قصص

قصه مسرح وسط البلد

قصه مسرح وسط البلد

الفرصة مش بتيجي غير مرة واحدة بس، عاملة زي القطر اللي بيعدي على محطات، لو مكنتش مستنيه في المحطة يبقى هيفوتك عشان ده مش أي قطر، ده قطر جدوله محدد ووجوده نادر ، وبالنسبة لي قطر الفرص سمعته بيقرب وكان لازم أستجيب….
أخيرًا هقدر أثبت أني ممثلة حقيقية، عندي طاقة رهيبة، أدوار كتير نفسي أقدمها…
صديق اتصل بيا ، قال لي أروح مسرح في عابدين، المسرح قديم جدًا، كان مقفول من سنين كتير، لا عروض مسرحية ولا غيره، بس قرروا يفتحوه تاني، والمسرحية اللي هأدي فيها هتكون أول الأعمال بعد افتتاحه، شرف عظيم ليا….
كان نفسي في الفرصة دي من زمان، المفروض أفرح، بس اللي حصل إني اترعبت، حسيت إني مش هبقى قد الفرصة، معقول كمان شهر الستاير هتتفح على آخرها وهبقى قدام الجمهور مباشرة، من غير حاجز ولا أعذار زي إني لسه مجتليش الفرصة؟ أهو هبقى في قلب الحدث، هعمل إيه بقى؟
مبدهاش، أول حاجة المفروض أفكر فيها إن حياتي تبقى متكرسة للبروفات وبس، عشان كده لازم أوفر كل الإمكانيات اللي تحقق ده ومنهم إني أتنقل للبيت المهكع اللي في وسط البلد، بيت عمتي الله يرحمها، بيت قديم وفقير وضيق، في عمارة بؤس ومنطقة ابأس…البيت اللي كنا بنتفاداه حتى وعمتي عايشة، يدوبك بنزورها عشان مضطرين وبنبقى مش على بعضنا، الزيارة كانت قصيرة ومابنصدق نمشي، أهو أنا اللي بقيت مضطرياله عشان أقدر أروح الصبح فايقه وأرجع عليه وأنا مهدودة عشان تاني يوم…
قصه مسرح وسط البلد
عملت حملة تطهير مش تنضيف! البيت سكانه كانوا العناكب وبيوتهم ماليه الحيطان والأركان والعفش دايب ومكمكم، معلش مش هشوف ولا هحس بكل ده، هبقى شايفه حاجة تانية، حاجة أبعد وأكبر، يمكن كمان أحب المكان هنا بالذكريات اللي هعملها الفترة اللي هقعدها فيه….
المعاد كان يومين من بعد ما وصلت الشقة، بس الصبح لقتني صجيت بدري… طاقة فظيعة بتحركني، مش قادرة أستنى يوم كمان، عايز أروح أشوفه، حتى لو مفيش حد، حتى لو طلع مقفول، أشوفه بس من بره، أخد على شكله…
رغم أن المبنى قديم أوي ومش معمول له صيانة عدله، بس فعلًا اللي يركز يقدر يتخيل قد إيه كان فخم وعظيم زمان، الزمن ممحاش ملامحه….
جاتلي فكرة مجنونة، أتقدم وأعدي من المدخل وأحاول أفتح الباب، كنت متأكده أنه مش مفتوح، عشان مفيش حد كان موجود يومها طبعًا، بس قلت أجرب….
في الأول كان فيه كذه شباك، شبابيك التذاكر وبعدين زي بهو كبير جدًا، يشيل أعداد محترمة، وبعدين باب صغير خشب، أكيد مكنش موجود زمان، الباب كان في مكان تاني، للممثلين والمعدين والمساعدين، هنا كان مفتوح لدخول الناس، منطقي….
مديت إيدي على مقبض الباب، غمضت عيني وأنا ماسكاه، عايزه أحس بالمكان، بطاقته، أشم تاريخه والمس عظمته، وبعدين جربت أحرك المقبض وأزق الباب ولقيته إتفتح!…..
كان فيه نور هادي معرفش مصدره لكن مكانش حد غيري، هدوء مقبض، بس….
حاسه بحركة، حاجة عدت من قدامي بسرعة ملحقتش اشوفها، وحاجة من ورايا….
مش شايفه بس متأكده، في وجود، أنا مش لوحدي…..
-بتعملي إيه عندك؟!
شقهت، كان في حد على بعد مسافة، واحدة ست….
=المعاد بكره بس انا….
-جيتي بدري!
قصه مسرح وسط البلد
قربت مني، ابتسمت ابتسامة مبالغ فيها، بترحب بيا وتطمني…..بدأوا من غيري، ليه؟ ليه اتقال لي أجي بكره، يمكن أنا أجدد واحدة فيهم، يعرفوا بعض مثلًا وعندهم خبرة أكتر؟
فعلًا مكانتش لوحدها زي ما خمنت، ظهر راجل تاني، قرب من اتجاه مختلف، أكتر حاجة لفتت انتباهي لبسهم، ايه الدقة دي! الأزياء كانت مميزة جدًا، بتعكس فترة قديمة، يمكن التلاتينات….
هي كانت لابسه جلابيه واسعة شوية وسطها واقع لونها رمادي غامق وشعرها كان فيه تجاعيد منظمة زي قصات الستات في الفترة دي وحاطه بنس عشان تثبت شعرها من قدام، أما الممثل التاني كان لابس جلابيه وعمامه كأنه شيخ، بس برده شكلهم مختلف عن أزياء دلوقتي….
=أنا مبسوطة جدًا وليا الشرف إني هشتغل معاكم…
الست ردت عليا:
-إحنا اللي اتشرفنا يا حبيبتي، قوليلنا بقى إيه اللي جابك النهارده؟
=بصراحة أنا متحمسة جدًا، جيت اشوف المكان، كنت فاكره إني هاجي لوحدي، آسفة لو أزعجتكم…
بدأت اتحرك كأني ماشية وكملت كلام:
=هاجي بكره…
-لأ!
بصت بجنب عنيها للراجل وهي بتبسم ليا وكملت:
-مفيش إزعاج ولا حاجة، مش كده يا “فهيم”؟!
هو أكد كلامها وقال وهو بيبصلي وبرده بيبتسم:
-أنتي منورانا يا أمورة، إلا إسم الامورة إيه؟
=تاره.
-عاشت الأسامي.
=إسمحولي أعبر عن إعجابي بالمود، يعني مش بس لبسكم، كمان طريقة كلامكم، متقمصين أدواركم جدًا….
محدش فيهم علق، فضلوا بس باصين ليا وهما لسه مبتسمين، زي ما يكونوا بيدرسوني، سألتهم إذا كنا إحنا بس اللي في المسرح ولا في ممثلين ومعدين تانيين أو لو حد تاني هييجي، قالوا إن في حد تاني في أوضة من أوض المسرح وهينضم لينا كمان شوية…. الناس دي كانت مريحة جدًا، متخيلتش الترحيب والمعاملة الدافية دي، اللي اعرفه وشفته أن الممثلين والمخرجين وحتى بتوع المكياج والتصوير، كلهم خلقهم ضيق، محدش عنده صبر يعلم حد جديد أو يفهمه حاجة مش فاهمها، لكن دول مختلفين، مكنتش لسه عرفتهم ودي كانت أول مقابلة، بس قدرت أميز ده من ترحيبهم ليا…
وبعد شوية الممثل التالت ظهر……
كان لابس لبس ساحر، فيست سودة وبنطلون أسود واسع وقميص أبيض وبيبيون أحمر وقماشة حمره متخيطة في الأكتاف ومسدولة وره ضهره وطاقية سودة عليها خط أحمر وعصايا صغيرة، ساحر من بتوع عروض زمان…
استنيته يعرف عن نفسه أو يرحب بيا زي الباقي بس محصلش!…
وشه برده كان بشوش وملامحه مرخية، حياني براسه بس متكلمش، اللي أتكلم هو الممثل اللي عامل شخصية الشيخ “فهيم”:
-ده بقى صاحب خفة اليد، اللي بيطلعلنا الأرانب من البرنيطة….
ضحكت زي الأطفال، كان باين عليا جدًا التحمس وسألت:
=إحنا بس كده ولا في ممثلين تانيين؟
ردت عليا الست:
-في واحد كده بس مش بيظهر كتير، دوره مش كبير….
=طيب هو فين الاسكريبت، عايزه ابدأ أذاكر وأعرف دوري…
التلاتة بصوا لبعض وابتسموا كأنهم مستغربين كلامي… وأخيرًا اللي لابس ساحر رد:
-لأ إحنا مش بنشتغل بسكريبت!
قصه مسرح وسط البلد
مكنتش محتاجة أقول حاجة، وشي كان عبارة عن علامة استفهام كبيرة، اللي هو إزاي مفيش سكريبت أمال إزاي هحفظ دوري وجملي والقصة كلها؟!
الست قالت:
-إحنا مش محتاجين سيناريو، بنشتغل بطريقة مختلفة، معظم الأداء ارتجالي، الخطوط العريضة بس للقصة هي اللي عارفينها واللي محتاجينها…
=ايوه بس أنا مش خبرة زيكم ومحتاجة…
قاطعتني، قالتلي أنها واثقة فيا وأني مش لازم أقلق، هما هيوجهوني، وقالتلي كمان إني هتفاجأ من نفسي ومن حاجات كتير في المسرحية دي وأنها مش زي أي مسرحية هشوفها أو همثل فيها…..
***************قصه مسرح وسط البلد
كنت بدأت فعلًا أقع في حب البيت اليوم ده، لما رجعت نظرتي ليه إختلفت، كل حاجة كنت بتقرف منها، كل حاجة مش عاجباني بقيت أشوفها حلوة وعبقرية، أصل اللي وصل لحالتي يومها بيبص للدنيا كلها بشكل مختلف، أي حاجة حوالينا هي انعكاس للي جوه نفسنا، لو حسينا أن الدنيا ضلمة ومقفلة ف وشنا مفيش حاجة هترضينا، إنما لو العكس، أي حاجة بتبسطنا وبتحلى ف عنينا….
حطيت كنكة القهوة على النار، وجريت أكلم صاحبتي أحكيلها عن اللي حصل يومها، حسيت أن المكالمة هتطول فققلت النار وقلت أاجل تسخين القهوة بعد ما أخلص عشان مسرحش وأنساها….
حكيتلها عن أدق التفاصيل وإزاي حسيت إن دي نقطة إنطلاقي، اللي جاي عمره ما هيبقى زي أو شبه اللي فات، أنا في مرحلة تحول….
قفلت معاها وروحت المطبخ عشان أرجع أولع عالقهوة….
لما قربت شميت ريحة شياط، سرعت خطوتي ودخلت…
النار كانت والعة والقهوة فارت والكنكة بتتحرق!
معقولة؟ سرحت ونسيتها، كان في بالي أقفلها عشان ده ميحصلش ومقفلتش، اللي خفت منه حصل؟ بالا الحمد لله برده إني قفلت في المرحلة دي، الله أعلم كان هيحصل إيه بعد كده….
فجأة حسيت ببرد، سرسوب هوا ساقع، معرفش إيه مصدره، كنا في شهر 3 وقتها، مش أقصى الشتا يعني ومع ذلك بحب أسد كل مصدر ممكن للبرد، مش بستحمله والمفروض إني كنت قفلت كل الشبابيك….
خرجت للصالة لقيت الشباك مفتوح على آخره!
إزاي؟ الشبابيك القديمة دي بيبقى ليها قفل، يعني مش شوية هوا هيفتحه!
لازم أخد بالي، أقفله كويس بعد كده عشان منشفش من البرد وأنا نايمه….
***************قصه مسرح وسط البلد
تاني يوم لقيتهم لابسين نفس الهدوم، بنفس الدقة، الناس دي مش بتهزر وكان لازم أبقى على نفس مستواهم الاحترافي أو حتى قريب منه….
سألت الست عن إسمها، ردت:
-عنايات وساحر العروض يبقى فتحي…
متمسكين بشخصياتهم لدرجة إنهم مش عايزين يقولوا أسمائهم الحقيقية، حالة تقمص فظيعة، بس بصراحة كانت حالة مسلية وجديدة عليا، مش مستنيين نبدأ بروفات عشان يدخلوا في المود ويمارسوا شخصياتهم، وقررت أجاريهم في اللعبة الحلوة دي ومسألتش عن الأسماء الحقيقية..
=طيب أنا شخصيتي هتبقى إيه؟
-أنتي عايزه شخصيتك تبقى إيه؟
=نعم؟!
-شايفه نفسك فين؟
=هو أنا أصلًا شخصيتي مش متحددة؟
مالت براسها وبصتلي وهي ساكته ثواني وبعدين ردت:
-مش شايفه أن من حقك تختاري دورك وطريقك من وقت للتاني، على سبيل التغيير؟ أنتي اللي تخلقي مساحتك على المسرح….
قصه مسرح وسط البلد
مكنتش مصدقة نفسي، كنت هتجنن من الفرحة! لا عمري شفت ولا كنت هشوف جو مميز كده….
لفيت بجسمي، بصيت لاتجاهات مختلفة في المسرح، بعدين قلت:
=طيب أنتوا إيه أدواركم؟
-اه، لمؤاخذه، زي ما سبق قلت، “فتحي” يبقى ساحر العروض وأنا اللي بفتح المندل وأكشف المستخبي والشيخ “فهيم” ده بقى البركة بتاعنا، ده اللي بيفك…
=بيفك إيه؟
-الأعمال، الخبث والخبائث اللي جوه النفوس، العقد اللي بتخرج من النوايا….
الفكرة جاتلي ، اتجسدت قدامي، شفت نفسي في إطار محدد… الشيخ “فهيم” فجأة ظهر جنب “عنايات” ماخدتش بالي من حركته وهو بيقرب، فجأة بقى موجود…. كان واقف زيها مستني إجابتي…
قلت بنبرة واثقة:
=أنا اللي هتبقى مضطرة لكل دول، للي بتفتح المندل واللي بيفك الأعمال واللي إيده خفيفة وبيعرف يعمل شو…
رد الشيخ “فهيم”:
-وهو كذلك!
***************قصه مسرح وسط البلد
إحساس التوتر بدأ يروح، لما رجعت يومها البيت كنت حاسه إني مرتاحه، تخطيت المراحل الأولى، اتعودت على “عنايات” و”فهيم” و”فتحي” واتأكدت انهم هيساعدوني وكلنا هنبقى روح واحدة، محتاجة أركز بس على دوري ومشغلش بالي بأي حاجة تانية…
مددت عالسرير، مسترخية ومستعدة أدخل في نوم عميق…..
دي كانت نيتي لولا اللي حصل….
سمعت صوت واضح، صوت قفل الشباك وهو بيتفتح!
حد بيفتحه!
قمت مفزوعة، أنا مكنتش لسه نمت ومش بحلم، ده كان بيحصل فعلًا….. فضلت قاعدة متسمرة ف مكاني لحظات، مش عايزه أخرج، مش عايز أشوف اللي بره، بس في الآخر قمت…
ببطء خرجت من الأوضة ومشيت في اتجاه شباك الصالة، الشباك اتفتح على آخره…. مفيش أي حاجة أقدر أعملها، مش هقدر أهرب من الشقة، لو في حرامي أكيد هيلحقني… لو أفترضنا أن ده صح، لو في فعلًا حرامي، الذكاء أني أتصرف إني مش واخده بالي منه، بس المشكلة إني من جوايا كنت عارفه أن ده مش حقيقي، مفيش حرامي ولا بني آدم غيري في الشقة والغريب أن ده كان مخوفني أكتر!
لقيت صوت ونور جي من المطبخ، انعكاس النور كان باين على حيطة الطرقة الصغيرة اللي قدامه، لهيب برتقاني هايج!
اديت ضهري للشباك، ضهري بردان ومفاصلي بتترعش من الهوا الساقع وقدامي حرارة بتزيد كل أما أقرب…..
وقفت على مدخل المطبخ مذهولة، عين البوتاجاز كانت والعة، والنار مكنتش عادية، كانت عالية وهايجة زي ما يكون في زيت مدلوق…..
اتحركت بسرعة لما فقت من الخضة وطفيت العين….
الشقة محتاجة صيانة؟ وأنهي صيانة اللي تمنع الأقفال تفتح والعين تولع لوحدها؟؟
حالي اتبدل في دقايق والراحة بقت حيرة ورعب وإحساسي بالشقة مبقاش رومانسي أبدًا زي الأول….
مكنش قدامي اختيارات كتير، كان لازم أجمد، في هدف أكبر من اللي حاجات اللي مش مفهومة والشقة المريبة….
***************قصه مسرح وسط البلد
حاولت أفصل، انسى اللي حصل الليلة اللي فاتت، أتماسك، مش عايزه أفشل في أول اختبار…..
أول حاجة لفتت انتباهي لما وصلت المسرح صوت الشيخ “فهيم”، كان قاعد في ركن تحت خشبة المسرح بيقرا قرآن بصوت واطي ، الستاير كان مفتوحة عالآخر ومفيش حد عالمسرح….
-مالك؟
“عنايات” ظهرت فجأة من ورايا، محستش بحركتها…..
=ولا حاجة أنا تمام ، مستعدة.
بان عليها إنها مقتنعتش…..ردت عليا:
-ولا حاجة إيه، ده وشك اصفر زي اللمونة، مخطوف….إطلعي عالمسرح.
=أطلع؟…
-بقولك إطلعي يالا، “فتحي” مستنيكي….
مش عارفه “فتحي” إمتى جه وإزاي برده محستش بيه، كان موجود عالمسرح، معاه العصايه وماسك البرنيطة بتاعته….
-شوية لعب بيهون!
قال الجملة بصوت عالي كأنه في استعراض… إحنا بدأنا بروفات! فهمت علطول ولازم أسايره وابتدي ارتجل وادخل في الدور.
=لعب؟
-شوية لعب، تسالي، بس مش معنى كده اننا نكروته، حتى اللعب عشان يبقى لعب صح لازمله قواعد ونظام، ولا إيه يا شاطرة؟
=وأنا مستعدة لأي قواعد، لأي تحدي…
صوت ضرب عالطبول انطلق من مكان ورا المسرح، معرفش مصدره بالظبط….
“فتحي” بص للكراسي الفاضية كأنه بيكلم الجمهور، بقى بيتحرك على الخشبة كلها وهو بيقول بنفس النبرة العالية:
-البرنيطة دي برنيطة عادية، مملة ، وظيفتها بس مواكبة الموضة أو شكل وخلاص، أنا بقى عايزها تبقى مش عادية ومش هنجح غير بمساعدتك يا….اسم الكريمة إيه؟
=تاره.
-هحتاج مساعدتك يا تاره.
مد إيده بالبرنيطة وقال لي:
-مرري ايدك عليها وقولي “ألا أونو…ألا دوس…ألا تريس”
بصيتله بشك وأنا بضحك وبهز راسي، أظن ده كان هيبقى رد فعل أي حد يختاره من الجمهور، الشخصية اللي بمثلها كانت هتعمل كده…
قلت ببطء وأنا بمرر إيدي عليها بصوت عالي ومهزوز كأني ماسكة نفسي من الضحك:
=ألا أونو…ألا دوس…ألا تريس
خرجت منها حمامة وطارت لسقف المسرح! صرخت، قلبي كان هيقف، في حمامة كانت موجودة فعلًا جوه البرنيطة….مكنتش متوقعة…. معرفش عملها إزاي، بس تمام رد فعلي برغم أنه كان حقيقي ممكن يكون بتاع الشخصية اللي بقدمها، بالعكس الخضة الطبيعية دي بتخدم الدور، ياريت أقدر أكررها….
-ودلوقتي هتقولي بس ببطء أكتر “أونوس…دوويه…تريس”
هزيت راسي بتوتر وقلت:
=أونوس… دوويه…تريس
حمام كتير! عدد مهول خرج من البرنيطة، أسراب واسراب لحد ما السقف بقى لونه أسود من كترهم والمسرح ضلم…. فضل اصرخ، مرعوبة من اللي بيحصل ، مش شايفه حاجة، وبعدين ظهر نور أصفر….
المصدر كان إيد “فتحي” ، على كفه المفرود كان في شعلة، نار، بدأت تعلى وتعلى وحجمها يكبر لحد اما طالت السقف ، النار مسكت في كل الحمام وحرقته…..
مبقتش أصرخ، النار فوقيا وكل اتجاه حواليا، صوتي إتكتم، مرحلة الصريخ راحت، وقتها كنت بترعش وبصرخ جوايا وبدأت أعيط بصوت مكتوم….
الحمام اختفى والنار اختفت وضوء المسرح الخفيف رجع تاني….
“فتحي” كان بيبصلي وهو بيضحك و”عنايات” والشيخ “فهيم” بيبصولي وهما مربعين إيديهم من تحت المسرح قدام الكراسي…
قصه مسرح وسط البلد
-الله يا آنسة ده إحنا لسه بنبتدي!
الشيخ “فهيم” وجهلي الكلام، بس أنا كنت لسه مشلولة، مش قادرة أرد….
أنا كنت مقتنعة ودلوقتي زادت قناعتي أن الناس دي محترفة، لدرجة إنهم أتعلموا تريكات خفة اليد الحقيقية مش مجرد بيؤدوا أدوارهم…. أكيد، دي خدع “فتحي” اتعلمها، أنا بس اللي مكنتش متوقعة عشان كده إتفزعت….
منظري كان زفت، أكيد جواهم كانوا بيضحكوا عليا، إيه الأوفر اللي عملته ده!
-معلش يا شيخ “فهيم” هي بس عشان لسه مش واخده عالجو….
بعد ما “عنايات” قالتله كده ، وجهت ليا الكلام:
-إحنا بنرتجل زي ما قلنالك قبل كده ومسرحيتنا مش زي أي مسرحية، لازم تتعودي، جمدي قلبك شوية…
***************قصه مسرح وسط البلد
طبعًا بعد الحالة اللي كنت فيها مكنش في حاجة تتعمل أكتر اليوم ده، فركش بروفات… رجعت البيت، معرفش إزاي قدرت أصمد وأوصل له، كنت حاسه كأن في عمارة اتهدت عليا وأي شوية هوا كافيين إنهم يطيروني…..
الوقت عدى محستش بيه، فضلت قاعده على الكنبه وأنا متنحة، مش قادرة أتحرك للأوضة، مش قادرة أغير هدومي ولا أعمل أي نشاط….
النور بدأ يروح، الليل كان داخل… أخيرًا قدرت على نفسي وقمت …..
غيرت وقعدت على السرير، تعبانه، تعبانه جدًا بس مكنتش قادرة أنام، في مرحلة كده من التعب بتخلي الواحد جسمه شادد وجفونه مش قادر تنزل……
قعدت أقلب في فيديوهات عالموبايل، اتسحلت فيها، واضح أن مش باينلها نوم الليلة دي….
سمعت صوت….
غريبة، مش باين في الفيديو اللي كنت بتفرج عليه أي كلب، بس كنت متأكده إني سمعت صوت كلب، الصوت كان واطي…
مش مهم! فضلت مكملة فرجة على الفيديو وبعدين…. سمعت نباح أوضح وأعلى!
وبعديها نباح تاني أوضح وأوضح!
الصوت كان مزعج جدًا، زي ما يكون كلب سعران مش نباح عادي….المشكلة أن الصوت قريب، قريب جدًا، مش مالشارع زي ما يكون…. هنا في الشقة!
قصه مسرح وسط البلد
قفلت الفيديو وإتحركت…مشيت لمصدر الصوت، عمال يعلى ويبقى حاد أكتر، لحد ما وصلت قدام الحمام……
الصوت هنا، خارج من الحمام، كنت متأكده!
وقفت قدام الباب المقفول، مش عارفه إيه الخطوة اللي جايه اللي المفروض أعملها…
الصوت إتقطع، مبقاش في نباح، ومش حاسه بحركة جوه…..
حطيت ودني على الباب وسندت بإيدي الاتنين عليه…. ولا حاجة….
خرجت نفس أخيرًا، قبلها مكنتش عارفه أتنفس… مفيش حاجة….
فتحت الباب بثقة…. لقيت قدامي كلب اسود……
كان قاعد موجه نظره ليا، بيبصلي بعيون حمره، لعابه بيسيل …..نبح بشراسة وهو بيهجم عليا…..
جريت بأقصى سرعة، مش قادرة أتخيل إيه اللي هيحصل لو لحقني….
وقعت عالأرض ، رفعت إيدي الاتنين على وشي وهو بقى على بعد خطوات، أخد وضعية الهجوم ونط عليا…
وبعدين…مفيش….
مهجمش، أنا كنت غمضت عيني، مش عايز أشوفه وهو بيعضني…بس الوقت طول ومبقتش حاسه بوجوده…. فتحت عيني ، ملقتوش!
فص ملح وداب، بصيت حواليا زي المجنونة، مكنش موجود في الصالة، جريت عالمطبخ، سحبت سكينة ومشيت وأنا ماسكاها وبترعش في كل الشقة، دورت في كل شبر، مش موجود، ملوش اثر……
إيه اللي بيحصل؟ إيه اللي بيحصل لي؟ أنا السبب ولا الشقة؟ أكيد الشقة، الشقة دي مش مظبوطة….
شغلت قرآن واتكرمشت في السرير وجسمي كله بيرتجف….
#يتبع
قصه مسرح وسط البلد
“الجزء الثاني والأخير”
الحلم عمال يبعد، بيفلت من إيدي، بقيت حاسه أن اللي كان بيحصل لي هيأثر على أدائي في المسرحية، اليوم اللي حلمت أنه ييجي طول عمري اتحول لكابوس، ومبقتش واثقة في قدرتي إني أفصل أو استحمل…..
شكلي كان مبهدل ، الذعر لسه واضح في عيني، ومع ذلك كملت، جريت رجلي لحد جوه المسرح، لسه بعافر، بحاول أنقذ اللي متبقي من حلمي….
المرة دي “عنايات” اللي كانت عالمسرح، قاعده مربعه ، باصة بتركيز في الفراغ قدامها، زي ما تكون ما شفتنيش، بتراقب حاجة أنا مش شايفاها….
من غير ما تبص ناحيتي قال بصوت عالي:
-تعالي هنا قدامي!
فهمت من اللهجة الاستعراضية إننا بنعمل مشهد ولازم أستجيب وأساير….
قربت لحد ما بقيت قدامها، تنيت ركبتي وقعدت، وشي ف وشها…
مالت براسها وهي بتتأملني….
-ليلة كانت صعبة؟
بلعت ريقي بصعوبة، عيني مفتوحة على آخرها… هي متعرفش أن ده حالي فعلًا، ليلتي أنا مش الشخصية بتاعتي اللي كانت صعبة…
رديت وأنا بحرك شفايفي البيضا ببطء:
=أوي…
خرجت من صدرها منديل أبيض ، غطت عينيا بيه وربطته ورا راسي وبعدين حطت إيدها على أورتي وبدت تقول كلام مش مفهوم….
كنت سامعه الشيخ “فهيم” بيقرا قرآن بصوت واطي زي اليوم اللي قبليه…
-ركزي معايا!
عرفت منين؟! أنا فعلًا كنت سرحت مع الشيخ “فهيم” والحركة اللي في المسرح! أكيد صدفة! إيه اللي كنت بفكر فيه ده، هتدخل جوه دماغي مثلًا؟! دي أجواء الشخصية بتاعتها، طبعًا!…
كملت الكلام الغريب اللي ملوش معنى…. نبرتها وهي بتقوله كانت…مختلفة، مخيفة…. أنا عارفه أن ده كلام مش احترافي، بس كان نفسي تخلص الفقرة دي….عايزاها تبطل اللي بتقوله….
الجمل الغريبة بدأت تتكرر، ميزت بعد شوية إنها نفس الجمل، كل اما تخلصها ترجع تعيدها….. وأخيرًا سكتت…..
الكلب! شايفاه، موجود قدامي، لقيت نفسي في أوضة ضلمة، مفيش نور غير جنبي، نور شمعة ضعيفة، يدوبك مخليني أميز اللي شايفاه قدامي، الكلب الأسود السعران…. نفحة هوا هبت فجأة، حركت شعري، ووداني هحسيتها هتنفجر مالبرد، بعدين في نور تاني ظهر، التفت ورايا لمصدره، نار عالية ضخمة!…..
شلت المنديل من على عيني وأنا بصوت….
قلت بزعيق:
=إيه ده؟!
-يا مسكينة، كل ده مر بيكي؟!
=نعم؟
-كل ده شفتيه، سفخة الهوا ضربت في عضمك، والنار هاجت من غير إذنك والوحش اترصدلك؟
=أنتي بتقولي إيه؟ إزاي عرفتي؟ أنتوا بتراقبوني؟؟ لأ مش للدرجة دي، مش عشان عرض هتدخلوا بالشكل ده في خصوصياتي!!
مسكت إيدي بقوة، ضغطت على مكان المعصم وغمضت عينيها….
-اللي واد اللي كنتي بتكلميه، أول واد، كنتي لسه تامة ال12 من شهر و9 أيام و3 ساعات لما أبوكي دخل عليكي وأداكي العلقة التمام، عرف إنك بتكلميه، بتكلمي إبن الجيران، معاكسة وغراميات…..
لساني إتلجم، معنديش حاجة أقولها، ده فعلًا حصل، في بداية مراهقتي اتكلمت مع إبن الجيران، كان عاجبني ، شغل عيال!….
-أنتي معرفتيش أبوكي عرف إزاي، بس أنا بقى عندي العلم….
=إزاي؟ عرف إزاي؟
-أختك، أختك حبيبتك فتنت عليكي!
قمت مفزوعة، اتلفت وقررت أمشي…
قالتلي وأنا في طريقي لبره المسرح:
-مش الحل أنك تهربي، العفريت طلع مالقمقم… المشكلة مبقتش في الشقة!
وقفت وأنا مدياها ضهري، مستنيه أسمع الباقي…
-أصل الحاجات دي بتبقى زي اللبانة، تو ما تلزق في ضهر الجزمة، بتفضل معاكي مطرح ما تروحي، الحل مش في إنك تهجري المكان اللي اتحطلك اللبانة فيه، الحل إنك تتخلصي ماللبانة اللي هترافقك من هنا ورايح وبقت ساكنة فيكي أنتي!
***************
أول حاجة عملتها لما روحت هو إني كلمت أختي، سألتها قبل ما أسلم عليها أول ما ردت، من غير مقدمات سألتها عن اللي حصل وأنا عندي 12 سنة، إذا كانت فتنت عليا وقالت لبابا…
سكتت…..
=أرجوكي أنا مش بسألك عشان أحاسبك ولا هزعل، ده كانت حوارات عيال، أنا محتاجة بس أعرف…
-ايوه يا “تاره” أنا اللي قلتله…
معلقتش، الموبايل فضل على ودني وأنا غبت في دنيا تانية… فضلت تنده عليا، متهيألي افتكرت أن الخط قطع أو بقى في مشكلة في الشبكة، في الآخر قفلت وأنا لسه مش قادرة أرد….
لو الكلام ده صح، لو “عنايات” عرفت حادثة زي دي حصلت من سنين كتير وعرفت كمان اللي مكنتش أعرفه، يبقى باقي كلامها….. اللبانة! الشبح أو الأشباح اللي بتحوم في الشقة، مبقتش بس مرتبطة بالشقة، دي بقت معايا أنا…..
وبعدين شكيت في حاجة، لأ ده بقى عندي شبه يقين! الممثلين ذاكروا سحر حقيقي، ساحر العروض واللي بتفتح المندل، كل ده عشان العرض يبقى مثالي، يمكن هما مش مدركين ان ده غلط، بس أنا بقى متأكده أنه مصيبة، زي الكُتاب اللي بيكتبوا طلاسم حقيقية في قصصهم عشان يزودوا الإثارة ويدوا للقصة حس الواقعية، الحاجات دي مينفعش يتلعب فيها! عالم مينفعش نقرب منه ونجرب نمسك مفاتيحه ونفتح ابوابه ولو لمرة واحدة….
مسكت شنطتي وفتحت الدولاب وبقيت الم في الهدوم بسرعة، لازم امشي من هنا ومش هرجع تاني المسرح، اللي بيعملوه ده مينفعنيش، بلا فرصة بلا تمثيل اللي هيبقى بالشكل ده….
نزلت سلالم العمارة المكسرة ونسيت حتى أقفل باب الشقة، مش فارق معايا، المهم أخرج، لازم أخرج….
شايفه مدخل العماره، المخرج بتاعي، خطوات تفصل ما بيني وبين نهاية الكابوس….
بمد رجلي عشان أخرج، بس المدخل مبقاش فاضي، اتسد!
في حد واقف سده، إزاي! حد بالطول والعرض ده لدرجة يسد المدخل، هو صحيح المدخل مش كبير بس مش لدرجة حد يقدر يملاه للآخر…..
لما ركزت لقيت أن لون جلده….أزرق، مكانش لابس هدوم، جسمه كان مش طبيعي، مش جسم راجل ولا ست، وشه، ضخم زي جسمه ، عينه شبه الحيوانات البرية، بتنور!
بدأ يتحرك… جسمه انكمش وقدر يدخل العمارة، ماشي …..في اتجاهي…. مشيت بضهري، بقيت أحسس على السلالم برجلي واطلع درجة درجة، وايدي مسنودة عالدرابزين، بعدها حسيت أني بتخنق….
في حاجة واقفة ف زوري، ميه ، بشرق….
فضلت أكح، مش قادرة أتنفس، خرجت من زوري ميه كتير، بس إحساسها كان غريب، كأنها كتلة مش ميه سايلة… لثانية نسيت وجود الكائن ، وطيت ابص على كتلة الميه لقيتها في شكل ضفيرة شفافة، عُقَد!
الكائن مبقاش موجود….
كان لازم أرجع الشقة، أدركت أني مش هقدر أمشي منها غير لما أحل الكارثة اللي بقيت فيها، اللي معمول ليا أو بيحصل لي لسبب ما لازم يزول….
***************قصه مسرح وسط البلد
-عتبتنا متتسابش صح؟ اللي يمشي منها ولو بإرادته لازم ولابد هيرجع….
“فتحي” قال جملته لما لقاني داخلة عليهم…..
رديت وأنا باين عليا الضيق وإني جايبة أخري:
=أنا مش في مود تمثيل!
-وإيه اللي معكنن مزاجك؟
كمل بنفس الإسلوب ولا كأني قلت حاجة، زعقت:
=يوووه، كفاية بقى!
-والنفاثات في العقد!
بصيت ناحية الشيخ “فهيم” لما قال كده، عارف! أكيد دي مش صدفة ولا إرتجالة، عرف أني كحيت عقدة!
المرة دي كان قاعد على طرف المسرح، طلعتله، قعدت قدامه…. سألته:
=هو أنا معمول لي سحر؟
-أنتي شايفة إيه؟
=مش شايفه حاجة، مش شايفه اللي وره اللي بشوفه، أنا في شبكة ألغاز كبيرة، فريسة قعده مستنية باستسلام اللي هيدخل ويقضي عليها….
-متقلقيش يا بنتي أنا هفك العمل اللي معمولك!
=معمول لي؟ حد قاصدني أنا؟؟ ليه؟ أنا عمري ما أذيت حد ولا أعرف ناس بالعقلية دي، بتاعة الأعمال والسحر…
شد إيدي وبقى ماسكها وحط إيده التانية عليها وبدأ يقرا قرآن…
صوته كان واطي زي المعتاد…. غمضت عيني، بدأت استرخي، بس الوضع مستمرش كده كتير…. عشان لما ركزت لقيت أنه مش بيقول قرآن! السجع والنبرة كأنه بيقول قرآن بس في الحقيقة كان بيقول حاجات تانية، كلام مش فاهماه، لغة غريبة…شبه اللغة اللي “عنايات” كانت بتتكلم بيها وهي بتفتح المندل….
فتحت عيني، لقيت عينه كانت كلها بياض، مفيش بؤبؤ…..
ووراه كان واحد واقف لون جلده أزرق….
اتنفضت من مكاني، شاورت على اللي كان وراه وقدرت أخيرًا أنطق، قلت بصوت مرعوش:
=أنت! أنت!
“عنايات” قربت مني، حاولت تهديني بس أنا صوتي كان بيعلى وتوتري بيزيد:
=البني آدم ده كان في بيتي إمبارح، وقف في مدخل العمارة ومنعني إني أخرج…..
“عنايات” قالت:
-ده الرابع اللي قلتلك أن دوره مش كبير، هو الجن اللي بيستعين بيه الشيخ “فهيم” عشان يفك العمل اللي معملولك.
=لأ، ده كان موجود عندي إمبارح!
راجعت الكلام اللي بقوله جوه دماغي، لقيته سخيف ومش منطقي، إزاي الممثل ده بجحمه الطبيعي يقدر يبقى عملاق ويسد مدخل العمارة؟؟
كأني بوصلة باظت وفقدت الحس بالاتجاهات، حركتي بقت مش بمتزنة، بتحرك في كل الاتجاهات…. اللي بقيت متأكده منه في التوهة اللي أنا فيها أنهم بيلجأوا لسحر حقيقي وبيقولوا طلاسم، لزوم الحبكة الدرامية…
قلت للشيخ “فهيم”:
=عينك!
-مالها؟
=عينك كانت كلها بيضة، أنت مش بتقول قرآن، بتقول طلاسم، لغة الجن!
-طب ودي فيها إيه؟؟
=فيها إيه؟ ده إيه البجاحة دي؟ بتقولوا طلاسم وتعملوا سحر؟ إيه هتخلوا الناس اللي هتيجي تتفرج تتلبس؟! أنا نفسي اتلبست من الهباب ده….
سكت وأنا بجمع ، ضحكت لما حسيت أني بدأت استوعب وكملت كلام:
=اه عشان كده، عشان النجاسة دي، ركبتولي العفاريت….
-طب مش يمكن اللي عندك ميتصرفش غير باللغة اللي يفهمها…. ممكن نكون اللي بنصرف مش اللي حضرناه….
=بس بقى، أنا زهقت، عايز أخرج من الدور وانتوا بطلوا تمثيل ، عايزين نتكلم جد، أنا ف خطر، تغور الفرص على العظمة على الأحلام، أنا منسحبة!……قصه مسرح وسط البلد
الباب الخشب اتقفل، كأن في هوا عنيف قفله…..
بصيت ورايا لقيت “فتحي”، كنت حاساه مش ماشي ، بيقرب بسرعة رهيبة كأن رجليه مش بتلمس الأرض أو أكون أنا اللي بقرب، الأرض بتسحب من تحتي وبتقربني ليه…
-ومين بقى اللي هيسد مكانك، مين اللي هيعمل دورك؟
=مش فارق معايا، أي حد، أي حد ممكن ياخد دوري، حلال عليه ن ولو الدور هيتحفر في سجل المسرحيات والأعمال الفنية العظيمة…
الشيخ “فهيم” قال:
-لو قعدتي هنديكي علم وخبرة بحياتك كلها، محدش غيرنا هيديهالك.
=مش عايزاها، مش عايزه…
“فتحي” على يميني و “فهيم” على شمالي وقدامي ظهرت “عنايات” وكانت آخر واحدة وجهتلي الكلام…
-متأكده أنك عايزه تمشي، الفرصة زي القطر اللي سكته واحدة، مش هيستناكي ولا هيرجع يعدي عليكي تاني.
=متأكده!
-طيب يا حبيبتي حظ سعيد مع سكان البيت اللي بقوا رفقا ليكي، اللي مش هيسيبوكي.
الباب اتفتح لوحده… اترددت لحظة بعدين قررت أخرج….
مبصتش ورايا، مكنتش واثقة أني عايزه اشوف اللي بيحصل….
***************قصه مسرح وسط البلد
لو حصل إيه مش ممكن أرجع، قصة المسرحية دي اتقفلت بالنسبة لي، بس إزاي هخرج من اللي أنا فيه؟ لو كان فعلًا الحل في إيديهم ، لو كان فعلًا معمول لي عمل أو ممسوسة مين هيقدر يساعدني؟
كل دي أفكار كانت بتدور في دماغي، كنت حاسه أن هيحصل لي حاجة…
بس في حاجة تانية افتكرتها ، خطوة كان لازم أعملها….
اتصلت بالصديق اللي جابلي الشغل ده، أنا مدينة ليه برده ولازم أحاول اشرح له موقفي….
=أيوه يا “مهاب” أنا قلت لازم أبلغك بنفسي، أنا آسفة بس كان لازم أنسحب، مش هكمل في المسرحية أصل…
قاطعني وقال:
-يووه، يا خبر، أنا آسف جدًا، نسيت أبلغك إنها اتكنسلت….
=هي إيه دي اللي اتكنسلت؟
-المسرحية، حصل خلاف كده وفركش محدش حضر…
=محدش حضر؟! يعني محدش جه المسرح؟!
-لأ، محدش راح، أنتي أكيد رحتي وملقتيش حد، غلطتي أنا، أنا بجد مش عارف أعتذرلك إزاي….
مسمعتش ولا حاجة بعد كده، الصوت إتكتم ، دماغي مبقتش تستوعب ولا تترجم أي كلام…. أول لما المكالمة خلصت فتحت اللاب توب وعملت بحث باسم “فتحي الساحر” و”الشيخ فهيم” و”عنايات ساحرة المندل” …. لقيت كام نتيجة ، صفحات قليلة، فتحت واحدة منهم ولقيت صورة، تاريخها 1934 موجود فيها “عنايات” جنبها “فهيم” و”فتحي”….
وتحتها اتكتب أنهم كانوا مجموعة من السحرة عاملين زي حلف، بيشتغلوا مع بعض وكانت في إشاعات قوية أنهم كانوا بيعملوا اعمال وبيستعينوا بالجن وأذوا ناس …. نهايتهم أن المكان اللي كانوا بيتجمعوا فيه اتحرق بيهم وفي جيران شهدوا أن قبل الحريقة مباشرة شافوا كلب أسود سعران بيحوم حوالين البيت….
المرة دي ملمتش هدومي، اكتفيت باللاب توب والمحفظة والموبايل ونزلت من غير ما أبص ورايا….ظهرلي الكلب الأسود في مدخل العمارة وكنت حاسه أن في حاجة بتشد جسمي لورا، بس أنا موقفتش، فضلت مكملة لحد ما وصلت للكلب، في سري قريت آية الكرسي…الكلب كان فاتح بقه، لعابه بيسيل وبيجز على سنانه…. مشيت كأنه مش موجود، عديت من جنبه وخرجت من العمارة…..
قصه مسرح وسط البلد
مجريش ورايا ، محاولش يهجم….
في النقطة دي كنت أدركت أنهم كانوا بيزرعوا جوايا الخوف وبيحسسوني إني مش هخرج من دايرة الأذى إلا بمساعدتهم وهما نفسهم اللي بطريقة ما كانوا السبب، هما اللي خرجوا العفاريت من القمقم ويمكن الشقة تفضل مسكونة ويمكن لأ، بس أنا لعنتي كانت انتهت….الله أعلم بقى اللي بعدي هيحصل في إيه، اللي هيدخل في يوم المسرح لوحده، للأسف عمرنا ما هنعرف قصته أو اللي حصل معاه ده لو قدر يخرج من جحيمهم زي ما خرجت…..
تمت
قصه مسرح وسط البلد
#ياسمين_رحمي
قصه مسرح وسط البلد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى