روايات كاملةقصص

نبوءة الشيخة دهب

فكرة أنك تصحى كل يوم لنفسك، فكرة مملة، تجبرك ترجع تنام تاني ولسان حالك بيقول، ارجع نام هتصحى ليه وعشان مين، مين مثلاً هيلاحظ غيابك أو يهتم لوجودك، نام ونام دا مفيش أحلى من النوم، وعشان هو حلو فعلاً، للاسف مبيكملش معا خالص، وديماً ينتهي بصوت نوال، وهي بتخبط على باب اوضتي، وطبعاً انتوا عارفني مابحبش اصطباحية نوال دي خالص، بس أعمل أيه ساعات بكون مضطرة اصطبح في وشها، واقع وأتفرض عليا … المهم حكاية النهاردة بتبتدي زي كل يوم صحيت على صوت خبط الباب، قمت وفتحت الباب وانا بحاول اعرف نوال عايزة أيه سألتها :
_خير يانوال في حاجة ؟
_لا مفيش…أو بصي انا بصراحة، خايفة اقولك تقومي تتعصبي عليا
_اصبحنا واصبح الملك لله، انجزي يا نوال وخلصيني عايزة أيه ؟
نوال أبتسمت ابتسامة صفرة وهي بتقولي:
_مش أنت اللي عايزة يااختي، دا اخوكي اللي عايز، عايزك تكوني جاهزة بعد ساعتين رايحين مشوار لبيت أهلي، أختي الصغننة دلال هتكتب كتابها النهاردة عقبال عندك ان شاء الله
_الف مبروك ياستي، بس أيه لزمتها، تصحيني دلوقتي والمشوار فاضله ساعتين ؟
_مانا قلت بعقل بالي، اصحيكي بدري عشان تلاقي وقت تجهزي فيه، بصراحة يعني أنا عايزكي تطلعي حلوة النهاردة، يمكن.. هااا بقول يمكن حد يشوفك هناك، ويجي يطلبك للجواز
_وهو انا لما احب أتجوز هعمل زيك انتي وأختك، الحركات البلدي دي سبتهالكم يااختي، أنا مليش فيها، وأبعدي عن سكتي خليني أروح الحمام.. أوعي
دخلت الحمام وانا بلعن الساعة اللي شفت نوال فيها، كانت ساعة منيلة في ستين نيلة، يومها كنت حاسة أن نوال مش حابني اروح مشوار كتب الكتاب، وعشان كده عمالة تبخ سمها في الكلام، بهدف تجبرني أرفض وتروح هناك بقى تقعد تألف قصص وحكايات عني، ومش بعيد تقولهم أني رفضت أجي لأني زعلانة، عشان أختها أتخطبت وانا لا… لسبب ده أتحايلت على نفسي وروحت معاهم المشوار، ولما وصلنا هناك كان في ناس كتيرة، واللي أستقبلنا يومها، كان كريم اخوا نوال، وسبحان الله القبول دا نعمة من عند ربنا، وكريم دا مشفش قبول بربع جنيه، المهم دخلنا البيت وباركت لدلال وفضلت مستنية الحفلة تخلص، ليلتها نوال جات وهي بتقولي ؟
_تعالي معاية ياقدر، عايزة أعرفك على الست دهب، دي ست مبروكة بتعرف تشوف البخت
وقبل ما أرد، نوال سحبتني من أيدي، وراحت بيا نحية الست دي واللي كان شكلها كالاتي ؟
كانت في أواخر الستينات تقريباً، مليانة شوية و لابسة لبس فلاحي لونه أسود، الست دي كانت باصالي بتركيز وشوية ولقيتها أبتسمت وهي بتقول :
_نجمك خفيف وروحك صافية زي ميه البحر… وقريب اوي ان شاء الله نصيبك هيدق بابك وهينسكي تعبك وعذابك
مكنتش فاهمة هي تقصد أيه، وقبل ما اسأل لقيت نوال فرحت وهي بتقولها:
_ادي الاخبار ولا بلاش بركاتك ياشيخة دهب وندراً عليا لو دا حصل فعلاً، لخليكي تطلبي وتتمني.
_ما تتكلمي عدل يابت يا نوال، وهو أنا من أمتى، بقول حاجة ومتحصلش، أشحال مكنش أنا اللي مجوزاكي انتي وأخواتك الاثنين.
_متزعلش مني والنبي ياستي دهب، دا احنا ملناش بركة الا انتي، ما تقولي حاجة ياقدر انتي ساكتة ليه ؟
_هقول أيه؟، هو أنا فاهمة حاجة اصلاً.
_ايه اللي مش فهماه بس، دي ستي دهب بتقولك نصيبك قرب، يعني بتبشرك أن قريب أوي هتكوني في بيت عدلك
_والهي، طاب وستك دهب عرفت الكلام دا منين، هي بتعلم الغيب
قبل ما نوال ترد الست قالت:
_استغفر الله يابنتي ما يعلم الغيب غير ربنا وحده، أنا يادوبك سبب مش أكتر، وبفضل ربنا عمري ما قلت حاجة وخيبت معاية، والايام هي اللي هتثبت لك صدق كلامي .
الست دهب قالت الكلمتين دول، وقامت دارت وشها ومشيت وانا بصراحة مكنتش مقتنعة بكلامها، وبعد ما الحفلة خلصت ورجعنا البيت، دخلت أوضتي ونمت من غير ما غير هدومي حتى، تاني يوم الصبح بقى صحيت بدري وفي أثناء ما كنت بفطر، لقيت نوال بتتصرف بطريقة تحسها عايزة تقول حاجة بس مش قادرة، وفضلت ساكتة لغاية ما، أيمن خرج، ساعتها بس قالت لي ؟
_بقولك يا قدر، أنا عايزاكي في موضوع كده ؟
_مش وقته خالص يا نوال، أنا رايحة بيت ستي ريحانة، لما أرجع من عدنها بقى نتكلم .
_لا مينفعش التأجيل خالص، هما عشر دقايق نتكلم فيهم وأبقي روحي لأي حتة أنتي عوزاها .
_ماشي وأديني قعدت أهو، احكي يا نوال سمعاكي اما نشوف أخرتها أيه.
نوال كانت عمالة تفرك بأيدها ومتوترة ولقيتها مرة وحدة بتقولي ؟
_بصراحة كريم بيحبك وعايز يتجوزك .
فضلت باصه لنوال لثواني وأنا مش عارفة ارد عليها، خصوصاً أنها عارفة رأي في أخوها من زمان، بس الغريب يومها أني قلتلها ؟
_أديني مهلة افكر يا نوال يومين كده وهرد عليكي، يلا دلوقتي انا هخرج عايزة حاجة تانية ؟
نوال فضلت مبرقالي، وكأنها متوقعتش ردة فعلي دي خالص ساعتها قالت ؟
_سلامتك… سلامتك يااختي مش عايزة حاجة .
في اليوم دا خرجت من بيتنا وأنا عمالة افكر، أيه اللي أنا هببته دا، يومين أيه اللي هفكر فيهم، عشان سي كريم الصايع الضايع دا، كان المفروض ارفض بدون تفكير، ومفيش دقايق وصلت بيت ستي وأستقبلني زكريا وهو عمال يأكل، أول ما شافني قال:
_حماتك اللي شكلك مش هتشوفها طول حياتك يا قدر، بتحبك أدخلي… أدخلي… يا امه دي قدر، مش قلتلك أنها بتيجي على السيرة زي العفاريت بالضبط
يومها دخلت لبيت ستي وانا بقولها ؟
_يارب بس تكونوا جايبين سيرتي في الخير .
_اكيد في الخير يابنتي اتفضلي تعالي افطري معانا
دخلت وقعدت افطر معاهم شوية وحسيت بصداع ورغبة شديدة للنوم، كنت مستغربة الشعور ده، طب ازاي اكون لسا صاحية، وفجأة أحس بنوبة نعاس بدون سبب، زكريا كان مركز معاية ولاحظ حالتي فسألني ؟
_مالك مغمضة كده ليه يا قدر، انتي كويسة، وبعدين تعالي هنا انتي من أمتى بتحبي البيض ؟
لما زكريا قال كده تلقائيا بصيت لأيدي لقتني فعلاً شايلة بيضة، وعمالة بأكل فيها، أزاي دا حصل وأنا اصلا بكره البيض، وبتحسس منه كمان، وقبل ما الاقي أجابة حسيت أن شعور النعاس زاد عندي، لدرجة أني مبقتش شايفة قدامي قمت استأذنتهم ورجعت البيت، دخلت اوضتي وأنا حرفياً هموت وأنام، رميت نفسي على السرير، وروحت في النوم زي اللي اخذ ابرة بنج، لما نمت شفت نفسي بصحى في سرير غير سريري، كنت لابسه قميص نوم لونه أحمر اتخضيت، ولفيت نفسي في الملاية بسرعة وانا بقول ؟
_أيه اللي بيحصل… هو أنا اتجوزت لا سامح الله، وأيه القميص المسخره اللي انا لبساه دا.
قمت وقبل ما انزل من على السرير، لقيت حد داخل عليا الاوضة وهو شايل صينية الفطار، الشخص دا كان كريم أخو نوال، كان مختلف أبتسامته كانت جميلة على غير العادة، قالي بصوت هادي:
_صباحية مباركة يا عروسة، يلا قومي أنا جهزتلك الفطار بنفسي.
قمت نحية كريم وانا ببصله بتمعن، بحاول أفهم أنا ليه معجبة فيه كده، هزيت دماغي عشان أفوق وقلتله ؟
_هو أحنا اتجوزنا أمتى ياعم انت ؟؟
_بقى دا سؤال ياقدر، بس ماشي هجاوبك، أحنا اتجوزنا أمبارح ياستي… أنا مش عارف دماغك كانت فين، دي كانت ليلة متتنسيش !
_مستحيل… لا دا مستحيل، انت اكيد خطفني، ما انت صايع ويطلع منك اي حاجة، بقولك إيه خرجني من هنا ياله.
_أيه الكلام دا ياقدر، عيب تكلمي جوزك بالطريقة دي، تعالي بس وهفهمك كل حاجة بهداوة .
كريم جا نحيتي كنت برجع بظهري لورى، لحدما خبطت في الحيطة، كنت خايفة ومتوترة، وقبل ما كريم يلمسني سمعت صوت خبط الباب ونوال بتقول:
_كل دا نوم اصحي يابنتي المغرب هيأذن.
فتحت عيني وأنا نايمة على سريري، أول مرة اتبسط ان نوال صحتني، ليلتها قمت مفزوعة اوضتي كانت ظلمة كحل، وقبل ما انزل من سريري، لمحت طيف أبيض كان واقف في زاوية الاوضة، كان وكأنه بيراقبني، قمت روحت نحية زرار النور شغلته، وطبعا زي أي عفريت بمجرد ما شغلت النور هو اختفى “
قمت بعدها أتعشيت وأنا بفكر، أيه اللي شفته دا، ويا ترى أيه ممكن يكون، بعد العشا قعدت أتفرج على فلم، كان عندي شعور قوي أني مش لوحدي، عشان كده قمت زي الشاطرة طفيت النور بتاع الصالة، وأكتفيت بنور التلفزيون، سندت دماغي على الكنبة، وغمظت على أمل اعرف أيه نوع العفريت اللي متبعني الفترة دي، ومفيش ثواني وحسيت بحد بيخبط بصوابعه على طرف الكنية، فتحت عيني وبصيت نحية الصوت، كنت حاسة بحرارة جاية من نحية المكان دا تحس كأنك واقف جنب نار، وحاسس بحرارتها، قمت وانا بستعيذ بالله من الشيطان، وروحت اوضتي، ومددت على سريري، وبدأت اقلب في موبايلي، بس كنت كل شوية بسمع صوت طبلة ورقص، كأنه في فرح قريب مننا، لما بسيب موبايلي وبركز مع الصوت، الاقيه بيختفي خلصت الليل كله كده، وأول ما الفجر طلع أصوات الطبول خفت، قمت أتوضيت وصليت الفجر وبعدها نمت، صحيت على حوالي الساعة وحدة ونص الظهر، المرة دي نوال مخبطتش عليا زي كل مرة، خرجت لقيتها في المطبخ، كان وأضح أنها بتجهز لعزومة، لما سألتها مين اللي جاي قالت لي وهي مبسوطه:
_ماما وكريم جايين زيارة الليلة، وانا قلت اجهز العشا بدري عشان اعرف اقعد معاهم .
قربت بصيت للأكل وانا بسأل نوال وبقولها :
_ وأيه مناسبة الزيارة دي يا نوال ؟
_لما يجو هتعرفي، تعالي اقعدي احطلك الغدى، وشك بقى عامل زي الليمونة من قلة الاكل .
قعدت وأنا ببص لنوال، ومش مصدقة التغير الغريب اللي حصلها، من أمتى بقت مهتمة فيا كده، المهم تغديت وخرجت روحت بيت ستي ريحانة، وطول مانا ماشية نحية البيت كنت سامعة خطوات لحد ماشي وراية، كانت خطوات واضحة، طنشت وتعاملت عادي، لما وصلت بيت ستي ودخلت سلمت عليها وشها كان تعبان وواضح أنها معيطة، سألتها بفضول عن السبب، وزي العادة زكريا وموضوع الجواز تاني، يومها حاولت أهون عليها قمت عملت ايه، قولت لها:
_خلاص ياستي متزعليش كده، لو ملقتيش وحدة ترضى بزكريا هبقى اضحي انا وامري لله، هجيب أيمن وأجي اخطبه ونعيش معاكي .
كنت بهزر مع ستي، بس شكلها نكتة بايخة، خلتني أورط نفسي بحوار ملوش حل، ستي مسكت فيا وقلبت الموضوع جد، وقالت لي أنها هتجي تطلبني بعدما تكلم زكريا وتقنعه، وأنا طبعاً نيلت الدنيا أكتر وبدل ما ارفض، قلتلها خليني يومين أفكر وارد عليكي، خرجت من عندها وأنا هاين عليا اخلع جزمتي وانزل فيا ضرب، كنت طول السكة بلوم نفسي وبقول، أيه اللي نيلته دا، زكريا مين اللي هتجوزه دا انا وهو عاملين زي ناكر ونكير ازاي هنتلم على بعض ونتجوز وصلت البيت، وأنا حالتي حالة، اول ما دخلت لقيت أيمن ونوال ملامحهم بتوحي، أنهم متخانقين وواصلة معاهم للسما، ولما سألت في أيه، ايمن قالي :
_ياستي محصلش حاجة، بس نوال زعلانة عشان قولت لها ان دكتور محمود جاهز من مجاميعه، وأنسب لك بكتير من أخوها كريم، اللي مش هيعرف يفتح بيت حتى .
وقبل ما أتكلم لقيت نوال، ردت على ايمن بعصبية وهي بتقول:
_حوش، حوش العز اللي معيشني فيه، يعني هو انت اللي فتحت لي بيت، مانا عايشة في بيت ابوك الله يرحمه ومفتحتش بقي، هو انا ناقصني حاجة ولا أختك احسن مني ؟
_لا حول ولا قوة الا بالله، أيه النهار اللي مش راضي يعدي دا. خلاص يانوال خلاص القرار عند قدر ؟
_قرار أيه اللي عندي، ما تفهموني أيه اللي بيحصل هنا .
_بصي يا قدر النهاردة الصبح، وانا في المحل صاحبي محمود عدا عليا، كنا قاعدين نتكلم عادي لقيته فجأة بيطلب أيدك مني معرفتش أرفض قلتله هسأل اختي، وخير أن شاء الله، بس نوال طبعاً مكنش عجبها الموضوع، قال أيه كريم هيجي النهاردة بالليل، يطلبك مني رسمي، وأنا لازم أرفض الدكتور محمود، وارضى بكريم اللي لسا بياخذ مصروفه من جيب أمه يرضكي ده ؟
أول ما ايمن قال كده، فضلت متنحة وأنا مش فاهمة، أيه اللي بيحصل، وأيه سبب حنفية العرسان اللي اتفتحت فجأة كده، يومها ما نطقتش باي كلمة، يادوب سبتهم ودخلت اوضتي، وانا بحاول اركز وأفكر أيه سبب كل دا، ساعتها افتكرت نبوئة المتنيلة على عينها، اللي أسمها شيخة ذهب، مهو مفيش تفسير تاني، اللي بيحصل معاية مش طبيعي خالص، ازاي تفكيري نحية الجواز يتغير في يوم وليلة، لا وأيه كمان 3 عرسان يطلبوا أيدي خلال 24 ساعة بس، دا انا لو أنجلينا جولي مش هيحصل معاية كل دا، لا، لا ما بدهاش بقى أنا لازم اعرف أيه حكاية ذهب، وأيه اللي سلطته عليا بالضبط؟
وبنفس اليوم بالليل، كريم وصل هو وأمه، وعشان أتجنب أني اوافق عليه بدون وعي مني، أخذت قرصين منوم، ونمت، وكده بس هظمن أني مش هلبس في حيطة، بسبب الشيخة ذهب، طبعاً نوال عملت المستحيل عشان أصحى، بس بردو معرفتش تصحيني، ولغاية تاني يوم صحيت على حوالي الساعة عشرة، فطرت وقلت لنوال:
_بقولك يانوال كلمي أيمن، قوليله أننا راحين نتغدى عند بيت اهلك ؟
_ليه ياقدر مانا عاملة غدى .
_يابنتي مرة وحدة بس اسمعي الكلام ونفذيه من غير اسئلة.
نوال ضحكت بخبث وبعدها قالت:
_أيوه انتي شكلك حابة تشوفي حد هناك مش كده.
سايرتها وانا عارفة ان مخاها راح نحية اخوها، بس أنا مخي يومها كان رايح نحية الست ذهب، وكُنت عايزة اقابلها بأي شكل، ساعتها قلت لنوال بتريقة ؟
_لا، لا مش معقول، أنتي عرفتي دا ازاي، بجد ابهرتيني، طاب يلا بقى أتصلي بأيمن ؟
ونوال مكذبتش خبر، أتصلت بأيمن، وبعدها روحنا بيتهم، اول ما وصلنا البيت وقبل ما نخبط على الباب قلتلها ؟
_بصي يا نوال، أحنا هنقعد نص ساعة بعدها نمشي، عشان في مشوار هنعمله سوى.
_مشوار أيه .
_هنروح عند ستك ذهب .
_وهنروح عند شيخة ذهب ليه .
_عايزة أشوفها يا نوال، عايزة اطمن على بختي المايل في اعتراض.
_لا يا ختي هعترض ليه، خلاص نقعد شوية وبعدها نمشي ولا يهمك .
وفعلاً بعد الغدى خرجنا روحنا لبيت الشيخة ذهب، كان بيت صغير وبسيط، والمسافة بينه وبين بيت عيلة نوال يادوب كم متر، المهم خبطنا وطلع لنا رجل أعور وملامحه بتخوف وكرد فعل طبيعي مني، أتخضيت من شكله لكني سرعان ما تداركت الموضوع وسألته ؟
_أنت مين ؟؟؟ اقصد دا بيت الشيخة ذهب مش كده .
_ايوه بس هي مش عايزة تشوف حد دلوقتي.
نوال قالتله ؟
_لا مهو انا مش حد يا عرفان، خش قولها نوال عايزاكي ضروري وهي هتوافق.
يومها اللي أسمه عرفان دخل وخرج وهو بيقول ؟
_اتفضلوا الشيخة ذهب مستنياكم جوى .
كُنت مترددة ادخل، لقيت نوال بتقولي:
_مالك خشي متخفيش أنا معاكي.
ودخلت لبيت الشيخة ذهب بيتها كان قديم، ديكوره غريب صور وتماثيل وشمع منور، البيت حرفياً اشبه بمغارة، نوال دَخلتني اوضة صغيرة، كانت الشيخة ذهب قاعدة فيها قربت منها وقعدت قدامها وأنا بقولها:
_أصرفي اللي حضرتيه .
نوال سحبتني وهي بتقول:
_عيب يا قدر، أيه اللي انتي بتقوليه دا، الشيخة ذهب مش بتاعت جن وعفريت، دي ست بتعرف ربنا .
_خليكي في حالك يانوال، وكفاية البلاوي اللي حصلت لي بسببك.
ساعتها الست ذهب مسكتني من أيدي وهي بتقول:
_بلاوي أيه يابت، دا بدل ما تشكريني أني فتحت نصيبك.
_ياستي هو أنا اشتكيت لك ولا فتحت بقي، أنتي لازم تصلحي اللي عمليته معاية، انا لحد دلوقتي موافقة على ثلاث عرسان، فاضل وأحد وأبقى طبقت الشرع بالمقلوب وأتجوزت اربع رجالة، انا في عرضك ياست انتي خلصيني من ام الورطة دي .
_مش هينفع للاسف، المكتوب مفيش منه مهروب.
_مكتوب أيه ومهروب أيه، لا أنا ما يمشيش معاية الكلام دا زي ما قلتي نصيبك قرب، قولي نصيبك بعد، وفضيها سيرة بقى.
_يا بنتي افهمي، أنا الكلام بيطلع مني لوحده، ولو قلتله مقدرش أقول عكسه، وحتى لو قلت مش هيفيد بحاجة صدقيني .
كلام الست ذهب كان هيجنني، ورغم كل محاولاتي معرفتش أخذ منها لا حق ولا باطل، رجعت أنا ونوال للبيت، وكانت كلما تحاول تكلمني أتخانق معاها، دخلت أوضتي وأنا بفكر في طريقة أحل فيها مشكلتي، لحدما زهقت وروحت بيت ستي، وقلتلها على كل حاجة، ومكنتش اتوقع أن الحل عندها ستي لما سمعت اللي حصلي قالت لي ؟
_اتاركي مكنش ليكي سيرة غير الخطوبة والجواز، وأنا بقول مالها البت عمالة بتخطرف في الكلام كده ليه… طلعتي ياحبة عيني مسحورة واحنا مش دارين، بس متخفيش الموضوع مفيش اسهل منه .
_أزاي بس يا ستي ياريت تقولي لي .
_بصي ياقدر انتي تخدي حاجة من اترك، وتحطيها تحت مخدتك وأنتي أن شاء الله هتعرفي كل حاجة، ولو أني ما صدقت تغيري رأيك وتفتحي قلبك للجواز، بس هعمل أيه النصيب بقى، يا عيني عليك وعلى بختك يا زكريا يا ابني مفيش حاجة بتكمل معاك للأخر.
ستي كانت بتتكلم، وأنا كنت سرحانة وبفكر، مكنتش عارفة ازاي الطريقة دي تاهت عني، مع أنها مش مضمونة بس مفيش ضرر من المحاولة، رجعت البيت ودخلت أوضتي أخذت خلصة صغيرة من شعري قطعتها، وخبيتها تحت المخدة وأنا بقول بصوت مسموع:
_يالي متتسموش الشعر دا اتري… يعني المرة دي عوزاكم تعرفوا حكايتي انا، مش حد تاني اوكي، يارب تفلحوا معايه .
مددت وغمظت عيني عشان أنام، الاوضة كانت مظالمة وهادية، وبعد ثواني معدودة أبتديت اسمع صوت طبول ومزيكا وغنا… ساعاتها فتحت عنيا بسرعة، لقتني قدام دلال أخت نوال وهي بتكتب كتابها، بصيت حوليا كنت في بيت عيلة نوال، كأني رجعت بالزمن لورى، فضلت أتمشى بين المعازيم اللي كانوا بيعدوا من خلالي ولا كأني هوى، لغاية ما وصلت للمكان اللي كنت واقفة فيه في الحقيقة، شفت نفسي كنت زي مانا ركزت في ملامحي، ساعها نوال جات قربت مني و قالتلي كم كلمة في ودني، وبعدها سحبتني أخذتني لحد الشيخة ذهب، كنت بتفرج وشفت الاحداث كلها بتعيد نفسها، الاختلاف الوحيد أني شفت نور بيخرج من بق الشيخة ذهب وبيتشكل على هيئة، بنت جميلة لابسه فستان أبيض كأنه فستان فرح، البنت دي قربت من نسختي القديمة رفعت أيدها الشمال وحطتها على دماغي، بعدها ظهر فوق دماغي برعم زهرة لونها أبيض على وشك انه يفتح، أول ما شفت ده جريت نحية البنت الجميلة دي قلت لها :
_عندك يابت ياعفريتة… أنتي بتعملي أيه، شلي الهباب اللي حطيتيه على دماغي دا .
البنت بصتلي وهي مصدومة، قربت مني وهي بتقول:
_هو أنتي شفتيني ازاي، يبقى أنتي كمان منهم… اقصد انتي زي ذهب .
_زي ذهب ازاي انا مش دجالة .
_ و ذهب كمان مش دجالة، دي عندها خدمة في لسانها، وأي حاجة تقولها لازم تتنفذ وتحصل، لسبب دا أنا بحاول احقق اللي هي بتقوله باي طريقة .
_تقومي تخليني أتجوز أي حد والسلام .
_مهو لو عليكي مش هترضي في أي حد، وعموماً أنا معنديش صلاحية أشيل برعم المحبة، أنا امتلك القدرة أني ازرعه وبس .
_يبقى انا اللي هشيله بنفسي .
جريت نحية نسختي القديمة ومسكت البرعم المنور وشلته اول ما لمسته، ظهر الخاتم اللي في أيدي بعدها البرعم أختفى، بس وقتها حسيت كأني مسكت ازاز مكسور، لقيت البنت الجميلة اللي قدامي بتتلاشى وهي بتردد .
_معناها الخدمة اللي عندك موجودة بكف أيدك، ذهب هتزعل لانه كلامها المرة دي للاسف هيخيب، سلام يا قدر .
فتحت عيني وأنا حاسة بوجع في أيدي لما صحيت، ورفعتها لقيت في جرح صغير براحة أيدي كان بينزف، قمت غسلته وضمدته، كنت حاسة أني كويسة، بس حبيت اتأكد أني رجعت طبيعية، أخذت بعضي وروحت بيت ستي، اللي أول ما فتحتلي قلت لها:
_اطلبي أيدي كده يا ستي قوليلي عايزة اطلبك لزكريا .
_أيه يابنتي مالك انتي كويسة، شكلك لسا تعبانة .
_ياستي مش تعبانة والله قولي بس.
_ماشي زي متحبي يابنتي .
_طب يلا ياستي قولي .
_قدر أنا عايزة اطلب أيدك لزكريا ابني، انتي موافقة ؟
_لا طبعاً ولا يمكن أوافق، بقى أنا اتجوز زكريا حفار القبور، ليه كنت اتهبلت ولا اتبهلت، اكيد لا… ده حتى رخم، ودمه ثقيل، ووشه مستفز .
_بس يابت انتي، هو أنتي ما صدقتي تخفي عشان تقعدي تتكلمي عليه وحش، دا لو كان هنا كان كسرلك دماغك
بصراحة كنت مبسوطة أني خفيت قلت لستي :
_اه الحمد لله أنه مش هنا… الا صحيح هو فين .
_خرج يدور على شغل، تعالي خشي افطري معاية .
دخلت افطر مع ستي، وبجد كنت مرتاحة أني خلصت من كابوس الطاعة العمية اللي كنت فيها، اما أيدي للاسف الجرح علم فيها، ولما تبص عليه تحس أنه شكله بقى عامل زي برعم الزهرة بالضبط، ولو هتسألوني عن مصير عرسان الغفلة فالواد كريم أنا رفضته بالثلاثة، اما محمود فهو اللي نسي اصلاً أنه طلبني، ومكلمش أيمن تاني وأنا من جهتي متكلمتش، لسبب دا الموضوع عدا ولا كأنه حصل، وبعد يومين بالضبط، وزي العادة كنت رايحة عند ستي قربت من البيت، وهنا لمحت زكريا ومع وحدة، دخلوا البيت سوى، سرعت خطواتي لحدما وصلت وخبطت على الباب وزكريا فتحلي الباب وهو مرتبك ساعتها قالي:
_هو دا وقتك انتي التانية، أيه اللي جابك بس، أمشي روحي دلوقتي وأبقي تعالي بعدين .
زكريا كان هقفل الباب، مسكت الباب وقلتله بعصبية ؟
_أيه قلة الزوء دي، بقى اجي ازوركم تقوم تطرني من على الباب، عيب عليك بجد.
_تزورينا… يابنتي انتي عايشة معانا اصلاً، ولو لا العيبة وكلام الناس كنتي نمتي عندنا كمان.
_بقى كده يا زكريا ماشي والله ما هتشوف وشي تاني .
لفيت عشان أمشي لقيت زكريا مسكك أيدي وهو بيعتذر مني، بس انا وقتها كنت مركزة في حاجة واحدة بس، وهي مين البنت اللي زكريا مش عايزني أعرفها، المهم لما بصيت نحيته وانا مضايقة سحب أيده بسرعة واعتذر مني بعدها قالي:
بصي أنا هقولك ليه مش عايزك تدخلي، في بنت أسمها حورية جوى عند أمي، هي موظفة في المعمل اللي بقيت شغال فيه دلوقتي، حبت تتعرف على أمي لسبب دا جبتها معايه، ولو دخلتي دلوقتي امي ريحانة هتجبرك تكشفي عليها، عشان تشوفها لو مناسبة تجوزهالي، وأنا مش هفلت منها المرة دي أنتي أكيد فهماني .
_وانت مش عايز تتجوزها ليه، كده هعنس انت فاكر نفسك لسا صغير .
_خلاص يا قدر تفضلي خشي أكشفي عليها .
_لا خلاص أنا ماشية… بس يكون في علمك يا تربي ستي ريحانة، مش بتخبي عني حاجة ابداً، يعني لو طلعت بتكذب عليا عشان توزعني هطلع عينك انت فاهم، سلام بقى .
رجعت البيت وأنا هموت واعرف، مين حورية دي بس اكيد ليها حكاية وستي ريحانة مش هتخبيها عليا، أشوفكم الحلقة الجاية من حكايات قدر بعنوان ( شبكة حورية ) تصبحوا على خير
تمت

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى