قصص

قصة غريزة البقاء

قصة غريزة البقاء

– أنت الي راسم الصورة دي؟!
= ايوه.
– الحدث مرسوم بالتفصيل!!
= قولتلهم.
– بس مش غريبة حريق كبير زي ده يترسم بالتفصيل؛ المكان والأشخاص الي كانوا موجودين كلهم تقريباً، وقبل ما يتم!
= مش هتصدقني زيهم.
– مش هصدقك ليه؟!
= قولتلهم إني كنت موجود ساعتها ومحدش صدقني.
موجود فين؟! أنا مش فاهم تقصد ايه، أنت راسم الحدث بالتفصيل قبل ما يحصل أساساً.
= ده الي كنت بحاول أوصلهلهم، مش عارف سواء كنت هتصدقني أو هتكدبني، بس عامة.. أنا ببقى موجود في الحدث قبل ما يتم، أو بمعنى أصح قبل ما يتم عندكم.
سمعت الجملة وحسيت بحاجة غريبة، مش قادر أفهم معنى كلامه. لما الحريقة تمت في الوقت والمكان دول قررنا نستدعي الشخص الي بيدعى ” مازن ” ده؛ لإنه قبل الحريقة بكام يوم تقريباً جالنا ” النجدة ” وقالنا إن في حريقة كبيرة هتحصل وحددلنا المكان والزمان بالظبط وورانا الرسمة الي كانت معاه دي.
طبعاً زمايلي مشووه؛ افتكروه بيخرف زي ناس كتير بنقابلها، بس لما الحدث تم طلبناه، وهو قال إنه كده كده كان جي من نفسه، جه في بالي إنه ممكن يكون هو السبب في الحريق ده، بس لما بصيت في الرسمة للمرة التانية وركزت فيها المرادي لقيت كل حاجة مرسومة بالتفصيل، نفس اتساع الحريق، المبنى الي حصل فيه، المصابين الي مرميين على الرصيف، صرخات الاستغاثة، كل تفصيله، ده مش واحد بيتنبأ بحدث، ده واحد كان قاعد وسطيه وبيرسمه!
حاولت افهم يقصد ايه بجملة ” أنا ببقى موجود في الحدث قبل ما يتم”، لقيته بياخد شهيق طويل قبل ما يتبعه بزفير ويرد عليا..
قصة غريزة البقاء

صفحتنا علي فيس بوك

تحميل تطبيق لافلي Lovely

قصه سرداب الموت (كامله)

رواية الشادر الفصل الثامن

– كلامي هيبدو غريب جداً، وأنت الوحيد الي هيسمع الكلام ده مني بس ده الي بيحصل صدقني، أنا.. أنا بخش في غييوبات كتير، كتير بشكل مبالغ فيه، الدكاترة مش قادرين يعرفوا سببها ايه لحد دلوقتي، ومش لاقيين سبب مقنع لده، بس الي هم ميعرفهوش ولا حد يعرفه غيري تقريباً إني مش دايما ببقى في الجسم ده.

= يعني ايه مش دايما بتبقى في الجسم ده؟!
– أنا في خلال الغيبوبة دي بيحصلي، بيحصلي حاجة غريبة أنا مش فاهمها. أنا في كل مره ببقى شخص تاني!
= شخص تاني؟!
– ايوه ببقى شخص تاني، بس ببقى في أخر يوم في حياته. في كل مره بخش في غيبوبة بصحى الاقيني شخص مختلف، بس ببقى عارف كل تفاصيل حياتي، أنا مين، عندي كام سنة، عارف كل حاجة، بس مش بيبقى ليا تحكم كبير في الجسم الي ببقى فيه، والي بلاحظه دايما إن التاريخ ده بيبقى في المستقبل، بعد تاريخنا العادي بكام يوم ولاحاجة، بس المشترك في حياة كل الناس دي إنه بيبقى آخر يوم في عمرها.
كلامه ميدخلش العقل، بدأت أشك إنه شخص مجنون أو بيختلق قصص وهمية. لقيته بيطلع لوحات كتير قبل ما يشاور على شخص معين مرسوم في اللوحة بتاعة الحريق وهو بيصرخ ويستغيث والنار ماسكه فيه، وبيقولي..
– ده ” شهاب مكرم” ٣١ سنة، كان شغال في التأمينات، كان معدي من الشارع الي حصلت فيه الحادثة بالصدفة قبل النار ماتمسك فيه.
طلع لوحة تانية فيها سقوط طيارة حصلت من شهرين تقريباً، كان راسم التفاصيل من بداية ركوب الأشخاص ع الطيارة لحد سقوطها شاور على شخص لابس بدلة وماسك شنطة سودة في أيده.
– ده ” عصام مؤنس ” ٤٤ سنة، رجل أعمال كان مسافر عشان يخلص شغل بره مصر، قبل ما الطيارة يحصلها عطل وتقع متهشمة لمية حتة.
طلع واحدة تالتة..
– ” مريم سعيد ” ٢١ سنة، الاتوبيس اتقلب بيها هى وكل الي معاها وهى في طريقها للجامعة.
فضل يطلع لوحات كتير، وراني كل الرسومات الي كان راسمها تقريباً ماعدا واحدة، وفي كل رسمة كان بيطلعها كنت بعمل سيرش بالموبايل على الحدث، وفعلاً الأسماء والتفاصيل الي كان بيبقى راسمها كانت حقيقية، مفيش شيء يجزم إنه مش راسم الرسومات دي بعد الحادثة، بس التفاصيل الموجودة في الرسومات مش تفاصيل واحد شاف صورة على النت ولا الأخبار، ده حد عاش لحظة وبيسجلها، وبعدين قال..
– كل الشخصيات دي أنا عيشتها، حسيت بالألم الي حسوا بيه قبل ما يموتوا، شوفت لحظات الرعب الي شافوها. وقررت أنقذهم، حاولت كتير، بس مهما كنت بحاول الحدث كان بيتم زي ما عيشته بالظبط، كانوا بيموتوا برضو بنفس الطريقة.
= عشان كده كنت بتحاول تمنع الحدث إنه يتم من الأساس؟!
– بالظبط. ملقتش طريقة أثبت بيها كلامي إلا إني أرسم الأحداث الي عشتها وأحاول أستعين بأي شخص عشان يمنعها، بس مكنش حد بيصدقني، ولما كنت بحاول أمنعها بنفسي كنت بفشل، لسبب أنا مش عارفه. لحد ما بدأت أفقد الأمل.
مكنتش عارف أصدقه، ولا أتهمه بالكدب والتضليل، لحد.. لحد ما لقيته بيعيط ويقولي..
– أنا آسف.
قصة غريزة البقاء
= على ايه؟!
ساعتها طلع اللوحة الأخيرة وورهالي، والي أول ما شوفتها قلبي اتقبض، جسمي.. جسمي اتشل في مكانه، لأ..لأ مستحيل!
اللوحة كانت مرعبة جداً بالنسبالي، ده.. ده أنا! كنت قاعد في شقتي، بنفس تفاصيلها، ع الأرض موطي ضهري كإني حاضن حاجة و..بعيط! كان ” مروان” ابني، وجنبي كان في جثة مرمية على ضهرها، كإنها مخنوقة، كانت ” مرام ” زوجتي. لأ يعني، يعني ايه؟! في دي مكانتش أخر حاجة، كان في نص تاني للرسمة في الجزء الي تحت، ده أنا، واقف على سور البلكونة بتاعتنا، ببص للشارع في يأس وبنط!
بصيت ل ” مازن ” مرة تانية، أكيد ده مش حقيقي صح؟! أكيد أنت بتهزر، هز راسه بيأس وهو بيقول..
– للأسف معاناتك كانت أخر حاجة شوفتها، وده كان سبب إني جيت النهاردة، وشرحتلك كل الأحداث دي دونا عن أي حد، زي ما حصل بالظبط، أنا..أنا فعلاً حاسس بيك..
= لأ.. أكيد، أكيد في حل!
– أنا جربت كل حاجة صدقني، كل المحاولات كانت بتفشل، شبه مستحيل تمنع الحدث، كده كده هيتم، لكن الأمل إن أنت تمنع نفسك من الانتحار، كل الحوادث الي فاتت كانت خارجة عن إرادة الي ماتوا، لكن أنت مختلف؛ في أيديك متنتحرش، في أيديك متنطش!
= ايه الي هيحصل بالظبط؟!
– مراتك هتنسى الغاز مفتوح لحد ما..
فتحت الموبايل بسرعة وأنا بتصل ب ” مرام “، بس مبتردش.
– مش هترد، حاولنا قبل كده ومردتش.
= الحدث هيتم امتى؟!
– صدقني مف..
صرخت فيه..
قصة غريزة البقاء
= بقولك هيتم امتى؟!
– في.. في خلال ٢٠ دقيقة.
اتصدمت لما سمعت الرقم، ٢٠ دقيقة! لازم ألحقهم، ساعتها طلعت أجري من مكاني، كان عمال ينادي ويصرخ عليا بس مديتلوش أي اهتمام. أخدت العربية وجريت بأقصى سرعة، بس.. بس الطريق كان واقف، لأ مش وقته أرجوكم، كنت بحاول أتصل بمرام بس مفيش أي رد، حتى معرفش أي رقم لساكن معايا في العمارة، ملحقتش أتعرف على حد منهم بسبب كونا لسه سكان جداد يارب، يارب.
بالمعدل ده مش هوصل حتى بعد ساعة، قربت على قد ما أقدر بالعربية، الدنيا كانت زحمة جداً، كنت مضطر أنزل وأخدها جري؛ مفيش وقت، فضلت أجري، لحد ما وصلت لباب العمارة، طلعت السلالم بأقصى سرعة لحد ما وصلت للدور التالت، بس الباب كان.. مفتوح!!
دخلت بسرعة، بصيت ع الأرض عشان أتأكد إن.. بس ملقتش حد! قلبت الشقة كلها مكنش في أي مخلوق، بس لقيت موبايل بيرن، رقم غريب، رديت عليه..
– نقيب ” عادل محمود “؟!
= ايوه؟!
– زوجة حضرتك وابنك في مستشفى ” الأمل “و..
مدخلتش في تفاصيل، أخدت عنوان المستشفى واتحركت بسرعة، وصلت المستشفى، كان في زحمة بره كإن في حادثة أو مشكلة، كنت خايف، دخلت، مصدقتش نفسي لما الدكتور قالي إنهم اتعملهم الإسعافات الأولية واتلحقوا في الوقت المناسب، وحالتهم دلوقتي مستقرة، وإن حادثة العربية مسببتش ليهم أي أذى، المشكلة بس في الشخص الي كان سايق بيهم هو الي اتضرر جامد. مكنتش فاهم حاجة، حادثة ايه وشخص مين!
لحد ماعرفت إن كان شخص سايق بسرعة جنونية عشان يلحقهم بس للأسف عمل حادثة بيهم قدام المستشفى وهو بس الي اتأذى، والشخص ده كان ” مازن “! كان في العناية المركزة، فضل كتير جوه بس للأسف حالته كانت أصعب من إن يتم إنقاذها.
إدارة المستشفى كانت معاها ظرف كبير وقالولي إن ” مازن ” طلب إنهم يدهولي قبل ما يلتقط أنفاسه الأخيرة، فتحت الظرف كان في ورقتين، فتحت الأولى، كان في كلام كتير وبدأت أقرأ..
” لو أنت بتقرأ الكلام ده دلوقتي فغالباً أنا أخيراً استسلمت للأمر الواقع وعملت حاجة صح قبل ما أفارق الحياة، أستاذ عادل، انت فعلاً الشخص الوحيد الي صارحته بالأحداث الغريبة الي كانت بتحصل معايا، بس أنا للأسف مقولتلكش الحقيقة كاملة، أنا أظهرتلك الجانب الكويس مني بس، مش الأناني، أنا فعلاً كل الأحداث المريبة الي قولتلك عليها دي كانت بتحصلي بس الي مقولتلكش عليه إن أنا لما بدخل في الغيبوبة بخضع لسيناريوهين لنفس الحدث، في الأول بشوف الحدث لما الأمور بتمشي بطبيعتها بدون تدخلي والي ساعتها بيحصل فيها الحادثة ووفاة الشخص الي ببقى هو، ولكن بعديها بعيش سيناريو تاني لما يكون نفس الحدث بس ” مازن ” الي هو أنا يتدخل ويمنعه بنفسه، ساعتها الحادثة بتتمنع فعلاً والشخص بيعيش بس أنا كنت دايما مصيري بيبقى الموت.
كل محاولات منعي ليها من بعيد بتبوء بالفشل، لكن قابلة للمنع في حالة تدخلي أنا، على سبيل المثال: الحريق الي حصل، لو كنت تدخلت وأنقذت شهاب مكرم والشارع كله من الحادثة البشعة دي، زي ما شوفت الحدث في الغيبوبة، كنت هقابل مصيري بماس كهربي يؤدي لموتي. لو كنت روحت قدام الطيارة ومنعت عصام مؤنس والطيارة كلها إنها تتحرك، الرصاصة الناتجة عن قناصة بعض الأشخاص الي ليهم يد ومصلحة من سقوط الطيارة كانت هتصيب راسي، وأحداث كتير زي دي، وكنت متأكد إني مكنتش هقدر أهرب منها، هما كانوا اختيارين وأنا كنت دايما بختار الي يحييني، غريزة البقاء دايما الي كانت بتدفعني أعمل كده، كنت أناني؛ منا بشر.
قصة غريزة البقاء
أظن دلوقتي سبب إني روحتلك النجدة مخصوص وشرحتلك كل ده وضح دلوقتي، بس زي ماكان في جزء مني بيحاول يوصلك بيتك متأخر عشان يعيش وتدور الأحداث زي السيناريو الأول، كان في جزء عايزك تلحق مراتك وابنك وحاول ينده عليك عشان يقولك خد الطريق التاني عشان الطريق الي هتروح منه هيبقى زحمة، بس هو كان عارف إنه لو متدخلش بنفسه، مفيش.. حاجة.. هتتغير، أتمنى أكون لحقتهم في الوقت المناسب، وأتمنى ليكم حياة سعيدة”.
فتحت الورقة التانية وأنا مش مصدق الي قريته، كانت رسمة، كان مازن الي بيكسر باب الشقة وبياخد مرام ومروان ع المستشفى قبل ما تدخل فيه عربية قدام المستشفى والدم يسيل من أجزاء كتير من جسمه.
على الرغم من إنه عارف إن إنقاذه لمرام ومروان هيؤدي بحياته ولكن اختار يعمل كده برضو، يمكن ده الجزء الي محافظ على سلالتنا كبشر، رغم كون الإنسان ممكن يعمل غلطات كتير، وذنوب أكتر، بس بيجي في لحظة ويفوق، لما يلاقي إن ممكن الاختيار الصح يكفر عن كل الي عمله أو يديله الإحساس بالرضى ولو بجزء بسيط عن نفسه حتى لو ده كان ضد طبيعته وغريزته الي نشأ عليها؛ غريزة البقاء.
مرام ومروان فاقوا، حضنتهم، شكراً ليك جداً يا..مازن.
قصة غريزة البقاء
#النهاية
#غريزة_البقاء
#محمد_عبد_القوي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى