غير اما يتكلموا فيها.
_ ايوة ياماما عارفة، وعلى فكرة مش اول مرة يسألونى الاسئلة دى، لما جم عندى يباركولى كانو بيسألوا نفس الاسئلة، مش فاهمة هما مستنين يسمعوا ايه!!
_ مستنين يشمتوا فيكى حبيبتى، وبعدين ماانتى بتقولى اهو ان بيحصل حاجات غريبة، مايمكن ليهم دخل باللى بيحصل، احنا غلطانين اننا سيبناهم يفرشوا معانا.
_ فعلا والله ياماما، خليها على الله بقى، مفيش فى ايدينا حاجة نعملها.
بعد ما خدت قعدتى مع ماما وروحت.. فتحت الباب لقيت حسام قاعد فى الصالة، كان قاعد ساكت وشكله متضايق ومش على بعضه، بصيتله وانا قلقانة من شكله وقولتله:
_ ايه ياحبيبى.. انا اتأخرت عليك ولا ايه؟انا مكنتش أعرف والله انك هترجع بدرى كدة، خلاص انا هروح اجهز الغدا على طول.
_ لا مش مهم الغدا دلوقتى، اعمليلى شاى بس.
استغربت شوية، لان حسام عادة مابيطلبش منى الشاى قبل الاكل، بس قولت ماشى يمكن تعبان او زهقان من حاجة، دخلت المطبخ بسرعة. وبدأت احضر الشاى.
وانا واقفة قدام البوتجاز.. سمعت فجأة صوت مفاتيح حسام، وبعدها باب الشقة بيتفتح وبيتقفل، وصوت حسام بينده عليا وبيقولى:
_ فطوم.. جيتى يا حبيبتى؟
حسيت ان دمى نشف، وفضلت واقفة فى مكانى مش عارفة اتحرك، وسمعت خطواته وهى بتقرب، صوت خطوات حقيقية مش تخيلات، لفيت ابص على باب المطبخ لقيت حسام واقف بهدوم الخروج اللى نزل بيها الصبح وشكله تعبان ومرهق، ولقيته بيقولى بمنتهى الهدوء:
_ ايه الجماعة عندك عاملين ايه؟ كله تمام؟ معلش يافطوم حضريلى الاكل بسرعة عشان واقع من الجوع واحكيلى واحنا بناكل.
كنت واقفة مش عارفة ارد عليه، عاوزة اصرخ، عاوزة افهم اللى بيحصل، عاوزة حد يصحينى من الكابوس دة ويقولى اصحى انتى بتحلمى، او حد يجاوبنى على السؤال اللى كان هيخلينى اتجنن، اذا كان حسام لسه راجع من الشغل، مين اللى شوفته واتكلمت معاه؟
جهزت الاكل عالسفرة، وفضلت قاعدة ساكتة لغاية ما حسام خلص اكل وحكيتله على اللى حصل:
_ حسام.. انا عاوزة احكيلك على حاجة، وارجوك تصدقنى، واوعى تقولى ان كان بيتهيألى او بتخيل.
_ طيب براحة بس ..اهدى وفهمينى فى ايه؟
_ انا وصلت هنا قبلك، فتحت الباب ودخلت لقيتك قاعد فى الصالة وأااااا…
_ لقتينى ازاى يعنى يافاطمة؟ ايه اللى بتقوليه دة؟
_ اسمعنى بس.. انا شوفتك قاعد وكلمتك وقولتلك انى هدخل احضر الاكل لكن انت طلبت شاى.
_ انتى بتهزرى اكيد!
_ لا انا مش بهزر، ولا بتخيل، البيت فى حاجة ياحسام، كل اللى بيحصل حوالينا مش طبيعى، وانا كنت بعدى الحاجات اللى بتحصل واقول تهيؤات، لكن موصلناش لكدة، انا كدة هتجنن.
_ طب اهدى بس يمكن أاا..
_ متقوليش يمكن، ماهو يااما البيت فى حاجة غلط يااما اشك فيك بقى!
_ تشكى فيا؟ دة اللى هو ازاى يعنى؟
_ اة.. اشك فيك، يمكن انت اللى بتعمل كدة عشان تخوفنى!
_ لا.. انتى كدة اتجننتى فعلا.
_ خلاص يبقى نمشى من البيت دة، انا خلاص مبقتش متحملة اى حاجة تانية.
حسام سكت ومردش عليا، لكن كان باين عليه انه مش مرحب بموضوع النقل، وطبعا كان معاه حق، فكرة ان الواحد يسيب شقته وينقل لمكان تانى مش حاجة سهلة ولا بسيطة، وانا محاولتش اضغط عليه وقولت اسيبه يفكر براحته فى الموضوع، لكن حصل حاجة خلتنا منفتحش الكلام دة تانى، الحاجة دى انى اكتشفت وقتها انى حامل، وطبعا انشغلنا فى المتابعة والراحة فى السرير وكل الكلام دة، وكان شىء طبيعى اننا منفكرش نسيب الشقة فى وقت زى دة،
لكن فترة الحمل بالنسبالى كانت مأساة بمعنى الكلمة، الكوابيس زادت وبقت تتكرر بشكل مخيف، كنت بصحى كل يوم مفزوعة فى نص الليل بسبب الرعب اللى بعيشه فى الاحلام، كنت دايما بشوف كلاب سودة بتجرى ورايا فى كل حتة، وساعات كنت اشوف واحدة شكلها مرعب جدا بتحاول تمد ايديها على بطنى وبتقولى اللى جوة دة يخصنى، وليالى تانية كنت بشوف نفسى، زى نسخة تانية منى،واقفة وبتبصلى بعيون واسعة ومرعبة، ولما اصحى الاقينى بصرخ بصوت عالى والعرق مغرقنى،ولما كنت بحكى لحسام عن اللى بشوفه كان دايما يقولى:
_ كل اللى بيحصلك دة من التوتر بتاع الحمل، طبيعى ان جسمك وعقلك يكونوا تحت ضغط.
بقيت اصبر نفسى بالكلام اللى بيقوله، واحاول اصدق ان انا اللى اعصابى تعبانة وان كل حاجة حواليا طبيعية،
لكن فى حلم معين كان بيتكرر كتير معايا، كنت دايما بشوف مرات عمى واقفة فى الحمام عندى فى شقتى، بتبقى واقفة وظهرها للباب، ولما اقرب منها عشان اشوف هى بتعمل ايه.. كنت بلاقيها ماسكة المصحف فى ايديها، كنت بفضل ازعق معاها واوقولها حرام عليكى اطلعى مينفعش تدخلى بيه هنا، لكن هى مكنتش بترد عليا وبتبصلى بطريقة بتخوفنى فكنت بسيبها واطلع اجرى على برة،
ومرت شهور الحمل وانا بتعذب صاحية او نايمة، لغاية ما ربنا كرمنى ورزقنى ببنت،
يوم الولادة كنت انا وهى بخير طول ماحنا فى المستشفى، وكنت حاسة بفرحة كبيرة وانا شيلاها لاول مرة، لكن بمجرد ماروحنا البيت، وجه وقت انى ارضعها، كنت ساعتها قاعدة عالسرير وحسام جنبى، واول مابنتى بدأت ترضع.. حسيت بشعور فظيع، زى الم شديد فى صدرى كأنى غرست فيه سكينة، ولما بصيت على نفسى اتصدمت من المنظر، بدل اللبن اللى كان المفروض ينزل.. لقيت كمية دم رهيبة بتخرج من صدرى، اتفزعت وحسيت انى هيغمى عليا، وحسام اتصدم من اللى شافه وجرى بسرعة ينده امى وابويا اللى كانو قاعدين برة فى الصالة، وفى لحظة البيت اتحول لهيستريا لما شافو الدم مغرق هدومى انا وبنتى، وماما بقت تصرخ وهى بتقولهم:
_ لازم ناخدها عالمستشفى حالا.
وزى مانا كدة.. خدونى بنفس المنظر اللى كنت فيه عالمستشفى، الممرضات كانوا مفزوعين من منظرى انا والبنت، وعملولى كل الفحوصات اللازمة عشان يعرفوا سبب النزيف اللى وقف لوحده زى ما بدأ لوحده، وبعد وقت طويل قضيناه فى تحاليل واشعات، الدكتور قال لحسام:
_ احنا عملنا كل اللازم، لكن مش عارفين ايه سبب اللى حصل دة، مفيش سبب طبى، يمكن يكون توتر او ضغط.
كنت قاعدة وسامعة الكلام دة، لكن من جوايا كنت عارفة ان اللى بيحصل كله مش طبيعى، وانى واقعة تحت تأثير حاجة اكبر من الكل،ومكنش فى ايدينا حاجة نعملها غير اننا نسمع كلام الدكاترة ونروح، ماهو اذا كان هما معرفوش السبب.. احنا هنعمل ايه!!
ولما رجعنا البيت، ماما كانت قلقانة عليا جدا، كانت بتبصلى وكأنها شايفة فى وشى حاجة غريبة، لقيتها بتقول:
_ اسمعى يافاطمة.. انا مش هروح، انا هفضل معاكى هنا لغاية ما اطمن عليكى خالص انتى والبنت.
_ تنورى طبعا ياماما بس مكنتش عاوزة اتعبك.
_ انا هتعب بجد لو مشيت وانا سيباكى عالحال دة.
_ خلاص ياماما اللى تشوفيه، انا كمان بصراحة محتجالك اوى.
_ المهم دلوقتى اننا نشغل القرآن دايما ونبخر الشقة كلها، لازم نبعد العين عنك، البيت دة مليان حسد.. وانا مش هسيبك الا اما اتأكد ان كل حاجة رجعت لطبيعتها.
وابتدت ماما تعمل كل اللى قالت عليه، لكن رغم كل دة.. كنت حاسة ان فى حاجة تقيلة مسيطرة عليا،
وبصراحة حسام مكنش مقصر معايا ابدا، كان دايما بيحاول انه يدعمنى ويخفف عنى، وكان بيجيبلى هدايا كتير ،واى حاجة بحتاجها يجيبهالى، لكن انا.. كانت احاسيسى ناحيته مختلفة، كنت بحس بنفور شديد من ناحيته، وكل مايقرب منى احس انى مش طايقة اكون جنبه، ولا قادرة اتحمل انه يلمسنى، وجالى برود تام ناحية اى حاجة تخصه، وبقيت مش مهتمة بيه خالص، ووصل بيا الحال انى بقيت ارتاح فى الوقت اللى هو مش موجود فيه فى البيت،
حتى بنتى مكنتش مهتمة بيها، لانى كنت مشغولة بحاجة تانية خالص، الخيال الاسود اللى كان بيطاردنى فى كل حتة فى البيت، كنت ببقى قاعدة عادى وفجأة احس ان فى حاجة بتتحرك جنبى، ابص بسرعة ملاقيش حاجة، ومع الايام الخيال دة بقى بيظهرلى فى احلامى كمان، ساعات كنت اشوفه واقف فى الضلمة بيبص عليا من بعيد، وساعات كنت بشوفه زى شخص عادى لكن ملامحه مش واضحة، وبعد كدة كنت ببقى نايمة واشوفه واقف على باب الاوضة، بيبص عليا وانا نايمة، وبعدها يبتدى يقرب منى.. وانا بحس بخنقة وبحاول اصرخ او اتحرك لكن مبقدرش، لكن سبحان الله فى كل مرة كان بينجدنى منه صوت الاذان، واصحى وانا بحمد ربنا انه مقدرش يلمسنى، نفسيتى بقت فى الارض بسببه وبقيت بتعامل مع الكل بعنف وعصبية، وفى يوم كنت قاعدة وشايلة بنتى.. لقيت حسام جه قعد جنبى وقاللى:
_ مالك يافاطمة؟ انتى بقالك فترة مش بتكلمينى زى الاول، فى حاجة مضيقاكى منى؟
بصيتله وغصب عنى دموعى نزلت:
_ مش عارفة ياحسام، انا والله بحبك، لكن كل مابتقرب منى بحس أااا…
_ بتحسى بإيه يافاطمة؟ قوليلى.
_ بحس انى مش مرتاحة، زى مايكون فى حاجة بتفصل بينا، فى حاجة مش صح ياحسام، وانا خلاص مبقتش عارفة اعمل ايه!!
_ يمكن كلام مامتك صح، يمكن بيتنا فعلا مليان حسد ولا حتى سحر، بس انا مش هسكت على الوضع دة، انا لازم اتصرف.
_ هتعمل ايه؟
_ هتصرف.. هدور على حد يخرجنا من اللى احنا فيه.
بعدها قام وسابنى وخرج، ومكنتش عارفة هو ناوى على ايه، لكن لقيت ماما جاتلى الاوضة وكان باين عليها انها ملاحظة كل اللى بيحصل بينا، سألتنى وهى قلقانه:
_ انتى مش مرتاحة مع جوزك؟ لسه حاسة ان البيت فى حاجة مش طبيعية؟
_ ياماما الموضوع مش بس عين وحسد، الحكاية شكلها اكبر من كدة بكتير، واة انا مش مرتاحة مع حسام، وبحس انى مش طايقة اكون جنبه.
_ يمكن اللى بيحصلكم سحر، ياما فى ناس بتعمل اعمال قذرة عشان تخرب البيوت، خلي حسام يجيب شيخ يقرا فى البيت ويشوف ايه الحكاية..
_ ماهو تقريبا هيعمل كدة، لان هو كمان شايف ان الوضع مش طبيعى.
_ طيب يابنتى ربنا يهديلكم الحال، انا هقوم واسيبك ترتاحى.
_ لا ياماما استنى، خدى البنت خليها معاكى عشان متعيطش، وانا هقوم اخد دش عالسريع كدة قبل ماتصحى.
_ ماشى ياضنايا قومى وانا هقعد بيها.
قومت جهزت هدومى وروحت الحمام عشان اخد دش، دخلت ووقفت قدام المراية وببص فيها.. اتصدمت لما شوفت نجمة زى بتاعة الاسحار على جبينى.. رجعت لورا خطوتين وانا مرعوبة، وفجأة حسيت بايدين مسكت رجليا الاتنين جامد، ولفت بيا ونزلت على سور البانيو، صرخت من الوجع وانا سامعة صوت حاجة بتطرقع فى جسمى، وبعدها اترميت فى الارض..
ماما جات بسرعة وشافتنى فى الوضع دة مقدرتش تحركنى من مكانى، اتصلت بحسام بسرعة عشان يجى يلحقنى، وهو متأخرش.. جه بسرعة واخدنى عالمستشفى وانا كنت مش قادرة اتنفس من الوجع، يومها طلع عندى شرخ فى الضلع والدكاترة قالو ميتجبسش، لكن امرونى انى افضل فى السرير شهر كامل على وضعية معينة، وطبعا اتلهينا فى اللى حصل ونسينا موضوع السحر اللى كنا شاكين فيه، وفى الشهر دة كان ماما وبابا مش سايبنى، وكتير كانو بيباتوا معانا عشان يساعدوني فى كل حاجة بعملها، لكن لقيتهم بيشتكوا من الكوابيس اللى بيشوفوها ، وكانوا بيحسوا بخنقة وهما نايمين ومش حاسين راحة ابدا، لكن اتحملوا لغاية ما فترة علاجى خلصت، وبعد كدة روحوا على بيتهم..
لكن انا حالى فضل زى ماهو، وزادت المشاكل بينى وبين حسام من اللاشىء، وبقينا بنتخانق عالصغيرة قبل الكبيرة، والموضوع وصل لانى طلبت منه الطلاق، لكن هو رفض وفضل متمسك بيا، بس انا سيبت البيت غضبانة وروحت قعدت انا وبنتى عند خالتى، مرضتش اروح لبيت ابويا عشان مشوفش مرات عمى وبناتها ويشمتوا فيا، وفى الفترة اللى كنت فيها عند خالتى كان بيحصلى حاجات اكتر بكتير من اللى كانت بتحصلى فى شقتى، ودة خلانى اتأكد ان السحر مربوط بيا انا مش بس شقتى اللى سيبتها، حتى خالتى وبناتها لاحظوا دة وبقوا هما اللى يحكولى، وفى يوم وانا قاعدة معاهم.. لقيت فجأة يارا بنت خالتى بتقولى:
_ انتى كويسة يافاطمة؟
_ اة ياحبيبتى الحمد لله.
_ بصراحة يافاطمة بقالك فترة مش طبيعية، وامبارح شوفتك فى وضع خليتى جسمى اتلبش، انا مرضتش اكلمك وقتها غير لما احس انك كويسة.
_ بتتكلمى عن ايه يايارة؟
_ انا شوفتك امبارح وانتى واقفة قدام مراية الحمام وكنتى بتحركى شفايفك زى اللى بتتكلمى مع حد.
_ انا؟ لا طبعا معملتش كدة.
_ لا والله حصل، وانا هكدب عليكى ليه؟ ومن يومين كمان كنتى انتى جوة فى الاوضة ولقينا الباب اتقفل لوحده ولما فتحنا عليكى لقيناكى قاعدة ساكتة وسرحانة وكأنك فى عالم تانى.
بنت خالتى التانية ريم قاطعتها فى الكلام:
_ انا كمان شوفت ضل اسود ماشى وراكى فى الصالة ولما ندهت عليكى اختفى، ومرة تانية كنت داخلة اصحيكى.. لقيت الغطا بيتشد من عليكى لوحده.
اترعبت من كلامهم ومكنتش قادرة استوعب اللى بيقولوه، وخالتى لاحظت دة ولقيتها بتقولى:
_ ياحبيبتى احنا مش قصدنا نخوفك، لكن اللى بيحصل دة مش طبيعى، لازم تشوفى ايه اللى بيدور حواليكى وتواجهيه.
_ يعنى اعمل ايه ياخالتو؟
_ لازم نشوف شيخ كويس يشوف ايه اللى فيكى.
_ بس انا معرفش حد.
_ ندور واللى يسأل ميتوهش.
وفعلا ابتدينا نتحرك ونشوف اى حد يقدر يساعد، ماما بقت تسأل من ناحية، وخالتى من ناحية، وشوفنا ناس كتير اوى، منهم النصاب ومنهم اللى مقدرش يعمل اى حاجة،و اللى يقولنا دة سحر بالسفلى ولازم يتفك بسفلى زيه، لكن احنا طبعا رفضنا نمشى فى الطريق دة..
وفى الوقت دة فى ناس كتير اتدخلت للصلح بينى وبين جوزى، بعد ما اتأكدنا ان فى سحر معمول لينا عشان نفترق، وفعلا ربنا يسرلنا واتصالحنا ورجعت بيتى، لكن طبعا كان حالى زى ماهو مفيش اى تحسن،
وفى يوم واحد زميل جوزى جه وقاله ان فى واحد فى بلد ارياف معروف عنه انه بيعالج وشاطر، وقاله هات مراتك وتعالى نروحله يمكن يكون عنده الحل، حسام اقتنع بكلامه، وحاول يقنعنى انى اروح معاه، فى الاول كنت مترددة.. لانى كنت زهقت من التجارب اللى مش بتنفع فى الاخر، لكن جيت على نفسى وقولت خلينى اعمل اى حاجة بس ارجع لحياتى الطبيعية،
سافرنا يوم جمعة الصبح من بدرى.. عشان نلحق الراجل قبل مايتجمع عنده الناس زى ما سمعنا، وطول الطريق كنت ملاحظة حاجة غريبة اوى لكن مكنتش عارفة اعلق ولا اتكلم، صاحب جوزى كان كل شوية يبصلى بطريقة غريبة، مكنتش قادرة افهم هو ازاى بيعمل كدة وجوزى جنبى، ولا قادرة حتى افهم معنى نظرته الغريبة دى، لكن سكت وقولت اما اشوف اخرتها..
واما وصلنا القرية.. نزلنا من العربية ومشينا مشوار طويل لغاية ماوصلنا لبيت الشيخ، بيته كان وسط الغيطان، وكان قديم وصغير ومبنى بالطين، مكنش فى اى حاجة توحى ان الشخص اللى موجود هنا هيقدر يحل مشكلتى، دخلنا البيت وقابلناه، كان راجل كبير فى السن ولابس جلابية بيضة نضيفة، وعلامة الصلاة باينة على وشه، بصراحة كان وشه هادى وبشوش ومريح بطريقة غريبة، كأن روحه متصالحة مع الدنيا ومش شايل هم لحاجة، قعدنا قدامه وحسام بدأ يحكى على اللى حصلنا من اول يوم، وانا كنت قاعدة جنبه ساكتة ومش عارفة ابدأ منين او اقول ايه!
بعد ما حسام خلص كلامه، الشيخ فضل يقول كلام وأذكار ويقرا بعض الآيات، وبعد ما خلص بصلنا وقال:
_ انتى يابنتى عايشة فى معركة كبيرة، وعشان تخرجى منها لازم تكونى قوية، انا سمعت منكم حاجات تدل على ان فى حاجة كبيرة مسيطرة عليكى.
قولتله وانا مرعوبة من كلامه:
_ حاجة ايه دى؟ وازاى اتخلص منها وارجع طبيعية؟
_ فيه سحر بالربط معمول ليكى، سحر قديم، وواضح انه معمول من قبل الجواز.
_ ازاى سحر قديم؟ ومين اللى عمله وليه؟
_ السحر دة معمول من واحدة بتحقد عليكى من زمان، وهدفه انه يفضل يأذيكى طول مانتى عايشة، لكن للاسف الجن المكلف بالسحر بقى جن عاشق ودة اللى عقد الدنيا اكتر.
حسام اول ما سمع الجملة دى قام وقف وقال:
_ جن عاشق!! يعنى ايه دة؟
الشيخ خد نفس طويل ورد عليه:
_ كل سحر بيكونله جن مربوط بيه عشان ينفذ المهمة، لكن احيانا الجن دة بيعشق الشخص اللى معمول ليه السحر، ودة بيخليه يرفض انه يسيبه، وبيحاول بكل الطرق انه يفرق بينه وبين اى حد مرتبط بيه، ودة سبب النفور اللى بينكم.
_ طيب ياشيخ ايه الحل دلوقتى، ايه اللى نعمله عشان نخلص من اللى احنا فيه؟
_ الحل مش سهل، لكن مش مستحيل، اول حاجة لازم يابنتى تكونى ملتزمة بالصلاة وقراءة القرآن بانتظام، وخصوصا سورة البقرة، وتانى حاجة لازم تشغلى القرآن فى بيتك باستمرار ميتقطعش، متخليش اى مكان فى بيتك خالى من ذكر الله، الجن مش هيقدر يأذيكى طول ما القرآن حواليكى.
سألته وانا بعيط من الخوف:
_ وايه اللى هيحصل لو ملتزمتش؟
_ لو ملتزمتيش السحر هيبقى اقوى، وتأثيره على حياتك هيزيد، وهتلاقى نفسك تعبانة فى كل حاجة فى حياتك، لازم تكونى قوية وتحاربى بكلام ربنا، وكل حاجة ربنا امرنا ووصانا بيها.
بعدها الشيخ حط ايده على المصحف اللى جنبه وقال:
_ دايما خلى دة سلاحك، مفيش جن ولا سحر يقدر يقف قدام كلام ربنا.
خرجنا من عنده واحنا مش عارفين نحس بأمل ولا نخاف من اللى جاى، وفى طريقنا للبيت لقيت زميل جوزى بيقولى:
_ انا عارف انك ملاحظة انى ببصلك كتير، بس الحقيقة انا مستغرب من اللى شايفه!!
سألته وانا مش فاهمه منه حاجة:
_ مستغرب من ايه مش فاهمه؟
_ متآخذنيش فى اللى هقوله، بس وشك وش واحدة سكة ستين سنة.
اتصدمت من اللى قاله، لكن ساعتها بس افتكرت ان حسام كان دايما يقولى.. (وشك ليه مليان تجاعيد كدة!!)
قولتله وانا مترددة وخايفة من اللى هيقوله:
_ ودلوقتى؟ لسه شايف وشى عجوز؟
_ لا دلوقتى مفكيش اى حاجة.
سكت وفوضت أمرى لله.. ولغاية ماروحنا البيت كان عقلى مشغول بكل حاجة حصلت، وصلنا البيت ودخلت اعمل فنجان قهوة يمكن يساعدنى انى اهدى ودماغى تبطل تفكير، وقفت قدام البوتجاز وعملت القهوة وانا سرحانة فى اللى حصل واللى ممكن يحصل بعد كدة، واما خلصت صبيت القهوة فى الفنجان واخدته وطلعت برة فى الصالة، قعدت عالكنبة ورفعت الفنجان عشان اشرب منه اتصدمت باللى شوفته على وش القهوة، لقيت وش مرعب يشبه الشخص اللى بشوفه فى احلامى، واضح وظاهر مش تهيؤات ابدا، وريته بسرعة لحسام وهو مسك تليفونه وصور المنظر دة، وبعدها كلمنا الشيخ فى التليفون وعرفناه اللى حصل، ساعتها قالنا:
_ دى كلها محاولات منه لإضعافكم، بيظهر بأى شكل عشان يرهبكم، الجن المكلف بالسحر بيخليها تشوفه فى كل حاجة حواليها، لازم مراتك متتضعفش، دة اختبار لايمانها ولازم تلتزم باللى قولت عليه عشان تبقى اقوى منه، واوعى حد يعرف انكم عرفتم بموضوع السحر وانكم بتتحصنوا منه.
وفعلا من يومها وانا ملتزمة بكل اللى قال عليه الشيخ، ومنتظرة عفو ربنا لان الموضوع صعب، وطلع زى ماقال فعلا دى حرب ولازم اكون قوية، ودايما بدعى ربنا انه يثبتنى واكون ادها، وياريت تدعولى انتو كمان ان ربنا ينصرنى ويعافينى من اللى انا فيه…
تمت

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى