الحلقة الثامنة والعشرون
ليست خطيئتى
………………………
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
الظلم ظلمات يوم القيامة ، ومن ستر مسلما ستره الله .
ومن عاب ابتلى ، والكلمة السيئة تهوى بصاحبها فى النار سبعين خريفا .
وهذه كلها نصائح نبوية ، تخصنا على عدم الخوض فى الأعراض والسكوت عن الباطل طالما ليس هناك بينة وان الستر اولى من الفضيحة .
ومع ذلك تهامس العمال على ادهم وسهام ، رغم علمهم بأخلاق ودين ادهم ، ولكن هذا مجتمعنا للأسف تعجبه الفضيحة فينشرها ، اما الفضيلة فيكتمها .
تعارض بين الأثنين ، وكلا مجازا بما فعل .
……….
غضب ادهم كثيرا عندما أخبره مجدى بتهامس العمال ، ولم يدرى ما يفعل فى تلك المشكلة ،والخوف من أن يصل هذا الحديث إلى زوجته التى قد تطلب الطلاق وهو منها برىء .
ادهم …لا حول ولا قوة الا بالله ، ربنا يسامحهم ويهديهم .
ومن زعلى كنت هنسى اقولك على خبر مهم جدا هيفرحك اوى .
مجدى مبتسما …خير يا خويا وصاحبى ,فرحنى .
ادهم …سارة حامل يا مجدى .
فكبر مجدى ….الله اكبر ، بسم الله ماشاءالله .
اخيرا يا حبيبى. هيكون ليك عيلة ، تنسيك وتنسينا الوحدة واليتم .
ادهم ..الحمد لله ، ربنا خزينه واسعة اوى ،وان شاءالله ينجينا من المشكلة دى كمان ،زى ما نجانا قبل كده .
مجدى ..ياريت بس ازاى ؟
ولم يستكمل مجدى كلماته حتى ولجت إليهم سهام ، وقد اصطنعت البكاء مرددة ….ألحقنى يا ادهم بيه .
ابوس ايدك .
فتعجب ادهم ومجدى من بكائها وطريقة حديثها.
فقال ادهم بفزع ….فيه ايه يا مدام سهام قلقتينا .
سهام ببكاء مصطنع ….سمعتى يا ادهم بيه .
يرضيك كده بقت على كل لسان !!
ثم نظرت إلى مجدى ،مكررة نفس الكلمات .
حرام والله حرام اللى بيحصل ده .
وظلم كمان .
ده أهلى لو عرفوا يموتونى .
فنظر ادهم إلى مجدى بحزن ، وكأنه يستنجد به ما يفعل ؟
وسهام مستمرة فى البكاء ، وتتوسل الى ادهم أن يجد حلا لتلك المشكلة وان يقطع ألسنتهم عنها .
سهام …ارجوك يا ادهم بيه ، اعمل ايه ؟
انا مش قادرة اسمع كلامهم انى إنسانة زبالة ،وانى استغفر الله العظيم ماشية معاك فى الحرام .
قولهم اى حاجة ، ده عرضى ،ويستحيل اوافق على اى. حد ينهش فيه بالطريقة دى .
ففكر مجدى للحظات ثم قال ….بصى يا سهام ، احنا مش هنقدر نسكت كل الألسنة للأسف .
لكن كل اللى تقدر نعمله ، أننا ممكن نشغلك فى اى مكان تانى بعيد عن المصنع ، بالمرتب اللى انتى عايزاه .
وبكده تبعدى عن الكلام .
وتبدئى حياة جديدة فى مكان جديد .
فقطبت سهام جبينها وحدثت نفسها بغضب ….امشى من هنا ازاى ؟
لا ده انا روحى هنا ويستحيل امشى غير لما يحصل اللى فى بالى .
سهام …لا يستحيل امشى وانا عينى مكسورة كده .
انا ممشيش الا وراسى مرفوعة ، عشان عينى لو جت فى عين حد فيهم بعد كده .
يقول هربت من الكلام لا ، ده مش طبيعى.
مجدى ..يعنى عايزة ايه ؟ مش فاهم .
والكلام مش يخصك انتى بس .
ده كمان ادهم بذات نفسه ، لكن أما تمشى .
ممكن مع الوقت العمال تهدى وتنسى والوقت كفيل بمدواة اى شىء .
سهام ….حضرتك بتكلم كده ، عشان راجل والراجل ميهموش اى كلام .
لكن الست مننا باللنسبالها شرفها ، ده اغلى شىء بتملكه.
يا مجدى بيه .
ومش بالساهل كده اهرب وانا عينى مكسورة ومظلومة .
ادهم …طيب عايزانى اعمل ايه ؟ عشان ترتاحى يا سهام .
سهام بمكر….مش عارفه يا ادهم بيه ؟
بس حضرتك لازم تصرف ، ضرورى وبسرعة ارجوك .
قبل ما اى كلام يوصل لأهلى.
فوضع ادهم يده على رأسه قائلا…انا رأسى قربت تنفجر ومش عارف فعلا افكر كويس .
عشان اقدر اساعد فى المشكلة دى .
فقامت سهام برمى القنبلة من لسانها بقولها …نجوز يا ادهم .
قصدى يا ادهم بيه .
فجحظت عين ادهم قائلا بعدم تصديق ..انتى بتقولى ايه ؟
انتى شكلك اتجننتى ولا حاجة !
انا راجل يا مدام ، مجوز .
وبحب مراتى جدا .
ويستحيل ابص عليها حتى ، فما بالك اتجوز عليها.
سهام …انا عارفة يا ادهم بيه .
بس صدقنى مفيش اى حل غير كده .
ولو حتى جواز على الورق بس ، لغاية ما الأمور تهدى .
وترجع طبيعى .
وبعدين ساعتها تقدر تطلقنى .
فانفعل مجدى بقوله …هو الجواز والطلاق كده بالساهل .
انتى عارفة ده معناه ايه ؟
ده مراته لو شمت خبر ،ممكن تخليه يطلقها ..
سهام بمكر …متخفش انا ساعتها هروح واقولها الحقيقة.
أنه جواز سورى كده مؤقتا ، عشان الكلام وبس .
ادهم ….لا يمكن تتقبل ده مراتى ابدا ، انا عارفها .
وصعب فعلا اعمل كده للأسف .
فبكت سهام كثيرا قائلة ….عوضى عليك يارب .
ثم رددت إليه ….خلاص يا بيه .
ما انت صح بيه كبير وتقدر تشترى كلامهم بالفلوس .
لكن أنا غلبانة ، أو كلبة تترمى اى. وقت.
فانا ماشية ،وزى ما يحصل يحصل .
ثم فكرت فى فكرة جنونية لتستميل قلبه بقولها .
انا هريحكم منى خالص ، وهرمى أرمى نفسى عند اى محطة مترو تقابلنى .
ثم نظرت له بمكر مرددة ….سلام يا ادهم بيه .
بس لما ربنا يسئلك عنى ، انك مقدرتش تستر مسلمة .
شوف هترد تقوله ايه ؟
فتوتر ادهم ونظر لمجدى الذى تفاجىء بما قالته سهام .
وشعر أن ادهم قد وقع فى مأزق شديد جدا .
لانه بطبعه لا يستطيع أن يظلم أحد ابدا .
فكيف له أن يتحمل إثم انتحارها وموتها.
وتصبح رقبتها فى رقبته يوم القيامة .
تخشب جسد ادهم ، واحتقنت دماؤه وكاد أن يغشى عليه .
كلما توجهت سهام نحو الباب .
وكانت تمشى بخطوات ثابتة ثقيلة للغاية .
تتنظر أن يتحدث بما يرضى غرورها وطمعها فيه .
غير مبالية بما تعانيه نفسه ، أو شعور زوجته أن علمت بذلك الأمر .
المهم هى أن تحظى به وتكون لها مكانة عنده ،وتحظى بماله .
وما أن اقتربت نحو الباب ، حتى صرخ ادهم قائلا …استنى يا سهام .
استنى .
ثم جلس على مقعده ، ووضع يده على رأسه .
وتساقطت حبات العرق من وجهه .
وشعر بالاختناق ، وبدء يفك من رابطة عنقه .
فأشفق مجدى عليه ، لانه يعلم حقا مدى حب ادهم لسارة .
وكيف أن علمت سارة بهذا ، لها أن تبتعد عنه.
وان بعدت فهى فيها موت ادهم بالبطىء وخصوصا انها تحمل طفله أيضا ، الذى تمناه طيلة حياته .
أن تكون له عائلة تعوضه عن ما مر به من يتم وقهر .
فاقترب من ادهم ، وربت على كتفه بحنو قائلا ..أجمد كده يا صاحبى .
واكيد ربنا هيحلها من عنده زى كل مرة .
وسبها على الله .
ومتخفش من اللى جى .
اكيد ربنا مش هيحرمك من نعمته عشان انت شكرته كتير .
فنظر له ادهم بحزن قائلا …دى سارة يا مجدى .
فاهم يعنى ايه ؟
يعنى عمرى وحياتى كلها .
فحدثت سهام نفسها بغيظ ….قد كده بيحبها ، اه يا نارى .
بس ولى خلق الخلق يكتب بس عليه .
وابقى حلاله ، هدلعه واوريه اللى عمره ما شافه مع مراته دى .
لغاية ما تخليه ينسى اسمها خالص .
بس ينطق بقا عشان تعبت من الوقفة .
وعايزة اقعد وامخخ كده ، هيحصل ايه لو قرر يتجوزنى .
وازاى اجره ليه بالناعم .
ادهم بإنكسار …على الله فعلا .
وربنا يسترها معانا يا صاحبى .
ثم نظر إلى سهام قائلا …خلاص يا سهام .
انا هتجوزك على سنة الله ورسوله .
سهام بفرحه …الله يجبر بخاطرك يا بيه .
ويستر عرضك زى ما سترت عرضى يا قادر يا كريم .
ده انا هعيش خدمتك لاخر يوم فى عمرى .
مجدى …متأكد من قرارك ده يا ادهم .
ادهم …ايوه يا مجدى .
ثم نظر ادهم إلى سهام ساخرا بقوله …خدامتى ايه بس .
هو لغاية وقت معين .
وكل واحد يروح لحاله .
ومش هترجعى المصنع تانى وهعملك انا مصروف شهرى تقدرى تعيشى بيه على طول .
سهام محدثة نفسها ….ايه الجوازة اللى ملهاش طعم ولا لون دى .
على العموم بس هى أول خطوة تعدى وبعدين الباقى سهل .
ادهم إلى مجدى ….دلوقتى تقدر تقول فى المصنع أن الهانم مراتى وكان جوازنا فى السر ، عشان مراته متحسش بحاجة .
وده خلال عادى ، ومحدش يقدر يكلم بعد كده .
وأنه شغلها معاه عشان تكون جمبه ، لكن بعد ما حصل الكلام يستحسىن أنها تبعد عشان الاحراج .
وياريت محدش ينقل الكلام عشان ميوصلش لمراته .
والدنيا تخرب ..
مجدى ….ربنا يستر .
ماشى كلامك يا ادهم ،وعداك العيب.
وان شاء الله أزمة وتعدى .
ادهم …يارب .
مجدى بتفكير ….مهو ممكن نقول كده من غير عقد جواز.
واهو كلام وخلاص .
فكادت سهام أن تخلع حذائها وتضربه به من الغضب .
لولا تدخل ادهم بقوله ….لا لازم جواز ، عشان أنا عارف أنه ممكن يقولوا .
أنه ده تمثيليه عشان نسكت عن اللى حصل وأنهم لا مجوزين ولا حاجة .
فساعتها تطلع لهم شهادة الجواز .
ادهم ….تصور صح .
طيب على كده ، ربنا يكون فى عونك صراحة .
وهنا ابتسمت سهام ابتسامة النصر .
وأشار إليها ادهم قائلا ….اتفضلى بينا على اقرب مأذون يا هانم .
وانت يا مجدى ، أجل الكلام لبكرا اكون استعجلت المأذون فى شهادة سريعة .
مجدى …..تمام زى ما تحب .
……..
وبالفعل خرج ادهم ومعه سهام على مرأى من العمال .
ليتحدث أحدهم ….لا الأمر كده زاد عن حده .
والبنت جبارة عرفت تلعب عليه .
بس ازاى يخرج بيها كده عينى عينك !!
دى مكنتش اخلاق ادهم بيه خالص .
للدرجاتى وقع فى حبها .
أما كريم فقال ….مش شايفة البت عاملة زى المانجة تتاكل اكل .
من حقه ميقدرش يقاوم الجمال ده .
فسمع مجدى ذلك الكلام ، فقال …ربنا يستر عليك يا ادهم من اللى جى .
………………..
وبالفعل ذهب بها إلى أقرب مأذون وكتب عليها بشهادة الشهود من قبل المأذون .
وكتب لها ادهم شيك بخمسون الف جنيه ، كمهر ومثلهم مؤخر .
كما مبلغ شهرى خمسة الالف جنيه تعيش به ، بديلا عن العمل فى المصنع .
فلمعت عين سهام من الفرحة وحدثت نفسها …ايه ده انا حاسه انى بحلم يا ناس .
بس برده ده عنده شىء وشويات .
وانا لو صرفت من الفلوس ده هتخلص بسرعة.
على رأى المثل خد من التل يختل .
وعشان كده ، انا لازم اكون مراته حقيقى ويحبنى بجد .
واكون الكل فى الكل ، عشان يغرقنى من النعيم اللى عايش فيه .
استقلت سهام مع ادهم سيارته ، وجلست بجانبه .
فقال بنفور …..دلوقتى هوصلك للمكان اللى عايشة فيه .
فبكت سهام باصطناع …برده دى تيجى يا باشا .
توصلنى بنفسك لحارة سد .
وياريت كمان شقة ، دى اوضة فى السطوح .
بتحرقنى نار الشمس فيها فى الصيف.
وبتغرقنى مية الشتا فى الشتا .
ادهم بحزن ليه كده ؟
وليه مرجعتيش تعيشى مع أهلك بعد ما اطلقتى من جوزك .
سهام …اعيش مع مين !
ده ابويا مصدق يجوزنى عشان يخلاله الجو مع مراته .
واخواتى مراتتهم محدش بيطقنى منهم ، ولا عايزنى اعيش معاهم .
فعشان كده ملقتش غير الأوضة دى انستر فيها وخلاص .
وجيت اشتغل عندك عشان اعرف اجيب لقمة نضيفة .
وحصل اللى حصل .
ادهم …..لا حول ولا قوة الا بالله .
طيب بصى ، انا هوصلك ، بس تلمى هدومك .
وتنزلى تانى ، هشوفلك اى شقة ايجار جديد .
وانا هدفعلك الايجار بانتظام متقلقيش ..
فأمسكت سهام يده لتقلبها .
فابعدها ادهم عنه .
فنظرت له سهام برغبة ….ايه يا باشا .
هو انا وحشة ولا وحشة .
وانا خلاص بقيت مراتك على سنة الله ورسوله .
فعادى المس ايدك وابوسها كمان .
ادهم بنفور ….لا ملهوش داعى .
ثم قال محذرا ….وزى مقولتلك ده جواز على الورق بس .
وفى اى لحظة هطلقك ، بس هصرف عليكى زى ما قولت .
غير كده انسى اى حاجة تانية .
فنظرت لها سهام بإنكسار مصطنع قائلة …اللى تشوفه يا باشا .
ثم انطلق بها إلى مسكنها لتحزم ملابسها وتترك تلك الغرفة اللعينة التى شهدت فقرها .
إلى عالم آخر صنعته بمكرها ، على حساب انسان كريم بأخلاقه ، وعلى حساب زوجة تحب زوجها ولكن ستظن أنها انخدعت به .
وستقلب حياتهم رأسا على عقب .
……..
وبالفعل أخذها ادهم إلى أحد الشقق المفروشة ، لتعيش بها وسيدفع هو كما قال أجرها كل شهر .
وقف ادهم عند باب الشقة مودعا لها ….عايزة اى حاجة قبل ما امشى .
سهام بنظرة حب …عايزة سلامتك يا باشا .
واكتر الف خيرك
وربنا يسترك دنيا وآخرة .
ادهم ….طيب انا ماشى ، السلام عليكم .
فقامت بالنداء عليه قائلة …ادهم بيه .
فالتفت ادهم لها قائلا…نعم ، فيه اى حاجة .
فتقدمت إليه .
وعيونها تلمح بالرغبة قائلة بشوق ….ادهم انت قولت جوازنا على الورق وانا قبلت ده بس انا برده ست وشايفة جوزها قدامها وانا محتاجة حتى تضمنى ليك بس مش اكتر من كده .
فاتسعت عين ادهم ،وارتجف وقال بنفور ….لا لا ارجوكى .
كفاية اللى حصل ،ومكنتش عايزه يحصل .
وياخوفى من اللى جى .
سهام ….ارجوك ده انا حلالك ومراتك .
عشان احس ولو للحظة واحدة بالأمان والاستقرار.
مجرد لحظة واحدة ارجوك .
……….
فاحتار ادهم ما يفعل ؟
نعم هى أصبحت زوجته وحلاله ولكن حبه لسارة يمنعه من فعل ذلك .
فماذا يا ترى سيفعل ادهم مع تلك اللئيمة ؟.
وكيف ستعلم زوجته عن تلك الزيجة ؟
وما ستفعل ؟
وكيف سيكون تأثير ذلك على. ادهم ؟
…….
ستعلم من خلال الحلقة المقبلة بإذن الله تعالى
وهتكون الأخيرة بإذن الله مع الخاتمة
نختم بدعاء جميل
“أبعد عنآ يا الله من ينظر لنآ بعين الحسد ويتمنى زوال النعمة عنّآ فنحن شاكرين لك ممتنين لرزقك ونتمنى لغيرنآ الخير”
……..
شيماء سعيد ام فاطمة