قصة المركب ، كُنا على المركب سوا، مش فاكر غير أن الدنيا ضلمة، بليل، صوت الموج بيقول إنه عالي وفي خطر علينا وعلشان كده صرخت في هيثم أننا لازم نرجع الشط بسرعة قبل ما الوضع يزيد خطورة.
مش عارف ليه سمعت كلامه ونزلنا نصطاد بليل رغم أن الأرصاد قالت إن الموج مش مستقر، يمكن علشان احنا الاتنين شباب وجوانا حب مغامرة، أو ممكن بسبب ظروف أسرتنا اللي مهملة في حقنا. المهم اننا قررنا الرجوع بسرعة وهيثم فعلا بدأ يوجه المركب تاني للشط.
مش هقولكم على المكان اللي كنا فيه، بس هو في الإسكندرية، الشط صخري شوية بس عارفين ازاي نوصل ونطلع بأمان، لكن المشكلة هي التيار اللي كان بيقاومنا وبيودينا المغارة السودا!!
اكتر مغارة مخيفة، اهالينا بيقولوا إن فيها شيطان محبوس من آلاف السنين، وناس بتقول إن حصل فيها ضرب نار وناس ماتت
وروحها بتسكن المكان، إنما احنا الشباب بنقول
.
إنها احسن مكان نروحه لو عايزين نقضي وقت حلو.
سواد الليل حاوطنا، ريحة اليود معبأة الهواء، البرد بيخترق الجواكيت والأيس كاب وبينخر في عضمنا بدون رحمة. المركب بيقرب اكتر من المغارة، هيثم بيصرخ فيا اساعده وبحاول اوجه المركب ناحية الشط بس مش عارفين. المطر بدأ، خفيف، بيزيد، بقى زي الرصاص اللي بيضرب فينا، المركب بيروح ويجي يمين وشمال، لسان برق احمر ضرب خلاني اصرخ، وخلى هيثم يصرخ فيا تاني “متخافش يا وليد، اخوك معاك”. حاولت ابتسم ليه بس خوفت، انا مش كبير للدرجة اللي تخليني مخافش من الطبيعة زي اخويا، يادوب ١٥ سنة.
قصة المركب
“فووووووب” سمعت صوت جامد كأنه جاي من المغارة، بصيت لهيثم بخوف لقيت جسمه بيتنفض مش عارف من البرد ولا الصوت، بيعافر أنه يسيطر على المركب بس واضح أننا هنروح على المكان المخيف ده. فتحتها كأنها بق كبير عايز يبلعنا، المطر مش بيقف، ونور المركب بقى بيتذبذب، مسكت طرف المركب علشان احفظ توازني، بس فجأة موجة كبيرة ضربت المركب حدفتنا عند المغارة ومحسيتش بنفسي غير والمياه المالحة في بقي وجسمي بيتنفض وبشهق جامد وصوت هيثم اللي مش شايفه بينادي باسمي “ولييييييد”!
مش عارف فضلت فاقد الوعي قد إيه بس لما فتحت عيني لقيت نفسي في مكان حيطانه سودا، رجلي فيها الم فظيع ولما ب
صيت لقيتها متعورة جامد وفي دم بينزل منها وجزء من الجرح اتجلط من الملح والهواء.
فين هيثم! بصيت حواليا مش شايف حاجة بس الغريبة أن في مشاعل مطعونة في المكان. واضح ان في حد عايش هنا!
“في حد هنا” صرخت جامد لقيت صدى صوتي بيتردد كذا مرة بس اخر مرة كان صدى مختلف “انا هنا”!!
جسمي قشعر، قومت وانا بتسند على الأرض والم رجلي بيزيد، وقفت بصعوبة، مشيت في اتجاه فتحة بتطلع لبرا. ناديت تاني “حد هناااا” الصدى رد “انا هنا”!!
بصيت حواليا زي المجنون “انت مين” سألت وانا حاسس اني اتجننت. رد عليا صدى الصوت “هيثم”!! قال اسمه وكنت هعيط من الفرحة “انت فين”؟!
الصدى المرة دي مردش!! مش فاهم ازاي! استنيت ثواني ومفيش رد. ناديت تاني “هااايثم”.
الصدى رد المرة دي “تعالى النفق” بس كأنه بيكلمني من بعيد أو مكان مكتوب.
مشيت براحة باتجاه النفق، وخلعت مشعل علشان ادخل بس وقفت فجأة على صوت تاني “خليك معايا”!
الصدى قالها وانا مش مستوعب، ادخل ولا افضل هنا! الصوت كررها تاني “تعالى النفق يا ولييييد”!!
وبعدها بثواني صوت تاني “خليك هنا معايا”!!
فضلت واقف ثواني مش عارف اعمل ايه، حاسس اني بتخنق، الأرض دارت بيا فجأة، في مياه في الأرض بتزيد! بصيت بالمشعل لقيتها دم!
صرخت ورجعت لورا وكنت هقع، الصدى بيكلمني تاني “خليك معايا” وصدى بعده “ادخل يا ولييييد”، بس الصدى الاخير كان بنبرة غريبة شوية، ناشفة، حاسيتها قاسية!
الدم بيوصل لحد السمانة، بيزيد، بيرتفع لحد صدري، كأني محبوس في إزازة بتزيد منسوبها بسرعة محدش يتخيلها!
الصدى رجع تاني بس بنبرة كأنها فيها عياط “خليك معايا يا ويل”!! ده اسم الدلع بتاعي!
النفق قدامي كان في نار جواها، نار جامدة بتزيد وسامع صوتها.
الدم وصل لرقبتي، حاولت ارفع جسمي واعوم بس كان لزج جدا، تقيل، بياخدني لتحت، صرخت وانا ببص حواليا بس مش لاقي حاجة تنقذني، صرخت باسم اخويا “هيثاااااام” لقيت الدم دخل بقي وشهقت جامد وأنا مش عارف اتنفس لقيت نفسي بكح وبفتح عيني!
عدلت راسي لقيت هيثم حاضني وهو بيعيط، كنا على الشط وجنبي المركب متكسر، بصيت مش مستوعب احنا فين لقيت أيدي فيها مادة سودا لزجة غريبة. “تلاقيها طحالب يا مغفل” قالها هيثم وهو بيضربني على قفايا براحة وبيحضن راسي وبيحاول يقومني. حسيت بوجع جامد في رجلي ولقيت جرح كبير فيها!
حاولت اتكلم بلجلجة وقولتله: انت كنت بتكلمني وانا مغمى عليا بتقول ايه”؟!
بلعت ريقي وبصيت ورايا لقيت المغارة، وأقسم لكم إني شوفت حاجة عينها حمراء بترجع للضلمة جوا واختفت!
صرخت بخوف في اخويا: يلا نروح، خرجني من هنا بسرعة. بص ليا بحب ومد ايده واتسندت عليه ومشينا براحة من جنبها علشان نوصل للمرسى بتاع الصيادين اللي ورا المغارة ونرجع، وبصيت عليها بصة أخيرة بخوف لقيت هواء بارد ضرب المكان وصوت همس سمعته وسطها بيقول “هترجع وهتدخل النفق”!