قصه بيت الفناجيني
حطيت فنجان القهوة قدامي وولعت سيجارة، مسكت القلم ومذكرة كنت جايبها معايا وابتديت اكتب، او بالتحديد.. ابتديت اعمل زي ما اخر دكتور نفسي قال لي..
“كل ما تحس إنك بتفكر في الانتحار، او بتفكر في اللي فات.. امسك القلم واكتب.. اكتب وطلع كل اللي جواك في الكتابة.. وصدقني هترتاح.. اكتب حتى لو هتقطع الورق اللي هتكتب فيه عشان ماحدش يشوفه.. المهم إنك تكتب وتخرج كل الكلام والانفعالات اللي جواك على ورق”
كنت سامع صوت الدكتور في راسي وانا بمسك القلم وبكتب اول سطر..
“قالوا الشيطان قادر وله ألف صورة.. دي كلمات اغنية كنت سمعتها زمان، مش فاكر سمعتها امتى وفين، لكني عيشت كلماتها بالحرف.. عيشتها لما قابلت اتنين شياطين قضوا عليا وعلى كل حاجة كانت ملكي في يوم من الايام.. “طارق ومُهرة” هم السبب في اللي وصلتله.. هم السبب في إني بقيت بسأل نفسي السؤال العجيب ده، انا ليه ماموتش لحد دلوقتي؟.. ليه رغم كل محاولات الانتحار دي ماموتش؟.. ولا بلاش السؤال ده.. احنا نخليه سؤال أشمل، ليه هم لسه عايشين، وانا كمان لسه عايش، ماهو يا أما يموتوا، يا أما انا اموت.. وبما إني حاولت الانتحار اكتر من مرة وفشلت.. يبقى هم اللي لازم يموتوا، كفاية ألم وعذاب وبهدلة بين المصحات لحد كده، هم اللي لازم يموتوا.. طارق ومُهرة لازم يمو..”
سيبت القلم من إيدي لما انتبهت للأصوات اللي جاية من برة البيت!
أصوات قطط بتتخانق وكلاب بتعوي وكأنهم بيتخانقوا مع حد.. ولما بقول بتعوي، فانا بقصد إنها بتعوي بجد، مش مُجرد إنها بتهوهو!
قصه بيت الفناجيني
وقفت في مكاني وانا مستغرب من الأصوات اللي كان بيفصل ما بيني وما بينها باب البيت، كنت مستغرب اوي لأن منطقة الحلمية الجديدة بتبقى تملي هادية، او بالتحديد يعني.. الشارع اللي فيه بيت جدي الفناجيني الكبير.. اتعودت إنه دايمًا يبقى هادي!
انا اه ماجيتش هنا بقالي كتير ومابقاليش يومين قاعد في البيت.. إنما لأ، المنطقة هنا هادية واهلها في حالهم وعمرهم ما عملوا اي قلق من بعد الساعة ١٠ بالليل، وخصوصًا في الشتا!
قطع تفكيري مع نفسي واستغرابي، صوت غريب وسط صوت الكلاب والقطط.. كان صوت حد بيستنجد، ده صوت ست بتقول الحقوني!!
ماحستش بنفسي إلا وانا بجري ناحية الباب وبفتحه، ومع فتحتي للباب شوفتها؛ ست عجوزة قاعدة على كرسي بعَجل، كانت قصاد البيت وفي نص الشارع بالظبط.. لكن مش المشكلة إنها كانت قصاد البيت في وقت زي ده، ولا حتى المشكلة كانت إنها في نص الشارع وهي قعيدة، المشكلة الكبيرة كانت الكلاب والقطط اللي ملمومين حواليها وكأنهم بيهاجموها.. لا كأنهم ايه، دول فعلًا كانوا بيهاجموها ولا كأنهم عاوزين يفترسوها ويقطعوها بسنانهم!
ماخدتش واديت مع نفسي كتير، انا بحركة لا إرادية مني، لقيت نفسي بجري ناحية مقشة موجودة في البيت وبمسكها، جريت ناحية الست وابتديت اهش في الكلاب والقطط اللي أول ما شافوا المقشة وهشيتهم بيها، ابتدوا يبعدوا شوية بشوية، في اللحظة دي انا ماوقفتش، استغليت إنهم بعدوا، وزقيت الكرسي اللي الست قاعدة عليه بسرعة ودخلت بيها البيت وقفلت
كنت سامع صوت الكلاب والقطط وهم عمال يطلَعوا اصوات عجيبة من برة وانا واقف ورا الباب، اصواتهم استمرت لدقايق، بعد كده اختفت تمامًا وكأنهم ماكانوش موجودين!
اتنفست بالراحة وقربت من الست العجوزة اللي كانت ملامحها بتقول إنها مرعوبة، وقفت قصادها وطبطبت عليها وانا بطمنها..
-إهدي يا أمي.. إهدي.. هم خلاص مشيوا، بس.. بس هو انتي ايه اللي مخرجك في البرد ده لوحدك، فين ولادك ولا…
قاطعتني وهي بتاخد نفسها بالعافية وبتترعش..
-ماعنديش ولاد.. ماليش حد، وكمان ماليش بيت، انا بلف القط رزقي من الناس في الشارع.
فهمت ساعتها إنها مُشردة، فبدون أي كلام دخلت جري ناحية المطبخ وفتحت التلاجة، طلعت منها أكل كان (حازم) ابن عمي جايبهولي وحطيته في المكيرويف، وعقبال ما الأكل يسخن، طلعت من التلاجة علبة لبن من العلب اللي كان جايبهم حازم برضه، وسخنتلها شوية لبن، وبمجرد ما سخنت الأكل واللبن، خرجتلها بيهم بسرعة وحطيتهم على الترابيزة اللي قصادها، لكن الغريب إنِ لما خرجت، لقيت الست ماسكة الدفتر اللي كنت بكتب فيه وبتقرا الكلام اللي انا كاتبه.
قربت منها واول ما حطيت الاكل كله، سابت الدفتر من إيديها وبصت لي..
-قالوا الشيطان قادر وله ألف صورة!.. كلام جميل، بس ايه اللي يخلي الشيطان يتصور في صورة بني أدم ويأذيك، ما البني أدم نفسه بيأذي اخوه البني أدم من غير شيطان ولا حاجة، يعني المسئلة مش محتاجة إن الشيطان يتدخل عشان تتعرض لأذية!
قعدت قصادها وولعت سيجارة، بعد كده بصيتلها وانا مبتسم..
-الدنيا دي فيها العجب، واحدة على باب الله زيك بتعرف تقرا وبتقول حكم، طب ده انا اعرف ناس معاهم شهادات جامعية وتفكيرهم محدود… بس سيبك.. سيبك مني دلوقتي ومدي إيدك.. كُلي واشربي حليب دافي عشان تدفي.
ابتسمت وهي بتبصلي بخبث..
قصه بيت الفناجيني
-لا.. سيبك مني.. انا دفيانة وزي الفل، خلينا فيك انت.. عملوا فيك ايه عشان توصل للحالة دي؟!
سحبت نفس طويل من السيجارة، سرحت لمدة ثواني، عنيا ابتدت تدمع وانا بقولها..
-انا معتز عوض الفناجيني، جدي الكبير يبقى الفناجيني باشا، صاحب البيت ده، او الفيلا زي ما بيسموها… مع إنها اقل بكتير من فيلتي، امي ماتت من زمان، وابويا فضل عايش على ذكراها، ماتجوزش بعدها، أما هم بقى.. ف كانوا اصحابي.. اتصاحبت عليهم في الجامعة، وبعد ما اتخرجنا سوا، ابويا مات.. مات وورثت منه شركتين كبار اوي وفيلا محترمة، والشركتين دول كان هو برضه وارثهم عن ابوه، وعمي الكبير كان وارث شركتين زيهم بالظبط من جدي، وبما إن شغل الشركتين كان كتير عليا، فانا شغلت طارق معايا.. عملتله توكيل وخليته يدير شركة من الشركتين وكنت بديله مرتب يعيشه ملك، كنت اهبل ومديله الأمان، اما مُهرة بقى.. فكنت بحبها، وفعلًا خطبتها.. وفضلت زي المغفل، اديها حب وحنان وهدايا، واديله هو ثقة وفلوس، لحد ما في يوم فوقت على مصيبة، اكتشفت إن مُهرة بتخونني.. كانت على علاقة جسدية بطارق، واتاريهم كانوا بيستغفلوني طول الوقت ده عشان ياخدوا اللي ورايا واللي قدامي، وبعد كده يرموني زي الكلب.. ولما عرفت كل حاجة عن طريق الصدفة، ثورت.. زعقت، اتخانقت مع طارق وكنت هقتله، وفي لحظة تهور نسيت التوكيل اللي كنت عاملهوله، التوكيل اللي بيه باع الشركتين لنفسه لما عرف اني اكتشفت خيانتهم، وحقيقي هو يشكر بصراحة إنه سابلي بس الفيلا اعيش فيها، وياريته عمل كده وبس، ده كمان طردني وخلى رجالته يضربوني علقة موت، وطبعًا بعد ما كل ده حصل، بقيت ضعيف ومكسور.. بعد كده حاول حازم ابن عمي إنه يقف جنبي ويجيبلي حقي بالقانون، بس ماعرفناش، طارق كان مجهز ورقه والموضوع كان منتهي، ومش بس كده.. ده كمان اتجوز مهرة وكل حاجة بقت بتاعته وبتاعتها، بعدها فضلت شهور مش مستوعب، ولما فوقت من الصدمة أدركت اني بقيت لوحدي، ضعيف، مكسور، بشحت من ابن عمي عشان الاقي بس لقمتي.. فكرت انتقم، ماعرفتش، كان بيحمي نفسه برجالته اللي ملازمينه طول الوقت، فماكنش قدامي حل غير الانتحار.. حاولت مرة واتنين وتلاتة، وفي كل مرة كنت بتلحق، مرة ابن عمي يلحقني، ومرة السواق بتاعه، ومرة بنت عمي الكبيرة اخت حازم تيجيلي الفيلا قبل ما اموت.. لحد ما انتهى بيا الحال كنزيل في مصحة للعلاج النفسي، ومن مصحة لمصحة لحد ما خرجت، ومع خروجي، ابتديت اتابع مع دكتور نفسي واعمل تأهيل، على أمل اني ارجع طبيعي تاني، وبعد ما ارجع.. ابن عمي قال لي إنه هيشغلني معاه وابدأ من جديد، واهو.. عشان نفسيتي تتحسن، حازم قالي روح اقعد في بيت جدك واقفل فيلتك اللي بتفكرك بكل اللي انت مريت بيه، وفي نفس الوقت برضه، انا لسه بتابع مع الدكتور.. ومع تاني يوم ليا في البيت، قابلتك.
قربت الست وشها مني وقالتلي..
-طب وانت ايه اللي يريحك؟.. انا قريت إنك بتفكر تقتلهم، يعني.. معنى كلامك إن الدنيا دي ماينفعش تعيشوا فيها انتوا التلاتة، ماهو يا أما هم يموتوا.. يا أما انت تنتحر.. وانا بصراحة شايفة إنك خسارة في الموت، انت المظلوم مش الظالم، واذا كان في حد لازم يموت، فلازم يبقى هو.. طارق، وهي كمان.. الحَية، مُهرة.. هم اللي لازم يموتوا.. ولازم انت اللي تقتلهم بإيدك عشان تشفي غليلك وتريح قلبك، وتطفي النار اللي بتنهش في جدران روحك وعقلك.. ها.. موافق؟!
بصيتلها باستغراب وانا مش فاهم اخر جملة قالتها..
-موافق على ايه مش فاهم؟!
-موافق تقتلهم؟
من غير أي تفكير او مُعارضة، رديت عليها بسرعة..
-طبعًا.. بس ازاي، هم دلوقتي متأمنين مني كويس، يعني هم بقوا في مركز قوة وانا اللي ضعيف.
ابتسمت ورجعت ضهرها لورا..
-وماله.. نغير الحال، نرجعك تاني للقوة ونرجعهم هم تاني للضعف، ونبدأ اللعبة من أول وجديد.. بس المرة دي بعقلية مختلفة، عقليتك وذاكرتك بتوع دلوقتي، بس اوعدني.. اوعدني انك تجيب حقك وتطفي نارك.. اوعدني انك تقتلهم بعد ما تاخد كل اللي انت عايزه وترجع تاني ملك وفلوسك وشركاتك يرجعوا لك.
وبرضه من غير تفكير رديت عليها..
-موافق.. موافق طبعًا.. بس دي تتعمل ازاي، دول.. ددد.. دول..
سكتت من الصدمة، الكلام حرفيًا وقف في زوري لما لقيت الست قامت من على الكرسي اللي كانت قاعدة عليه وقربت مني، مسكتني بكل قوة وبرقت في عيني، رفعتني من مكاني ماعرفش ازاي، وبنفس القوة الغريبة اللي ماعرفش جت لها منين ولا جت لها ازاي دي، لقيتها حدفتني في حيطة من حيطان الصالة، ومع خبطتي في الحيطة حسيت إن الدنيا بتتبدل.. ألم رهيب، الدنيا بتسود من حواليا وكأنها ماحدفتنيش في الحيطة، دي كأنها حدفتني في بير غويط.. بير فضلت اقع فيه وانا بصرخ لحد ما فتحت عنيا.
قصه بيت الفناجيني
ايه ده؟.. انا.. انا.. انا على سريري في فيلتي، دراعاتي سليمة من أثار محاولات الانتحار!
بصيت حواليا وانا تايه ومش مركز، جسمي مليان عرق والصداع كان عامل زي الشلالات اللي بتروح وتيجي في دماغي، فوقت من ذهولي وحالة التوهان اللي كنت فيها على صوت رنة موبايل، ايوة.. ده صوت رنة موبايلي القديم، بس.. ازاي ده!
مسكت الموبايل، وهنا بقى كانت الصدمة.. ده تليفوني القديم، والرنة دي رنة المنبه اللي كنت بظبطه على الساعة ٧ عشان اروح الشركة!
ايه ده؟.. التاريخ.. التاريخ قديم، وكأني رجعت بالزمن حوالي سنتين!!
مسكت الموبايل وفضلت مبرق في شاشته لمدة ثواني، وعقبال ما مخي استوعب اللي انا مريت بيه، حسيت في جسمي بقشعريرة غريبة وانا بقول لنفسي بصوت عالي..
(يا نهار مش فايت.. الست.. الست المُشردة القعيدة.. الست دي تبقى مين، وانا ازاي موجود هنا في الوقت ده؟)
قومت بسرعة من مكاني ودخلت الحمام، بصيت في المرايا، الهالات اللي تحت عيني اختفت، ده انا اه.. بس دي نسختي من قبل ما يحصلي اللي حصل من طارق ومُهرة!
ركزت في مراية الحمام اوي، ومع تركيزي لمحتها.. الست، كانت قاعدة على نفسي الكرسي، وكأن مراية الحمام بقت شاشة تلفزيون.. شاشة تلفزيون ماكنتش شايف فيها اي حاجة غيرها هي.. كانت قاعدة على الكرسي وسط سواد، بصت لي في عينيا وابتسمت، وبعد ابتسامتها ابتدت تحرك شفايفها وكأنها بتتكلم.. لا دي كانت بتتكلم فعلًا بس انا مش سامع صوتها خارج من المراية، انا سامع صوتها جوة عقلي وهي بتقولي..
(اديك رجعت.. انت دلوقتي موجود في اليوم اللي هتكشفهم فيه.. اكشفهم بينك وبين نفسك، او ماتكشفهمش خالص، انت كده كده عارف… خد منهم كل حاجة ورجع حقك، وانا هساعدك لو احتاجتني، وبعد ما ترجع حقك، ماتنساش.. لازم تقتلهم، لازم تنتقم منهم، القصاص يا معتز يا فناجيني.. خُد منهم حق تعبك ومحاولات انتحارك، هم خانوك.. وتمن الخيانة الدم، ولا اي تمن تاني غير الدم.. دمهم هيغسل قلبك وهيصفي روحك.. ابدأ يومك.. وانا تملي هتلاقيني جنبك، وتملي هتسمع صوتي جواك لو احتاجتني يا ابن الباشاوات..)
قالت كلامها ده واختفت!
فركت في عيني وانا بحاول استوعب، انا اتنقلت بالزمن ازاي والست دي تبقى مين او صلاحياتها ايه عشان تنقلني بالشكل ده؟!
مليون سؤال وسؤال كانوا بيدوروا جوايا، كلهم مالهمش أي أجابة منطقية، بس لحظة واحدة.. منطقية ايه، هو ايه في حياتنا ده منطقي اساسًا!
هو منطقي إن صاحبي يطلع على علاقة بخطيبتي؟.. ولا منطقي يعني إنه ياخد مني شقى وتعب ابويا ويرميني في الشارع؟
خلاص.. طالما الحياة قواعدها كده وانا جت لي الفرصة، يبقى مش مهم ايه اللي منطقي او ايه اللي مش منطقي، انا دلوقتي جت لي الفرصة ولازم استغلها، دلوقتي انا رجعت بالزمن وانا عارف كل نواياهم.
مُهرة بتحب طارق، وطارق عاوز ينصب عليا وياخد كل اللي ورايا واللي قدامي، ولا عاوز ايه بقى.. ده ممكن فعلًا يكون نصب عليا خلاص وكتب أملاكي لنفسه بعد التوكيل اللي معاه، لكن لا.. انا رجعت وهغير كل الخطط اللي كانوا مخططينها، وبعد ما ارجع حقي وابقى في مركز قوة، هبدأ افكرلهم في خطة للانتقام، خطة تليق بيهم وبوساختهم معايا.
كل الكلام ده كان بيدور جوة عقلي وانا باخد دش، وبعد ما خلصت حمامي وخرجت فطرت ولبست، خدت بعضي وروحت على الشركة اللي انا بديرها، كنت ماشي وسط الموظفين والناس وانا نظراتي ليهم وللحياة كلها مختلفة، المكان ده مكاني، ومهما حصل انا مش هسيب طارق ياخده مني.
قصه بيت الفناجيني
سلمت على الموظفين اللي كانوا بيرحبوا بيا وانا ماشي وسط مكاتبهم، واول ما دخلت مكتبي وطلبت القهوة بتاعتي من الأوفيس بوي، مسكت موبايلي واتصلت بحد مهم اوي..
-الو.. صباح الفل يا فدوى.. ايوة انا معتز الفناجيني، لا خير خير.. هو طارق عندك؟!
كانت فدوى سكرتيرة طارق اللي ردت عليا من غير اي تفكير..
-ايوة يا فندم، استاذ طارق جوة، تحب ادخله الموبايل واخليك تكلمه؟
-لا.. انا لو عاوزه هو كنت كلمته على طول، انا بتصل بيكي انتي لأني عاوزك انتي.. انا هطلب منك طلب في منتهى الخطورة، ولو نفذتي الطلب ده، اوعدك إنك هتاخدي مبلغ محترم اوي، ومش بس كده.. ده انتي كمان هتترقي، من سكرتيرة، لنائبة مدير.
قصه بيت الفناجيني
سكتت شوية وبعد كده قالتلي..
-حضرتك تؤمر… الشركة في الأساس شركتك وانا تحت امرك.
-حلو اوي.. وعشان الشركة تفضل شركتي زي ما انتي قولتي كده، فانا عاوزك تنفذي كل اللي هطلبه منك.
وبعد ما خلصت معاها وفهمتها اللي المفروض تعمله، اتصلت على طول بطارق..
-صباح الفل يا جناب المدير..
ضحك وهو بيرد عليا..
-يا عم جناب مدير ايه بس، كلنا شغالين تحت اسمك، صباحك فل ياريس.
ضحكت بتريقة على كلامه وكنت عاوز اقوله “اه يا ابن الجزمة” بس مسكت نفسي، مسكت نفسي وقولتله بكل حزم..
-ماتقولش كده، انت مهما كان برضه مدير في مكانك، المهم.. انا كنت عايزك في موضوع كده يخص الشغل، صفقة جديدة هدخلها براس مال الشركتين ومحتاج اخد رأيك فيها.
رد عليا بثقة وهو مركز اوي..
-حاضر.. احكيلي.
-لا احكيلك ايه، الموضوع كبير وماينفعش يتحكي في التليفون، انت تنزل من مكتبك حالا وتعدي عليا في مكتبي، وماتتأخرش.. الموضوع مهم ومحتاج احسمه النهاردة.
سكت شوية وكأنه بيفكر او قلقان من حاجة، وبعد ثواني من التفكير رد عليا وقال لي..
-بس… بس انا النهاردة عندي شغل كتير اوي، ماعرفش هينفع اسيب المكتب ولا..
قاطعته بسرعة قبل ما يكمل..
-من غير ولا.. يا جدع انت شغل ايه بس، انا صاحب الشركة وبقولك سيب كل اللي في إيدك وتعالى لي حالًا.. انجز وتعالى بسرعة وانا كلها شوية وهسيبك ترجع تاني لشغلك.
-تمام.. طالما انت شايف كده يبقى ماشي.. سلام.
قفلت معاه وبصيت قدامي وانا بشرب قهوتي، وقبل ما افكر في اي حاجة او ارتب اللي ممكن اعمله مع مُهرة، فجأة لقيت تليفوني بيرن..
-الو.. صباح الفل يا حبيبي، ايه.. فينك كده؟!
كان صوت مُهرة اللي رديت عليها بسرعة..
-صباح الجمال يا قمري.. انا في الشركة.
-فين؟.. في الشركة؟!.. معقولة يا معتز.. معقولة تنزل الشركة من غير ما تكلمني، احنا مش متعودين إننا اول ما نصحى نكلم بعض؟.. وبعدين شركة ايه، مش المفروض إنك النهاردة كنت اجازة عشان نخرج سوا بالليل؟
سكتت لثواني وانا بفكر هرد عليها واقولها ايه، وقتها ربنا ألهمني ولقيتني بقولها..
-ااه.. ايوة ما انا فعلًا كنت هاخد أجازة النهاردة، بس في مدير شركة كده كلمني وقال لي على صفقة مهمة اوي، والمفروض إن طارق بما إنه مدير الشركة التانية وصاحبي، فانا هتقابل معاه وهنقعد نتناقش في موضوع الصفقة ده.
اتعصبت طبعًا لما قولتلها كده..
-صفقات وشغل، صفقات وشغل.. ايه.. الشغل خلاص أكل دماغك لدرجة إنه خلاك تلغي اليوم الأجازة اللي المفروض انا وانت هنخرج فيه؟!
حاولت اهديها لما رديت عليها بصوت واطي..
-معلش يا حبيبتي، انا أسف.. عديها النهاردة وانا هعوضهالك بكرة، خلاص بقى ماتبقيش بايخة كده، مافرقتش النهاردة من بكرة.
دام السكوت لحد ما قطعته هي لما قالتلي..
-خلاص.. بكرة هنخرج سوا من العصر لحد اخر اليوم، واقسملك بالله يا معتز انا ما هقبل أي أعذار تاني.
-حقك.. انا كده كده هقفل بكرة التليفون طول اليوم وهفضل معاكي انتي وبس.. خلاص بقى روقي.
خلصت كلام معاها وقفلت، وبعد ما خلصنا سوا، اتصلت بحد من اللي شغالين عندي في الشركة.. كان البشمهندس حسام ال it.. شاب خريج حاسب ألي وعفريت سوفت وير زي ما بيقولوا، اتصلت بيه وقولتله يجيلي مكتبي، وفعلًا.. بعد خمس دقايق لقيته قدامي..
-صباح الخير ياريس.. اؤمرني.
-الأمر لله يا بشمهندس، اتفضل اقعد عشان الموضوع كبير ومحتاج انجاز وذكاء وتركيز.
قعد وبص لي باهتمام، كان مركز مع كل كلمة بقولهاله، وبعد ما فهمته كل حاجة انا عاوزها منه، خرج من عندي.. ومن بعد خروجه، فضلت قاعد مستني طارق لحد ما جه.
-اهلًا اهلًا بجناب المدير.
قصه بيت الفناجيني
وبعد ما رحبت بيه وسلمت عليه، روحنا قعدنا سوا على الكنبة اللي قصاد مكتبي، وابتدا هو الكلام لما قال لي..
-هتقولي تاني مدير يا عم معتز.. ما قولتلك إنك انت البوص.
-يا عم لا بوص ولا حاجة.. بس قولي الاول، انت ايه اللي أخرك عليا.
-ماتأخرتش ولا حاجة، انا بس خلصت اخر ورق كان في ايدي واستنيت الرجالة لما اتجمعوا، وجيتلك على طول.
بصيت له بابتسامة مليانة خُبث..
-رجالة اه.. والله انا ما عارف انت ماشي بجاردات ليه، يا راجل ده انا صاحب الشركات اهو، وماعنديش ربع الرجالة اللي عندك.
بلع ريقه بتوتر وهو بيرد عليا..
-معلش بقى يا ميزو.. ما انت عارف إن الواحد في شغلانتنا دي بيبقى له أعداء كتير.. المهم، سيبك من الهري ده كله وقولي، ايه حوار الصفقة اللي انت مكلمني عشانها.
قومت وقفت وروحت ناحية باب في مكتبي، فتحته عشان تظهر من وراه أوضة الاجتماعات، شاورت لطارق ناحية الأوضة وانا بقوله..
-تعالى.. خلينا نتكلم في أوضة الاجتماعات احسن، ماحدش هيدخل علينا ولا هيزعجنا.
قام طارق وهو بيسحب موبايله، بس انا في اللحظة دي قولتله..
-لا لا… يا جدع بقولك مش عايزين حد يزعجنا، انا سايب موبايلي اهو.. سيب انت كمان الموبايل عشان الموضوع محتاج تركيز.
ابتسملي ابتسامة صفرا وقرب ناحيتي، دخلنا انا وهو الأوضة اللي قفلنا بابها ورانا وابتديت الكلام لما قولتله..
يُتبع
(ده الجزء الأول من قصة بيت الفناجيني.. )
قصه بيت الفناجيني
٢قصه بيت الفناجيني
بعد ما رحبت بيه وسلمت عليه، روحنا قعدنا سوا على الكنبة اللي قصاد مكتبي، وابتدا هو الكلام لما قال لي..
-هتقولي تاني مدير يا عم معتز.. ما قولتلك إنك انت البوص.
-يا عم لا بوص ولا حاجة.. بس قولي الاول، انت ايه اللي أخرك عليا.
-ماتأخرتش ولا حاجة، انا بس خلصت اخر ورق كان في ايدي واستنيت الرجالة لما اتجمعوا، وجيتلك على طول.
بصيت له بابتسامة مليانة خُبث..
-رجالة اه.. والله انا ما عارف انت ماشي بجاردات ليه، يا راجل ده انا صاحب الشركات اهو، وماعنديش ربع الرجالة اللي عندك.
بلع ريقه بتوتر وهو بيرد عليا..
-معلش بقى يا ميزو.. ما انت عارف إن الواحد في شغلانتنا دي بيبقى له أعداء كتير.. المهم، سيبك من الهري ده كله وقولي، ايه حوار الصفقة اللي انت مكلمني عشانها.
قومت وقفت وروحت ناحية باب في مكتبي، فتحته عشان تظهر من وراه أوضة الاجتماعات، شاورت لطارق ناحية الأوضة وانا بقوله..
-تعالى.. خلينا نتكلم في أوضة الاجتماعات احسن، ماحدش هيدخل علينا ولا هيزعجنا.
قام طارق وهو بيسحب موبايله، بس انا في اللحظة دي قولتله..
-لا لا… يا جدع بقولك مش عايزين حد يزعجنا، انا سايب موبايلي اهو.. سيب انت كمان الموبايل عشان الموضوع محتاج تركيز.
قصه بيت الفناجيني
ابتسملي ابتسامة صفرا وقرب ناحيتي، دخلنا انا وهو الأوضة اللي قفلنا بابها ورانا وابتديت الكلام لما قولتله..
-دلوقتي يا عم طارق في شركة في دولة عربية، اصحابها اتنين اخوات، والاتنين دول قرروا إنهم يفتحوا شركة تانية معاها، فالشركة التانية نجحت اكتر من الشركة الأولانية.. وبعد فترة، واحد منهم مات، فالأخ اللي تبقى قال إنه عاوز يهتم بالشركة التانية اكتر، وعرض الشركة الأولانية للبيع.. فانا بصراحة كده فكرت اشتريها واغير اسمها، وبكده هعمل لنا فرع تالت في الدولة العربية دي، فأيه رأيك لو اشتريناها؟!
اعترض طارق على كلامي لأن السيولة المطلوبة كانت كبيرة، ولما سألته عن ميزانية شركتي اللي هو بيديرها، اتفتح في الكلام بقى.. وهو ده اللي انا كنت قاصده اساسًا من مقابلتنا، انا كنت عاوز اشغل طارق اكبر وقت ممكن.. وبعد ما الكلام انتهى ما بيننا على إننا مش هينفع نشتري الشركة دي، خرج طارق وخد موبايله وحاجته وراح على مكتبه من تاني، اما انا بقى، فانا فضلت قاعد في مكتبي لحد بالليل، وبعد ما الموظفين مشيوا والساعة جت ٦ المغرب، لقيت باب مكتبي بيخبط.
كانت السكرتيرة بتاعتي اللي بتقولي إن فدوى جت ومستنياني برة، ابتسمت وقولتلها تدخلها بسرعة، وبعد ما دخلت وسلمت عليها، قعدت قدامي ومديت لي إيديها بظرف فيه ورق وهي بتترعش، خدت منها الظرف وانا لسه مبتسم على عكسها تمامًا، فدوى كانت مرعوبة وهي بتقولي..
-انا.. انا عمري ما كنت هعمل كده، انا عمري ما سرقت ولا عمري هسرق، بس لما حضرتك قولتلي إن الموضوع مُتعلق بمستقبل الشركة وبمستقبلك، انا ماترددتش لحظة وعملت كل اللي طلبته مني.
فتحت الظرف وطلعت منه الورق وانا بقولها..
-ماتقلقيش.. اللي انتي عملتيه ده ماسمهوش سرقة، ده استرجاع حق.. المهم بس، في ورق تاني من النوعية دي؟!
هزت راسها بالنفي وهي بتقولي..
-لا.. ده التوكيل ودي عقود البيع والشرا اللي حضرتك طلبتها.
بصيت على العقود، لقيتها جاهزة بس مش ممضية، الظاهر إن طارق كان محضر العقود دي عشان اول ما تحصل بيننا مشكلة، يطلعها ويرميني في الشارع زي ما عمل قبل كده، بصيتلها وابتسمت اكتر ومضيتلها على شيك خدته ومشيت، بعدها نزلت من مكتبي وروحت على البيت، ومع وصولي للبيت، طلعت موبايلي واتصلت بالمحامي بتاعي وقولتله إن انا وهو هنروح مشوار الصبح.. وبعد ما قفلت معاه، فتحت الأبليكشن اللي حسام نزله على موبايلي، اه.. ماهو انا لما طلبت حسام يجيلي المكتب، سألته عن البرامج اللي من خلالها اقدر اراقب موبايل شخص تاني، وكعادته يعني وبما إنه عبقرينو.. قالي إنها سهلة، المهم إنه يبقى معاه التليفونين.. تليفوني والتليفون اللي انا عاوز اراقبه، ولما سألته وقولتله إن في تليفون من الاتنين ممكن يكون عليه باسوورد.. قالي إنها سهلة برضه وإنه هيعرف يفك الباسوورد.. وعشان كده بقى وبعد ما سمعت منه أجابته دي، فهمته اللي هيتعمل بعد ما طارق يجي، واللي قولتله عليه نفذه بالحرف.. اول ما دخلنا انا وطارق لأوضة الاجتماعات وسيبنا موبايلاتنا، دخل حسام وخد التليفونين ونزل لطارق برنامج مخفي وربطه بموبايلي، وعن طريق البرنامج ده، بقيت اقدر اسمع كل مكالماته ومحادثاته.
قصه بيت الفناجيني
مسكت موبايلي وفتحت البرنامج وقعدت اسمع طارق وهو بيتكلم في الموبايل..
-وحشتيني اوي.. ايه بقى، مش هعرف اشوفك قريب؟!
وعلى الناحية التانية، ردت عليه مُهرة وقالتله..
-ياريتنا كنا اتقابلنا النهاردة، البيه أجل الخروجة بعد ما خلاني الغي ميعادي معاك، هو صحيح كان عايزك في ايه النهاردة؟!
-مافيش.. كان بيفكر يشتري شركة في دولة عربية، ولما عرض عليا الفكرة رفضت، احنا لو اشترينا الشركة دي، هنحط نفسنا في زنقة مالية ممكن تأثر علينا فيما بعد.
لما طارق قالها كده، ردت عليه مُهرة بغيظ..
-شركة تالتة!.. هو ايه مابيشبعش، ده امتى بقى نخلص منه وناخد كل اللي وراه واللي قدامه ونرتاح.
ضحك طارق وهو بيرد عليها..
-يا ستي ماتستعجليش، احنا هنمشي على اتفاقنا، بعد ما تتجوزوا بفترة، هتفضلي تحطيله من العقار اللي بيجيب هلوسات ده اللي قالك عليه ابن خالك الدكتور.. وبعد ما يتجنن، هكون انا بيعت لنفسي كل حاجة، وساعتها هو هيكون اتجنن او انتحر.. وانتي بقى تقومي رافعة عليه قضية خُلع وانا ابقى بمتلك كل اللي وراه واللي قدامه ونتجوز، ومن بعد جوازنا، هكتبلك نص اللي همتلكه زي ما اتفقنا.. اتقلي وماتستعجليش على حاجة، احنا مش عاوزين نبوظ اللي بنخططله بقالنا سنين، بس خلينا في المهم دلوقتي.. انتي وحشتيني اوي وعاوز اشوفك بصراحة.
ردت عليه وهي بتضحك..
-ماشي.. المفروض إن انا وهو هنخرج بكرة، وطبعًا لو خرجنا، هنخرج بعد العصر كده.. فانا هعدي عليك الصبح ونفضل سوا لحد الضهر.
ضحك طارق وقالها..
-فل اوي.. هستناكي يا قلبي، ماتتأخريش، وانا بكرة الصبح هتصل بالسكرتيرة واقولها إني هاجي متأخر لأي سبب من الأسباب.
وبعد ما قالها كلامه ده، كملوا المكالمة في كلام حب وغرام لحد ما خلصوا وقفلوا.. كنت بسمعهم وانا بتقطع، عنيا دمعت.. رميت الموبايل جنبي وفضلت باصص في السقف لحد ما غصب عني ومن كتر العياط والصداع، حسيت إنِ غَفلت، وبمجرد ما غفلت، صحيت على صوت صرخات!
فتحت عيني لقيت نفسي واقف في مكان واسع ارضه من السيراميك الابيض، وقصادي كان طارق وجنبه مُهرة، الاتنين كانوا متكتفين من إيديهم ورجليهم وعمالين يصرخوا!
قربت منهم بخطوات بطيئة وانا مش فاهم احنا جينا هنا ازاي او ليه، انا كل اللي لاحظته إن إيدي كان فيها حاجة تقيلة، حاجة لما رفعتها وبصيت عليها، لقيتها سكينة!
قصه بيت الفناجيني
قربت منهم اكتر وابتديت اعورهم، لا اعورهم ايه بقى.. انا ابتديت اشرح في أجسامهم وهم عمالين يصرخوا، كنت حاسس بمتعة رهيبة عمري ما حسيتها في حياتي، لحد ما في لحظة سكتوا خالص.. او اقدر اقول إنهم ماتوا.
وقفت قصادهم وهم ميتين وانا مش عارف مالي، انا مش فرحان، مش مبسوط، جوايا حتة او حاجة كده مش مرتاحة، حاجة بتقولي إنِ غلط، وإن اللي عملته فيهم ده مش هو اللي المفروض يتعمل، وقتها وقبل ما اتحرك من مكاني، سمعت جوة راسي نفس الصوت.. صوتها، صوت الست القعيدة اللي قالتلي بزعيق..
“الموت.. القتل.. دمهم حلال، اللي انت عملته ده هو اللي المفروض يتعمل.. هانت يا معتز.. هانت”
ومع كلامها حسيت إن الأرضية اللي انا واقف عليها بيتبدل للونها الاحمر!.. دم كتير اوي ماعرفش جه منين، دم ابتدى يملى الأرض لحد ما غطى رجلي وغطى جثة طارق وجثة مُهرة، ومافيش ثواني والدم ابتدى يعلى ويعلى لحد ما حرفيًا كده ابتديت اغرق فيه، ومع قلة الهوا ووقت ما كنت باخد نفسي بالعافية، صحيت من النوم وانا باخد نفسي باسرعة، هِديت وفضلت قاعد لحد ما النهار طلع ونزلت قابلت المحامي بتاعي وروحنا المشوار اللي المفروض كنا متفقين عليه من بالليل، بس واحنا رايحين في الطريق، المحامي قالي إن لازم طارق يكون معانا، ولما سألته ليه.. قالي إن ماينفعش التوكيل يتلغي إلا بوجوده..
فبسبب كلام المحامي، اتصلت بطارق مرة واتنين وتلاتة، لحد ما أخيرًا رد عليا.. وعشان اخلص من الموضوع ده بسرعة ومن غير ما اخليه ياخد باله من حاجة، قولتله عايزك حالًا وضروري ومن غير ما تسأل ليه، وفعلًا.. جالي على طول وبسرعة، وبعد وصوله، خدته وخدنا المحامي وروحنا على طول على الشهر العقاري، وهناك.. طلبت منه إننا بس هنلغي التوكيل لفترة كده بسبب حاجة انا عاوز اعملها، وعشان مايكشفش نفسه قصادي ولا يفسد خطته، وافق.. وافق وفسخنا التوكيل وهو مش فاهم حاجة ولا عارف انا عملت كده ليه، انا بس فضلت مديله الأمان لحد ما خلصنا، وبعد ما كل حاجة انتهت.. رجع هو بيته وانا روحت على المكتب بتاعي.. بس مش مكتبي الأولاني.. لا، انا روحت على مكتبي اللي في الشركة اللي بيديرها طارق، او زي ما بيقول هو يعني.. مَكتبه!
قعدت على المكتب واتصلت بيه تاني، وطبعًا اتأخر في الرد شوية لأن الهانم طبعًا كانت معاه، لكنه في النهاية رد عليا، واول ما رد المرة دي ماستنتش كتير، انا قولتله إن انا في مكتبه ومحتاج اقابله ضروري وماقولتلوش برضه انا عاوزه في ايه… قفلت معاه وبعد حوالي نص ساعة كان قدامي، واول ماوقف قدامي بص لي وانا قاعد على كرسي المكتب وسألني..
-خير يا ميزو!.. جايبني على ملى وشي كده ليه؟.. ده انا حتى تعبان وماكنتش هقدر اجي النهاردة، مش كفاية مشوار الشهر العقاري!
قصه بيت الفناجيني
بصيت له وابتسمت ابتسامة صفرا شبه ابتسامته..
-تعبان ومش هتيجي النهاردة؟.. حقك، ماهي تتعب برضه، بس تعرف، مش مهم.. مش مهم تيجي النهاردة ولا بكرة ولا بعده، مش مهم تيجي خالص.. انت مرفود يا طاروق، ايوة.. انا رفدتك.
اول ما قولتله كده اتعصب اوي ووشه اتخطف وهو بيرد عليا بصوت عالي..
-ازاي يعني مرفود.. ده انا اوديك في ستين داهية.
لفيت بالكرسي اللي انا قاعد عليه لفة كاملة وبعدها قولتله وانا بضحك..
-مش هتعرف.. التوكيل اللي كنت عاملهولك، خلاص.. بح، ماهو على يدك.. مش من شوية لغيته انا وانت والمحامي!.. ولو يا سيدي على عقود البيع والشرا اللي كنت شايلها في مكتبك، فاهي..
مسكت العقود اللي كنت خدتها من فدوى قبلها بيوم، وقطعتها وانا بكمل كلامي..
-بلح.. شوية ورق واتقطعوا.. ولو على الجاردات بتوعك واللي انت كنت جايبهم على حس الشركة، فانا مشيتهم، انا مش عايز حد يدير معايا شركاتي، انا هعرف اتصرف كويس، ولا اقولك.. انا قررت اكتب الشركة دي بأسم مُهرة بعد ما اتجوزها قريب اوي.
اول ما قولتله كده بص لي بغيظ، حسيت إنه عاوز يقتلني لكنه بلع غضبه وهو بيقولي..
-ماشي يا حبي.. حقك، انا هروح بقى عشان انا تعبان.
شاورتله ناحية باب المكتب..
-اتفضل.. نورت مكتبي الشوية دول.
خرج طارق وهو شايط، بس انا عارف هو سكت ليه.. انا لما قولتله إن انا هكتب الشركة لمُهرة ماتكلمش، سكت لأن انا عارف إنه هينزل وهيروحلها حالًا لأنها عنده في البيت، وبعد ما يروح ويحكيلها عن اللي حصل ما بيننا، هيطلب منها تجاريني وتتجوزني ويكملوا خطتهم الوسخة، إنما انا بقى كنت قاريهم، وعشان كده مسكت موبايلي وفتحت البرنامج وابتديت اسمع المكالمة اللي دارت ما بينه وما بينها وهو في عربيته..
قصه بيت الفناجيني
-ايوة يا مُهرة.. شوفتي البغل، طردني.. طردني ولغى التوكيل، وكمان اكتشف موضوع العقود اللي كنت محضرها عشان لو حصلت منه أي حركة غدر.. انا مش عارف هو عرف ده كله منين، انا كنت واقف قدامه وانا بترعش، الحمد لله إنه ماحبسنيش ولا أذاني، بس سهلة وملحوقة، هو قالي إنه هيكتب الشركة بأسمك وهيتجوزك قريب.. انا جايلك اهو عشان اقولك هنعمل ايه بعد اللي حصل، احنا لازم نكمل خطتنا، او بالتحديد يعني.. انتي لازم تكملي خطتنا.
بعد ما خلص كلامه معاها قفل، وطبعًا هو دلوقتي طالع لها لأنها لسه عنده في البيت، ايوة.. هي دي الفرصة، سرحت وانا باصص قدامي مع صوتها، صوت الست العجوزة اللي قالتلي جوة راسي..
“دلوقتي.. الفرصة جت لك.. انا ساعدتك في كل حاجة اهو.. مش ناقص بس غير إنك تخلص منهم”
ابتسمت ابتسامة شيطان رايح يحقق هدفه وانا بهزلها راسي بالموافقة، وبسرعة قومت ونزلت ركبت عربيتي، كنت سايق وانا مشدود بعد ما رتبت في دماغي انا هقتلهم ازاي، انا هطلع وهخبط.. واول ما طارق يفتحلي هضربه بالسكينة اللي حضرتها معايا، وبعد كده هدخل اطعنها هي كمان واخد بعضي وامشي، بس قبلها لازم اسرق شوية حاجات عشان تبان إنها حادثة سرقة عادية.. فضلت مشدود وانا بفكر في تفاصيل اللي هعمله لحد ما وصلت لأشارة مرور… المكان زحمة اوي وكان حواليا عربيات كتير، بس اللي لفت نظري من العربيات الكتير اللي كانت واقفة في الأشارة، هي العربية اللي جنبي بالظبط.. كانت عربية موديلها قديم نوعًا ما، سايقها راجل عجوز مشغل الراديو ومعليه على الأخر، بصيت له وسرحت مع الأغنية اللي كانت شغالة.. دي نفس الاغنية اللي سمعتها قبل كده، نفس الاغنية اللي في أولها كلمات بتقول..
(قالوا الشيطان قادر وله ألف صورة)
فضلت سرحان مع الأغنية لحد ما سمعت منها كلمات لمستني اوي، والكلمات دي او المقطع ده، كان بيقول بالنص كده.. (ايه معنى دنيتنا وغاية حياتنا.. لو بيعنا فطرتنا البريئة الرقيقة).. اول ما سمعت الجزء ده من الأغنية افتكرت الجزء الأخير من الحلم اللي حلمته، انا لما قتلتهم ماكنتش مبسوط، ماكنتش حاسس إن ضميري مرتاح او إنِ وصلت لغاية انا كنت عاوزها!
اتحركت العربيات اللي كانت واقفة في أشارة المرور وانا اتحركت معاهم، كنت سايق وانا دماغي مش فيا، مابقتش مشدود ولا بفكر في الانتقام ولا حتى في تفاصيل القتل، انا غصب عني لقيتني بسأل نفسي بصوت عالي..
-انا ليه اقتلهم.. ليه اصلًا اقتل ويبقى في ولو احتمال ١% ان انا ممكن اضيع نفسي، ليه اوسخ إيدي بدم، في الوقت اللي انا فيه ممكن ابدأ من جديد وابعد عنهم هم الاتنين؟!
واول ما سألت نفسي السؤال ده، سمعت صوتها، بس المرة دي مش من جوة عقلي، ده كان من ورايا..
-هو ايه اللي ليه.. هو مش ده كان اتفاقنا.. ارواحهم مقابل حقك، موتهم قصاد رجوع فلوسك وحياتك!
بصيت في المراية لقيتها قاعدة على كنبة العربية ورايا، بلعت ريقي وقولتلها بصوت مهزوز..
-بس انا.. انا مش قاتل، انا عمري ما فكرت اقتل.. ولو على رجوع الحق يعني، فانا خلاص كده… حقي رجع، وانتي توشكري لأنك ساعدتيني ارجع شركاتي وفلوسي، سواء بقى لما رجعتيني في الزمن، او لو لما كنتي دايمًا بتقوليلي اعمل ايه من بعد ما رجعت.. بس فكرة القتل دي انا مشش…
اتخرست لما لقيتها اختفت ومابقتش موجودة ورايا!
-مش ايه يا معتز؟!
قصه بيت الفناجيني
اتنفضت في مكاني لما لقيتها فجأة قاعدة على الكرسي اللي جنبي، كانت عينيها حمرة وشكلها متغير، دي مش انسانة.. دي اكيد شيطانة!
-انتي مين؟.. انا مش هقتل.. مش انا مش قاتل بقولك.. انا هرجع لشركتي من تاني وهسيب مُهرة خالص.
قولتلها كده ولسه بمد إيدي على الدريكسيون عشان الف وارجع، فجأة لقيتها قدامي!.. الست العجوزة كانت واقفة قدام العربية بالظبط وجنبها كان طارق ومعاه مُهرة!
حاولت اتفاداهم وفعلًا قدرت في أخر لحظة، لكن للأسف.. بمجرد ما لفيت بالعربية، لقيت قدامي عربية نقل كبيرة دخلت بوشها في وش عربيتي…
فتحت عيني وانا بشهق، كأن روحي كانت برة جسمي ورجعتلي من تاني، بصيت حواليا باستغراب لقيتني في بيت جدي، كنت واقع على الأرض وقصادي حازم ابن عمي!
بصيت ناحية المكان اللي الست كانت قاعدة فيه، مالقتهاش، ايوة.. الست اختفت لأني لا لقيتها ولا حتى لقيت الكرسي اللي كانت قاعدة عليه!
خدت نَفسي بالراحة وابتديت اهدى لما أدركت إن كل اللي انا كنت فيه ده كان حلم..
-ايه يا ابني، بتصل بيك بقالي اكتر من ساعتين وانت مابتردش، وبعدين انت ايه اللي منيمك على الأرض كده؟
قومت من مكاني وقعدت على كرسي من كراسي الصالة وانا بقوله..
-مافيش.. انا بس كنت قاعد على الأرض كنوع من انواع التغيير يعني، وشكلي كده نمت وانا قاعد، ماتقلقش عليا، انا زي الفل.
قصه بيت الفناجيني
طبطب على كتفي وهو بيقولي..
-طب تمام يا حبيبي، يارب دايمًا زي الفل… يلا بقى قوم خد دش كده والبس عشان هنروح نجيب رقية من المطار.
-رقية!… رقية مين؟!
-رقية اختي الصغيرة اللي كانت بتدرس برة يا ابني، ما انا قولتلك إنها راجعة النهاردة.. وعشان كده بقى قولت اعدي عليك وتيجي معايا وانا رايح اجيبها من المطار عشان.. معتز.. انت سرحت في ايه يا ابني؟!
حازم كان بيتكلم وانا كنت في دنيا تانية، انا كنت مركز مع الأكل وكوباية اللبن اللي كانوا على الترابيزة، انا.. انا.. انا ماكنتش بحلم، واللي انا شوفتها دي ماكانتش مجرد وهم، ولا حتى كانت انسانة من اصله!
قصه بيت الفناجيني
فوقت من سرحاني وتجاوزت كل اللي شوفته، بعد كده خدت الاكل ودخلته المطبخ، ومعاه اخدت دفتر المذكرات، ولحد هنا خليني اقولك إن الحياة مشيت يومها وروحنا انا وحازم وجيبنا اخته رقية من المطار.. اخته رقية اللي من بعد ما رجعت مصر وانا حياتي اختلفت، اختلفت لأني حبيتها واتجوزتها، ومش بس كده.. ده انا كمان نفسيتي بقت احسن وتجاوزت كل اللي مريت بيه بعد ما اشتغلت مع حازم كموظف إداري في شركته بعد ما نفسيتي بقت أحسن، لكن تعرف ياللي هتسمع او هتقرا قصتي.. ربنا عز وجل عادل اوي… انا بعد فترة من جوازي عرفت إن طارق قتل مُهرة مراته لما اكتشفت إنه بيخونها مع فدوى السكرتيرة.. سمعتهم في مرة وهم بيتكلموا وواجهته، ويومها حصلت ما بينهم خناقة كبيرة، انتهت بإنه قتلها واتسجن بعدها، وطبعًا الشركات بتاعتي مابقلهاش وريث، فابتدت تقع وساعتهة اتدخلت انا وحازم واشترينا أسهم من الشركتين برخص التراب، وده عشان في الأخر ارجع انا وابقى مديرهم من تاني، بس المرة دي بجد ومن غير أي تدابير او رجوع في الزمن ولا حتى قتل.. انا رفضت إني اقتل طارق ومُهرة، والله أعلم لو كنت قتلتهم كان حصل ايه، والله اعلم برضه هل اللي شوفته ده كان حقيقة ولا وهم في خيالي وبس، انا جايز تخيلت ده كله، وجايز اكون عيشته بجد، حقيقي ماعرفش.. انا كل اللي انا اعرفه إني دلوقتي بقيت قاعد على مكتبي اللي في شركتي، وانا ماسك مذكراتي وبكتب فيها الأتي…
(دلوقتي السؤال اختلف.. اختلف من ليه انا ماموتش، لأيه السبب اللي انا لسه عايش عشانه.. انا عيشت عشان اكون بيت وأسرة، وكمان عشان اشوف حقي وهو بيرجعلي، أما بقى عن جملة إن الشيطان قادر وله ألف صورة.. فهي حقيقية اه، لكن مهما اختلفت الصور اللي بيظهرلنا بيها، فاحنا اقوى.. احنا ربنا كرمنا عنه بنعمة العقل.. احنا..)
سيبت القلم من إيدي لما سمعت صوت اتنين بيتخانقوا في الشارع، فتحت شباك مكتبي عشان ابص منه على اللي بيتخانقوا دول.. كانوا اتنين شباب بيزعقوا لبعض لأن الظاهر كده إن واحد فيهم خبط عربية التاني، لكن الخناقة ماهمتنيش، انا اللي همني كانت هي.. نفس الست القعيدة اللي شوفتها في بيت الحلمية الجديدة، كانت معدية من جنبهم وبتبصلهم وبتضحك اوي، وبعد كده.. بصيتلي وضحكت واختفت تمامًا!
تمت
#محمد_شعبان
قصه بيت الفناجيني