قصص

قلبي كان هيقف أول ما شوفت الوش ده! ايه ده ولا مين ده أنا معرفش، بس لما خرجت الصالة لقيته قاعد بالمنظر ده على الكرسي، مبتسم، ابتسامة أقل ما يقال عنها إنها مر..عبة! جسمي اتشل لثواني، واقف، ببص ناحيته، بخو..ف، قبل ما أجري وافتح نور الصالة بس.. ملقتش حاجة، اختفى!
بس شكله في ذاكرتي مش قادر أطرده، وش كائن غريب مبرق، شعره أسود طويل، مفيش مناخير، بوقه واسع بطريقة مخي..فة، معقول يكون بيتهيألي؟! مستحيل، أنا متأكد إني شوفته، حسيت ببرودة شديدة في جسمي وخو..ف منعني أنام، وفضلت تقريبًا صاحي لحد الصبح وأنا بفكر في الشيء الي شوفته ده!
روحت الشغل وأنا مش شايف قدامي..
– شريف.. أنت كويس؟!
سامي زميلي في الشغل قالي الجملة دي عشان أكتشف إني مكنتش مركز تمامًا، ولا في الشغل ولا في اي حاجة عامةً، كنت سرحان، في وش، شوفته امبارح بليل!
– لأ.. أنا تمام تمام، أنا مش نايم كويس بس.
خلصت شغل على المغرب كالعادة ونزلت، جالي مكالمة من رقم عارفه كويس فكنسلت، وقفت على الناصية مستني أي عربية رايحة رمسيس عشان أركب من هناك، وأروح المشوار بتاع كل يوم، بس.. شوفت حاجة، في الأتوبيس الي عدى من قدامي، شخص قاعد في الناحية الي بتبص ناحيتي، ده مش شخص، ده كيان غريب، شوفته امبارح، وشه مر..عب، عينه مبرقة، معندوش مناخير، و.. ابتسامته مخيفة!
– هو.. هو بيراقبك أنت صح؟!
بصيت على يميني، لقيت الصوت كان طالع من الشخص المجذوب الي بيبقى قاعد تحت الشركة على طول، قاعد على الرصيف، شعره منكوش، لبسه متهالك، كان بيبص ناحية الأتوبيس وهو جسمه بيترعش، زي العادة..
– هو.. مين الي بيراقبني؟!
ضحك.. بس في نفس الوقت عينه كانت مليانة ر..عب!
– هو فيه غيره! م.. ما هو السبب في الي أنا فيه، هم.. هم فاكرني مجنو..ن، بس أنا.. أنا مش مجنو..ن، هو كان دايما يراقبني، نظرته م.. مخي..فة! قولتلهم، محدش صدقني..
– هو مين ده؟! أنا.. مفيش حد بيراقبني، محدش فاكر حاجة، أنت مجنو..ن فعلًا!
– م.. متنكرش، أنا عارف إنه بيراقبك، شوف أنت عملت ايه غلط، وصلحه، صلحه قبل فوات الأوان!
على ما بصيت قدامي مرة تانية كان الأتوبيس عدى، سيبت المكان ومشيت بسرعة، وصلت البيت وأنا دماغي هتفرقع من التفكير، و.. خايف، هو.. يقصد ايه! فضلت قاعد على السرير كتير بفكر لحد ما نمت على نفسي..
صحيت بعد شوية، لسبب مش عارفه، فتحت عيني عشان ألاقيه واقف قدامي بالظبط، نفس الوش، بيبتسم، الصورة قدامي كانت مشوشة، حاولت أقوم من مكاني بسرعة بس اتفاجئت بحاجة غريبة، إيديا ورجليا مفرودين على السرير، وحاسس كإني متكتف، مش عارف أحرك أي حاجة فيهم، وهو ثابت قدامي، حاولت أصر..خ، ساعتها رفع صباعه، اللي كان طويل بطريقة غريبة، وفيه ضافر لا يقل عنه طول، حط إيده ناحية بوقه وكإنه بيقولي.. ششش!
قرب مني، مشي بصوابعه ناحية رقبتي وأنا.. وأنا جسمي كله بيترعش وقلبي بيدق بسرعة رهيبة، صوابعه كإنها هيا..كل عظمية مصغرة! فضل ينزل لحد ما وصل لطرف التيشيرت الي انا لابسه، ورفعه براحة، حسيت بضوافره لما لمست جسمي، باردة وحا..دة جدًا، التيشيرت بقى واصل لتحت رقبتي بالظبط، جسمي بيتنفض على السرير، هم فين؟! رحاب مراتي، زياد ابني، أي.. أي حد!
نزل بضوافره مرة تانية لحد ما وصل لبطني، وفجأة غر..ز ضا..فر السبابة في بطني، صر..خت! بس الصر..خة طلعت مكتومة، كإن مشر..ط دخل في جسمي، و.. و بدأ يشر..ح في بطني ببطء، حاسس بنا..ر في بطني، أ..لم رهيب! عيني كانت بتدمع تلقائي في كل مرة كان بيحرك صباعه، مش قادر، مش قادر استحمل خلاص! حاولت أحرك جسمي بأقصى ما عندي، كنت بصر..خ وانا بعمل ده، كفاية، كفاية، حرام عليك! وفجأة جسمي اتحرر!
– في حاجة يا بابا؟!
سمعت صوت زياد ابني، الي كان واقف قدام باب الأوضة وهو بيكح، عشان كل حاجة تختفي من حواليا، كإنها لم تكن، شاورت لزياد يقرب، حضنته، كان طوق النجاة الي لحقني..
– امال فين ماما؟!
– لقيتني بكح جامد، جت نامت جنبي.
حضنته مرة تانية ولقيتني بعيط في حضنه تلقائي.
بس دي مكنتش أخر مره شوفته فيها، بشوفه في كل حتة، وأنا في البيت، وأنا ماشي في الشارع، وأنا خارج من الشغل، وأنا.. خارج من الشغل، وواقف قدام الناصية سمعت صوت جنبي، صوت انا عارفه كويس..
– ط.. طبعًا لو قولتلك إني دكتور مش هتصدقني..
كان الشخص المجذوب، بصيتله، كمل..
– دكتور نفسي ب.. بالأخص، بس كنت بعمل حاجة ب..شعة! كنت بدي المرضى بتوعي جرعات زيادة من أدوية النفسية والاكتئا..ب، الي بزيادتها عن الحد بتؤدي لمفعول عكسي، عشان.. عشان يجولي جلسات أكتر، و.. وأكسب أكتر، ومن بعدها بقيت أشوفه، أنا.. بسميه ” المراقب “، أنا مكنتش فاهم بيظهرلي ليه، بس فهمت، كنت بخا..ف منه جدًا! ومع ذلك كنت مكمل، لحد.. لحد ما عرفت إن فيه واحد من المرضى دول ا.. انتح..ر!
بلع ريقه وبص حواليه..
– ومن ساعتها مبقاش مجرد مراقب، ده بقى ” معذ..ب “، ” منتق..م “، كان بيعذ..بني جسديًا و.. ونفسيًا، كان بيخليني أشوفهم، الناس الي انت..حرت بسببي، كان شكلهم مر..عب! كإنه في الأول كان بيحذرني بنظراته، بس أنا كنت غبي، خو..فت منه، بس خو..في منه مكنش كفاية، كان لازم أحط ربنا قدامي ساعتها، أنا خو..فت بس لما عرفت إني ممكن أتحب..س، أتس..جن، وأكتر، خوفت من العباد ومخفتش من رب العباد! بس الي الكيان ده عمله فيا كان أسو..ء من كل أفعال البشر، ولحد دلوقتي لسه مستمر، أنا مبقتش مستحمل خلاص!
لقيته وقف في مكانه، كان ماشي قدامي، مديني ضهره وهو بيقول..
– لسه قدامك الفرصة، أوعى تخاف من العباد.. خاف من رب العباد، لكن أنا خلاص، مبقتش مستحمل!
– استنى.. اقف، اقف!
ملحقتش أوقفه لإنه كان بقى في نص الطريق والعربية شا..لته! بصيت قدامي، ش.. شوفته، الكيان المر..عب، على الناحية التانية من الطريق، قبل ما العربية تعدي بسرعة من قدامي، وبعدين يختفي.
وصلت الشقة التانية وأنا قلبي عمال ينبض جامد، هدوء تام كعادة الشقة والعمارة والحي كله، وصلت الأوضة، لقيتها لسه زي ما سيبتها امبارح، متكتفة في السرير، والقماشة على بوقها، الشابة، الي خط..فتها وهى راجعة من شغلها في نص الليل، و الي انا رابطها بقالي أسبوع في السرير وبحطلها أكل ومايه كل يوم زي الحيوانات، قلبي وجسمي مش مطاوعني أعمل كده، أول ما شافتني رجعت لورا في خو..ف وهى عينيها بتدمع، قربت منها وأنا بقولها..
– النهاردة اليوم الي اتفقت معاهم عليه..
عينها بر..قت!
– صدقيني أنا مش مخت..ل ولا سيكو..باتي زي الناس دي، أنا.. أنا بس محتاج فلوس عشان عملية زياد، ابني، عنده المرض الخب..يث في الرئة ولازم عملية في أقرب وقت، ممكن تقوليلي أنا هجيب المبلغ ده كله ازاي! حاولت بكل الطرق الشرعية معرفتش، ف.. اضطريت أدخل على المواقع بتاعة الدا..رك ويب، و..
سكت شوية أفكر وأنا بقول..
– ناس مخت..لة عقليًا عرضت عليا أصورك فيديو وأنا ب.. بشر..ح جسمك..
شوفت الر..عب في عينيها..
– أنا آسف، صدقيني أنا مش عايز أعمل كده، بس الموضوع بقى أكبر مني، عمال أجله، أجله، بس.. الموضوع وصل معايا للتهد..يد، قالولي النهاردة اخر يوم يا اما، أنا هكون الضحي..ة، والله اعلم ممكن يعملوا ايه في زياد ورحاب من بعدي! سامحيني، أنا مكنتش عايز أعمل كده بس أنا مضطر..
كانت بتعيط، منهار..ه، عماله تحاول تهرب من القيود الي ربطا..ها في السرير، بس.. شوفته، عند باب الأوضة من بره، نظر..ته حاد..ة، مر..عبة، بس.. افتكرت زياد، ساعتها قومت، قفلت الباب، شغلت الكاميرا الي جبتها، طلعت السكين..ة الي معايا، إيدي بتترعش، نبضات قلبي سريعة بطريقة مبالغ فيها، سمعت صوت في الأثير، كان بيقول ” أوعى تخاف من العباد.. خاف من رب العباد “، رفعت السكي..نة، عينها لمعت و..
– سامحيني..
بكيت، انهر..ت وأنا السكين..ة جنبي على الأرض و.. قيود البنت مقطوعة، كانت مصدومة، مش مصدقة!
– سامحيني.. أنا أنا مش عارف انا فكرت في ده ازاي، ازاي مجرد التفكير! أنا آسف إني جيبتك وعملت فيكي كده، امشي، امشي أرجوكِ.. مش مهم، يعملوا الي يعملوه، الي يحصل يحصل بس أنا مستحيل أعمل كده، مستحيل! سامحيني، سامحني يارب سامحني، كنت مغيب وفوقت.. سامحني.
البنت مشيت وهى مش مصدقة نفسها، قولت هتبلغ عني البوليس، أو أي حاجة بس مفيش حاجة من دي حصلت، قالت سبب اختفاءها ايه؟! معرفش، بس أنا الي بلغت البوليس، المباحث الالكترونية، عن الناس الي بتهد..دني كل يوم، الناس الي أنا دخلت نفسي معاهم ومش عارف هيعملوا معايا ايه! بس هو.. مبقتش أشوفه من ساعتها، اختفى!
– اتفضل يا شريف.
كان سامي صاحبي، اداني شنطة..
– ايه ده يا سامي؟!
– ده.. مبلغ عملية زياد، مش كامل بس نسبة كبيرة منه، مهندس محمود مدير الشركة كان صاحب الفكرة، والصراحة مفيش زميل قصر، ربنا يشفيه ويخليهولك.
عيطت تلقائي وبصيت لفوق، الحمد والشكر ليك يارب، كنت ماشي في الشارع زي المجنون، مش مصدق نفسي، مشيت في الشارع الضلمة الي ببقى مضطر أمشي منه دايما وانا مروح، بس المرادي كنت خايف عشان الشنطة الي..
لقيت شخص قدامي، ملثم.. زي ما توقعت، أكيد حد شاف الشنطة ومشي ورايا بعدها، حضنت الشنطة، بس اكتشفت إن فيه شخص تاني ورايا، مسكني من رقبتي وصدر سكي..نة فيها..
– لأ متخفش، احنا مش هنا عشان الشنطة، أنت للأسف شكلك مش عارف كويس أنت تخطيت حدودك مع مين، كان ممكن ننهي حيا..تك أسرع من كده، بس أنت عارف، هم بيحبوا الموضوع يبقى بطيء ومسل..
سكت، لما شوفنا الر..عب في عين صاحبه الي واقف قدامنا، رغم الضلمة بتاعة الشارع، كان بيبص ورانا وبيشاور وهو مر..عوب، قبل ما أحس بالشخص الي ورايا كإن فيه قوة غريبة سحبته! وسمعت أقوى صر..خة سمعتها في حياتي، مبصتش، أخدت الشنطة وجريت، عشان ألاقي الشخص الملثم بيجري جنبي وهو بيهرب و مر..عوب، قبل ما يتسحب بنفس الطريقة، ونفس الصر..خة المر..عبة، لما وصلت لأخر الشارع بصيت ورايا.
كان هو، الوش المبتسم، المر..عب، بس أول مرة مخا..فش منه، تقريبًا، كان واقف بين الج..ثتين الي غرقانين في د..مهم وبيبتسلمي، رغم دقات قلبي السريعة وجسمي الي بيترعش حركت راسي بإمتنان، قبل ما أبعد عن الشارع تمامًا وأكمل في طريقي للبيت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى