قصة وانقلب السحر للأسف غلطوا جدًا لما علمونا زمان إن الطعن بيجي من الشخص الغريب بس عشان كده لازم منسمحش لحد يقرب أكتر من اللازم إلا لو كان محل ثقة وبلا بلا بلا، الأصح يعملونا أزاي نحمي نفسنا من الحيات المحيطة بحياتنا، الشياطين المُتقمصين صلة القرابة، لأن دول خطرهم أشد، ولما بيتكشفوا الأوان بيكون فات جدًا، زي ما اكشتفت ده بعد ما خسرت أهلي ونفسي..
صاحبتي آمال قالتلي كده فجأة بدون مقدمات بمجرد ما برنامج الرعب اللي بنسمعه خلص، بصتلي فجأة وحسيت كأنها عايزه تعيط، قولت يمكن خايفة ولا حاجة، سكتت شوية وبعدين كملت:
أنا مامتي كان بيحصل فيها كده برضو، مش بالظبط يعني، الموضوع بدأ من حوالي ٥ سنين، كنت لسه في ثانوية عامة وكده، أخواتي البنات كان بيتخانقوا عادي زي أي أخوات، ماما فضلت تسلك بينهم وخالتي معاها، بعدين خالتي أخدتني أنا وأخواتي الاثنين وروحنا أوضتنا وقعدت تنصحنا كتير، شوية وسمعنا صوت حاجة بتقع على الأرض، طالعنا لقينا ماما اغم عليها وجسمها بارد ومتخشب جداً، حاولنا نفوقها بس مفيش أي رد منها، لغاية ما بابا جيه وفضل يحاول معاها لغاية ما فاقت، بس كانت لسه مش طبيعية، فضلنا نحاول نتكلم معاها بس مكنتش بترد علينا وعماله تبصلنا كلنا بطريقة غريبة مريبة، بابا سندها ووداها الأوضة وفضلت بعديها كذا يوم مش بتتكلم معانا، قلقنا عليها وبابا جاب لها معالج نفسي في البيت وصف لها شوية مهدئات ومغذيات عشان صحتها، كان بيركبلها محلول وبمجرد ما وصله بجسمها ماما اختفت تماما من العالم، اغم عليها وتقريبًا مكنش فيه نبض وفضلت تعمل أصوات غريبة، لغاية ما شاله من ايديها ونبضها بدأ يرجع براحة.
خالتو قلقت جداً عليها وخصوصًا إنها بقت كل ما تتعصب أو تزعل يحصلها نفس الحالة تاني، وحتى لما بقت كويسه شوية مبقتش تكلمنا الأول، فاقترحتْ على بابا إنه يجيبلها شيخ، مكنش موافق في البداية بس اقنعته في الآخر وجابت هي الشيخ، جيه تاني يوم وقعد مع ماما في الصالة وفضل بابا وخالتو معاهم، وأنا وأخواتي كان واقفين ورا الستارة بنراقبهم، الوضع كان مخيف ومرهب، كنا أول مرة نشوف حاجة زي ديه برا التليفزيون، الشيخ بدأ يكلم ماما ويقول قرآن وحاجات كتير كده وشوية لقينا ماما بتتكلم، بس مش بصوتها، ولا بصوت أنثوي حتى، ده كان صوت راجل، الشيخ فضل يتحاور معاه فقاله: هفتحلك مكان تخرج منه وتسيبها.
– أنا مش لوحدي، ولو خرجت هما مش هيخرجوا، ده أمر واجب التنفيذ.
– أنتو كام واحد؟
– تلاته.
– مسلمين؟
– فينا واحد مسلم.
– مين اللي عمل كده؟
– واحدة ساكنة هنا في نفس المنطقة، بيتها آخر بيت في الشارع اللي ورا.
اتصدمنا كلنا وبصيت لأخواتي بصدمة لما استوعبنا ده بيت مين، وبابا كان أكثرنا، الشيخ كمل: طيب العمل مدفون فين؟
– فيه واحد قدام البيت.
– طيب أخرج منها.
– مش هيسبوني في حالي.
– أخرج متخافش، أخرج من صباع رجليها الصغير.
وماما قعدت تنتفض جامد لغاية ما سكنت فجأة، بابا شالها وسط ذهولنا ووداها الأوضة وأختي الكبيرة فضلت معاها وبعدين طلع للشيخ تاني، سأله: بيت مين اللي وصفه ده؟
بابا قال بصعوبة: أمي!
خالتي بصتله بإتهام قاتل والشيخ قاله: بتمنى تحلوا الخلافات اللي بينكم ديه، والعمل أنا هاخده معايا وابطله بطريقتي.
بعدين الشيخ كتب شوية آيات في ورق متفرق، ورقة ماما تقرأها وهي بتستحمى بعيد عن الحمام طبعا، وورقة على المياه اللي هنشربها، وورقة على الأكل وهكذا.
بس قبل ما يكتب بص لخالتو بطريقة غريبة وهي كمان، بس كانت لحظات قبل ما بابا يلاحظ نظراتهم الغريبة ديه، وبعد ما الشيخ مشي خالتو قربت من بابا وقالت له بطريقة ذات مغزى بابا فهمه تقريباً بس أنا لأ: فيها أيه لو كنت سمعت الكلام من الأول؟ مش كان أريح؟
بابا قالها عشان ينهي الحوار ده: متشكرين يا عفاف وأكيد لما نحتاج حاجة تاني هنبلغك.
عدى سنين على الموضوع ده، سنين كتير، ماما بقت أحسن شوية، أو ده اللي كنا فاكرينه…
بابا في يوم كان بايت في المزرعة مع الدكتور لأن البهايم كانت تعبانه، وأحنا كنا قاعدين مع ماما عادي، فجأة وأحنا بنتفرج على التليفزيون قامت دخلت أوضتها وغيرت هدومها وكانت عايزه تخرج، طبعاً قفلنا الباب بالمفتاح وخبيناه كويس، وبعد نقاش طويل أقنعانها تقعد في البلكونة، جبنا كرسي وقعدناها وفضلنا واقفين حواليها مترقبين لأي خطوة منها، قامت ناحية السور وبصت تحت وبعدين بصتلنا بخوف وهي على وشك البكاء وقالتلنا: متنزلونيش تحت، اوعوا تنزلوني!
بابا جيه تاني يوم الصبح وحكيتله اللي حصل، كنا قاعدين معاها في الأوضة، صحيت فجأة وهي بتترعش وبتبصلنا بخوف عشان تتأكد من هويتنا، بعدين قالت لبابا وهي بتعيط: مش هيسيبوني، مش هيسيبوني!
بابا قالها عشان يطمنها: أهدي بس متخافيش مفيش حد هنا غيرنا.
– لأ أنا شوفتهم، شكلهم كان وحش جداً، كان بيجروا ورايا عايزين ياخدوني معاهم، جسمه كان أسود، مليان حفر وكأن حد كفى سجاير في جلده، عنده قرنين فيهم أشواك ضخمة وحادين شبه الصبار، ديله وكأنه مركب فيه حية، ده بس اللي شوفته كويس، كان بيتوعدلي، عدينا من قدام قبر أختي، شوفتها، قعدت تعتذرلي، وقالتلي خلي بالك على نفسك، جيه تاني وسابته ياخدني، مدافعتش عني، هو قالي بصوت مخيف جداً “المقاومة مش هتفيدك، شوفتي مقومتها عملت فيها أيه؟”
بصت لبابا بعتاب وقالتله: هي لسه بتحبك.
بعدين بصتلي وقالتلي بكُره: أنتِ شبهها، أنا بكرهك جداً.
قامت وقربت مني وصرخت فيا: بكرهههههك!
عيطت وقولتلها: ماما أنا آمال، أنا…
بابا صرخ فيا: اطلعي برا دلوقتي يا حبيبتي، اطلعي يالا.
طلعت وفضلت أعيط طول اليوم، مكنتش مصدقة إنها قالتلي كده بجد، فضلت في أوضتي طول اليوم وخايفة أخرج منها لا تكرر كلامها ده، تاني خرجت من الأوضة، البيت كان هادي جداً،فكرتهم كلهم نايمين بس وأنا معديه قدام باب الشقة سمعت صوت حد بيناهد، طلعت أشوف فيه أيه لقيت ماما واقعه على السلم وكأن فيه حد مكتفها وعمال يضربها، حاولت أقرب منها عشان أساعدها بس حسيت بضربة قوية خبطتني في الحيط جامد ومحستش بأي حاجة غير تاني يوم الصبح.
الموضوع مينفعش يتسكت عليه أكتر من كده أنا حقيقي أعصابي تعبت!
روحت لجدتي، أساس كل المصايب، فتحتلي الباب، كان بقالي ياما مشوفتهاش، مكنتش أعرف إنها كبرت وعجزت كده، بعد ما قعدت قولتلها: من غير لف ودوران كتير أكيد عارفه كل اللي بيحصل في ماما، وأكيد برضو عارفه إنك أصل كل المصايب اللي بتحصل في حياتنا، أنا مش عايزه حاجة أكتر من حل لكل اللي بيحصل ده، لو مش عشاني أنا وأخواتي أو عشان ماما فعشان ابنك اللي شعره شاب بدري من الغُلب اللي بيشوفه!
قالتلي بنبرة مرتعشة: كبرتي يا آمال وأحلويتي، آخر مرة شوفتك فيها يا بنتي كنتي قد كف أيدي، كده…
قولتلها بصرامة: صدقيني الصعبانيات ديه مش هتاكل معايا لأن أنا حقيقي مش بكره غيرك، أنا دلوقتي عايزه أعرف كل حاجة!
– يا بنتي أنا ماليش دعوة بحاجة…
زعقتلها: بلاش لف ودوران قولت!!
– خالتك، خالتك عفاف هي السبب، هي كانت بتحب أبوكي زمان، بس هو حب أختها وأتجوزها، وأنا كمان كنت بكره أمك، بعد الجواز خالتك جتلي، كنا عايزين نفرق بينهم بكل الطرق، لجأنا للسحر لما شوفنا قد أيه هما بيحبوا بعض، لما مفيش حاجة حصلت كنا بدأنا نيأس، بس يوم ما شافت أمك لما كانت بتتخانق مع أخواتك، أو لما شافت الجن بيحوم حواليها اليوم ده بمعنى أصح أتأكدنا إن الانتقام بدأ، كنا فرحانين جداً إن حقنا هيتاخد من أمك، وأيام بسيطة وهنخلص منها وأبوكي يتجوز خالتك عفاف، بس كنا غلطانين..
الشيخ اللي جيه لأمك ده، كان تبعنا، أخد العمل بس مبطلهوش، وفيه اتنين غيره لسه بس منعرفش مكانهم.
كنا فاكرني إننا صح، بس السحر انقلب على الساحر وغيرلنا كل الموازين، خالتك مماتتش موتة طبيعية زي ما هو باين، خالتك انتحرت، حست إن اللي بيحصل في أمك خطر، راحت للدجال تاني عشان تبطل العمل، موافقش، بعتتله حد يقتله، كانت فاكره إن كل اتباعه هيختفوا معاه، بس اللي متعرفهوش إن هو اللي قتلهم، وإنه سخر أتباعه عشان ياخدوا حقه منها، بعد أسبوع مقدرتش تتحمل الكوابيس أو الكائنات اللي كانت بتشوفهم معاها في الشقة، ملهمش وصف غير إنهم شياطين، بتسمع صوت بليل في شقتها، بتصحى وهي حاسه بأنفاس حارة معاها في الأوضة، سريرها كأنه في فرن من كتر الحرارة، أيد خارجة من جهنم بتلمسها، كانت بتشوف أمك كل يوم معاها في الشقة، بتشوف الدجال ده كل يوم في أحلامها، كان بيقولها جملة واحدة: وانقلب السحر، مستحملتش فانتحرت.
الست قامت فجأة وقربت مني وأنا كنت بعيط ومش مستوعبة اللي بتقوله، حطت أيدها على خدي وقالتلي: سامحيني يا بنتي.
فجأة لقيتها وقعت عليّ، الكرسي مستحملش وأخدنا أحنا الاتنين ووقعنا على الأرض، حاولت أبعدها عني، كان فيه رغاوي خارجه من بوقها، حسيت على رقبتها ملقتش نبض، فيه واحدة ميتة فوقيا، قلبي كان هيهرب مني، حاولت اتحكم في نفسي عشان أعرف أهرب من هنا، زقتها بكل القوة اللي عندي وفتحت باب الشقة ونزلت جري، قعدت على الرصيف قدام بيتها وأنا عماله أعيط وأنهج من الخوف، قلبي هيقف حرفيًا، حاولت أتحرك بصعوبة عشان أروح، بس لما قربت من بيتنا شوفت اللي أعصابي فعلًا مش هتقدر تستحمله، بيتنا كان بيتحرق، النيران كانت خارجة منه والناس واقفة بس تتفرج، مش عارفه جبت طاقة أزاي بس فجأة لقيتني جوا البيت، بحاول أدور على حد من أهلي، ماما كانت في المطبخ، واقعة في الأرض وعلبة الكبريت في أيديها، بابا وأخواتي كانوا واقعين على الأرض قدام المطبخ، كلهم كانوا بيتحرقوا قدامي وأنا معرفتش أعملهم حاجة، ولا عرفت أعمل لنفسي…
– مريم وقت النوم يا حبيبتي.
بصيت ناحية باب الأوضة اللي اتفتح فجأة وماما اللي كانت داخله تتطمن عليا وبعدين على المكان اللي آمال كانت قاعدة فيه وقولت لماما بتوتر وأنا بنام على السرير: حاضر يا ماما.
قفلت الباب وخرجت، تمتمت قبل ما أنام، هي اختفت بس متأكدة إنها هتسمعني: تصبحي على خير يا آمال، هستناكي بكرة تاني.
الموضوع غريب بس مسلي، هي مش بتظهر لحد غيري، ضمنت إني يبقى عندي صديقة ليا لوحدي، الموضوع بدأ لما روحت البيت اللي في آخر الشارع اللي ماما دايمًا بتحذرني منه، لأن أهله ماتوا محروقين ودايمًا بليل بيسمعوا صوت صراخ منه، زي اللي أنا سمعاه دلوقتي ده، بس أنا مبقتش أخاف منه ولا منها، بالعكس أنا متعاطفة معاها جدًا، شافت أهلها وهما بيتحرقوا قدامها، وهي كمان ماتت محروقة، أكيد شعور صعب جدًا وزمانها خايفة وحزينة دلوقتي..
#يمنى_جاد
#ما_وراء_المدينة